ترجمات عبرية

معاريف: العالم حسب ترامب

معاريف 23/12/2025، زلمان شوفالالعالم حسب ترامب

نشرت الإدارة الامريكية الحالية قبل نحو شهر وثيقة الامن السنوية الأولى لها، بتوقيع الرئيس ترامب. في المقدمة، أشار ترامب الى اهداف يرى انها تحققت وتلك التي ستكون على جدول الاعمال في السنوات القادمة. لاعلان نوايا من هذا النوع، وليس فقط في الولايات المتحدة، يمكن ان ينظر اليه بشكل عام مثل البرامج الانتخابية للأحزاب. لكن لهذه الوثيقة توجد أهمية وان كان بسبب الشهادة التي فيها على عقلية الرئيس ومستشاريه القريبين وان كان لا ينبغي التقليل أيضا من أهمية حقيقة أن أوضاعا متغيرة تستوجب قرارات متغيرة واساسا في إدارة يخيل أحيانا بان ميزتها الثابتة الأبرز هي انعدام الثبات.

صفحتان مكرستان للشرق الأوسط وواضح منهما بانه رغم التغييرات في مجال الطاقة، والتي في اعقابها انخفضت أهمية المنطقة، فان النزاعات فيها ستواصل اشغال بال الولايات المتحدة. إسرائيل، وكذا دول الخليج العربية، تذكر كحلفاء للولايات المتحدة، لكن تركيا أيضا مذكورة، في السياق السوري. إسرائيل والولايات المتحدة يشار اليهما في الوثيقة كمن تسببا باضعاف قوة ايران، تلك التي ترى فيها الولايات المتحدة التهديد الرئيس على استقرار الشرق الأوسط. ومع ذلك لا يوجد تلميح لسياسة في هذا الشأن لاحقا. كما لا يوجد تناول مباشر لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية ولعله يمكن الاستخلاص من ذلك ان هذا الهدف لا يوجد في مكان عال جدا في سلم أولويات ترامب، مقابل الفضائل الكبرى في العلاقات الاقتصادية الامريكية مع دول المنطقة.

بخلاف الخط السابق الذي رأى في التحول الديمقراطي عنصرا هاما في مسيرة تحقيق السلام، ليس في هذه الوثيقة سعي للديمقراطية. الموضوع الفلسطيني مذكور لكنه ليس موضوعا ينطوي على عمل فوري. مع ذلك فان اتفاق وقف النار وإعادة المخطوفين الذي تعزوه إدارة ترامب لنفسها كفيلان برأيها أن يؤديا الى التقدم أيضا في موضوع العلاقات مع الفلسطينيين. في ختام الفصل الشرق اوسطي قيل بالتشديد أن امن دولة إسرائيل سيبقى مصلحة أمريكية أساسية.

روسيا والصين اللتان اعتبرتا في الماضي التهديد المحتمل الأساس على الولايات المتحدة، تكاد لا تذكران في الوثيقة الجديدة. قيل فقط انه مع روسيا ينبغي السعي الى استئناف “الاستقرار الاستراتيجي” وتحقيق السلام بينها وبين أوكرانيا – دون تفاصيل. في موضوع الصين، التشديد هو على الخصومة الاقتصادية والتكنولوجية، واساسا في مجال السايبر. تايوان لا تذكر.

فصول مركزية تكرس لامريكا اللاتينية وأوروبا. الأولى تعرف، وان لم يكن بكلمات صريحة، كمنطقة نفوذ أمريكية حصرية للولايات المتحدة فيها “مكانة عليا” من أجل امنها ومصالحها الأخرى. هذا النهج أثر على ما يبدو على التطورات السياسية في الارجنتين، في التشيلي وفي دول أخرى وكفيل بان يعبر عن نفسه إيجابا أيضا في علاقات إسرائيل مع دول أمريكا اللاتينية.

في موضوع أوروبا الصورة اكثر تعقيدا، وموقف إدارة ترامب من دول القارة يمكن وصفه كـ “من يرحم قبيلته يكره ابنه”. النقد في الوثيقة، وحتى قبل ذلك في التصريحات القاسية لنائب الرئيس فانس، اثارت ردود فعل غاضبة سواء في عواصم أوروبا أم في أوساط الدبلوماسية الامريكية التقليدية. بعض من ردود الفعل محقة لكن أخرى تتجاهل حقائق عديدة طرحها نقد ترامب ورجاله، النقد الذي إسرائيل أيضا يمكنها أن تتماثل معه.

رسالة ترامب هي ان أوروبا تغرق بمهاجرين مسلمين ويقودها موظفون بيروقراطيون من الاتحاد الأوروبي، بعيدون عن مشاعر الشعوب نفسها. أوروبا، برأيه، تقف على شفا تدهور حضاري واقتصادي “تبعث الشك فيما اذا كانت دول معينة ستواصل كونها حليفة مصداقة من ناحية عسكرية واقتصادية”. وذلك رغم أن الولايات المتحدة ترى في أوروبا “حليفا حضاريا واستراتيجيا حيويا”. وتواصل الوثيقة وتفصل: “من شبه اليقين انه بعد بضعة عقود سيصبح بضع أعضاء في الناتو غير أوروبيين، وليس بالضرورة يرون مكانهم في العالم وعلاقاتهم مع الولايات المتحدة بالروح التي رآها مؤسسو الناتو في الأصل”. يوجد في أوروبا من يشارك هذا القلق، أساسا المانيا برئاسة المستشار فريدريخ نيرتس.

وختاما يمكن القول انه بخلاف المعتقد الذي كان سائدا في الماضي ويقول ان الولايات المتحدة تحت ترامب ستتمسك بانعزاليتها فان سياسة الرئيس العملية، بخلاف رأي الجناح الانعزالي لرجال حركة MAGA في حزبه ستتبنى لاحقا مكانة ودور الولايات المتحدة كقوة عظمى عليا – لكن وفقا لقواعد جديدة يمليها ترامب. يحتمل أن للقاء رئيس وزراء إسرائيل القريب سيكون معنى من هذه الناحية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى