ترجمات عبرية

معاريف: أكبر تهديد لفكر نتنياهو

معاريف 11-3-2023، بقلم ران أدليست: أكبر تهديد لفكر نتنياهو

فوراً وعاجلاً، بات الاحتجاج ملزماً بعرض أجندة مقابل أجندة الائتلاف. بالفعل، “د ي م ق ر ا ط ي ة” شعار ممتاز يتلاءم والحرية الشخصية ويوحد المعسكر. غير أنه كلما نال الاحتجاج زخماً، تتضح الحقيقة من أن أيديولوجية متماسكة ومصممة (التدين والاستيطان والأبرتهايد) تقف خلف محاولة فرض دكتاتورية هنا. فالأمر لا يتعلق فقط في إنقاذ آريه درعي وبنيامين نتنياهو من السجن ووظائف للمقربين.

ينال الاحتجاج طاقة هجومية للدفاع عن الحرية الشخصية، لكن تحققه الفاعل هو في اللعبة السياسية، ليس كحزب لكن مع أيديولوجية كدية. مثلاً، تأكيد الفوارق بين جيش الشعب في نظرة المحتجين وجيش ايليئور ازاريا في نظرة حكومة ايتمار بن غفير ونتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (رقص الجنود والمشاغبين هذا الأسبوع في حوارة). وبخاصة عندما يتطابق احتجاج رجال جهاز الأمن في الاحتياط مع المعارضة التي تدير جهاز الأمن فعلاً حيال الحكومة.

الجيش الإسرائيلي بأذرعه و”الشاباك” يديران اليوم سياسة كدية علنية حيال أعمال الشغب الفوضوية للحكومة. يقول الجيش (رئيس الأركان هرتسي هليفي) إن “الجيش خارج السياسة”. فليكن. لكن ماذا يعني الدفاع عن جهاز القضاء إن لم يكن سياسة؟ ناهيك عن الجنود والطيارين الذين يخاطرون بتقديمهم إلى المحاكمة في “لاهاي” على الأعمال في الضفة وغزة، بدون جهاز قضاء مستقل. هذه هي المشكلة الحقيقية وليست الاستعراض العابث الإيراني.

هذا الأسبوع التقى وزير الدفاع يوآف غالنت مع رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي. نشر غالنت بأن “المحادثات عنيت بالتعاون الضروري لمنع السلاح النووي عن إيران”. لم يرد ميلي، ولاحقاً التقى مع هرتسي هليفي. ناطق عن ميلي أفاد بأن “النووي الإيراني لم يكن أساس الحديث، بل نشاط إيران الإقليمي والتنسيق للدفاع تجاهها وليست الخطط للهجوم عليها”. على رأس جدول الأعمال، حسب ميلي: “منع التصعيد في الساحة الفلسطينية، بما في ذلك تعزيز قوات الأمن في السلطة الفلسطينية”.

بالتوازي، زار واشنطن هذا الأسبوع وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي، كي يتعرضا للتوبيخ بسبب “الإصلاح”، مضاف إليه مطالبتهما بتهدئة مشاغبي حوارة في الحكومة وفي الميدان. إيران يوك. كيف أعرف؟ الكل يعرف. لا حاجة لنكون في الغرف المغلقة كي نعرف بأن ليس لإسرائيل قدرة على أن تدق دبوساً في سياسة الـ “هولد” الأمريكية الأوروبية حيال إيران. وبخاصة حين أدار رئيس وكالة الطاقة الذرية رفائيل غروسي الأسبوع الماضي محادثات في طهران بهدف استئناف الاتفاق النووي. “هجوم عسكري إسرائيلي عمل غير قانوني”، قال هناك، وشبه النية الإسرائيلية بالهجوم الروسي على محطة توليد الطاقة النووية زابوريجيا في جنوب أوكرانيا.

ربما يخدعه الإيرانيون في سياق إمكانية استئناف المحادثات، كما تخدعنا حكومة نتنياهو، سواء في موضوع التهديد الإيراني أم في موضوع الهجوم على مواقع النووي. المشكلة أن المال يحرق كالماء في هذه الأثناء، فيما أنه واضح بأن سياسة النووي لنتنياهو مصيبة متدحرجة.

عمليات وتصفيات

أعجب حقاً أحياناً ما الذي يحصل هناك في مكتب رئيس الوزراء أو في رأسه نفسه. بداية، دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعرقلة الاتفاق النووي، مما سرع التطوير فيما هو يجند جهاز الأمن كي يلذع إيران. هذا الأسبوع تسلى البعض هنا في مناورات مشتركة كـ “دفاع” عن دول الخليج في وجه عدوان إيراني، فيما أن الجيش وسلاح الجو لعب دور مرتزقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

كنت واثقاً دوماً من أن سياسة التفاف على الفلسطينيين من خلال اتفاقات إبراهيم مآلها الفشل. بخاصة بسبب الأكاذيب، والوعود العابثة، والمشادات في الأقصى، والعنف في “المناطق” [الضفة الغربية] التي اجتازت مستوى غض النظر من جانب دول الخليج حتى قبل الاعتداء الجماعي في حوارة. هذه سياسة تنتهي اليوم بكتف باردة من جانب السعوديين وإلغاء زيارة نتنياهو إلى الإمارات، وبالطبع ارتفاع إيران درجة في الطريق إلى قنبلة نووية.

المشكلة: متلازمة إيران لدى نتنياهو نجحت في جرف جهاز الأمن وراءها من خلال وصفة عابثة لعدو وجودي أسطوري. لمن يتساءل: كيف تجند الجهاز في صالح سياسة مغلوطة (إن لم تكن مغرضة لأجل خلق مظهر تهديد متدحرج)؟ الجواب أن الجهاز تجند بسهولة، وبحماسة.

عندما يكون صنبور المالية مفتوحاً بلا رقابة، وعندما يكون لكثير من الناس الطيبين وقت ومال لتنفيذ أعمال موضعي، فإن الجهاز يستجيب برد فعل شرطي، وبخاصة حين يدور الحديث عن إنقاذ الشعب والدولة، وحين يقول رئيس الوزراء إنه إنقاذ للعالم. وبالفعل، بفضل بضعة أعمال وتصفيات، فالموساد هو المنقذ الرسمي لدولة إسرائيل من الإبادة. يدور الحديث بالطبع عن ترهات. عمل الموساد يقوم على لذعات ليس لها صلة بموازين قوى حقيقية واستراتيجيات عليا تملي الوضع الحقيقي.

هذا لا يعني أن إيران لا تريد قنبلة أو أنها دولة صالحة. في تقدير واقعي، سيكون لها خيار نووي غامض – ما يدخل المنطقة كلها إلى ميزان رعب نووي ويحيد الخيار الإسرائيلي، وخير أن هكذا. إذا كنت بحاجة لمحاكمة عقلانية قيادتي إيران وإسرائيل، فواضح أني أثق أكثر بعقلانية آية الله، وأقل بعقلانية الحاخامين المسيحانيين الذين يديرون احتفالاً دموياً هنا.

إلى جانب الموساد، الذي يشحن التهديد الإيراني بعمليات متكتكة، فإن الوحدات الخاصة تساهم هي الأخرى في القضاء على الإرهاب؛ فهي أيضاً جزء من مشروع التضليل الكبير. فبينما تتعرض الحكومة وسياسة الأمن لضربة إثر ضربة على المستوى الاستراتيجي – من انتفاضة خالدة حتى فشل دولي مدوٍ في إيران – تدير الوحدات الخاصة عمليات خاصة للقضاء على الإرهاب.

لا يدور الحديث عن الجندرما العنيفة في “المناطق” التي تتخذ صورة عملية من الأفلام، بل يدور الحديث هناك عن سفاري صيد مع موازين قوى 100 إلى 1. مثل ما للموساد، فإن للوحدات الخاصة أيضاً بشكل عام زمناً للتخطيط، ومالاً وإبداعية فائضة. أليست متعة؟ نعم. هذه خطة بقاء فائقة جدير بكل شاب (وشابة) أن يجتازها. مرغوب دون تلبية احتياجات معنوية وعديمة المنفعة ودون قتل الآخرين والتعرض للقتل بالطبع.

قبل سنين، لأجل إنقاذ الروح العاصفة لجموع بيت إسرائيل الذين يئسوا من فشل الجيش الإسرائيلي المتواصل في حرب الاستنزاف، هرعت وحدة خاصة لتنفيذ “عملية من الأفلام”. هذه ليست كلماتي، بل كلمات رئيس الأركان في حينه حاييم بارليف، الذي استقبلنا بعد واحدة من تلك العمليات. وقد بث إحساساً بأننا أنقذنا الدولة. أما عملياً، فقد كانت هذه واحدة من تلك العمليات – بالفعل رائعة وأنتجت عناوين رئيسة صاخبة – لكن دون أي درس سياسي – استراتيجي.

تعمل متلازمة إيران على سلاح الجو أيضاً. صنبور المياه عندهم أيضاً مفتوح، وكل متملص دوري يتملص من تحت رادار الحسابات السياسية – الاستراتيجية، والوسيلة نفسها تصبح استراتيجية. صحيح، ليس على هذا يحتج رافضو الطيارين ولا يزالون، فالتهديد الأكبر على أيديولوجيا نتنياهو هو الفهم المتزايد اليوم لخدعة سياسته. من إيران وحتى الدولتين، من القضاء على الإرهاب وحتى تصفية غلاء المعيشة.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى