ترجمات عبرية

معاريف: لا يملك الجيش الإسرائيلي ما يكفي من الجنود لدعم استمرار الاحتلال

معاريف 2022-11-19، بقلم: ران أدليست: الجيش الإسرائيلي لا يملك ما يكفي من الجنود لدعم استمرار الاحتلال

“الأمن” هو الموضوع الأول الذي يفترض أن يطرح على طاولة الحكومة الجديدة. في المكان الذي يقتل فيه الناس فإن هذا هو الهم والمسؤولية الحصرية للحكومة التي تعمل بحكم أيديولوجيتها. فقد تعهدت حكومة اليمين بأن تعالج جذرياً هذا الموضوع الذي اختبأ في مكان ما خلف جبال الظلام وينز سائلاً أحمر. الحروب هي على الكراسي والميزانيات، أما الجبهة الحقيقية فتنهار. سياسة احتكاك عنيف في عدة جبهات كشفت عن أن ليس للجيش الإسرائيلي ما يكفي من جنود ومجندات لأجل القيام بكل المهام اللازمة حيال عدو “وحشي” يقف لإبادتنا.

مع كل الاحترام لمن يبحر، يطير، أو ينقر مفاتيح الحاسوب، فإن ما يحسم المعركة على الضفة في إسرائيل هي البساطير على الأرض: سلاح المشاة وحرس الحدود. ليس 8200 ولا البحريون أو الطيارون أو تلاميذ المدارس الدينية. ولا حتى المدرعات، وآمل أن ليس “النار المضادة” على تجمعات سكانية من جانب سلاح الجو.

يوجد للجيش الإسرائيلي على الأرض احتياط فائق من العلمانيين، المستوطنين، والتقليديين. لكنهم في الأقلية مقابل أعداد داعمي القتال. بدونهم لا يوجد قتال. لكن فقط التواجد البشري على الأرض هو الضمانة للسيطرة. جنود المشاة وحرس الحدود هم الذين ينفذون سياسة الحكومة، بمن فيهم الجنود والضباط الذين لا يتفقون مع سياستها.

المشكلة: دولة إسرائيل بحاجة إلى جيش قوي كي تتصدى لواقع راهن مهدد. وهذا الواقع مهدد لأن ليس لأي حكومة الجرأة لأن تحله عبر مسيرة سياسية. وهكذا، فإن الجيش القوي الذي نحتاجه نحن لحالة أن نتعرض للهجوم يستخدم لإدارة سياسة صيانة المستوطنات والتي تتسبب بتراكم تهديد الهجوم العربي العام الذي يحتاج إلى جيش كبير وقوي. هذه دائرة دموية تغذي نفسها وتتسبب بحروب زائدة.

درءاً للشك: باستثناء تخليد النزاع، فإن تخليد إسرائيل ينتصر في هذه الحرب كل يوم وكل ليلة. السؤال هو متى نمسك “نحن” الرأس ونسأل أنفسنا كيف كان يمكننا أن نتعاون مع خطوات سياسية وأيديولوجية أدت إلى حروب زائدة؟ مصيبة “يوم الغفران”، ومصيبة الحروب في لبنان، ومصيبة الانتفاضة التي لا تنتهي في الضفة ومصيبة الحملات في غزة. كل أنواع الحروب الصغيرة والكبيرة التي تجري بلا مفر أو بلا شريك تنتهي بالعودة إلى الخانة التي انطلقنا منها إلى تلك الحرب. ناهيك عن عودة الشيطان الإيراني بمساعدة رئيس الوزراء الجديد مع الشعار القديم “إيران – إيران”.

كل الأحزاب اليهودية، التي تنافست في الانتخابات، فشلت في اختبار طرح موضوع الحرب في الضفة. السؤال كان “بيبي – نعم أم لا”، وقد جعل الانتخابات خطة بقاء لشخص واحد وخطة توزيع الميزانية للشراء. وهكذا وصلنا، اليوم، إلى وضع فقد فيه الجيش الإسرائيلي السيطرة ليس فقط على الميدان، وفي المدن وفي القرى وبخاصة في مخيمات اللاجئين بل أيضا على جنوده وضباطه. ألف اتفاق تطبيع مشروط (يجب التوقف عن خدعة اتفاقات سلام لم توقع أبدا) لن تخفي حقيقة أن التعليمات الحكومية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي هي مناورة تهكمية تستهدف تجاوز الحاجة إلى تسوية مع الفلسطينيين.

***

حيال سورية ولبنان يوجد ميزان رعب بل وأمل: اتفاق الغاز هو في واقع الأمر اتفاق مع “حزب الله” وإيران. نتنياهو وشركاؤه رفضوه ولاحقا سيتبنونه، ليس كفرصة لتسوية شاملة بل كسبب آخر لتوتر دائم، جزء من الحروب الصغيرة التي تخلق التهديد الكبير، الذي يستوجب تعزيز جيش كبير يدير حروبا صغيرة وهكذا دواليك وهلمجرا (لا سمح الله). لا يعني هذا رفع الأيدي والهروب. هذا يعني بالضبط ما قاله رابين: مكافحة “الإرهاب” وكأنه لا توجد مسيرة سياسية. والسير بمسيرة سياسية وكأنه لا يوجد “إرهاب”.

كانت لنتنياهو صيغته لقول رابين: نكذب على الفلسطينيين والعالم وكأننا نسير إلى مسيرة سياسية وندعم استمرار الاحتلال وسلب الأراضي من جانب المستوطنين الذي يغذي حرب عصابات شعبية (قلة تطلق النار، والأغلبية تساند). الفريسة السهلة والمتوفرة هم جنود الجيش الإسرائيلي. عمليات الصيد الدائمة تستوجب حجوم كتيبة زائدة على المطلوب، وروتين التهديدات يستوجب تواجد خمسة في كل زاوية شارع أو ضاحية قرية. خاصة أنه ليس للجيش الإسرائيلي ما يكفي من الجنود الجيدين لينفذوا كل هذه المهام بمستوى مناسب. حتى لدى الجيدين يوجد تآكل عندما يرابطون بصفة حراس انتظارا للعدو الذي “اذهب لتعرف من سيهاجم، متى وأين بالضبط”، ما يؤدي إلى أحداث نار خفيفة على القتل التي تقع في أحيان متواترة أكثر فأكثر.

***

رفضت دولة إسرائيل، هذا الأسبوع، أن تكون شريكة في تحقيق الولايات المتحدة (!) في موضوع قتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة. من الواضح لماذا: فالجيش سبق أن اعترف بمسؤوليته عن موتها، غير أن المشاركة في التحقيق قد تؤدي إلى اتهامات شخصية ستتدحرج إلى المحكمة الدولية في لاهاي. الحرب في الضفة هي بين سكان مكتظين ومنظومة جيش إسرائيلي هزيلة، لا تختلف عن المنظومة التي رابطت يوم الغفران في الهضبة وفي القناة: مئة دبابة من لواء 188 مقابل ألف دبابة سورية، ولواء احتياط مقدسي متثائب أمام آلاف الجنود المسنودين بالمدرعات، وبسلاح الجو وبالمدفعية المناسبة. مثلما في الضفة، هناك أيضا انتصرنا. وصل الجيش الإسرائيلي إلى مئة كيلو متر عن القاهرة وأربعين كيلومترا عن دمشق وهذا انتهى بالبكاء وبالانسحاب.

هذا ليس الجيش الإسرائيلي الكبير والرهيب، بل هم مجندة حرس الحدود وحارس مدني في أطراف شعفاط. قُتلت المجندة، أصيب الحارس، وكلاهما قاتل سكانا مكتظين يبعثون بـ”انتحاريين” بشكل غير قابل للتوقع من الاستخبارات. نحن نصيد ونقتل منذ سنين حملة سكاكين ومسلحين ومثلما في الأفلام الكرتونية الأميركية يعودون وكأنهم من اللامكان… وهذه القصة ستتواصل عشرات السنين. من ناحيتنا، هذه حرب ضد “الإرهاب” ومعظمنا يرفض أن يفهم أن قسما كبيرا من دول العالم وغير قليل من الإسرائيليين يعتقدون أن هذه حرب الاستقلال الفلسطينية.

هذا الأسبوع فقط، اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارا بأن إسرائيل، اليوم، هي دولة احتلال بشكل غير قانوني. عندنا يشجبون ويتثاءبون. في اللحظة التي نعرف فيها كيف نقيس جاهزية الموت للفلسطيني الذي يتجند لقضيتهم أمام المحتل الإسرائيلي سنفهم أين نقف: حتى آخر مقاتل لنا في “المناطق” لا يخوض حربا شخصية على الحياة وعلى الموت بفضل قدراته العسكرية والاستخبارية.

إن التحقق المطلق لهوامش الأمن الواسع التي يوفرها الجيش لمقاتليه في الميدان يثبت نفسه بأعداد المصابين. ليس لـ”الانتحاريين” الفلسطينيين مشكلة في أن يهاجموا، حيث توجد لهم مشكلة في أن يهربوا. فهم يطلقون النار، يطعنون، يهربون، يُقتلون أو يصادون لاحقا. بدلا من التوقف، آخذ نفس، ومحاولة رؤية الصورة الكبرى، نجدنا أسرى في النص الدائم بعد كل عملية: هذا “إرهاب” منكر، وقلوبنا مع العائلات ونحن سنقتل “الإرهاب”. في النهاية المريرة – سواء جنود الجيش أم مواطنو الدولة أم “الانتحاريون” الفلسطينيون – هم ذخيرة متآكلة في “حرب قبور الأولياء” و”جبل البيت في ايدينا”، مقابل الثأر، الاستقلال، وأقصاهم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى