ترجمات عبرية

معاريف: القضاء على “حماس” من الجو غير ممكن

معاريف 2023-10-26، بقلم: تل ليف رام: القضاء على “حماس” من الجو غير ممكن

“أريد أن أكون واضحاً؛ الجيش مستعد للمناورة وسنتخذ القرار مع القيادة السياسية عن جوهر وتوقيت المرحلة التالية”. في سياق ما قاله رئيس الأركان، هرتسي هليفي، أول من امس، في مناطق الاحتشاد قرب قطاع غزة تختبئ على ما يبدو الاعتبارات لاختيار توقيت بدء العملية البرية. “ندير حربا. في هذه المرحلة توجد اعتبارات تكتيكية وإستراتيجية توفر لنا زمناً آخر لتحسين واستغلال كل دقيقة كي نكون جاهزين أكثر”، أضاف.
مسألة الحاجة إلى المناورة لأجل تحقيق أهداف الحرب في غزة، رغم النقاش الذي دار في الأيام الأخيرة حول إمكانية إدارة المعركة من الجو وبنار المدفعية فقط، لا توجد على الإطلاق في قاموس الخطط التي عرضت على القيادة السياسية. فقد حُسم قرار تنفيذ خطوة برية في غزة بينما لا يزال يجري نقاش حول الخطة التي ستنفذ على الأرض في نهاية المطاف. لعل هذا ما نشر، أول من امس، في “نيويورك تايمز” عن القلق في إدارة بايدن من أن ليس لإسرائيل هدف واضح أو هدف سيكون ممكنا تحقيقه في المعركة ضد غزة.
صحيح أنه حتى الآن يبدو أن اختيار الخطة التي سينفذها الجيش الإسرائيلي في نهاية المطاف ليس مقررا تماما بعد، وتوجد مواقف مختلفة في هذا الموضوع. لا يعمل الزمن الذي ينقضي بالضرورة لصالحنا. تتجه إسرائيل إلى حملة ستستغرق بضعة اشهر في القطاع، بينما يتحدث الأميركيون بتعابير أسابيع. هم قلقون أيضا من الآثار المتعلقة بمصالحهم في المنطقة، غير إسرائيل. لكن ليس هذا المعطى هو الذي يعيق في هذه اللحظة بدء العملية البرية، حين تكون القوات في مناطق الاحتشاد جاهزة منذ الآن للانطلاق على الدرب.
السبب المركزي للتأخير هو مسألة المخطوفين في غزة. ليس فقط الضغط الأميركي، بل في القيادة السياسية الأمنية عندنا أيضا اتخذ القرار لاستنفاد الاتصالات التي يجريها الوسطاء المصريون، القطريون، وغيرهم في موضوع تحرير المخطوفين. في إسرائيل يدعون انهم لن يسمحوا لـ”حماس” بتأخير العملية البرية من خلال إدارة محسوبة يحررون فيها في كل مرة مخطوفين قلائل، ويستخدمون هذا في الحرب النفسية. في إسرائيل يقصدون صفقة كبرى في ظل تحديد حدود زمنية. يحتمل أن تكون لمثل هذه الخطوة أثمان، وحتى لو تحققت صفقة فمن المتوقع لها أن تكون جزئية فقط.
ستتطلع “حماس” لتبقي في أيديها ما يكفي من أوراق مساومة للضغط لاحقا أيضا. أما إسرائيل فستحاول ألا تنجر إلى طريقة القطاعي، فتفقد بذلك الزخم لمواصلة الجهد البري. تؤشر رشقات النار نحو مركز البلاد إلى أن “حماس” لا تزال تملك القدرة على المس بسير الحياة في مناطق واسعة في إسرائيل، بما فيها بئر السبع، “غوش دان”، ومطار بن غوريون.
حتى الخروج إلى خطوة برية لا تزال للجيش قدرة على الوصول إلى إنجازات في العملية من الجو. في مخيمات الشاطئ والنصيرات والشيخ رضوان نجح سلاح الجو في أن يصفي ثلاثة نواب قادة كتائب في “حماس”. نشطاء “الإرهاب” أولئك، وان كانوا ليسوا كبارا، لكن هذا هو المستوى المتوسط الذي يوجد عمليا في الميدان، ومن هنا تنبع أهميته. كل ضربة كهذه تخدم المناورة، وتشق الطريق للجيش. في الجيش وفي “الشاباك” يركزون جهدا كي يضربوا سلسلة القيادة في كتائب “حماس” المنتشرة على طول وعرض قطاع غزة.
ثمة مسألة إضافية، أقل في أهميتها، هي الطلب الأميركي من إسرائيل السماح لها باستكمال انتشارها الدفاعي في الشرق الأوسط. من الواضح للجميع انه في اللحظة التي تبدأ فيها إسرائيل المناورة، فإن القواعد والمصالح الأميركية – مثلما هي أيضا مسارات الملاحة في البحر المتوسط، البحر الأحمر ومنطقة الخليج الفارسي – ستكون تحت تهديد منظمات “إرهاب” وميليشيات شيعية تعمل تحت تعليمات الحرس الثوري الإيراني.
يخشى الأميركيون من أن حرب إسرائيل في غزة والتوتر مع “حزب الله” سيؤديان في نهاية الأمر إلى مواجهة متعددة الساحات هم أيضا سيكونون فيها تحت الهجوم. وان كان هذا سيناريو متطرفا ظاهرا، لكنه ليس سيناريو غير ممكن أن يتحقق في الواقع المتصاعد في الشرق الأوسط. مهما يكن من أمر، فإن الرفاص المتحفز في الوحدات الميدانية يجب أن يتعزز بالكثير من أحاديث القادة والشرح للمقاتلين عن الحملة البرية المتأخرة، لكن المتوقع أن تنطلق على الدرب قريبا. بعد الهجوم “الإرهابي” المجرم في 7 تشرين الأول، وبعد أن تبين لـ”حماس” منذ ساعات الصباح المبكرة من يوم السبت أنها نجحت في أن تحقق بشكل كامل خطتها المفاجئة، خرجت دعوات من “حماس” لقوى من الخارج للانضمام إلى المعركة واستغلال الفرصة للقضاء على إسرائيل. يحتمل أن يكونوا في “حماس” آمنوا حقا في قدرتهم على أن يحركوا المحور، وان يدخلوا بكل القوة إلى الحرب منذ مراحلها الأولى.
حتى هذه المرحلة لم يفِ “حزب الله” بتوقعات “حماس”، وهم يقفون إلى جانب غزة بشكل جزئي جدا، بضريبة يدفعونها في القتال المحدود على خطة الجبهة في محاولة لإزعاج إسرائيل في مساعيها للقضاء على “حماس” في غزة. لكن في هذه اللحظة ليس اكثر من هذا. التقدير هو أن الدخول إلى المناورة في غزة سيؤدي إلى تصعيد إضافي في الحدود الشمالية.
إن الزمن الذي يمر حاليا لا يؤثر فقط على ساعة الرمل الإسرائيلية. فالأضرار في غزة تتراكم، وتحتاج “حماس” لتدير توفير الذخيرة من أصل مخزون يتآكل بعد أن أطلقت حتى الآن نحو 7500 صاروخ إلى إسرائيل. رشقات، أول من امس، إلى المركز ومطار بن غوريون تداخلت مع الجهد الذي تبذله إسرائيل لتدير نوعا من حياة الحرب الاعتيادية وإعادة جهاز التعليم إلى النظام الكامل في “غوش دان” وفي القدس كما تقرر، أول من امس.
بعد بضعة أيام من الانخفاض الكبير في حجم النار نحو إسرائيل تركز “حماس” الجهد لإطلاق الصواريخ نحو المركز كي تثبت بأنه رغم الهجوم القاسي على غزة والضغط الذي يمارسه عليها سلاح الجو لا تزال تنجح في إدارة منظومات القيادة والتحكم من تحت الأرض وتسمح لقيادة “حماس” بإدارة المفاوضات على المخطوفين.
قد تكون “حماس” تحت الضغط، لكن كبار الذراع العسكرية لا يزالون يحتفظون بقدرة إدارة المعركة العسكرية وإصدار الأوامر للمستويات الميدانية التي تنفذ سياسة النار. هذا المعطى لا يفاجئ إسرائيل. كل حملات الماضي في غزة أثبتت بأن أي عملية جوية تكون فقط محدودة ومن هنا أيضا الاستنتاج بأنها لن تقضي على “حماس” وقدراتها. وكلما مرت الأيام فإن تحديات “حماس” هي الأخرى تصبح معقدة اكثر.
بخلاف المواجهة مع “حماس”، فإن مزايا المواجهة مع “حزب الله” تبقى تحت القيود ذاتها.
مهما يكن من أمر، فإنه عند الخروج للمناورة البرية في غزة، متى وقع هذا، فإن تقدير قيادة المنطقة الشمالية بأن “حزب الله” سيرتفع درجة في إطلاق الصواريخ نحو الشمال. السؤال المفتوح هو بأي نطاق وبأي رشقات. “حزب الله” ليس معنيا بالحرب كما يعتقدون في جهاز الأمن، لكنه يوجد في تأهب كامل لهذه الإمكانية أيضا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى