معاريف: الراشد المسؤول

معاريف – أفرايم غانور – 25/8/2025 الراشد المسؤول
الألم، القلق والاضطراب في هذه الأيام المجنونة، بعد نحو سنتين من الحرب التي لا نزال لا نرى نهايتها، تنبع أساسا من غياب زعامة براغماتية وشجاعة، مصلحة الدولة امام ناظريها. على مدى 75 من سنوات الدولة حتى إقامة الحكومة الحالية، مرت على إسرائيل غير قليل من الفترات الصعبة، الحروب، الكوارث، الازمات الاقتصادية والاجتماعية. رغم كل هذه، معظم الشعب في إسرائيل، بما في ذلك القسم الذي عارض الحكومات التي كانت تتولى في حينه، كان يعرف انه يوجد على من يمكن الاعتماد – على القيادة السياسية والقيادة العسكرية. وحتى في حرب يوم الغفران الرهيبة كانت ثقة واسعة بالحكومة وبالجيش رغم القصورات الكثيرة.
هذا، بخلاف تام مع الواقع المرير في أيامنا. انعدام الثقة بهذه الحكومة الهاذية يتعاظم فقط من يوم الى يوم، حين يكون الإحساس أكثر من أي شيء آخر هو أنه تنقص هنا شخصية كاريزماتية، مصداقة، عديمة المصالح الحزبية، تقف امام الجمهور، تعرض صورة الوضع الحقيقية وبالاساس تعرض افقا جديرا وباعثا على الامل. من الصعب ان نرى شخصية كهذه ليس فقط بين أعضاء الحكومة والائتلاف، بل حتى في مقاعد المعارضة.
من هنا جدير وصحيح ان يأخذ رئيس الأركان ايال زمير، الذي يتمتع اليوم بالثقة الاوسع من الشعب، على عاتقه دور الزعيم المسؤول وقائد الطريق. لو كان رئيس الأركان زمير يقف اليوم امام الجمهور، يعرض صورة الوضع المحدثة، الإمكانيات والمخاطر التي استمرار الحرب وتداعياتها، وكذا الحلول للوضع، مثلما يراها هو وهيئة الأركان، لكان هذا يساهم كثيرا في وضع واحساس الشعب في إسرائيل.
لو فعل هذا فانه لن يكون رئيس الأركان الأول الذي انتهج هذا الطريق. سبقه رئيس الأركان في حرب يوم الغفران دافيد اليعيزر (ددو) الراحل الذي منذ 8 أكتوبر 1973 اليوم الثالث للحرب واحد الأيام الأصعب فيها وقف في مؤتمر صحفي وعرض امام وسائل الاعلام الكثيرة بما فيها الأجنبية، صورة الوضع الحقيقية. الصورة كانت صعبة جدا لكن ددو لم يتملص من أسئلة الصحافيين ولم يخفِ الحقائق في موضوع وضع الجيش الإسرائيلي في تلك الساعات، لكن الى جانب ذلك بحث الامل وعرض افقا متفائلا لانهاء الحرب، التي ما هو معروف امسكت بالجيش الإسرائيلي (مع البنطال ساحلا).
رئيس الأركان زمير يقف الان على رأس الجيش الإسرائيلي قبيل الدخول المتجدد لقلب غزة وفقا لقرار المستوى السياسي. هذه الخطوة ستعرض للخطر حياة المخطوفين الاحياء الذين يوجدون في ايدي حماس، وبالطبع حياة جنودنا في حرب عصابات حيال عدو ليس له ما يخسره ولا مفر له غير القتال على حياته من داخل الانفاق التي بناها واعدها لهذه المعركة. هذا عدو يعرف جيدا المنطقة وسبق أن اثبت لنا بانه في عمليات حرب العصابات المخطط لها هو قادر على ان يجبي من الجيش الإسرائيلي ثمنا دمويا باهظا. كل هذا، في الوقت الذي لا يرى فيه الجمهور الإسرائيلي النور في نهاية النفق التي تقوده الحكومة الى داخله، وبالطبع لا يعرف من يفترض أن يدير لاحقا، في الواقع المتعذر، حياة نحو مليوني غزة في القطاع.