أقلام وأراء

مصطفى إبراهيم يكتب – عن خيارات الفلسطينيين الراهنة

مصطفى ابراهيم

يحاول الفلسطينييون اقناع انفسهم بوجود بصيص أمل في تغيير أحوالهم، واعادة تقييم التجربة الفلسطينية بشكلٍ نقدي، لكن ما نراه هو امتداد لسنوات من السيطرة على الحيز العام من النخبة السياسية الممثلة بقيادة المنظمة والسلطة وحركة حماس، وخسرت القضية اصدقاء تاريخيين، بسب التحول من حركة تحرر وطني الى نطام سياسي نسخة من الانظمة العربية الديكتاتورية.

إسبوعان على عقد اجتماع الأمناء العامين، والإرادة الفلسطينية غير متاحة حتى الأن لاتخاذ قرارات وخطوات سريعة للبحث في واقعهم ومستقبل المشروع الوطني الفلسطيني، ويبدو أن جرس انذار توقيع التحالف الإمارتي الإسرائيلي ولاحقا البحريني، لم يصل بشكل مسموع للقيادة والفصائل الذين يفضلون الانتظار.

هذه القيادات التي انتهى تاريخ صلاحيتها، وعليه الإسراع في اتخاذ قرارات مصيرية وفتح الابواب أمام جيل فلسطيني جديد لاستلام القيادة عبر انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني تشمل أماكن تجمعاته المختلفة، واعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحرر وطني.

واعادة تشكيل وتعريف السلطة الوطنية الفلسطينية كمؤسسة ادارية مدنية خدمية تدير شؤون الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة وليس جميع الفلسطيين في العالم كما هو قائم الان، حيث اعاقت السلطة واجهزتها تحقيق الفلسطينيين أهدافهم وتحولت إلى عقبة أمام تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني، بل جردت المقاومة من كل مقوماتها وامكانتها بما فيها الشعبية والسلمية.

منذ تاسيسها تحولت السلطة الفلسطينية، إلى أداة سيطرة إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وعقبة أمام مقاومة المشروع الصهويني الاستعماري الاستيطاني، وأدواته العسكرية التي تمارس الاحتلال ونهب الارض وحماية المستوطنات التي تمددت منذ قيام السلطة اضعاف ما كانت عليه.

وما يعيشه الفلسطينيون في الاراضي المحتلة من انعدام الثقة بينهم، وبين بالقيادة السياسية والمنظمة ومؤسسات السلطة، وفجوة الثقة هي السبب وراء فشل السلطة في حل ازمات الناس، وتوفير الحياة الكريمة، وما يعيشه الفلسطينيين على المستوى المعيشي اليومي. ومن الواضح ان هناك ضعف في اجهزة السلطة والحكومة وانعدام الثقة بين الناس والنظام السايسي وأجهزة العدالة وسيادة القانون، وغياب العدالة الاجتماعية، وانتهاكات حقوق الانسان وعدم احترام الحريات العامة من حرية التعبير والتجمع السلمي الى حملة الحقوق باكملها، والتضييق على منظمات المجتمع المدني.

والاخطر على المستوى الوطني العام فشل السلطة الوطنية في إعادة الاعتبار للمشروع الوطني ومواجهة الاحتلال ومشاريعه وسياساته الاستيطانية والضم باشكاله المختلفة وزيادة بناء المستوطنات، وبدلا من أن تكون اداة لتحقيق الفلسطينين اهدافهم، فشلت حتى في ما يسمى بناء مؤسسات الدولة تحت الاحتلال وبناء نظام ديمقراطي.

على رغم أجواء التفاؤل التي صدرت من بعض المسؤولين في حركتي فتح وحماس على خلفية ما يسمى بيان القيادة الموحدة، باعتبارها خطوة على الطريق، إلا أن المؤشرات والوقائع على الأرض تشير أن ما يحدث هو مجرد شعارات وبروبعندا لم يصدقها الناس، وأن الشراكة ليست على جدول الاعمال في الساحة الفلسطينية، وأن الوحدة ما تزال بعيدة وان الرؤى متباينة.

ويبدو أن لا نقاش جدي ولا بوجد استعداد لفتح ورشة وطنية من النقاش الغائب أصلا عن جدول أعمال الفلسطينيين منذ زمن.

واضح ان موقف الفصائل الفلسطينية تحصيل حاصل، ولا يوجد لديهم القوة الضغط والتأثير على طرفي المعادلة اللذان طالما يفكران بمصالحهما والحفاظ على سلطاتهما في الضفة وغزة، وليس مطورح حل السلطتنين، فالشمورا طويل مع الفريفين، في ظل انعدام الثقة واختلاف البرامج والرؤى، وأعتقد انهما يفكران في تقسيم الحصص والأجهزة الأمنية والإدارية المتعلقة بالحكومة والموظفين.

لم يعد وقت فالقضية ليست بحاجة لـ “خريطة طريق” كما كان يجري في حوارات إنهاء الانقسام والمصالحة التي ادارها المصريين لسنوات، في تصوري يجب أن يكون ماثلا امام القيادة الفلسطينية الاتفاق على اعادة تعريف الميثاق الوطني الفلسطيني الذي تم تشوبه بتغببر بنوده من قبل المجلس الزطني في 1998، ميثاق قومي فلسطيني يتضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة العام 1967، وحل قضية اللاجئين، والعودة للاصول كحركة تحرر وطني، من خلال منظمة التحرير الفلسطينية، ودورها الجديد في عقد تحالفات عربية واقليمية ودولية، لفضح ومواجهة المشروع الاستيطاني التوسعي الاحلالي، وفرض وقائع جديدة على الأرضمن خلال خطط لفرض وقائع جديدة على الارض.

الفلسطينيون مؤمنون بعدالة قضيتهم، كما يؤمنون بقدر الله، ومنذ النكبة والفلسطيني يواجه استعمار استيطاني بوجه ديني، والشعب الفلسطيني لم يغادر أرضه فهو باق فيها ويعزز صموده بذاته، وتجاوز التطهير والطرد والاحلال والحروب والأزمات، وبإمكانه تجاوز واقعه الراهن والواقع العربي المرير، فالفلسطييون لم يتوقفوا عن السعي إلى الحرية وتقرير المصير، حتى لو وقعت جميع قبائل العرب مجتمعة فهم لم يتخلوا عن مطالبهم بالحرية والعدالة.

الفلسطيني يعيش مواجهة يومية وصراع مرير ومستمر على وجوده وبقائه، كجماعة وافراد، وهو يخوض الصراع على طريقته ووفقا لظروفه وقدراته، في مواجهة إسرائيل التي استخدمت أسلوب السيطرة والتجزئة منذ احتلاها فلسطين، وتعمل باستمرار على تقسيم الفلسطينيين إلى مناطق 48 و67 وشتات، وقدس وضفة وغزة، و”عرب إسرائيل”، وإشغالهم بتفاصيلهم اليومية الحياتية الخاصة.

بات من الضروري اعادة الاعتبار لمنظمة التحرير ومؤسساتها، وهو شرط من شروط تحقيق وحدة الفلسطينين والعمل بشكل مشترك لتجقيق اهدافهم، الانقسام والسلطات الفلسطينية الحاكمة في الضفة وغزة عززتا أدوات إسرائيل بالانفصال، وإسرائيل لا تريد للفلسطيين الالقتاء ومعرفة كل منهم قصته، من أجل تفتيت وطمس الهوية واستلابها، وومسح الذاكرة ونسيان الانتماء وفقدان التاريخ والرموز.

القضية الفلسطينية مستمرة ولم تمت، ومن أجل كل ذلك تعزيز صمود الفلسطيين في معركة البقاء على الأرض احد أهم خيارات الفلسطينيين الراهنة في مواجهة الاحتلال وتحالفته مع الانظمة العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى