ترجمات عبرية

معاريف: المنطقة تحترق وإيران تندفع وفي إسرائيل هم مشغولون بالإصلاح

معاريف 24-2-2023، بقلم تل ليف رام: المنطقة تحترق وإيران تندفع وفي إسرائيل هم مشغولون بالإصلاح

تبادل الضربات الذي بدأ أمس بين حماس والجيش الإسرائيلي يؤشر إلى أن في قطاع غزة ميلاً واضحاً للتصعيد، حيث سيكون من الصعب جدا كبحه في الواقع الحالي. يعتقد الجيش الإسرائيلي بأن حماس غير معنية بحرب ولعل هذا صحيح، لكنها بلا شك توتر المعادلات مع إسرائيل. معطيات النار من القطاع تتحدث عن تغيير مهم في سياسة حماس تعطي على الأقل ضوءاً أخضر لمنظمات الإرهاب الأخرى لتنفيذ نار الصواريخ، وذلك كجزء من محاولة تثبيت معادلة جديدة بموجبها أحداث شاذة تستجاب بنار من القطاع، وذلك بهدف محاولة تهديد حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الضفة وشرقي القدس وداخل الحرم. حماس لا تستطيع ولا تريد مواصلة البقاء على الجدار، والمؤشرات الأولية على ذلك باتت هنا.

في شهر واحد فقط، ابتداء من نهاية كانون الثاني، أطلق من القطاع أكثر من 40 صاروخاً وصواريخ مضادة للطائرات. نمط حياة صافرات الإنذار عاد إلى الغلاف بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، مرت في أثنائه أشهر بين حدث ناري وآخر.

سيحاول المصريون تهدئة الخواطر مرة أخرى في الأيام القريبة القادمة. لكن تجربة الماضي تفيد بأن استئناف تنقيط الصواريخ بعد حملة أدت إلى فترة معينة من الهدوء، يؤدي إلى طوفان يجر جولة مناوشة مهمة أو حملة أخرى.

في الأيام العادية، كان على الأنباء التي تفيد بأن مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجدوا يورانيوم مخصباً إلى مستوى 84 في المئة في إيران، أن تكون في بؤرة جدول أعمال حكومة إسرائيل. لكنها ليست أياماً عادية. والأمور صحيحة أيضاً بالنسبة لبيان مجلس الأمن في الأمم المتحدة الذي شجب شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة.

إن الصراع ضد النووي في إيران والذي كان في مركز رؤية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الماضي، دحر إلى الهوامش. أما الثورة القضائية، وجدول الأعمال السياسي الداخلي، ومعارك الصلاحيات داخل الحكومة، والأزمة الاقتصادية التي على الأبواب، والساحة الفلسطينية المشتعلة في شرقي القدس والضفة، والرياح الباردة من واشنطن… كلها لا تسمح لرئيس الوزراء أن يركز على رؤيته لكبح البرنامج النووي.

كمشارك في السيرك يحتاج الآن إلى عدد كبير جداً من الكرات. بين أزمة وأزمة أخرى نجد أن رئيس الوزراء مقيد. إسرائيل غير قادرة الآن على التركيز على المستوى السياسي مع دول العالم في إدارة حملة ناجعة تجاه إيران، التي تواصل استغلال الحرب في أوكرانيا والغياب الفعلي لاتفاق نووي لغرض التقدم غير المسبوق من ناحيتها في الطريق إلى القنبلة النووية.

إن دولة تعرف السلاح النووي في إيران بأنه تهديد وجودي، كان واجباً عليها أن ترفع الموضوع إلى رأس سلم أولوياتها. في الخطاب الدبلوماسي، في المداولات بين المستوى المهني والسياسي وغيرها.

نتنياهو، الذي وضع المسألة الإيرانية على مركز الطاولة في سنوات ولايته، ينبغي له أن يكون أول من يسأل: بماذا ساهم الشهران الأخيران اللذان دام فيهما في الحكم إزاء كل هذا؟

في إسرائيل ركزوا هذا الأسبوع على أقوال السفير الأمريكي في إسرائيل توماس نيدز، الذي قال في مقابلة مع الـ “سي.إن.إن” إن الإدارة الأمريكية أوصت نتنياهو في كل ما يتعلق بالإصلاح القضائي بالدوس على الفرامل. وكان يفترض بنيدز أن يفهم بأن في هذا التعبير الدبلوماسي من الفظاظة ما يفسر كمحاولة تدخل مباشر في سياقات إسرائيلية داخلية. وقد أوضح أقواله لاحقاً وخفف حدتها.

لكن ما هو أكثر من الكوابح، أن يدور الحديث عملياً عن رسالة مباشرة من إدارة بايدن. “رئيس الوزراء يقول لنا إنه يريد القيام بأمور كبرى، مثل إيران، والتهديد الكبير على إسرائيل وعلى الشرق الأوسط والولايات المتحدة، وتوسيع اتفاقات إبراهيم مع السعودية”، قال نيدز. “لدينا أمور كثيرة نعمل عليها معاً، وقلت لرئيس الوزراء مئة مرة بأن العمل معاً يتعذر إذا كانت ساحتكم الخلفية تحترق”.

بين الإمكانيتين اللتين تفهمان في سياق إيجاد المادة المشعة في إيران في مستوى 84 في المئة، يقدر جهاز الأمن بأنها إشارة مقصودة من الإيرانيين، الذين يفحصون ردود الفعل الواهنة في العالم. بازار فارسي على أفضل ما يكون، يفحص المنطقة قبيل قرار محتمل لم يتخذ بعد في إيران، بتخصيب المادة المشعة إلى مستوى 90 في المئة المطلوب للقنبلة النووية. نافذة الفرص آخذة في الضيق، وهي لم تكن قط أقرب من ذلك.

الآن، نجد أن إسرائيل مطالبة بالنظر إلى الأمام وتتذكر بأنها ليست اللاعب المركزي في إدارة الأزمة، وهي بحاجة إلى الأمريكيين. هذا يفهمه نتنياهو جيداً، مثلما نفهم من نشر القرار المتعلق بتجميد شرعنة مزيد من البؤر الاستيطانية في الضفة في هذه المرحلة.

بين الجيش الإسرائيلي والأمريكي تعاون جيد جداً في الأشهر الأخيرة، لكن التعاون مطلوب أيضاً في المستوى السياسي؛ ولهذا فإن ليوآف غالنت كوزير للدفاع دوراً مهماً جداً مع الإدارة التي تعرب بشكل علني عن عدم رضاها من السياسة الإسرائيلية، سواء في مسائل تتعلق بالنظام الديمقراطي عندنا أم بالنسبة للمواجهة مع الفلسطينيين. الإشارات الأخيرة من الأمريكيين ينبغي أن تقلق رئيس الوزراء، وكل هذا بينما المسألة الإيرانية تشتعل.

قلق في جهاز الاحتياط

نتنياهو اليوم في مفترق قرار مهم تجاه سياسته. يدور الحديث عن خليط من الإشارات الأمريكية عن إمكانية الابتعاد عن إسرائيل، وتوتر أمني متصاعد في الساحة الفلسطينية، وأساساً أزمة عميقة في المجتمع الإسرائيلي؛ أزمة تهدد تفكيك الإجماع الضروري لخدمة مشتركة في الجيش، وتثقل على تضامن معظم الجماعات السكانية المختلفة في وقت القتال.

لا غرو أن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وهو أحد المسؤولين البارزين عن وضع لبنان البشع، ينقض على الأزمة في إسرائيل ويعيد إحياء نظرية بيت العنكبوت للمجتمع الإسرائيلي. بتنا نوفر له البضاعة بأنفسنا. فمن أسبوع لأسبوع تصبح الأزمات أخطر، والاستقطاب في الشعب متفاقماً. يمكن للمرء أن يكون مع الإصلاح القضائي ولا يزال يسأل إذا كان هذا هو الطريق أو الوقت لتنفيذه في ضوء موجات الصدى الكثيرة التي يخلقها داخل إسرائيل وخارجها. مسموح السؤال كيف يخدم السلوك الحكومي في الشهرين الأخيرين التحدي الأمني السياسي الأكبر الذي امتلكته إسرائيل في العقود الأخيرة بسبب التهديد النووي المتعاظم مع إيران.

ربما نسأل كيف يحصل في نقطة زمنية حرجة، حيث يدحر الرئيس الإيراني في الزاوية، وتحتل المنصة الثورة القضائية كالتحدي الأهم لحكومة إسرائيل الجديدة – قبل التصعيد في الساحة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، وقبل تحديات الحوكمة الداخلية والأمن الشخصي، بل وحتى قبل التهديدات من إيران؟ لعل هناك من يؤمن بأن الثورة القضائية حين تأتي ستجلب الخلاص للجميع. إذ إن مصدر المشاكل كلها هم المهنيون الذين يتدخلون ويعرقلون منذ سنين على نتنياهو أداء مهامه.

إلى جانب كل هذا، تواصل الساحة الفلسطينية الاحتدام والتصعيد. يوم المعركة في نابلس أول أمس، وحجم القتلى الفلسطينيين العالي، وكمية النار التي نفذت نحو القوات، دليل على مدى حدة تفجر الوضع، وهو وضع سيبقى متوتراً جداً، بينما يقدر الجيش الإسرائيلي بأن منظمات الإرهاب ستحاول تنفيذ عمليات ثأر.

في المسألة الفلسطينية، واضح أن نتنياهو وغالنت يسعيان لاتخاذ خط براغماتي؛ للحفاظ بشكل غير مباشر على العلاقات مع رئيس السلطة أبو مازن والامتناع لاحقاً عن خطوات من طرف واحد. يدرك نتنياهو أن مجال مرونته مع الأمريكيين ضيق أكثر من وعوده الائتلافية، ومن هنا أيضاً التوترات والفجوات الكبرى داخل حكومة اليمين.

فضلاً عن عدد القتلى العالي من الفلسطينيين في العملية التي جرت في نابلس، فإن المخربين الذين تمترسوا في البيت وقرروا عدم الاستسلام حتى موتهم، إنما يعبرون أكثر من أي شيء آخر عن الميل في الميدان. يتحدث جهاز الأمن عن احتمال تصعيد في شهر رمضان، لكن رمضان عملياً موجود هنا الآن.

لا حاجة لتصنيف الأشهر الأخيرة كانتفاضة ثالثة كي نقرر بأن هذا هو التصعيد الأخطر منذ نهاية الانتفاضة الثانية، وكل أضواء التحذير تشتعل بالأحمر الفاقع. نحو 60 قتيلاً فلسطينياً معظمهم مسلحون، قتلوا منذ بداية السنة. هذه أعداد غير مسبوقة حتى بالنسبة للسنة الماضية التي اعتبرت أيضاً معقدة.

في هذه الأثناء ثمة صيغة حل وسط حول الصلاحيات في وزارة الدفاع، لكن من يطلع على التفاصيل يدعي أنها ستكون صعبة التنفيذ في اختبار الواقع، بحيث تبدو الأزمة الائتلافية التالية مسألة وقت فقط.

في التحديات الداخلية، فإن مسؤولي الجيش قلقون جداً من تصعيد المواجهة في المجتمع الإسرائيلي ويقلقهم أكثر من أي شيء آخر جهاز الاحتياط، حيث وحدات كثيرة من الاحتياط كفيلة بأن تكون قيد الاختبار في الأشهر القادمة؛ لأن الجيش سيكون بحاجة إليها.

يبدو في السنوات الأخيرة واضحاً انخفاض في الرغبة وفي نسبة الالتزام بخدمة الاحتياط، وهذا حتى قبل الشرخ الذي يقسم المجتمع. والآن يخشى الجيش من انخفاض إضافي في معدل الممتثلين لخدمة الاحتياط ويحذرون من انتقال الأزمة السياسية إلى الجيش، فتحدث شرخاً في منظومة الاحتياط يصعب رأبه. كثيرون يتحدثون عن أزمة عميقة لن يكون ممكناً حلها على مستوى القادة في خدمة الاحتياط أو النظامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى