ترجمات عبرية

معاريف: المشكلة الحقيقية لن يحلها إبداعات الجيش والموساد

معاريف 1/8/2024، بن كسبيت: المشكلة الحقيقية لن يحلها إبداعات الجيش والموساد

على مدى ست ساعات أول أمس، بين 8 مساء و 2 قبل الفجر، عادت إسرائيل لتكون ما كانت عليه ذات مرة: دولة مع قدرات عليا. استخبارات تحبس الانفاس، قدرة تنفيذ تقزم افلام الاكشن الهوليوودية. ذراع طويلة ومتنوعة، قادرة على العمل في كل مكان على وجه الكرة الأرضية دون أن تنكشف وابداعية بلا حدود.

بعد وقت قصير من ذلك عدنا الى أنفسنا: رغم الطلب الذي لا لبس فيه من “مكتب رئيس الوزراء الى عدم التطرق الى تصفية هنية في طهران، سارع ثلاثة وزراء بان يغردوا تغريدات متبجحة سخيفة وصبيانية، على أمل الإمساك بذل المجد ونيل حفنة اعجابات.

بعامة، قصتنا هي الصراع بين هذين الطرفين. من جهة القوة العظمى الإسرائيلية التكنولوجية، الدقيقة، المهنية، باردة الاعصاب. قوة عظمى 8200 لامة الاستحداث، سلاح الجو الأفضل في العالم، الموساد الأسطوري، القدرة التي لا تنتهي لتنفيذ كل مهمة، مهما كانت حابسة الانفاس. 

في الطرف الآخر، إسرائيل الرعاع العنيف، المسيحاني والشاتم، الذي تهجم قبل يوم على قاعدتين للجيش الإسرائيلي، بقيادة نواب لم يخدموا في الجيش نفسه. دولة ميليشيات خاصة وعصابات هامشية عنيفة. هذا الطرف يضم ما اسميناه ذات مرة بتحبب ما “فتيان التلال” الذين اصبحوا زعران الاسيجة. خليط بشري من البصاق، الشتائم، التنمر بعائلات المخطوفين وتمثيل كاذب في شكل “جيش الرب” الذي ينقض على “النخب”. 

وبالفعل، ما حدث أول امس في بيروت وفي طهران هو نخبة بل وربما فوق النخبة. ولا، لا اقصد الأصل الطائفي، قدرة نيل الرزق، التعليم او مدى تدين المنفذين. أقصد تميزهم، تصميمهم، شجاعتهم، قدراتهم التي تقوم على أساس الانضباط الشخصي، التعليم العالي، التدريب والتركيز على المهمة. 

لطرفة عين عاد أمس “الطيارون” من تعريف “الفوضويين” او “الكابلانيين” لما كانوا عليه دوما: بوليصة تأمين شعب إسرائيل. اميل للتصديق بان حتى رئيس الأركان، شعبة الاستخبارات، الموساد وكل سلسلة القيادة العسكرية الإسرائيلية سيحصلون الان على يوم او يومين من الهدنة في حملة الشتائم والاتهامات البيبية التي يوجهها اليهم رعاع مغسولي العقول، 24 ساعة في اليوم. لكن دعكم القلق، بعد ان يترسب غبار التصفيات، هذا سيعود.

الحرب التي تدور رحاها الان بين الدولتين اللتين وصفتا هنا، واللتين يمكن بالتأكيد تسميتهما إسرائيل ويهودا لم يحسم بعد. لاسفي موازين القوى تميل بالذات لصالح الملثمين الذين اقتحموا قواعد الجيش. من جهة أخرى، اثبت الجيش الإسرائيلي أمس بانه بالفعل قادر على ان بواجه أربع جبهات بالتوازي: غزة، بيروت، طهران وبيت ليد. حاليا على الأقل.

ولاجمال هذا القسم نقول: علامة عالية جدا لكل من شارك في التصفيتين الأخيرتين: المستوى السياسي أي رئيس الوزراء نتنياهو، وزير الدفاع غالنت، المستوى العسكري، أي رئيس الأركان هرتسي هليفي، رئيس شعبة الاستخبارات أهرون حليوة (نعم، هو أيضا يستحق بعض ا لراحة)، وحدة 8200، الموساد، الشباك، طياري سلاح الجو وقائدهم وكل الاف الأشخاص الذين كانوا هناك، على طول وعرض الطريق الخطير للغاية. 

بعد ان قلنا كل هذا، بضع ملاحظات: 

كل أمل الا يكون نتنياهو يؤمن بان تصفية هنية ستتيح له مواصلة التسويف، التأخير، العرقلة والفقدان للصفقة المنشودة لاعادة المخطوفين الى الديار. انا لست من أولئك الذين يعتقدون بان السنوار سيعدم الان المخطوفين او سينكل بهم. فليس للسنوار ذخر بديل. مشكلته هي نتنياهو.

ان خطة نتنياهو لاقالة غالنت لم تتغير، بل تأجلت فقط. ابلغ عن هذه الخطة منذ أسابيع طويلة. فالزمن لا يهدئها. بل العكس. عودة ولي العهد من ميامي الى القدس، كما أسلفنا. 

التصفيات، مهما كانت لامعة لن تغير الحرب نفسها. فزعماء حماس على اجيالهم كفوا بالجملة، بينما واصلت المنظمة الاتساع، واصلت التعزز. في هذه اللحظة حماس في نقطة سفلى تاريخية، قريبة من الانكسار، متحطمة الى النصف، مع او بدون هنية، من السابق لاوانه تأبينها. 

ليس واضحا بعد اذا، كيف ومتى سيأتي رد حزب الل وايران (حماس تقلقني اقل حاليا). عملية إسرائيل تتركز بالضبط على التماس، بين ضربة اليمة، مفاجئة وقوية لكن تقريبا بدون ضرر جانبي وخسائر مدنية. المنطق يقول ان حزب الله سيطلق، بما حتى سيزيد الرشقة قليلا لكنه سيحذر من التدهور الى حرب. المشكلة هي ان في محيطنا لا يوجد الكثير من المنطق. في هذه اللحظة ما تبقى هو الاعتماد على الأمريكيين.

النشوى اللحظية التي حلت علينا لا تشوش الصور المخيفة وغير المسبوقة لـ “محاصرة” قاعدتي الجيش الإسرائيلي من قبل مواطنين إسرائيليين، بعضهم ملثمون، بعضهم مسلحون، بريح اسناد صراحة جاءت من جهة “وزير الامن الداخلي”، والمسؤول عنه “رئيس الوزراء”. المقارنة التي اجراها نتنياهو بين اجتياح مسلح لقاعدة عسكرية ومظاهرة احتجاج في كابلان تمثل مرة أخرى صفرية الرجل. فهو يعرف على نحو ممتاز بان الاحتجاج والمظاهرات هي جزء لا يتجزأ وحيوي من كل ديمقراطية. قبل وقت قصير فقط صور أفلاما حماسية دعا فيها مؤيديه للمجيء للتظاهر على الديمقراطية الإسرائيلية (بالهدف السخيف لاقامة لجنة تحقيق رسمية على قضية بيغاسوس). هو يعرف بان الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي الذي قاده كان عديم العنف تماما، بلا أي سلاح، أي من رجاله لم يحلم باقتحام عنيف الى قاعدة عسكرية. هو يعرف كل هذا لكنه يواصل اطعام النمر. حتى بعد أن بات النمر يحك اعقابه ويهدد كل ما اقمناه هنا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى