ترجمات عبرية

معاريف: المهدد الوطني

معاريف 31/10/2025، الون بن دافيد: المهدد الوطني

فتح التحقيق في قضية تسريب الشريط من سديه تيمان أيقظ من سباته حارس الجحيم العاطل عن العمل. من يصدر بيانات مكتب وزير الدفاع، الذي يطلق الى الهواء كل يوم تهديدات عابثة على المحيط الإقليمي، بدأ ينتج بيانات في وتيرة متزايدة: “فرية دم ضد جنود الجيش الإسرائيلي”، قضى الرجل الذي يجلس في المكتب الفارغ لوزير الدفاع. فاعفاء بلا تهديد لا يمكن: “المدعية العسكرية العامة لن تعود الى منصبها طالما كانت القضية قيد التحقيق”، أضاف مهددا.

“فرية الدم”، كما يسميها وزير الدفاع، تندرج في لائحة اتهام خطيرة ضد خمسة جنود وضباط في الاحتياط يتهمون بجرائم تنكيل وأذى خطيرة. الأفعال المفصلة في لائحة الاتهام تصف سلوكا بربريا للجنود تجاه معتقل فلسطيني، شرطي في شرطة حماس وليس مخربا من النخبة. الأفعال هي من اخطر الأفعال التي تنسب في أي مرة لجنود الجيش الإسرائيلي، واذا كانت وقعت فان من ارتكبها هو الذي وصم وحقر بزة الجيش. دم كان هناك بالفعل وبكثرة، اما اذا كانت هذه فرية – فأمر ستقرره المحكمة.

ان تسريب الشريط الى وسائل الاعلام سيخضع للتحقيق، كما سيفحص أيضا دور المدعية العسكرية العامة اللواء يفعت تومر – يروشالمي، في التسريب، اذا كان أمر كهذا. الجيش الإسرائيلي هو الذي بادر الى التوجه الى المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا مما أدى الى فتح التحقيق في التسريب. ولا بد أنه سيعرف كيف يتصرف مع من يتبين خلل من افعاله. لكن الحماسة التي اظهرها وزير الدفاع على النبأ، وشهيته لان يتخلص من كل من يمثل القانون، تثير التساؤل عما يفعله إسرائيل كاتس في المنصب الرفيع، شبه المقدس، الذي اودع في يديه.

ان تأثيره على سياسة الامن غير موجود. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير رون ديرمر هما صاحبا القرارات في مواضيع الحرب والسلام، وهما ينسقان مباشرة مع رئيس الأركان ايال زمير طريقة تنفيذ السياسة. كما أنهما يطلعان وزير الدفاع على قراراتهما.

إذن ما الذي يفعله الرجل المؤتمن، ظاهرا، على أمن إسرائيل وعلى مصير الأبناء والبنات الذين يخدمون في قوات الامن؟ فهو يصدر بيانات للصحف، الكثير من البيانات. مرة كل بضع ساعات ينشر تهديدا عليلا ضد هذا الكيان أو ذاك في الشرق الأوسط. وأحيانا يكاد ينظم الشعر في تهديداته التي تبدو كصيغة قصة أطفال سيئة – “أبراج غزة انهارت الى البحر”، وأحيانا تصاغ كاعداد للائحة اتهام في لاهاي: “من يبقى من السكان في مدينة غزة سيكونون مخربين ومؤيدي إرهاب”.

مرة كل بضع وقت يقع في يديه موضوع يمكنه فيه بالفعل أن يقرر – وعندها يسارع الى نشر قراره. في الغالب يدور الحديث عن مواضيع هي في لبنان الامن القومي، مثل حراسة حالات ظهور “الظل” امام جنود الجيش الإسرائيلي، او اغلاق صوت الجيش، الذي هو واحدة من المهمتين اللتين اودعهما رئيس الوزراء في يدي كاتس: اغلاق صوت الجيش واجازة قانون اعفاء للحريديم. وبين هذا وذاك فانه يحرص مرة كل بضعة أيام على أن تلتقط له الصور مع جنود الجيش الإسرائيلي. صحيح أنه اشفي من الخوذة على رأسه، لكنه لا يتخلى عن صور السيلفي القتالية كل أسبوع.

 مثل بن غفير في الشرطة

يمكن ان نعفي بهزة رأس الرجل الذي ينجح في ان يسيء لنفسه حتى اكثر من صورته الساخرة في البرنامج الهزلي “بلاد رائعة”. لكن كاتس ليس شخصا لا ضرر منه لا يريد الا حصد بضعة أصوات لنفسه في الانتخابات الحزبية التمهيدية. في الأماكن القليلة التي منح فيها الصلاحيات – التعيينات في الجيش الإسرائيلي – يوقع ضررا جسيما.

أحد الضباط الكبار الذين خدموا تحت قيادته وصفه كـ “رجل ذي قدرات سياسية عالية، قدرات معرفية متدنية ومقدار عظيم من الشر”. بقدراته السياسية فهم كاتس بان الصلاحيات التي أعطيت له في ان يقر كل تعيين من رتبة عقيد فاعلى هي أداة لتعظيم صلاحياته في الجيش ووسيلة تسمح له لان يتنمر على رئيس الأركان بشكل دائم.

في الأشهر الأخيرة استبعد كاتس تعيينات بضعة ضباط برتبة عقيد ليس لانه راجع سلوكهم حول 7 أكتوبر بل ينغص حياة رئيس الأركان ويؤشر للضباط في الجيش بان من يرغب في الترفيع – فليتوجه الى الوزير. وكان “هآرتس” كشفت النقاب عن أن وزير الدفاع تدخل كي يبقي في منصبه من كان قد اللواء الشمالي في غزة في 7 أكتوبر بعد أن توجه ذاك الضابط الى نشيط كبير في مركز الليكود.

“هذا نهجه”، روى لي شخص عمل تحت رئاسته في وزارة المالية. “هو يحول كل وزارة يصل اليها الى فرع لليكود عبر ترفيع مقربين من أعضاء المركز”. والان يحاول كاتس تحويل الجيش الإسرائيلي الى فرع لليكود أو الأخطر من هذا ان يفعل بالجيش ما فعله بن غفير بالشرطة، باستثناء ان الحديث يدور الان عن تعيين قادة أبنائنا وبناتنا.

في الأسابيع الأخيرة يمنع كاتس رئيس الأركان من تعيين قائدي سلاح الجو وسلاح البحرية التاليين. وهما تعينان واجبان لضابطين يوجد حولهما اجماع. ومقابل إقرار التعيينين يطلب تعيين سكرتيره العسكري في منصب الملحق العسكري في واشنطن. رئيس الأركان في هذه الاثناء لا يتراجع ويصر على أن يرسل الى واشنطن ضابط يمكنه أن يتعين بعد ذلك في منصب إضافي.

عملت مع كل وزراء دفاع إسرائيل في الــ 40 سنة الأخيرة. كان بينهم اذكياء اكثر واقل، شجعان اكثر واقل لكن ما كان مشتركا بينهم جميعهم هو الورع المقدس الذي دخلوا به الى المكتب الذي تحسم فيه مصائر بني البشر للحياة وللموت. في سنة ولاية واحدة نجح كاتس في أن يرخص قيمة هذا المنصب الى درك اسفل لم يشهد له مثيل من قبل. نحن نستحق أكثر من ذلك.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى