معاريف : التهديد النووي الايراني لم ينتهِ، لذا يجب إزالة غزة عن جدول الاعمال

معاريف 11/7/2025، الون بن دافيد: التهديد النووي الايراني لم ينتهِ، لذا يجب إزالة غزة عن جدول الاعمال
يبدو أن الشهر القاسي والنازف الذي مر علينا في غزة رجح الكفة الجماهيرية: معظم الإسرائيليين ملوا الحرب ولا يروا فيها غاية ومنفعة. منذ فترة وكان المعطى ينعكس في الاستطلاعات لكن في الأسابيع الأخيرة اسمع حيثما اتجهت السؤال: ما الذي لا نزال نفعله هناك؟”.
باستثناء النواة الصلبة لمشاهدي قناة النظام، حيث الحرب تحرر والضحايا يقلل من شأنهم، كف الإسرائيليون عن الايمان بهذه الحرب، هكذا على الأقل حسب مشاهدتي غير العلمية. الجيش الإسرائيلي يخرج عن طوره لينشر ويمجد كل نفق لا يزال يدمر، لكن شعب إسرائيل بات تعبا على النهوض في كل صباح على “سمح بالنشر”.
يحتمل ان يكون هذا الشعور ينجح أيضا في اختراق سور القطيعة التي تحيط برئيس الوزراء. هذا لا يمنعه من ان تتخذ له الصور على البساط الفاخر في بلير هاوس، مع الحلاق ومع المزينة في الليلة التي نحد فيها نحن على مزيد من المقاتلين الذين سقطوا، لكن محاولته تزييف التعاطف في الزيارة لنير عوز تثبت ان حتى في عمره المتقدم – بقيت احاسيسه السياسية حادة.
وبينما يكون لا يزال محمولا على أصداء النجاح في ايران، يعرف نتنياهو أن بوسعه ان يمرر صفقة جزئية تعطي شهرين من الهدوء من البلاغات عن ضحايا، وبعد ذلك نرى. الإنجازات المذهلة التي سجلها الجيش الإسرائيلي في الفصل الأول من المعركة تجاه ايران (ولا، ولن يكون الأخير) جسدت مرة أخرى الفجوة بين الثقافتين المتنافستين على الهيمنة في إسرائيل.
من جهة الثقافة المظلومة التي تطورها الحكومة الحالية، التي تستند الى ائتلاف من منتخبين عديمي الشخصية بلا قدرة تنفيذ، يعينون لمناصب مركزية أناسا عديمي الاهلية مثلهم تمجد الجهل. بالمقابل، ثقافة التميز التي طورها سلاح الجو، الذي لعله الجهاز الأكثر نجاحا في الحياة الإسرائيلية العامة، الذي يقوم على أساس تقصي الحقيقة، احد المسؤولية عن الأخطاء والتعلم الدائم، وهي القيم التي ليس بينها وبين حكومتنا أي قرب. المأساة هي ان نتنياهو تربى في ثقافة التميز وينتمي اليها، لكنه يستند سياسيا الى المظلومية.
منذ الساعات الأولى لنشوب المعركة، بعد ضربة البدء كاملة الاوصاف، بدأت المعركة على الحظوة. الموساد كان الأسرع بين باقي الأجهزة وسارع الى وضع نفسه كمن قاد الى النجاح. ودون التقليل من مساهمته، كان الموساد الجهة الأكثر ثانوية في النجاح الذي سجل حيال ايران. الخطة التي بناها سلاح الجو، شعبة الاستخبارات وشعبة العمليات في السنتين الأخيرتين، جمع المعلومات الدقيقة وبناء خريطة الأهداف – هي التي شقت الطريق بالضربة الساحقة التي أوقعت على ا يران.
إذن في المعركة على الحظوة يجدر بنا أن نذكر الان، وبالذات لانهم يبقون على الصمت، رئيس الأركان السابق هرتسي هليفي أيضا، الذي اشرف على بناء القدرة، رئيسي شعبة الاستخبارات اهرون حليوة وشلومي بندر الذين عملا على نيل المعلومات الاستخبارية وبناء الأهداف ورئيس شعبة العمليات المنصرف عوديد بسيوك الذي بنى ونفذ الخطة العملياتية، وبالطبع كل مرؤوسيهم.
دوما ستكون لنا غزة
مع دخوله الى منصبه شخص رئيس الأركان الحالي ايال زمير نافذة الفرص الضيقة التي فتحت امامه وعرف كيف يحسن وينفذ الخطة كي يحقق الإنجاز. لنتنياهو حظوة مزدوجة: في القرار الذي اتخذه قبل اكثر من سنة بنقل قيادة المعركة حيال النووي الإيراني من ايدي الموساد الى الجيش الإسرائيلي وكذا في شجاعة تنفيذها.
لكن رغم النجاح الظاهر، فان التهديد النووي من ايران لم ينتهِ ولم ينقضِ. وبالتالي يوجد الحاح لإزالة غزة عن جدول الاعمال وعدم الاكتفاء بصفقة جزئية لاجل تحقيق الإنجاز العسكرية في ايران في شكل انجاز سياسي افضل ومتواصل. غزة ستبقى تشغلنا لسنوات طويلة. هي وسكانها لن يختفوا ولن يبدأوا بمحبتنا، لكن في هذه اللحظة تتعلق على الشجرة ثمار كثيرة يمكن قطفها على أساس ما سبق أن تحقق: السعودية، ربما أيضا لبنان، ربما أيضا سوريا واتفاق نووي مع ايران. نفق آخر ندمره في بيت حانون لن يغير الصورة.
ان شهية الرئيس الأمريكي، التواق للتصفيق ولجائزة نوبل يمكن ان نستغلها لانجازات كثيرة. أخيرا وقعت امام نتنياهو فرصة لتسجيل مكانه في التاريخ كرجل دولة. قبل سنين، حين كنا لا نزال نتحادث كان يصف بانفعال مقنع غايته التوراتية كرسول معد لإنقاذ شعب إسرائيل. منذئذ كرس معظم وقته أساسا لينقذ نفسه وليدمر المؤسسات الرسمية لإسرائيل. في عمر 76 يقف امام نتنياهو خياران جوهريان هل يعمل على تثبت مكانة إسرائيل في المنطقة لسنوات الى الامام، ام لتثبيت ائتلافه الفاشل. هل يقود إسرائيل الى مستقبل تطوير التميز ام المظلومية؟ معقول الافتراض انه سيقبل بخنوع الصفقة الجزئية التي يمليها عليه ترامب. هي لن تكون جيدة لكنها ستنقذ بضعة نفوس معذبة من الجحيم في غزة وتوفر حياة بضعة جنود آخرين قبل ان نعود الى القتال. كي يوازنها هو كفيل بان يختار مواصلة القتال ضد ايران، إذ في النهاية لا يمكن إبقاء الشعب في صهيون بلا تهديد وجودي ما.