أقلام وأراء

مروان سمور يكتب – السلطة الخامسة.. الجانب الاخر من الارهاب

بقلم مروان سمور 

ان التشريعات القانونية توضع لحاجة الانسان فهي تعكس اخلاقيات المجتمع واعرافه وحاجاته المختلفة , وتنظم العلاقة بين الافراد انفسهم او بين الافراد والسلطة التنفيذية , فهي اذن انعكاس لكل هذه الاحتياجات وتوضيح لشكل العلاقة بين المواطنين انفسهم وبين المواطن والسلطة التنفيذية .

لقد بدات هذه المقدمة لاسقط هذه الافكار على حالات البلطجة والاتاوة, التي تظهر من وقت لاخر في مجتمعنا , وطبعا ما تعكسه هذه الحوادث من ضعف للقانون في معالجة هذه الظاهرة المنتشرة بشكل متفاقم في الاردن , وخصوصا مع ظهور المشاكل الاقتصادية , من بطالة وازدياد لحالات الفقر والركود الاقتصادي المزمن وارتفاع لمعدل الجريمة , بل وانتشار للجريمة الشبه منظمة , وتعثر لكثير من التجار وهروب بعضهم لخارج البلاد , وما استتبع تلك الحالة الاقتصادية في ظهور وترسيخ ظاهرة اجتماعية خطيرة – بشكل غير مسبوق – بل اصبحت افة اقلقت امن المجتمع الاردني بكل اطيافه , ونزعت عن بعضهم شعوره بالامان في وجود سلطة تحميه من تغول هذه الفئة الضالة .

ان هذه الظاهرة منتشرة في المجتمع وبالذات بعض المناطق المكتظة بالسكان , حيث الفقر والجهل والبطالة والتفكك الاسري , فسبب كل ذلك الاحباط والياس , وقاد بعضهم الى التجرؤ على القانون والتمرد على قيم المجتمع الاردني المحافظ  , واخلاقه واعراف عشائره الاصيلة , التي ورثوها جيلا عن جيل .

وبالتالي ان كنا نقول ان هناك ثلاث سلطات في المجتمع – وان اضفنا  مجازا سلطة الاعلام لتكون السلطة الرابعة –  فقد اصبح لدينا “سلطة خامسة” بحكم الامر الواقع , وهي “سلطة البلطجية” , فهم اصحاب القوة ومالكي النفوذ على الناس في بعض الاحياء والمناطق, بل لهم نفوذ لدى بعض المسؤولين والمتنفذين .

وكما كنا نسمع كثيرا عن حالات واشكال من البلطجة فمنها مثلا : عندما شخص يريد ان يشتكي شخص اخر سلب منه مالا , فكان لا يلجأ الى القضاء , بل يستعين بقضاء “السلطة الخامسة” , فيذهب الى البلطجية او احدهم ليحصل له حقه – طبعا بالاتفاق معه على المبلغ المعلوم – . وفي حالة اخرى نجد شخص او بلطجي يهدد شخص اخر ,حينها يلجأ هذا الشخص المهدد الى بلطجي اخر لكي يحميه , وايضا عندما شخص يكون له مبلغ او شيك على شخص عليه قيود كثيرة – من هذه الفئة الضالة – لا يستطيع ان ياخذ حقه بان يشتكي عليه , لان ذلك البلطجي بالمقابل سوف يقوم بتقديم شكوى عليه , وكذلك الامر , لا نغفل ظاهرة البلطجة على المحلات التجارية واخذ الخاوات والاتاوات , ومن يتجرء بعدم دفع المعلوم للبلطجي او البلطجية عندها لا يتورعون عن حرق محله او يحطمون محتوياته , ومن ضمن ظواهر البلطجة في المجتمع ايضا , ظاهرة التقرير الطبي والتقرير الطبي المضاد , وذلك حين يعتدي بلطجي على شخص اخر , فهذا الشخص لا يلجأ الى القانون , لانه يلزم منه تقرير طبي لاثبات الاعتداء عليه , بالمقابل يلجأ البلطجي باصدار تقرير طبي مضاد , ولان هذا الشخص المعتدى عليه لا يريد ان يبيت في النظارة مع ذاك البلطجي فيلجأ الى مصالحته واسقاط حقه . وايضا – كما سمعنا – لجوء بعض رجال الاعمال او المتنفذين بالاستعانة بهؤلاء البلطجية لتهديد خصمه او احيانا الاعتداء عليه او على ممتلكاته .

ان هذه الظاهرة ان استمرت واستفحلك اكثر – بلا شك – ستؤثر بشكل كبير على حالة الامن والسلم الاجتماعي للبلد , وشعور المواطن بان السلطة التنقيذية لا تقوم بواجبها نحو امنه وامانه .

والواقع ان هذه الظاهرة (البلطجة) نوع من انواع الارهاب لهذا المجتمع الامن , وكما يفعل الارهابيون عندما يقومون بعمل ارهابي ما , فان دافعهم هو زعزعة سلطة الدولة وبالتالي امن المجتمع , وكذلك الامر, فهؤلاء يقومون بنفس الادوار .

والخلاصة , ان التشريعات القانونية الموجودة حاليا لا تردع هذه الفئة المتغولة . واصبح واجبا على الحكومة – في الوقت الحالي – , ان تصدر قانونا رادعا وغير مسبوق , يحد من هذه الظاهرة ويقطع دابر هؤلاء , ولتعرضه فيما بعد على المجلس التشريعي القادم , وليكن القانون كقوانين الحروب وحالات الاستثناء , وكما قال احد السياسيين المرموقين : “عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي فلا يحدثني احد عن حقوق الإنسان” , وهذا الامر يمس مباشرة امن المواطن وبالتالي الوطن …وانا ادعوا بقوة بان : لا يكون لهؤلاء الوحوش مكان بين البشر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى