ترجمات عبرية

معاريف: المعضلة المتدحرجة: غياب غاية سياسية للحرب

معاريف 2023-11-01، بقلم: نداف تمير: المعضلة المتدحرجة: غياب غاية سياسية للحرب

“الحرب ليست الا استمرار للسياسة بوسائل أخرى”، كتب الاستراتيجي البروسي كارل فون كلاوزفيتس. قبل أكثر من 200 سنة عرف فون كلاوزفيتس ما لم يتمكن قادة دولة إسرائيل في 2023 من أن يفهموه بعد – للحرب يجب أن تكون غاية سياسية.

تلك الغاية السياسية تكاد لا تكون موجودة اليوم على جدول اعمال حكومة إسرائيل. “هذا سيكون هجوما فتاكا”، يقول وزير الدفاع. “سنصفي حماس”، يعلن رئيس الوزراء. “هذه حرب الانبعاث الثاني لنا”، يعلن الوزير غانتس. لكن ليس بينهم ولا بين الأغلبية الساحقة من الخبراء والمحللين في الاستديوهات من يحاول التصدي للسؤال الأهم من كل الأسئلة، إلى اين؟

القرارات حول كم ينبغي القصف من الجو، متى يتم الشروع في الحملة البرية وباي طرق يتم التصدي للجبهة الشمالية هي كلها قرارات تكتيكية. محظور الاستخفاف بالتكتيك، وذلك اذا كان ناجحا فهو سينقذ الحياة، وان لم يكن ناجحا فمن شأنه أن يكلف ثمنا بالحياة. لكن حذار ان نضع اماننا في التكتيك وحده.

في أوقات الازمة تمتلئ الاستديوهات بالجنرالات السابقين او بخبراء الاعلام الرسمي. هذا بينما العملية العسكرية وتلك الإعلامية أيضا يفترض بهما ان تخدما استراتيجية سياسية. ان منظومة الاعلام تركز كلها على ان تري من هم الاخيار ومن هم الأشرار بدلا من أن تخدم سياسة استراتيجية. الاعمال الإعلامية (التي تبدو في العالم بروبوغندا) بشكل عام تستند أيضا الى الافتراض بأن العالم كله ضدنا بينما في الواقع زعماء العالم معنا، حتى وان كانت وسائلنا الإعلامية تركز على المظاهرات ضدنا.

الزعماء معنا، بمعنى انهم يعتقدون ان حماس ارتكبت جرائم حرب ويوجد مبرر لجباية ثمن منها. من جانب آخر هم لا يفهمون كيف يكون التعامل مع كل الغزيين وكأنهم حماس – وفي حالات عديدة مع كل العرب وكأنهم حماس – يتوافق مع الفهم المركب او يخدم استراتيجية خروج ليس فيها لإسرائيل أي مصلحة او قدرة على الحكم في غزة.

ان المشاعر السائدة لدى الجمهور حول الحاجة لتصفية حماس الاجرامية، لتحرير الاسرى وبالطبع عمل كل هذا بالحد الأدنى من الخسائر، لا تسمح بالانصات للحاجة وللتفضيل وبالتالي من شأنها أن تؤدي الى فشل في كل الأهداف. اذا لم نعرف الى اين نتطلع للوصول في نهاية القتال، من شأن النتيجة ان تكون مشابهة لنتيجة حروب أخرى انتهت باحساس اولي بإنجاز عسكري وتبينت باثر رجعي كدخول الى وحل مغرق بلا مخرج.
نتنياهو، الذي إرثه الأساسي هو سعي متواصل لتصفية الخيار السياسي مع الفلسطينيين، يواصل عمل هذا الان أيضا. باستثناء انه في الحالة الراهنة مَن مِن شأنهم ان يدفعوا الثمن هم جنود الجيش الإسرائيلي. الجمهور، الذي في الأيام الهادئة لا يرى الحاحا في حل سياسي وفي أيام الحرب يعتقد انه محظور الانشغال بالسياسة تحت النار يخدم المصالح السياسية لنتنياهو.

دون تفكير بحل سياسي من شأننا ان نفقد تأييد حلفائنا في المنطقة ورويدا رويدا سنتلقى كتفا باردة أكثر فأكثر من حلفائنا في الغرب.

لا يجب الإدمان على الإحساس المسكر لزيارات الزعماء. هم أيضا، مثلنا، لا تحركهم الاخلاق فقط بل والمصالح أيضا. وفي اللحظة التي تكون فيها هذه الابتعاد عن إسرائيل فانهم سيفعلون ذلك. اذا لم نتمكن من أن نعرض غاية سياسية للحرب، فمن شأن هذه اللحظة ان تأتي بسرعة. فالعالم غير معني بواقع حرب إقليمية وواقع مصيبة إنسانية في غزة. إسرائيل يمكنها أن تكون في جانب الباحثين عن الحل او من جانب الخالقين والمفاقمين للمشكلة. الخيار هو خيارنا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى