أقلام وأراء

معادلة نتنياهو لحل الصراع: الاحتلال الدائم بديلا للسلام الدائم!

بقلم حسن عصفور/

حسنا فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يستطيع أن يرى نفسه خارج السلطة، عندما سارع بنشر بعضا من “أسرار” دارت بينه ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري وممثل الرئيس بايدن الحالي للمناخ، عندما كتب على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قائلا: “في عام 2013، دعاني كيري في زيارة سرية إلى أفغانستان لأرى، كيف أنشأت الولايات المتحدة قوة عسكرية محلية يمكنها مواجهة الإرهاب بمفردها”، وشدد نتنياهو، “رفضت  حل كيري على الطريقة الأفغانية للفلسطينيين، لأننا سنحصل على نفس النتيجة مثل أفغانستان إذا انسحبنا من الضفة الغربية”، و”لن يؤسس الفلسطينيون سنغافورة، وسيقيمون دولة إرهابية”.

معلوم لكل الساسة الذين التقوا بنتنياهو، ان “الكذب السياسي” أحد عناصر مكونات شخصيته، وأحد أسلحة البقاء الذاتي، ولكن لن يذهب الى الحد الفاجر بالكذب على شخصية أمريكية هي جزء من الإدارة الحالية، يمكنه أن يردع تلك الأقوال لو لم تكن قد حدثت فعلا، فأمريكا تختزن من “النذالة السياسية” ضد الشعب الفلسطيني، وقضيته الوطنية ما هو أكثر من المخزون الصهيوني، وهي قبل الإرهابيين في دولة الكيان، من كان مسؤولا عن تدمير أول قواعد “حل سياسي مقبول”  تم توقيعه بين منظمة التحرير ودولة الكيان عام 1993، المعروف باتفاق إعلان المبادئ (اتفاق أوسلو).

ما كتبه نتنياهو، ليس جديدا من حيث الجوهر، فهو من قاد الحرب العلنية داخل إسرائيل ضد اتفاق أوسلو، ووجد دعما لا محدودا من أمريكا وبعض أطراف إقليمية وفلسطينية، أو ما يعرف بـ “تحالف الشر السياسي” في حينه، وهو من رفض أول محاولة توافقية لتنفيذ بعض من مراحل إعادة الانتشار في تفاهم “واي ريفر” 1998.

وخلال فترة حكمه الأطول في منصب رئيس حكومة منذ 2009 وحتى 2021، عمل على وضع كل “الجدر والسدود” لمنع قيام “حل سياسي ما”، بل أنه رسم لوحة خاصة تقوم عمليا على تحويل الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس الى “محميات” أقل حقوقا سياسيا من “المحميات البريطانية” القديمة، يبحث عن إدامة الاحتلال بكل ما هو غطاء صهيوني توسعي.

اعلان نتنياهو الأخير، برفضه “الحل على الطريقة الأفغانية”، الذي عرضه جون كيري، ليس سوى كشف أن السلام لا مكان له في التفكير الرسمي الإسرائيلي، ولن يكون “خيارا ذاتيا” أبدا، أي كان شكله، حتى في صيغة “حكم ذاتي” على الطريقة البيغينية” حكم للناس تحت الوصاية الإسرائيلية، لأنهم يدركون أن ذلك في نهاية الأمر لن يستقيم مع شعب كشعب فلسطين، مع حاضر الانقسام القائم بصفته الأكثر خدمة للمشروع التهويدي، ولا يوجد ما يجبرهم على تغيير السائد، بعد “وقف عصر” الهبات الكفاحية الشاملة، أو المواجهات العسكرية الشاملة.

ما قاله نتنياهو، رسالة سياسية قاطعة للرئيس محمود عباس وفريقه، ولحكم حماس في غزة، ان الراهن القائم هو الهدف الأساسي المطلوب استمراره كي لا يكون هناك “حلا سياسيا” بل “تبعية سياسية”، وأن كلاهما رغم كل ما يثار من “ضجيج اللغة” حرس عملي للمشروع المعادي للقضية الوطنية.

وبالتأكيد فأقواله، أبلغ رسالة سياسية للغالبية الرسمية العربية، التي لهثت نحو “تطبيع إباحي” في العلاقات مع دولة العدو القومي، تطبيع من أجل تطبيع مصالح، وبحثا عن “تحالف ما” ضد عدو آخر، وحاول بعضهم أن يبيع “الوهم السياسي” من وراء فعلتهم بأنها لخدمة السلام والقضية الفلسطينية.

حديث نتنياهو أعاد صياغة المعادلة بعد اغتيال رابين عام 1995، أن الحل الإسرائيلي للصراع يقوم على مبدأ “الاحتلال الدائم بديلا للسلام دائم”، في ظل الانقسام وغياب القوة الشعبية الفلسطينية الكاسرة لذلك!

ملاحظة: لغز الخروج الأمريكي المذل من أفغانستان سيبقى مجهولا لحين… مشاهد المسرح تكشف أنها “مناورة متفق عليها من ألفها الى يائها”…أن تقبل أمريكا “العظمى” إهانة تاريخية بالتأكيد ليس ضعفا عسكريا فحسب…ثمن الإهانة قادم ولكن كيف وأين…لننتظر!

تنويه خاص: قبل فوات الآوان…الى بعض “عقلاء حماس”، حاذروا متطرفيكم فاقدي الهوية الوطنية والفكرية..الرقص على الموسيقى الطالبانية جرم سياسي..ولكن العداء “الجيني” لقوات الأمن الفلسطيني هو “أم الجرائم”!

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى