ترجمات عبرية

معاريف: أين القيادة المدنية والسياسية والدينية للقطاع العربي؟

معاريف 7-6-2023، بقلم غلعاد كاتس: أين القيادة المدنية والسياسية والدينية للقطاع العربي؟

ما يحصل في الوسط العربي في السنوات الأخيرة لا يمكن إدراكه. فمنظمات الجريمة أصبحت وحشاً يفترس كل من يقف في طريقها. لا قيمة لحياة الإنسان في نظر زعماء وجنود منظمات الجريمة. بالمتوسط، يقتل مواطن عربي في كل 36 ساعة والعالم يسير كعادته. إذن، صحيح أن مسؤولية مكافحة الجريمة العليا هي مسؤولية الدولة، وصحيح أن وظيفة الشرطة توفير الأمن الشخصي لكل مواطن، لكن يجب قول الحقيقة البسيطة: في الواقع الحالي، فقدت الدولة السيطرة، وكادت الشرطة ترفع أيديها.

خيراً فعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حين أجرى لقاء طوارئ عاجلاً مع القيادة السياسية للوسط العربي، عملياً، لم يكن هذا اللقاء إلا مع نصف القيادة، كون النائب منصور عباس وأعضاء حزبه رفضوا المشاركة في اللقاء. يكشف هذا الربط سلم الأولويات الحقيقي لمن دعاه اليسار زعيماً اجتماعياً – مدنياً شجاعاً. في اللقاء، قضى رئيس الوزراء نتنياهو بأن في نيته تجنده للحرب شخصياً، الحرب التي لا هوادة فيها ضد منظمات الجريمة.

لكن هذا لا يكفي، فالأقوال والأفعال هي في سلطات الدولة والشرطة والقانون، وقد نسينا عاملاً مركزيا قد يكون الأهم، وتنكر من التزامه بالكفاح من أجل المجتمع العربي؛ وبدلاً من وقوفه في جبهة الكفاح، قرر الجلوس متفرجاً يعطي المشورات ويوجه الانتقادات. فمن هو هذا العامل؟ القيادة العربية نفسها. هذه القيادة تضم لجنة المتابعة العليا، والقيادة السياسية والقيادة الدينية، التي دون استثناء تنكرت لمسؤوليتها ووجهت أصابع الاتهام للدولة والشرطة، ولجهاز إنفاذ القانون، ولكل من يرتبط أو لا يرتبط بهذا الموضوع.

كلنا نعرف أنه عندما تدق القيادة العربية المدنية أسنانها الحادة في موضوع يهمها، لا تتنازل. نعرف المظاهرات الكبرى التي نظمتها هذه القيادة من أجل الفلسطينيين؛ والدعوات التحريضية ضد دولة إسرائيل؛ وتعطيل الشارع العربي في صالح أجندة مناهضة لإسرائيل وغيرها. غير أن كل هذه الطاقات التي للقيادة العربية المدنية تختفي تماماً عندما يدور الحديث عن مواجهة داخلية لها مع المشكلة رقم 1 للمجتمع العربي الإسرائيلي. فجأة، لا نسمع انتقاداً شجاعاً. فجأة، ليس مسؤوليتها. هذه ليست قيادة، هذا جبن.

تصوروا وسطاً آخر في المجتمع الإسرائيلي- الحريديم، المستوطنين، الروس، الإثيوبيين- يقتل فيه كل 36 ساعة أناس من أبناء الوسط نفسه. فمن سيتهمون كمسؤولين عن مثل هذا الواقع البشع؟ لمن كانوا سيوجهون إصبع الاتهام قبل الشرطة والدولة والقانون؟ لقادة الوسط، للحاخامين، للقيادات السياسية، لمصممي الرأي العام في الوسط. كانوا سيتهمونهم للتنكر لمسؤوليتهم العامة، كانوا سيدعون ضدهم بأنه وبسبب انعدام التعليم، نشأ فراغ ملأته منظمات الجريمة. كانوا سيطالبونهم بالفعل. ما كانوا سيخففون عنهم.

لسبب ما، في حالة المجتمع العربي الإسرائيلي باتت القيادة المدنية الداخلية لديهم تتهرب من المسؤولية، ولا تكون مطالبة بتقديم الإجابات. لا يكفي استغراق المدن والبلدات العربية بأفراد الشرطة والمباحث للقتال ضد موجة الجريمة المجنونة التي تمر على المجتمع الإسرائيلي. لا يكفي حتى الإنفاذ المتشدد للقانون. يجب ربط القيادة العربية بحيث تقف في جهة الكفاح. هذا سيتطلب من القيادة العربية الشجاعة، لكن لهذا الغرض يتولى أناسها مناصب القيادة. القيادة الحقيقية تجد تعبيرها في أوقات الطوارئ وفي ساعات الأزمة. أما الوقوف جانباً في مثل هذه الساعات المصيرية، فهذه ليس قيادة. حان الوقت ليتعاطى أعضاء القيادة العربية المدنية مع الواقع الإجرامي الذي يعيشون فيه كحالة طوارئ وأزمة حتى يصبحوا قادة بالفعل وليس باللقب.

دون دور فاعل وعميق للقيادة العربية في الكفاح ضد منظمات الجريمة، لن تنجح أي حرب لإعادة الهدوء والأمن للشارع العربي. هذا ما يعرفه قادة الجمهور العربي، وأكثر من هذا يعرفه قادة ومنظمات الجريمة نفسها. هذا هو السبب الذي يجعل تلك المنظمات الخطيرة تمارس ضغطاً شديداً على أعضاء القيادة المدنية للجمهور العربي. فهم يهددون ويمسون بأقربائهم ومساعديهم وحراسهم. ومن خلال جمع القوى بين الدولة والشرطة وسلطات إنفاذ القانون والقيادة العربية نفسها، ثمة احتمال حقيقي وكبير لهزيمة منظمات الجريمة، ولمنع استمرار القتل وتصفية الحسابات وإحلال الهدوء والأمن للوسط العربي الذي يشكل 20 في المئة من سكان الدولة. حان الوقت للمطالبة ليس فقط من سلطات الدولة أن تستيقظ وتعمل، بل أيضاً من القيادة العربية الإسرائيلية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى