ترجمات أجنبية

مركز «ستراتفور»- التغييرات في السياسة الإماراتية والسعودية تمهد الطريق لمبيعات الأسلحة الأمريكية

مركز «ستراتفور» الأمريكي للدراسات الإستراتيجية – 15/4/2021

دفعت التغيرات التي اجرتها السعودية والإمارات على سياساتها الخارجية الولايات المتحدة لتخفيف ضغوطها على البلدين فيما يتعلق بصفقات مبيعات الأسلحة، وهو ما يمهد الطريق أمام استئناف صفقات الأسلحة بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات من جديد.

إن قرار الولايات المتحدة بالموافقة على المرحلة الأولى من بيع الأسلحة الأكثر تقدمًا إلى الإمارات العربية المتحدة يُشير إلى أن واشنطن قد تكون أقل استعدادًا للضغط على حلفائها في الخليج العربي، في ظل أن كلًا من أبوظبي والمملكة العربية السعودية يركزان في الآونة الأخيرة على تبنِّي سياسات خارجية وداخلية أقل تصادمية. ومع ذلك، يمكن للبيت الأبيض العودة إلى موقف أكثر تشددًا مرةً أخرى إذا انحرفت هذه الحكومات عن الأهداف الإقليمية للولايات المتحدة.

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في 13 أبريل (نيسان)، والذي أفاد «أن الولايات المتحدة ستستأنف صفقة بيع الأسلحة المثيرة للجدل بقيمة 23 مليار دولار للإمارات، بعد مراجعة أولية لعملية البيع». وأوضح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية أن عملية تسليم الأسلحة ستكون على الأرجح في عام 2025 أو بعد ذلك، وأن الولايات المتحدة ستستمر في المراقبة والمراجعة لملف حقوق الإنسان في الإمارات وكيفية استخدامها للأسلحة، إلى جانب استمرار المشاورات مع المسؤولين الإماراتيين.

وتتضمن الصفقة، التي وافقت عليها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في يناير (كانون الثاني) 2020، 50 طائرة من طراز (إف-35) و18 طائرة مسيرة من طراز (إم كيو-9 بي) وذخيرة. لكن هذه الصفقة قد أثارت جدلًا واسعًا بسبب السياسات الخارجية لدولة الإمارات في اليمن وقطر وليبيا.

إلغاء ومراجعات

تعهدت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بزيادة تركيز واشنطن على حقوق الإنسان بوصفه جزءًا من سياستها الخارجية، وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى تجميد بيع الأسلحة للسعودية والإمارات. وكان البيت الأبيض قد أعلن أنه سيلغي مبيعات الأسلحة الهجومية إلى السعودية، على الرغم من أنه لم يُحدد بالضبط ماهية أنظمة الأسلحة التي يُمكن أن يُنظر إليها على أنها هجومية. كما تعهدت إدارة بايدن بمراجعة مبيعات الأسلحة إلى الإمارات فحسب وليس إلغاءها.

السياسات الخارجية العدوانية للإمارات أثارت جدلًا شديدًا في الكونجرس الأمريكي، إذ اتَّهم المشرِّعون الأمريكيون أبوظبي بإساءة استخدام الأسلحة الأمريكية في اليمن، وخرق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة لدعم حلفائها في ليبيا، بالإضافة إلى تقويض الأمن الإقليمي من خلال حصار قطر؛ حليفة الولايات المتحدة. لكن الإمارات أوقفت مؤخرًا تدخلها العسكري في اليمن، وأنهت الحصار المفروض على قطر.

التوافق مع أهداف أمريكا الإقليمية هو الأهم

إجراء الإمارات لبعض التغييرات على السياسة الخارجية أسهم في تقليل التوتر مع الولايات المتحدة، مما جعلها في وضع أفضل لتلقي عتاد عسكري متقدم طالما أن هذه السياسات الإماراتية تحافظ على التوافق مع أهداف واشنطن الإقليمية. وفي ظل تحجيم الإمارات لدورها العسكري المباشر في اليمن وتخفيف حدة القتال في ليبيا، يبدو أن البيت الأبيض أصبح في الوقت الراهن أقل قلقًا من استخدام الإمارات لأنظمة الأسلحة هذه استخدامًا عدوانيًّا في الخارج.

بل إن الولايات المتحدة أصبحت ترى أن هذه الأسلحة بدلًا من ذلك قد تخدم أهداف الولايات المتحدة بوصفها رادعًا أكبر لإيران، فضلًا عن دعم صناعة الدفاع الأمريكية بعقود توفر آلاف الوظائف للأمريكيين. كما تريد إدارة بايدن كذلك ترسيخ اتفاق التطبيع مع إسرائيل الذي أُبرِم في عهد ترامب، والذي كانت الطائرة (إف-35) حاضرة فيه بصفتها مكافأة ضمنية نظير تطبيع الإمارات للعلاقات مع إسرائيل.

يرجح أن يكون لمبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية (والتي ما زالت مجمدة) آفاق أقوى حاليًّا أيضًا، إذ تحاول الرياض التحول إلى سياسة خارجية أقل عدوانية وتحسين تصور الولايات المتحدة عن سجلها في مجال حقوق الإنسان. ومن المرجح أن تُبشر الخطوة التي اتَّخذتها السعودية نحو إنهاء الحصار المفروض على قطر والاهتمام الشديد بالجهود الدبلوماسية المبذولة بقيادة الولايات المتحدة في اليمن بالخير فيما يتعلق بتقييم السياسات الخارجية للمملكة خلال المراجعة الإستراتيجية لإدارة بايدن للعلاقات الأمريكية السعودية؛ مما يُحسن فرص حصول المملكة على الأسلحة والسماح باستئناف المبيعات الأمريكية لها.

وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي المزيد من الهجمات، التي يشنها المتمردون الحوثيون اليمنيون، على كل من السعودية واليمن، إلى كسب الرياض مزيد من الدعم العسكري الأمريكي للتصدي للمتطرفين المتشددين. ومن المرجح كذلك أن تستمر السعودية في إطلاق سراح نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين بطريقة تساعد في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه السعودية إنهاء تدخلها العسكري المستمر منذ 5 سنوات في اليمن، انضمت المملكة على نحو وثيق إلى المساعي الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة في البلاد. لكن جماعة الحوثي ردَّت على هذه الخطوة بشن هجوم كبير على محافظة مأرب الغنية بالنفط، بالإضافة إلى شنِّ هجمات على بعض المدن السعودية، مما دفع الولايات المتحدة إلى تجديد تعهداتها بالمساعدة في الدفاع عن السعودية من الهجمات التي تُشَنُّ ضدها. وكان الدعم الجوي الذي قدمته الولايات المتحدة إلى السعودية حاسمًا إلى حد كبير في معركة مأرب.

السعودية كانت قد أطلقت سراح لجين الهذلول، الناشطة في مجال حقوق المرأة، في فبراير (شباط)، مع عديد من الناشطات النسويات البارزات، بعد أن قضت لجين قرابة ثلاث سنوات بتهم أثارت انتقادات دولية شديدة. ومع ذلك، لا يزال هناك نشطاء سعوديون بارزون آخرون خلف القضبان في السجون السعودية، ومنهم المدونة نوف عبد العزيز الجراوي، وعامل الإغاثة عبد الرحمن السدحان. وقد أعربت وزارة الخارجية الأمريكية في 6 أبريل عن قلقها بشأن الحكم الصادر بالسجن 20 عامًا على السدحان.

لا تشتروا من الصين وروسيا

ومن المرجح أن تجعل الولايات المتحدة تسليم الأسلحة المتقدمة مرهونًا بعدم شراء الإمارات والسعودية أسلحةً من دول مثل روسيا والصين، فضلًا عن تجنب قرارات السياسة الخارجية التي قد تثير المخاوف بشأن كيفية استخدام الأسلحة الأمريكية. ومع اقتراب موعد التسليم (إلغاء صفقة مبيعات الأسلحة (إف-35) إلى تركيا)، قد يمثل ذلك تحديًا للإمارات والسعودية.

إذا اكتسبت الأحزاب أو الحكومات الإسلامية أرضية سياسية في المنطقة، لا سيما في ليبيا أو اليمن أو الأردن أو تونس أو المغرب، فقد تخاطر الإمارات باتخاذ إجراءات مضادة أكثر عدوانية ضدها، وهو الأمر الذي قد يتعارض مع رغبة الولايات المتحدة في الاستقرار الإقليمي. ومن الناحية الأيديولوجية، لا تزال الإمارات ملتزمة بإستراتيجية مناهضة للإسلاميين تضعها في مواجهة مع دول أكثر موالاة للإسلاميين مثل قطر وتركيا، مما يُؤدي إلى اندلاع صراعات غالبًا ما تدور في ساحات معارك بالوكالة مثل اليمن وليبيا.

الإمارات كانت قد اشترت أسلحة صينية وروسية في الماضي، لكن أيًّا من هذه المبيعات لم تسبب قلقًا جديًّا للولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الشائعات بشأن مشروع مقاتلة روسية إماراتية مشتركة من الجيل الخامس قد يُثير قلق واشنطن بشأن النفوذ الروسي في الخليج العربي. وفي يونيو (حزيران) 2019، أزالت الولايات المتحدة تركيا أيضًا من برنامج تطوير (إف-35) بسبب شراء أنقرة لنظام الصواريخ الروسي (إس-400).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى