معاريف: الإنجازات العسكرية تخلق لإسرائيل الفرصة لتصميم واقع افضل في الشرق الأوسط

معاريف 15/10/2024، د. شاي هار تسفي*: الإنجازات العسكرية تخلق لإسرائيل الفرصة لتصميم واقع افضل في الشرق الأوسط
ان اعلان البنتاغون عن النية لان ينصب في إسرائيل منظومة الدفاع الجوي من طراز ثاد ضد الصواريخ، بتفعيل من جنود أمريكيين، يعكس ارتفاع درجة في التأييد الواسع الذي تمنحه الإدارة الامريكية لإسرائيل منذ بداية الحرب. وقد وجد هذا تعبيره ضمن أمور أخرى في نقل مساعدة عسكرية بحجوم غير مسبوقة باطلاق حاملات طائرات وسفن حربية أخرى الى المنطقة، ببلورة تحالف دولي واقليمي لصد الهجمات الإيرانية في 13 نيسان و 1 أكتوبر، وبمنح مساعدة اقتصادية واسعة النطاق. المرة السابقة التي نصبت فيها الولايات المتحدة في إسرائيل قوات ومنظومات للدفاع ضد الصواريخ الباليستية كانت في حرب الخليج الأولى في 1991، الخطوة التي تجسد كم هي هذه خطوة شاذة من ناحية الإدارة.
الى جانب الأهمية في تحسين قدرات الدفاع لإسرائيل، نصب منظومات توجد فيها معان استراتيجية وعملياتية، يبدو انه في نظر الإدارة يوجد في هذه الخطوة ما يعمق التنسيق مع إسرائيل لمواصلة الحرب بعامة وللمواجهة مع ايران بخاصة، ولا سيما في كل ما يتعلق باحداث وتوقيتات الهجوم الإسرائيلي المحتمل. هذا، في ضوء المعارضة العلنية من جانب الرئيس بايدن للهجوم على منشآت النووي والنفط الإيرانية وعلى خلفية التخوف في واشنطن من ان تعمل إسرائيل بدون تنسيق وثيق من شأنه ان يعرض للخطر مصالح واسعة للولايات المتحدة والدول العربية في المنطقة.
بطبيعة الحال، تخشى الإدارة أيضا من ان تصعيدا إقليميا في الوقت الحالي والاثار المتوقعة على أسعار النفط من شأنها أن تؤثر على الانتخابات للرئاسة في 5 تشرين الثاني، وعمليا تمس بفرص نائبة الرئيس كمالا هاريس. في الأشهر الأخيرة أعربت محافل في الإدارة غير مرة عن استيائها من سلسلة اعمال نفذتها إسرائيل، وعلى راسها تصفية نصرالله، دون التشاور ودون التنسيق المسبق، بشكل يجسد إحساس انعدام الثقة بواشنطن. فنصب الصواريخ المرتقب يستهدف أيضا النقل الى ايران والى المحور الراديكالي الرسالة بشأن التزام الإدارة بامن إسرائيل، والاستعداد للعمل كتفا بكتف لاجل صد هجمات مستقبلية ضمن أمور أخرى، لاجل محاولة ردع طهران عن الرد، في سيناريو تهاجمها فيه إسرائيل.
المكالمة الهاتفية التي اجراها بايدن ونتنياهو قبل بضعة أيام، لأول مرة منذ آب، كانت هامة لاجل محاولة تعميق التنسيق وتقليص الخلاف، ليس فقط في كل ما يتعلق بالهجوم في ايران بل وأيضا بالنسبة لاستمرار المعارك في غزة وفي لبنان. ففي نظر الإدارة، الضربات الشديدة لحزب الله ونزع قدراته تخلق فرصة تاريخية لتصميم واقع جديد في الدولة، تفتح ثغرة لتعيين رئيس في لبنان. هذا، بعد أنه منذ تشرين الثاني 2022، يعمل لبنان بدون رئيس في ضوء معارضة نصرالله لتعيين أي مرشح لا يكون حليفه.
احد المرشحين هو قائد الجيش جوزيف عون. الى جانب المعنى السياسي لتعيينه كفيلة بان تكون أيضا أهمية في كل ترتيب مستقبلي في لبنان بسبب إمكانية ان يؤدي الجيش اللبناني دورا في حماية منطقة الحدود مع إسرائيل. عمليا، تحث الإدارة إسرائيل لان تحدد اهداف النهاية المرغوب فيها من ناحيتها حيال حزب الله. وذلك تخوفا من انه بدون استراتيجية خروج ومع حلول اشهر الشتاء، من شأن إسرائيل أن تنجر الى حرب طويلة في لبنان، مثل الحرب في غزة بشكل يزيد الاحتمالات للتدهور الى حرب إقليمية واسعة. فالدعم الأمريكي متعدد الابعاد هو العامود الفقري للامن القومي لدولة إسرائيل. في ضوء هذا على إسرائيل أن تعمل على تعميق التنسيق الاستراتيجي والتعاون الأمني العسكري مع إدارة بايدن ومع كل إدارة مستقبلية تنتخب، ولا سيما في ضوء إمكانية التصعيد في الحرب متعددة الساحات والمواجهة المباشرة مع ايران.
ان الإنجازات العسكرية حيال حزب الله وحماس تخلق لإسرائيل الفرصة لتصميم واقع سياسي – امني اكثر راحة لها في الشرق الأوسط بعامة وفي غزة وفي لبنان بخاصة، تخلق الظروف لاعادة كل المخطوفين والمخطوفات وإعادة سكان الشمال الى بيوتهم. لهذا الغرض، عليها ان تعمل في مسارين متداخلين الواحد بالاخر. في البعد العسكري – ان تواصل ضرب قدرات العمل وترسانة السلاح لحزب الله. وتستكمل تقويض القدرات العسكرية والسلطوية لحماس. هذا بشكل يمس بقدر واضح بالحزام الناري الذي بنته ايران حول إسرائيل. وفي نفس الوقت، في المستوى السياسي، مطلوب من إسرائيل ان تبلور استراتيجية لاوضاع النهاية المرغوب فيها من ناحيتها في غزة وفي لبنان، وان تعمل على تحقيقها بالتسيق مع حلفائها في الغرب بشكل يسمح بالتركيز على التهديد الإيراني، وأولا وقبل كل شيء على صد السعي للوصول الى النووي العسكري. في المدى الابعد على إسرائيل أن تعمل على بلورة خطط لضعضعة استقرار النظام في طهران في ضوء الفهم بانه سيواصل الدفع قدما بايديولوجيته المتطرفة لابادة إسرائيل.
*د. شاي هار تسفي رئيس مجال الساحة الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمن