أقلام وأراء

مصطفى إبراهيم: سلامٌ لغزة.. بين الألم والأمل، الصمود والاحتلال

مصطفى إبراهيم 9-10-2025: سلامٌ لغزة.. بين الألم والأمل، الصمود والاحتلال

غزة، المدينة التي طالما كانت رمزًا للمعاناة والصمود، هي أكثر من مجرد مساحة جغرافية محاصرة. هي شهادة حية على إرادة شعبٍ لا يركع، لا يساوم على حقه في الحياة والكرامة، مهما تعاظم الحصار وتكاثرت الأزمات.

في غزة، حيث تتشابك مشاعر الفرح والحزن، تكتب صفحات من الألم والأمل معًا. الطفولة تنمو وسط الركام، والمدارس تفتح أبوابها رغم القصف، والصلاة تُقام قرب مقابر لم تجد بعد سياجًا يحميها. هذه ليست مجرد تفاصيل يومية، بل هي لغة المقاومة الحقيقية التي يكتبها الناس بأجسادهم وقلوبهم.

غزة ليست قضية إنسانية فحسب، بل قضية سياسية تحمل في طياتها صراعًا من أجل الحرية والكرامة. هي قصة احتلال استمر، وقضية شعب يُحاول أن ينتزع حقه في أن يعيش كباقي البشر على هذه الأرض. وليس من العدل أن تُحصر معاناة أهل غزة في بيانات شجبٍ مؤقتة أو مؤتمرات لا تغير واقع الحصار والدمار.

على مدار السنوات، شهدت غزة مراحل من الاتفاقات السياسية التي حاولت أن تخفف من وطأة الحصار وتفتح بعض الممرات، لكنها لم تكن كافية لإنهاء المعاناة أو تحقيق السلام الدائم. الحصار المستمر والاعتداءات المتكررة أظهرت أن الحل لا يمكن أن يكون مجرد فتح معابر أو وعود مؤقتة.

ورغم كل ذلك، يظل أهل غزة صامدين، يرفضون الاستسلام، ويُثبتون للعالم أن الإرادة لا تُكسر بسهولة. الشباب والنساء في غزة هم عماد هذه المقاومة، يحملون على أكتافهم عبء الحصار، ويزرعون بذور الأمل في أصعب الظروف. في وجه الدمار، تستمر النساء في بناء مجتمع قوي، والشباب في التحدي والإبداع، لاكتشاف فرص جديدة رغم كل القيود.

التضامن الدولي الحقيقي مع غزة هو المفتاح لتغيير الواقع، ليس بالكلام أو البيانات، بل بالضغط الفعلي لرفع الحصار، وتحقيق العدالة والحرية. فغزة ليست مجرد قصة مأساوية تُروى، بل نداء إنساني وسياسي يستحق الاستجابة.

تظل غزة رمزًا للأمل المتجدد، لكل من يؤمن بأن الحق في الحياة والكرامة لا يُمكن أن يُقهر. على أنقاض الألم، تنمو أحلام الأجيال القادمة، وأصوات الحرية تزداد قوة، حاملة معها رسالة واضحة: غزة ستظل حرة، مهما طال الليل.

إن وقف الحرب هو الخطوة الأولى والأساسية للفلسطينيين، وخاصة في غزة، وقد تحقق جزء منها عبر صفقة إقليمية ودولية. لكن هذه البداية تحمل تحديات كبيرة، وتستدعي من الفلسطينيين إرادة قوية ومسؤولية وطنية حقيقية. فلا بد من وقف الانقسامات الداخلية، وتوحيد الجهود لبناء مستقبل أفضل، بعيدًا عن تراكم الأزمات السابقة. فلسطين تستحق وحدة حقيقية وأداءً جادًا، لأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالإصرار على حقوقنا ووحدة الصف.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى