أقلام وأراء

محمد ياغي يكتب – التخلي عن مقعد فلسطين لإسرائيل في جامعة الدول العربية

محمد ياغي – 11/9/2020

يقال إن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات هدد بالانسحاب من جامعة الدول العربية إذا تبنت الأخيرة موقفاً داعماً لتطبيع علاقات الدول العربية الراغبة بذلك مع إسرائيل، لكنه تراجع عن تهديده بعد أن قرر العرب وقف اتخاذ قرار داعم صراحة لهذه الدول.

في التسريبات أيضاً، يقال بأن دولتين عربيتين رفضتا قرار دعم التطبيع هما دولتا الصومال واليمن ممثلة برئيسها عبد ربه منصور هادي. أما لبنان والعراق والجزائر وتونس فقد قررت الوقوف على الحياد.

سأفترض ومن معرفتنا بمواقف هذه الدول «المحايدة» بأنها في «قلبها» ضد التطبيع ولكنها كانت تفضل «الحياد» حتى لا تسوء علاقاتها بالدول التي ترغب بدعم «التطبيع».

بهذا الافتراض كان هنالك ست دول عربية ضد التطبيع وخمس عشرة دولة معه.

إذا كانت غالبية الدول العربية مع التطبيع فإن من الأفضل لفلسطين أن تنسحب من جامعة الدول العربية وأن تتخلى عن مقعدها لحساب إسرائيل.

بالانسحاب من هذه الجامعة وتركها لإسرائيل للانضمام لها، لا تعود هنالك ضبابية في حقيقة أين يقف «العرب الرسميون» من مسألة فلسطين. كل شيء سيصبح أكثر وضوحاً.

العلاقات بين «العرب الرسميين» وإسرائيل ترسخت في ظل الحراك الشعبي العربي الذي بدأ العام ٢٠١١.

عندما رفضت أميركا أن تدعم أنظمة مبارك وبن علي في مصر وتونس، وعندما طلبت أميركا في ظل إدارة أوباما من الجيش المصري ألا يتدخل لقمع الثورة المصرية، أدرك «العرب الرسميون» أن عالمهم يتغير، ينهار أمامهم، وأن ملاذهم الوحيد هو إسرائيل التي لا تريد لهذا العالم العربي أن يتغير لأنها بذلك ستكون في مواجهة مباشرة مع شعوب المنطقة.

في هذه اللحظة بالضبط حدث التحالف الاستراتيجي بين «العرب الرسميين» وبين إسرائيل.

كل شيء يباع لحساب بقاء «النظام العربي الرسمي» في موقعه، والفلسطينيون ليسوا أهم من شعوب المنطقة، وبالتالي تم «بيع القضية الفلسطينية» مقابل الحصول على الدعم الإسرائيلي.

ما الذي يشمله الدعم الإسرائيلي للنظام «العربي الرسمي»؟

أولاً، إسرائيل توفر الشرعية الدولية لهذا النظام وتتوسط له في أميركا والغرب عموما. الأبواب المغلقة بسبب غياب الديمقراطية وحقوق الإنسان والفساد تفتحها لهم إسرائيل لأن الأخيرة لا يُرد لها طلب في العواصم الغربية والكل يعمل على إرضائها وتدليلها، وهي ظاهرة تستحق الدراسة المكثفة لأنه لا يوجد لهذه الظاهرة مثيل في التاريخ.

ثانياً، التحالف مع إسرائيل يوفر لهذا النظام معلومات استخبارية وتقنيات تجسس على خصومها يصعب الحصول عليها من الأسواق الغربية بسبب القوانين المعمول بها في هذه الدول والتي لا تسمح بالتنصت على الناس بشكل عام وإنما فقط على أشخاص محددين وبقرار قضائي.

ثالثاً، التحالف مع إسرائيل مفيد للنظام العربي الرسمي في مواجهة ايران. العرب الرسميون يريدون رسم خرائط جديدة للصراع في المنطقة بين «العرب وإسرائيل» من جهة وإيران من جهة أخرى، وبين «العرب وإسرائيل» من جهة وتركيا من جهة أخرى.

فلسطين وفق الرؤية الجديدة للصراع في المنطقة مانع لهذا التحالف العلني، وبالتالي يجب إزالتها من جدول أزمات المنطقة أو إعادتها للصفوف الخلفية لازمات المنطقة حتى يمكن للتحالف العربي الإسرائيلي أن يولد دون معيقات.

إسرائيل في كل ذلك ركن أساسي في مشروع «النظام العربي الرسمي» للحفاظ على نفسه ولضخ الحياة فيه بعد أن سقط أو كاد يسقط في العام ٢٠١١.

بكلمات أخرى، إذا كانت المفاضلة بين تحالفات جديدة يساعد النظام «العربي الرسمي» للحفاظ على نفسه، وبين دعم حقوق الشعب الفلسطيني، فإن الأفضلية هي لحفاظ النظام الرسمي على نفسه وليس لفلسطين وأهلها.

لا تشكل هذه المقولة اكتشافاً، وإنما إقراراً بواقع جديد. بعالم عربي جديد.

الفلسطينيون لا يمكنهم، وبفعل احتلال إسرائيل لأرضهم وتهجيرها لهم، أن يكونوا جزءاً من هذا النظام الجديد. هذا نظام يُبنى على حساب قضيتهم ومصالحهم ومشروعهم الوطني. وبالتالي فهم مطالبون بأن يتخذوا موقفاً.

أنصاف الحلول بإمساك العصا من المنتصف لن تفيدهم.

يوم الأربعاء الماضي فهم الفلسطينيون أنه لا يمكن وقف مسار التطبيع من خلال الجامعة العربية.

يوم الأربعاء الماضي فهم الفلسطينيون أنه لا يمكن منع التحالفات الجديدة في المنطقة من خلال الجامعة العربية.

يوم الأربعاء الماضي فهم الفلسطينيون أن الجامعة العربية لم تعد مكاناً داعماً لقضيتهم.

ما الداعي اذاً من الاستمرار في الوجود فيها؟

لماذا لا يتم مغادرتها لعل العرب يقررون دعوة إسرائيل للانضمام إليها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى