#شؤون فلسطينية

المصالحة الوطنية الفلسطينية والانتخابات المرتقبة

جهاد الحرازين  *- 14/1/2021

تأتي قضية تحقيق المصالحة الوطنية على سلم الاهتمامات الفلسطينية والعربية والإقليمية، حيث تعتبر خيارًا لا بد من تحقيقه على أرض الواقع، وإنجازه بأسرع وقت ممكن، لما يحيط بالقضية الفلسطينية من أخطار وظروف سياسية وإجراءات ومخططات احتلالية هادفة إلى إنهاء القضية، بالإضافة إلى الأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية التي تواجه مجموعة من الأخطار الاقتصادية والصحية والسياسية.

ورغم كل ذلك، لا تزال قضية المصالحة مجمدة رغم بانقضاء 13 عامًا على الانقلاب الذي تم في قطاع غزة من قبل حركة حماس عام 2007، وما نتج عنه من شق وحدة الوطن مما أتاح للاحتلال أن يتهرب من كافة الالتزامات المترتبة عليه، وتذرعه دومًا بعدم وجود الشريك القادر على تحقيق تسوية شاملة. ومع ذلك فإن هناك جهودًا عدة بذلت لأجل طيّ صفحة الانقسام البغيض من قبل جمهورية مصر العربية وبعض الدول العربية الأخرى لإعادة اللحمة والوحدة للموقف الفلسطيني وقضيته والحفاظ عليها، فكانت هناك العديد من الجولات والحوارات المتتالية استضافتها عدة عواصم عربية ونتج عنها عدة اتفاقات ولكنها لم تُترجم على أرض الواقع.

في هذا المجال، يحاول التحليل الراهن تتبع تلك الجولات والمراحل والمحطات التي سارت فيها جهود المصالحة للوقوف على كل واحدة منها على حدة، مع استعراض العوامل الداخلية والإقليمية والدولية التي أثرت في الحوار الوطني الفلسطيني، والوصول للاتفاق حول الانتخابات المرتقبة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والتي من المفترض أن يتم الإعلان عن توقيتاتها خلال الفترة القريبة القادمة، وفقًا لمجموعة من المحاور، تشمل: أولًا: محطات وجولات الحوار الوطني الفلسطيني. ثانيًا: استحقاقات المصالحة. ثالثًا: الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي واكبت جولات الحوار. رابعًا: الانتخابات في ظل المتغيرات الداخلية والخارجية.

أولًا: محطات وجولات الحوار الوطني الفلسطيني

من الضروري قبل البدء في توضيح وشرح جولات الحوار المختلفة التي تمت على مدار سنوات طويلة، استعراض بعض الاتفاقيات التي شكلت أساسًا للحوار والوحدة الوطنية والتي سبقت الانقلاب عام 2007.

أ- إعلان القاهرة 17/3/2005

جاء النص الحرفي للبيان الختامي الصادر عن مؤتمر الحوار الفلسطيني الذي أعلن الالتزام بفترة تهدئة حتى نهاية عام 2005 في مقابل وقف إسرائيل “كافة أشكال عدوانها” تلبية لدعوة جمهورية مصر العربية. وقد عُقد في القاهرة مؤتمر للحوار الفلسطيني خلال الفترة الممتدة من 15 إلى 17 آذار 2005 بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبحضور اثني عشر تنظيمًا وفصيلًا.

بحث المجتمعون الوضع الفلسطيني الداخلي، واتفقوا على ضرورة استكمال الإصلاحات الشاملة في كافة المجالات، ودعم العملية الديمقراطية بجوانبها المختلفة، وعقد الانتخابات المحلية والتشريعية في توقيتاتها المحددة وفقًا لقانون انتخابي يتم التوافق عليه. وأوصي المؤتمر المجلس التشريعي باتخاذ الإجراءات لتعديل قانون الانتخابات التشريعية باعتماد المناصفة في النظام المختلط، كما أوصى بتعديل قانون الانتخابات للمجالس المحلية باعتماد التمثيل النسبي. وقد وافق المجتمعون على تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس يتم التراضي عليها، بحيث تضم جميع القوى والفصائل الفلسطينية بصفة المنظمة الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. ومن أجل ذلك تم التوافق على تشكيل لجنة تتولى تحديد هذه الأسس، وتتشكل اللجنة من رئيس المجلس الوطني وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة والأمناء العامين لجميع الفصائل وشخصيات وطنية مستقلة، ويدعو رئيس اللجنة التنفيذية لهذه الاجتماعات.

ب- وثيقة الأسرى

جاء الإعلان عن وثيقة الأسرى للوفاق الوطني في مايو عام 2006، في سبيل وضع حد للتوتر الذي تشهده الساحة الفلسطينية، عبر الدعوة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة كافة الكتل البرلمانية، وضرورة التعاون بين الحكومة ومؤسسة الرئاسة، وإصلاح الأجهزة الأمنية، وحصر صلاحية إدارة المفاوضات على المنظمة ورئيس السلطة. كما دعت الوثيقة إلى الوحدة الشعبية لمواجهة الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة وإسرائيل. إلا أن وثيقة الأسرى التي باتت تُعرف بوثيقة الوفاق الوطني بعد التعديلات التي أدخلت عليها، لم تنجح في تحقيق المصالحة، لكنها رسخت مبدأ حكومة الوحدة الوطنية. وفي ظل غياب رؤية مشتركة بين الرئاسة والحكومة تتيح التعاون بما يواكب المتطلبات الدولية لرفع الحصار، فقد رفضت حركة حماس طرح الرئيس “أبو مازن” الاعتراف بمبادرة السلام العربية كمخرج من الإقرار بشروط الرباعية، وكذلك رفضت دعوته لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، فتصاعدت الخلافات الميدانية على الأرض.

جـ- اتفاق مكة

وفي الثامن من يناير عام 2007، وقّعت حركتا فتح وحماس في مكة اتفاقًا يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، كلّف على إثره الرئيس “أبو مازن” مجددًا “إسماعيل هنية” تشكيل حكومة وحدة وطنية، والشروع في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتكريسها، وتأكيد مبدأ الشراكة السياسية على أساس القوانين المعمول بها في السلطة الوطنية الفلسطينية، وكذلك احترام الاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير، وإجراءات تطويرها وإصلاحها وتسريع عمل اللجنة التحضيرية لذلك وفق خطوات متفق عليها، بالإضافة إلى ذلك أكد اتفاق مكة على حرمة الدم الفلسطيني، واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون الاقتتال. ووزعت الحقائب الوزارية، وتم تسمية الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية المتفق على تشكيلها. وعلى الرغم من أن اتفاق مكة وضع تفاصيل إضافية عن الاتفاقات السابقة لتشكيل حكومة الوحدة، إلا أن المعضلة الرئيسية بقيت في برنامجها السياسي، وعدم تلبيته لمتطلبات المجتمع الدولي، الأمر الذي كان يعني استمرار الحصار.

وعلى الرغم من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية تنفيذًا لاتفاق مكة؛ إلا أن الاشتباكات الميدانية تطورت بوتيرة متصاعدة، اتسعت حدتها لتشمل كافة مناطق قطاع غزة، وتدخّل الوفد الأمني المصري عدة مرات للتوصل لاتفاقات هدنة، إلى أن فرضت حركة حماس سيطرتها المطلقة على قطاع غزة.

أعلن الرئيس “أبو مازن” حالة الطوارئ وأصدر مرسومًا بإقالة حكومة الوحدة الوطنية، وشكّل حكومة جديدة في الضفة الغربية برئاسة “سلام فياض”، بينما رفضت حركة حماس الاعتراف بقرار الرئيس وأعلنت أن حكومة برئاسة “إسماعيل هنية” قائمة وشرعية وستواصل عملها، وسادت مظاهر الانقسام بين أبناء الشعب الواحد، وترسخ الانفصال السياسي والاقتصادي والمؤسساتي على جانبي الوطن الواحد.

دـ محطات وحوارات المصالحة الوطنية

المحطة الأولى: جاءت بمبادرة من البرلمان العربي في 7 يوليو 2007 بوفد تشكل من 18 دولة عربية برئاسة السيد محمد جاسم الصقر، والتقوا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن ثم الذهاب إلى دمشق للالتقاء بخالد مشعل ومن ثم العودة للقاء الرئيس الفلسطيني إن كان لديهم ردود إيجابية من حركة حماس، ولكن الوفد ذهب ولم يعد نتيجة عدم قبول حماس بمبادرة وفد البرلمان العربي لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 14 يونيو وفق قرار وزراء الخارجية العرب.

المحطة الثانية: جاءت المبادرة اليمنية من خلال استقبال وفد منظمة التحرير ووفد ممثل عن حماس في 24 مارس 2008، الأمر الذي نتج عنه الاتفاق على بدء الحوار بين الطرفين وهو ما أطلق عليه إعلان صنعاء.

المحطة الثالثة: وجهت السودان إلى كل من حركتي فتح وحماس في 10 فبراير 2009 مجموعة من الأسئلة المكتوبة للإجابة عليها، وحددوا موعدًا للقاء في السودان، إلا أن حركة حماس لم تذهب إلى اللقاء وذهبت حركة فتح وتوقف الأمر عند ذلك.

المحطة الرابعة: عقدت الفصائل الفلسطينية اجتماعًا في القاهرة تحت رعاية مصرية في السادس والعشرين من فبراير لعام 2009، اتفقت خلاله على تشكيل خمس لجان تناقش قضايا الأمن والانتخابات ومنظمة التحرير والحكومة الانتقالية والمصالحة المجتمعية. وركزت حركة فتح خلال جولات الحوار على ضرورة تشكيل حكومة تستطيع التعامل مع المتطلبات الدولية لضمان فك الحصار عنها، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، بينما ركزت حركة حماس على أن يكون اتفاق المصالحة شاملًا يعالج الملفات الخمسة، وتنفيذ ما يتم التوافق بشأنه كرزمة واحدة، وإطلاق سراح معتقليها لدى السلطة، ورفض الضغوط الخارجية المتمثلة في شروط اللجنة الرباعية. واستمرت الحوارات لأكثر من أربعة جولات حتى تموز 2009.

المحطة الخامسة: “الورقة المصرية المتكاملة”. عرضت الورقة المصرية في الخامس عشر من أكتوبر لعام 2009 تفصيلات لم تكن قد تضمنتها أي من اتفاقات الحوار السابقة، بما جعلها تعتبر خطوةً متقدمة عن الاتفاقات السابقة لما شملته من تفصيلات حول إجراءات تنفيذ المبادئ العامة التي تم التوافق حولها، وتعالج معظم القضايا الخلافية بين الحركتين، وذلك في ست مواد رئيسية، مطالبة حماس وفتح بتوقيعها كما هي ودون أي تعديل. تناولت مادتها الأولى تفعيل وتطوير المنظمة. والثانية إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، بحيث تكون متزامنة وتُجرى انتخابات المجلس الوطني على أساس التمثيل النسبي الكامل في الوطن والخارج حيثما أمكن، بينما تُجرَى الانتخابات التشريعية على أساس النظام المختلط بنسبة 75% للقوائم و25% للدوائر. وتحدثت المادة الثالثة عن الأمن من خلال مجموعة من المبادئ العامة لتكون الأجهزة الأمنية مهنية غير فصائلية، وتحديد مهام واختصاصات هذه الأجهزة. أما المادة الرابعة فتعالج موضوع المصالحة الوطنية من حيث الأهداف وآليات تحقيقها. فيما تناولت المادة الخامسة تشكيل لجنة مشتركة لتنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني، وتوحيد مؤسسات السلطة في الضفة والقطاع. وأكدت المادة السادسة تحريم الاعتقال على خلفية الانتماء السياسي، وتضمنت آليات لحل موضوع المعتقلين لدى الجانبين. ووقعت حركة فتح على الورقة كما هي، ورفضت حركة حماس التوقيع عليها.

المحطة السادسة: شهدت العاصمة السورية دمشق جولات للحوار والمصالحة للاتفاق على القضايا الخلافية التي طرأت بين الجانبين التي وردت بالورقة المصرية، واستمرت هذه الحوارات حتى ديسمبر 2010، واتفق خلالها على تشكيل لجنة الانتخابات ومحكمة الانتخابات بالتوافق، وتشكيل إطار قيادي مؤقت لحين إعادة بناء منظمة التحرير، بينما بقي موضوع الأجهزة الأمنية واللجنة المكلفة بإعادة هيكلتها عالقًا دون التوصل إلى اتفاق بشان القضايا الخلافية.

المحطة السابعة: “اتفاق القاهرة 4 مايو 2011”. وقع الطرفان حماس وفتح على الورقة المصرية، لكن بقي الخلاف الرئيسي على البرنامج السياسي لحكومة الوحدة، إلا أن الأمر بقي مجمدًا دون أي تحريك لتنفيذ ما ورد بالورقة المصرية (اتفاق القاهرة) نتيجة عدم سماح حركة حماس بتنفيذ الاتفاق، بل وضع العقبات في وجه الاتفاق. وشكّل توجّه السلطة لطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر لعام 2011، وإنجاز حركة حماس صفقة تبادل الأسرى، أجواء إيجابية لاستئناف الحوار، فعُقد لقاء في القاهرة في الثالث والعشرين من نوفمبر ضم الرئيس “أبو مازن” و”خالد مشعل” رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أعلن خلاله الطرفان عن العمل كشركاء، كما اتفقت الحركتان خلال اجتماع لاحق في القاهرة على تشكيل لجنة الانتخابات المركزية، واجتمعت لجنتان إحداهما في الضفة الغربية والثانية في قطاع غزة في فبراير من عام 2012 لمعالجة قضايا الحريات العامة وبناء الثقة، وتفعيل المجلس التشريعي، لكن الخلاف حول برنامج الحكومة بقي معطلًا للمصالحة.

المحطة الثامنة: “اتفاق الدوحة 6 فبراير 2012”. دعا أمير قطر لعقد لقاء جمع الرئيس “أبو مازن” و”خالد مشعل” في الدوحة، أسفر عنه توقيع اتفاقٍ نصَّ على تشكيلة حكومة توافق وطني يرأسها الرئيس “أبو مازن” كمخرج من أزمة التوافق حول البرنامج السياسي، إلا أن تلك الحكومة لم تر النور أيضًا.

المحطة التاسعة: “اتفاق القاهرة 2012”. عُقد يوم 20-5-2012 برعاية مصرية لقاء بين حركتي فتح وحماس شارك فيه عن حركة فتح كل من “عزام الأحمد” و”صخر بسيسو”، وعن حركة حماس كل من “موسى أبو مرزوق” و” محمد نصر”، وقد اتفق المشاركون في اللقاء على ما يلي:

أ- تبدأ لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة اعتبارًا من يوم 27 مايو 2012.

ب- يلتقي وفدا حركتي فتح وحماس لبدء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة المتفق عليها يوم 27 مايو 2012 فور بدء لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة.

ج- تختتم مشاورات تشكيل الحكومة بين الوفدين بلقاء يعقد بين الرئيس محمود عباس “أبو مازن” ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس “خالد مشعل” بالقاهرة خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام للإعلان عن الحكومة الجديدة.

د- تستأنف لجنة الانتخابات المكلفة بإعداد قانون انتخابات المجلس الوطني عملها اعتبارًا من 27 مايو 2012 حتى تتمكن من إنجاز أعمالها وبما يهيئ لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني بالتزامن.

هـ- يتم تحديد موعد إجراء الانتخابات بالتوافق بين كافة الفصائل والقوى الفلسطينية في ضوء إنجاز عمل لجنة الانتخابات المركزية.

و- تُحدَّد مدة عمل الحكومة التي سيتم تشكيلها بفترة لا تزيد على 6 أشهر لتنفيذ المهام المتفق عليها بما في ذلك (إجراء الانتخابات – البدء في إعادة إعمار غزة) مع ربط مدة هذه الحكومة بالموعد الذي سيتم التوافق عليه لإجراء الانتخابات.

ز- في حال عدم إجراء الانتخابات في الموعد المتوافق عليه نتيجة أي سبب خارج عن إرادة الأطراف، يلتقي الطرفان لبحث إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة شخصية مستقلة يتم التوافق عليها.

ح- التأكيد على أهمية تنفيذ ما ورد في اتفاقية الوفاق الوطني بشأن تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات، وذلك من خلال سرعة العمل على تطبيق توصيات لجنتي الحريات العامة في الضفة والقطاع، وعلى حكومة التوافق الوطني إنجاز ملف الحريات العامة كاملًا في أسرع وقت ممكن قبل إجراء الانتخابات وفق القانون.

ط- يُعد ما ورد في هذا الاتفاق رزمة واحدة، وتُعد التوقيعات الواردة به مُلزِمة للطرفين، وستقوم مصر من جانبها بالمراقبة والإشراف على تنفيذ كل طرف لالتزاماته بما في ذلك قضايا الحريات العامة.

إلا أن حركة حماس قامت بمنع لجنة الانتخابات المركزية من القيام بعملها في غزة في 2 يوليو 2012.

المحطة العاشرة: “اتفاق الشاطئ 23 أبريل 2014”. وقد قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في نهاية شهر مارس من عام 2014 تشكيل وفد للقاء “إسماعيل هنية”، وسمحت مصر لـ”موسى أبو مرزوق” -مسئول ملف المصالحة في حركة حماس- بالدخول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح للمشاركة في جلسات المصالحة، رغم تراجع العلاقات بينها وبين الحركة. وتم الإعلان عن اتفاق الشاطئ وبدء تنفيذ المصالحة، وسط ترحيب شعبي وفصائلي كبيرين، وأهم ما اتفق عليه في اتفاق الشاطئ ما يلي:

•التأكيد على ما جاء في اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.

•بدء الرئيس مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني والإعلان عنها خلال خمسة أسابيع.

•التأكيد على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني على أن يتم إجراؤها بعد ستة شهور على الأقل من تشكيل الحكومة.

•الاتفاق على عقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير في غضون خمسة أسابيع، مع التأكيد على دورية وتواصل اجتماعاتها بعد ذلك.

•استئناف عمل لجنة المصالحة المجتمعية، ودعوة لجنة الحريات العامة في الضفة والقطاع لاستئناف عملها وتنفيذ قراراتها.

•تفعيل المجلس التشريعي للقيام بمهامه.

وتم الإعلان عن حكومة التوافق الوطني في الثاني من يونيو، والتأكيد على إنهاء الانقسام واستعادة وحدة الوطن؛ إلا أن حركة حماس لم تُمكّن حكومة الوفاق من القيام بمهامها في قطاع غزة.

المحطة الحادية عشرة: لقاءات الدوحة 7 و8 فبراير و16 يونيو 2016 والتي جاءت بدعوة من قطر لوفد حركة فتح للالتقاء بوفد حركة حماس للاتفاق على تنفيذ التفاهمات والاتفاقيات السابقة، خاصة اتفاق القاهرة والدوحة والشاطئ؛ إلا أن هذه اللقاءات انتهت حيث تم الاتفاق على إطار عام لتنفيذ الاتفاقات، إلا أن التصريحات المتتالية التي خرجت من قيادة حماس عملت على توتير الأجواء وطرح قضايا خلافية لإفشال تلك الجهود، ولم تقدم حماس إجابات لما تم طرحه من قضايا.

المحطة الثانية عشرة: اجتماعات بيروت في 10 يناير 2017 والتي جاءت بدعوة من رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون وبمشاركة كافة الفصائل التي وقعت على اتفاق القاهرة 2011 للاتفاق على البدء بالتحضير لإجراء الانتخابات سواء التشريعية والمجلس الوطني.

المحطة الثالثة عشرة: اتفاق القاهرة 12 أكتوبر 2017 بين فتح وحماس وموافقة الفصائل الفلسطينية عليه في 21 نوفمبر لبحث آليات تطبيق الاتفاق الموقع بين فتح وحماس والذي جاء بحلول متكاملة لكافة القضايا ووفق جدول زمني وضعته مصر، ولكن أُفشل الاتفاق بعدما رفضت حماس تسليم المؤسسات للحكومة الفلسطينية.

المحطة الرابعة عشرة: اتفاق إسطنبول في 24 سبتمبر 2020 بين حركتي فتح وحماس حول إجراء الانتخابات، والاتفاق على رؤية مشتركة تتمثل بضرورة إجراء الانتخابات على التوالي ووفق نظام التمثيل النسبي الكامل؛ إلا أن حماس عادت وتراجعت عن الاتفاق أثناء اللقاء الذي جرى بالقاهرة. ولكن لقاء إسطنبول لم يبحث في القضايا الخلافية بين الطرفين لضمان معالجتها والتوصل إلى تفاهمات بشأنها قبل الوصول إلى الانتخابات العامة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة؛ وإنما اكتفى الوفدان بالإعلان عن التوافق على إجراء الانتخابات وكأنهما أرادا إحالة القضايا والملفات الشائكة إلى ما بعد الانتخابات، وهذه الإحالة قد تتسبب في نسف عملية المصالحة برمتها في غياب الجهة الضامنة والقادرة على إلزام الطرفين.

مطالب الحركتين ومدى مشروعيتها

مطالب حركة حماس

•تركزت مطالب حركة حماس في كافة محطات الحوار بمجموعة من البنود والتي اعتبرتها قضايا يجب أن تتحقق لأجل تحقيق المصالحة.

•برنامج الحكومة: طرح هذا الأمر في كافة المناسبات، وما زالت حركة حماس حتى اليوم تضعه نقطة خلافية لا تؤدي إلى تحقيق المصالحة، حيث إنها تطلب بأن يكون برنامج الحكومة هو برنامج مقاومة وليس برنامج الرئيس أو منظمة التحرير (علمًا بأن هذا الأمر مغاير للحقيقة، لأن وصول حماس للسلطة جاء عبر اتفاقية أوسلو).

•برنامج منظمة التحرير وتطويرها: تشترط للدخول للمنظمة أن يتم تفعيل أطرها وإلغاء برنامجها وميثاقها.

•عدم الاعتراف بالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير وبالمنظمة أساسًا.

•الموظفون يجب أن يتم استيعابهم كشرط للتوقيع على الاتفاق دون أية مراجعات قانونية أو إدارية.

•انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

•المحاصصة في كافة المؤسسات المدنية والعسكرية والمعابر.

•التمثيل الخارجي ووجوب وجود حركة حماس على رأس هذا التمثيل.

•وقف التنسيق الأمني وفك الارتباط معه، والتخلص من الضغوط الأمريكية.

•المحاصصة في مصادر الدخل (الاقتصاد).

مطالب حركة فتح

•طالبت حركة فتح في البداية بأن تقدم حماس اعتذارًا للشعب الفلسطيني عما أقدمت عليه من انقلاب.

•إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانقلاب قبل 14 يونيو 2007.

•الالتزام بالقانون الأساسي الفلسطيني.

•الاعتراف بالمنظمة وبالاتفاقيات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية.

•الشراكة السياسية وقبول الآخر.

•تنفيذ الاتفاقيات التي وُقِّعت وآخرها اتفاق أكتوبر 2017 بالقاهرة.

•إعلاء المصلحة الوطنية وتقديمها على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.

•الاحتكام للقانون الأساسي وحرمة الدم الفلسطيني.

•إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

•تمكين الحكومة الشرعية من القيام بمهامها في شِقَّيِ الوطن.

•عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأخرى.

•وقف أي ارتباطات أو أجندات خارجية تعوق تحقيق المصالحة.

•السماح بالحريات العامة وعدم الاعتقال السياسي.

•تشكيل حكومة وحدة وطنية.

•وقف المخططات الاستهدافية والاتصال مع الاحتلال (مشروع إمارة غزة والميناء).

ثانيًا- استحقاقات المصالحة

على مدى أكثر من 13 سنة اصطدمت اتفاقات المصالحة الفلسطينية الموقّعة بين حركتي فتح وحماس بملفات لم تستطع الحركتان تسويتها وتطبيقها على الأرض، وذلك على الرغم مما تضمنته من آليات لتمكين الحكومة الفلسطينية من ممارسة مهامها، والعمل على معالجة هذه الملفات، وإزالة آثار الانقسام وتداعياته.

لقد أعاقت ملفات الأمن والمعابر والموظفين وتوحيد المؤسسات والبرنامج السياسي للحكومة وإعادة بناء منظمة التحرير مسار المصالحة الفلسطينية، وظلّت شائكةً ومُعلقة، واستمر الانقسام على حاله، وذلك كما يلي:

أ- الملف الأمني هو الملف الأخطر والأهم في أية مصالحة، لأنه طالما بقيت حماس مسيطرة على الأمن فلا فائدة من أية اتفاقات، واتفاق القاهرة والدوحة والشاطئ والقاهرة 2017 خير شاهد على ذلك، فقد مُنع الوزراء من الذهاب إلى وزاراتهم بغزة بل حوصروا في فندق الإقامة وطردوا بقوة السلاح، لذلك فالملف الأمني هو الأهم لأنه بمجرد إنهاء هذا الملف تأتي الملفات الباقية تباعًا، ومن يضمن عدم الانقلاب مرة أخرى.

ب- هل ستسلم حماس خارطة مدينة الأنفاق التي أُنشئت أسفل المدن بغزة وداخلها، لأن هذا الأمر يتعلق بسلامة الشخصيات والمواطنين، وخاصة السيد الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء.

جـ- وحدانية السلاح والقوات، هل ستكون هناك قوات أمنية فقط تابعة للسلطة تأتمر بأوامر الرئيس ووزير الداخلية أم الأوامر ستكون لأمراء المساجد؟ بالإضافة إلى أن السلاح هل سيكون هناك أكثر من سلاح أم سنجد الاغتيالات وعمليات الخطف والقتل والفوضى الأمنية؟.

د- إعادة الأراضي الحكومية التي تم التصرف فيها من قبل حماس لصالح أفرادها.

ه- إجراء الانتخابات التي هي حق دستوري للمواطنين.

ثالثًا- الظروف والمؤثرات الإقليمية والدولية

لعبت العديد من العوامل الإقليمية والدولية دورًا واضحًا في تغذية الانقسام الفلسطيني وإطالة أمده، بما انعكس سلبًا على مستقبل القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فالمصالحة هي الخيار الوحيد للفلسطينيين لإعادة القضية إلى مسارها الصحيح.

ومن أهم المؤثرات التي أثرت على المصالحة التجاذبات والتدخلات الإقليمية من بعض الدول التي تسعى للعب دور أساسي في الملف الفلسطيني بهدف تحقيق مكاسب خاصة، أو استخدامه كورقة للمناورة السياسية، أو أن تكون بديلًا للدولة الراعية للمصالحة والمكلفة من قبل الجامعة العربية بمتابعة ملف المصالحة، ألا وهي جمهورية مصر العربية، وهو ما دفع هذه الدول لمحاولة تعطيل وإعاقة ما يتم تحقيقه من تقدم، وتعكير الجهود المصرية وفقًا لأجنداتها الخاصة، منها بعض الدول العربية ومنها الإقليمية التي تستخدم الورقة الفلسطينية لتحقيق مكاسب خاصة، سواء لدى الأوروبيين أو المجتمع الدولي.

وهناك بعض الدول التي تسعى لاستخدم الملف الفلسطيني لدفع الأنظار بعيدًا عن تطوير برامجها المسلحة وللوصول إلى صيغ أفضل في المفاوضات، وهناك الطرف الإسرائيلي الذي لا يرغب بتحقيق الوحدة الوطنية خدمة لأجنداته الخاصة وتهربه من أية التزامات تترتب عليه، بل يعمل على استمرار حالة الانقسام. وأمام كل تلك الضغوط وقفت القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس “أبو مازن” الذي وقف موقفًا صامدًا في وجه التهديدات وعمليات الابتزاز السياسي والمالي وقال جملته المعهودة: “إنني لست بحاجة إلى موافقة أحد أو لإذن من أحد لتحقيق المصالحة مع أبناء شعبي”. وقد وقف في وجه كافة الضغوط، وذهب لتحقيق المصالحة، ولكن بالمقابل تهربت حماس من كل الاتفاقات متناسية الخطر الذي يحيط بالقضية ومستقبلها السياسي والوطني.

رابعًا- الانتخابات والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية

الانتخابات هي حق دستوري كفله القانون الأساسي للمواطنين بحيث تُجرى كل أربعة أعوام، إلا أن هذا الحق صودر من الشعب الفلسطيني على مدار 13 عامًا كاملة نتيجة الانقسام الحادث وعدم القدرة على إجراء الانتخابات أو بالأحرى تعطيلها وعدم الذهاب بالمواطنين إلى صناديق الانتخابات تحت ذرائع وحجج واباطيل واهية ابتدعت وخلقت من قبل البعض للتهرب من هذا الاستحقاق الدستوري، وكأن العملية الديمقراطية هي عود ثقاب يشعل لمرة واحدة جرت وانتهت ولا يمكن تكرارها لتخوفات حزبية من الفشل أو فقدان السيطرة والامتيازات وعدم إعادة الانتخاب بنفس القدر الذي حُقق في آخر انتخابات جرت عام 2006.

وأمام هذه التحديات التي بقيت متصلبة وجامدة ومعها تجمدت كل آفاق عملية المصالحة رغم الجهود التي بُذلت واللقاءات التي جرت والاتفاقات التي وقعت، إلا أن الأمر بقي يراوح مكانه دون تغير يذكر، ولكن جاءت حالة للتحرك في محاولة للخروج من الأزمة القائمة والمستمرة منذ 13 عام، وتحريك ملف المصالحة بالاتجاه نحو تحريك أحد ملفاتها والمتمثل بضرورة إجراء الانتخابات لتجديد الشرعيات، والذي يختاره الشعب الفلسطيني يتولى زمام الأمور، وحدثت عدة جولات للوصول إلى هذا الاتفاق الذي جسد بتوقيع وإعلان بالقنصلية الفلسطينية بإسطنبول بين الأخ جبريل الرجوب وصالح العاروري، وتم التوافق من خلال هذا الإعلان على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بشكل متتالٍ خلال ستة أشهر وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، أي إن الوطن دائرة انتخابية واحدة، وتم الإعلان والتفاؤل، وأعقب ذلك لقاءات جرت بالدوحة والقاهرة؛ إلا أن حماس تراجعت وطالبت بإجراء الانتخابات بالتزامن، وعادت إلى المربع الأول ومن ثم عادت لترسل رسالة للرئيس أبو مازن بموافقتها على إجراء الانتخابات بالتتالي، الأمر الذي لقي ترحيبًا من قبل الرئيس وحركة فتح، لأن فتح والرئيس “أبو مازن” يريدان إجراء الانتخابات والبدء بخطوات فعلية لتحقيق المصالحة.

أدركت حركتا فتح وحماس ضرورة اللجوء إلى خيار الانتخابات كآلية للخروج من المأزق، ومغادرة مرحلة الانقسام، وتشييد مرحلة جديدة تقوم على أسس الشراكة الوطنية، فهذه العملية ينبغي أن تحتكم إلى برنامج نضالي لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، كما قرر اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في رام الله وبيروت أن يبدأ بمواجهة “صفقة القرن” وخطة الضم والتهويد الإسرائيلية على قاعدة المقاومة الشعبية الشاملة مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس المحتلة وقطاع غزة.

ولا شك أن هذه المرحلة الجديدة لها معطياتها ومتطلباتها ولها محاذيرها أيضًا، الأمر الذي يستدعي استثمار الجهد الراهن وتكثيفه للقفز على احتمالات الفشل وتوقيف إجراء العملية الانتخابية وذلك من خلال تهيئة المناخات عبر إيجاد البديل الملائم والمتاح لضمان مشاركة المقدسيين في الانتخابات في حال أقدمت إسرائيل على منعهم من المشاركة فيها، وأن تتوفر الضمانة الأكيدة للاستمرار في العملية الانتخابية بمراحلها الثلاث والقبول بنتائجها.

ويتطرق الجزء التالي هنا لرصد كافة المتغيرات على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي التي أدت إلى تطور هذا الموقف :

المتغيرات والتطورات الداخلية

شهدت الساحة الفلسطينية العديد من المتغيرات والتطورات الداخلية التي يمكن إجمالها فيما يلي:

•المصالحة خيار استراتيجي وضرورة تحقيقها مكسب للكل الفلسطيني وسحب الذرائع من الاحتلال وغيره لعدم الالتزام بما تم الاتفاق عليه.

•تعهد الرئيس “أبو مازن” بإجراء الانتخابات في كافة المحافل والمنابر الدولية.

•قطع الطريق على الضغوط الخارجية المتعلقة بالتجديد، وخاصة محاولات طرح البديل كشخصيات تُفرض من الخارج لقيادة الشعب الفلسطيني.

•تجديد الشرعيات الفلسطينية والمتوقفة منذ عام 2010.

•الأزمة الصحية الناتجة عن وباء كورونا وعدم القدرة على السيطرة عليها.

•حالة الفقر والبطالة وارتفاع معدلاتها مع شبه انهيار للأوضاع الاقتصادية.

•عدم الثقة الشعبية بمكونات الحكم القائم والتذمر من الإجراءات التي تتخذ.

•صعوبة إدارة شِقَّي الوطن في حالة الانفصال مع وجود حكومة فلسطينية بالضفة ولجنة إدارية بقطاع غزة.

•الانتخابات الداخلية للمكتب السياسي لحركة حماس.

•الأزمة المالية المتلاحقة التي يعاني منها كلا الطرفين.

•محاولة خلق شراكة في إدارة الحياة للمواطنين (شراكة سياسية وإدارية).

•إجهاض المشروع الهادف لإبقاء حالة الانقسام.

•توقيف فكرة ومشاريع دويلة أو إمارة غزة والاستفراد بكل منطقة على حدة.

• محاولة مواجهة مخططات الضم والاستيطان وتهويد مدينة القدس.

•تحصين الموقف الفلسطيني، خاصة في ظل التطورات في المنطقة والعالم.

•التحضير لأي تحرك سياسي قادم برؤية فلسطينية موحدة، ومواجهة الضغوط التي تمارس لتجديد الشرعيات عبر الانتخابات.

•ضرورة وجود مؤسسة تشريعية واحدة بعد حل المجلس التشريعي بحكم من المحكمة الدستورية.

•تصحيح المسار بإعادة الوحدة الوطنية وتوجيه الطاقات لمواجهة الاحتلال.

•التخوف من حالة العزلة وتوقف الدعم والوصم بالإرهاب.

التطورات على الصعيد الإقليمي والدولي

•قرارات بعض الدول العربية بالتطبيع مع إسرائيل.

•التراجع في المواقف العربية الداعمة ماليًا وسياسيًا.

•الإشكالات العربية العربية، وتراجع مكانة القضية الفلسطينية.

•الدعوات العربية والإقليمية لتوحيد الصف الفلسطيني لإيجاد موقف عربي أو إقليمي أو دولي داعم.

•رهن بعض الدول -وخاصة الأوروبية منها- الدعم بتجديد الشرعيات وعقد الانتخابات.

•قرارات صدرت عبر رسائل بضرورة إجراء الانتخابات، وخاصة لجنة ميونخ المشكلة من إلمانيا وفرنسا ومصر والسعودية.

•الموقف المصري الضاغط بضرورة تحقيق المصالحة حماية للموقف الفلسطيني وقضيته أمام العالم.

•موقف جامعة الدول العربية الداعم لتحقيق المصالحة وضرورة إجراء الانتخابات.

•موقف دول الاتحاد الأوروبي بضرورة إجراء الانتخابات وتجديد الشرعيات لضمان استمرار الدعم المادي والسياسي للقضية.

•المصالحة الخليجية بين الدول العربية ومحاولة إنهاء دور المحاور والتدخلات والمناكفات التي تؤثر سلبًا على القضية من بعض الدول.

•وجود مواقف ورؤى مشتركة لدى مصر والأردن تجاه القضية، والعمل على إعادتها إلى سياقها الطبيعي لتكون أولى القضايا في المنطقة.

•استثمار المواقف المصرية والأردنية في دعم القضية الفلسطينية مع الشركاء من دول العالم، وخاصة أوروبا وروسيا والصين، مع التغيرات القادمة في الإدارة الأمريكية.

•انتهاء ولاية الرئيس ترامب والتي كانت منحازة انحيازًا كاملًا لإسرائيل، ووجود إدارة ديمقراطية جديدة ستستلم مهامها في 20 يناير 2021.

•الموقف الدولي في الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني.

•شبه قبول المجتمع الدولي بفكرة عقد مؤتمر دولي للسلام بإشراف الأمم المتحدة.

•محاولات إعادة إحياء دور الرباعية الدولية مع إضافة مجموعة من الدول العربية بجانبها.

ومع تلك المتغيرات المتلاحقة كانت عملية الموافقة والتي حسبت من قبل كل طرف والتي أفضت في النهاية إلى الإعلان والرسالة التي وجهت من قبل “إسماعيل هنية” للرئيس “أبو مازن” ورد الرئيس بالإيجاب عليها، ولكن تبقى هناك سيناريوهات متعلقة بمدى نجاح الأمر من عدمه أو معرفة إن كان الأمر مجرد مناورة.

وفي هذا السياق، يمكن القول إن المصالحة الفلسطينية تقف أمام ثلاثة سيناريوهات محتملة يمكن إجمالها – استنادا إلى تحليل دكتور عزام شعث المنشور في ٨ أكتوبر ٢٠٢٠ بموقع مسارات،  فيما يلي:

السيناريو الأول: المواصلة من قبل حركتي فتح وحماس في مسار المصالحة الوطنية، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة والحزبية الضيقة، وأنْ يصدر الرئيس الفلسطيني مرسومًا بمواعيد الانتخابات، وتلتزم الحركتان بتهيئة المناخات الإيجابية لتنظيمها واحترام نتائجها وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى الإشراف على تطبيق بنود اتفاقات المصالحة، ومعالجة آثار الانقسام من خلال توحيد مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني على أسس الشراكة الوطنية الجامعة.

السيناريو الثاني: استمرار الوضع القائم كما هو عليه الآن مع بعض التغيرات، وضمن هذا السيناريو يمكن أنْ ينجح الطرفان بمشاركة أطراف فلسطينية أخرى بإيجاد نوع من التعايش في ظل الانقسام وإدارته وليس حله ومعالجة تداعياته، وذلك بالاتفاق على تأجيل العملية الانتخابية، وتشكيل لجنة تتولى مهمة التنسيق بين الحكومة في رام الله واللجنة الإدارية بغزة في أمور الحياة اليومية، مع تسوية بعض قضايا الخلاف بين الحركتين كوقف المناكفات الإعلامية والاعتقال السياسي، ووقف انتهاك الحقوق والحريات العامة والفردية.

السيناريو الثالث: الفشل في التوصل إلى تفاهمات تسبق العملية الانتخابية مما يهددها ويفشل عملية المصالحة مثلما حدث في كل اللقاءات السابقة والاتفاقات التي وُقعت بينهما على مدى أكثر 13 سنة. هذا السيناريو سوف يتأسس استنادًا إلى أسبابٍ عدة، أهمها: إنْ تمسك كل طرف برؤيته دون أن يتنازل من أجل المصلحة الوطنية أو أدرك أحد طرف أن نتائج الانتخابات ليست في صالحه وأنه لن يحقق من ورائها موقعًا متقدمًا في السيطرة على النظام السياسي الفلسطيني.

وفي النهاية، لا شك أن الانتخابات قد تشكل خطوة أولى ورئيسية في اتجاه إنهاء هذا الفصل الأسود من تاريخ الشعب الفلسطيني، ولكن السؤال الحقيقي الذي ستجيب عنه الأسابيع القليلة المقبلة هو: هل كل التحركات الحالية حقيقة ستكون لها نتائجها الإيجابية أم إن كل ذلك مجرد مناورة لكسب الوقت؟.

*د. جهاد الحرازين – أستاذ النظم القانونية والعلوم السياسية بمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى