معاريف: اليوم التالي للسويداء

معاريف 22/7/2025، ميخائيل هراري: اليوم التالي للسويداء
جسدت الاحداث العنيفة في السويداء كم هي الساحة السورية مركبة ومعقدة. مطلوب حكمة وطول نفس لاجل الوصول بها الى شاطيء الأمان، على افتراض أن صورة المنحى معروفة وقابلة للتحقق. فمنطقة السويداء تعكس مناطق أخرى في الدولة مطلوب فيها دمج أقليات عرقية ودينية في عملية إعادة بناء الدولة السورية.
في المنطقة يوجد تركيز ذو مغزى للدروز والى جانبه عشائر بدوية. الخلافات بينهم تعود لسنوات الى الوراء. في سنوات الجيش تبلورت مركز قوة محلية بين الدروز، ميليشيات، تمتعت بعضها بشبكة علاقات طيبة مع نظام الأسد. وقد دعي الشرع عمليا لان يتدخل في المواجهات بين الأطراف وسعى لان يربط هذا بتعزيز سيطرته.
عاملان اساسيان لم ينظر فيهما بما فيه الكفاية من ناحيته: الأول يتعلق بتركيبة القوات التي أرسلها، واساسا بالشكل الوحشي الذي عملت فيه، الطريقة المعروفة من سنوات الحرب الأخيرة التي لم تحظى الان بالتفهم في ضوء رغبة الشرع في أن يتخذ صورة “حاكم مركزي مسؤول”. العامل الثاني يتعلق بإسرائيل وبالدور الذي اخذته على عاتقها كحامية للاقلية الدرزية فيما أنه في الخلفية توجد اتصالات بين الطرفين في محاولة للوصول الى تفاهمات أوسع. وقف النار الذي تحقق، بمشاركة مشددة من جانب الولايات المتحدة وتركيا يفترض أن يعيد الهدوء الى المنطقة، لكن الحديث يدور عن وضع هش جدا.
لقد فقد النظام السوري نقاطا هامة لمسيرة الشرعية الناجحة التي انكب عليها في الاشهر الأخيرة. العنف الذي اتخذه رجاله حيال الدروز ايقظ من جديد المخاوف من الخلفية الأيديولوجية التي يقوم عليها النظام. معقول ان يكون سوء الفهم بين النظام السوري وإسرائيل شوش الوضع على الأرض.
من ناحية إسرائيل، الصورة مركبة بقدر لا يقل. فقرارها التدخل في الهامش العرقي – الديني في سوريا جسد الإشكالية الهائلة التي في الامر. العنصر الدرزي في منظومة الاعتبارات الإسرائيلية مفهوم بل ومبرر من نواحد عديدة. حذار على إسرائيل ان تتجاهل التضامن القائم بين الدروز في المنطقة بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في إسرائيل. لكن الشكل الذي وضعت إسرائيل نفسه فيه كـ “مسؤولة” عن الطائفة الدرزية في سوريا وبشكل مختلف ربما أيضا عن الاكراد، لا يساعدها.
تمتثل الولايات المتحدة وتركيا كلاعبتين مسؤولتين تدخلهما ساعد جدا في تحقيق وقف النار. ثمة لذلك تداعيات، وليس سلبية بالذات، على سياق الطريق حيال سوريا، واساسا من ناحية اللاعب التركي.
الازمة لم تسد الطريق الى المحاولة للوصول الى تفاهمات أوسع بين إسرائيل وسوريا، لكن هذا يستوجب من الطرفين احتساء خطواتهما بشكل واعٍ. إسرائيل ملزمة بان تسوي بين مصلحتين، او اضطرارين، أساسيين: بين الرغبة، حتى وان كانت تترافق وعلامات استفهام، في الوصول الى توافقات واسعة مع النظام في دمشق (تحت العنوان الجذاب “توسيع اتفاقات إبراهيم”) وبين الالتزام، الذي يجدر تأكيده، بابداء التضامن والتدخل على الأرض في مواجهة لاعبين محليين كالدروز، دون ان تجتذب الى المستنقع المغرق في الساحة السورية، وعمليا، في كل ساحة حرب أهلية. من المهم التعلم من التجارب الفاشلة للاعبين في ساحات أخرى.