معاريف: الفشل وعقابه

معاريف – يوسي هدار – 31/7/2025 الفشل وعقابه
قبل بضع سنوات ذهلت لسماع داني دانون، في اثناء مقابلة صحفية أجريتها معه، بانه ليس لمكتب سفير إسرائيل في الامم المتحدة ميزانية للاعلام الرسمي ولا حتى لمنصة اريد نصبها في الجمعية العمومية، واضطر رجال المكتب لان يدفعوا لقاء ذلك من جيوبهم. كما قال دانون اننا نوجد في حالة “تأخير” في جبهة الاعلام الرسمي، والتي مع كل الاحترام لـ اف 15 ومركفا، ينبغي استثمار الملايين في الاعلام الرسمي أيضا. فهو هام بقدر لا يقل عن الامن، لانه يعطينا اسنادا من الاسرة الدولية.
هذا الأسبوع تحدثت مع الإعلامي يوسف حداد، عربي إسرائيلي خدم في غولاني. فقد اشتكى من عجز حكومة إسرائيل، مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية في معالجة أزمة الجوع في غزة وعجب لماذا لا يوجد مكتب جدي يرتب عمل الاعلام الرسمي.
منذ الازل، وبخاصة في عهد نتنياهو، كان الاعلام الإسرائيلي الرسمي فاشلا ولم يصمد في تحديات الحد الأدنى كي يعرض ويروج للسياسة الإسرائيلية، اذا كانت هذه توجد على الاطلاق. غير أنه ولئن كان هذا الفشل في الماضي محتملا كيفما اتفق، الان، في اثناء الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل، الحرب التي طالت عبثا لاعتبارات سياسية فان فشل الاعلام الرسمي هو فشل كارثي. هذا فشل استراتيجي حقا دهور مكانتنا الدولية في الهوة بل ومس مسا شديدا بشرعية إسرائيل على الاطلاق.
بعد سنة وعشرة اشهر يمكن القول بيقين ان حرب 7 أكتوبر هي الفشل المطلق. وهذا الفشل مسجل أساسا على اسم واحد، بنيامين نتنياهو الذي لا يزال يهرب من المسؤولية وفي كل يوم يمر يورط فقط إسرائيل ومواطنيها في مخاطر زائدة. بدأ هذا في قصور المذبحة الرهيبة مر عبر الإدارة الفشلة للحرب التي رغم الضربات الشديدة التي اوقعها الجيش الإسرائيلي فيها على حماس، فان إنجازاتها العسكرية لم تترجم الى إنجازات سياسية ولم تحقق حسم حماس، وتواصلت جر الارجل وبترك المخطوفين لمصيرهم، وهي مقدمة لفشل الإعلام الرسمي والتسونامي السياسي الخطير.
كل يوم يمر دون أن ننهي فيه الحرب يورطنا اكثر فقط ويقضي على قدرتنا لانهاء المعركة بشروط معقولة. لئن كان حتى الان، يخاف من بن غفير وسموتريتش ومن التخوف من أن يؤدي انهاء الحرب الى انهاء حكمه وإقامة لجنة تحقيق رسمية، جر نتنياهو المفاوضات على صفقة المخطوفين، فانه الان، حتى لو كانت إسرائيل مستعدة لحل وسط ما على خلفية حملة التجويع الكاذبة، فان شهية حماس تتزايد وإسرائيل وصلت الى طريق مسدود. ان التدهور الخطير في المكانة الدولية للدولة من شأنها حتى ان تحمل إسرائيل بضغط أوروبا والولايات المتحدة الى حل وسط سيء من ناحيتها. عمليا، هذا هو ما يحصل الان الى هذا الحد او ذاك حين فتحت إسرائيل على مصرعيها طرق المساعدات الإنسانية بلا أي مقابل من جانب حماس وبلا إعادة مخطوف واحد.
ان فشل الاعلام الإسرائيلي الرسمي ونتائج انعدام السياسة لدى نتنياهو من شأنها حتى ان تجلب علينا، قسرا إقامة دولة فلسطينية. دولة كهذه بخاصة في هذا الوقت ستكون الخطر الوجودي الأكبر على إسرائيل. تصوروا ان بعد 11/9 كانت الولايات المتحدة تعلن بانها تعترف بحق تنظيم القاعدة في دولة مستقلة. تصوروا انه بعد الجرائم الوحشية لداعش كانت بادرة الاسرة الدولية الى إقامة الخلافية الإسلامية.
بعد 7 أكتوبر، إقامة دولة فلسطينية هي الجائزة الأكبر التي يمكن اعطاؤها الى منظمة الإرهاب الأكثر إجرامية على وجه الأرض. الفلسطينيون، الذين معظمهم، سواء في غزة أم في السلطة الفلسطينية ايدوا المذبحة، اثبتوا بانهم غير جديرين وغير قادرين على إقامة دولة. وعليه، فالى جانب انهاء الحرب التي لا تنتهي في غزة علينا أن نرد ردا باتا المبادرات الخطيرة لماكرون، ستارمر ورفاقهما لاقامة دولة فلسطينية. لشدة الأسف، الفشل الذريع لنتنياهو وحكومته في إدارة دولة إسرائيل وفي إدارة الحرب من شأنه ان يجلب عليها كارثة أخرى، كارثة الدولة الفلسطينية.



