أقلام وأراء

محمد قاروط ابو رحمه كيف تتعامل فتح مع قربتها المثقوبة ..!

بقلم محمد قاروط أبو رحمه 19-8-2021

تستخدم مثل  القربة المثقوبة، للدلالة على عدم فائدة النفخ، او وضع الماء في قربة مثقوبة لأنها لن تمتلئ وسيبقى التسرب مستمرا إن كان ما تريد ملئ القربة به سواء ماء أم هواء، وهو مثل دال على وقف العمل لأنه بلا فائدة.

عرفت الموسوعة الحرة القربة على أنها القِرْبَة (الجمع: قِرَب، قِرْبَات) هي وعاء أو كيس من جلد الماعز او البقر لاحتواء السوائل وتستخدم عادةً لحفظ الماء وتبريده في القرى النائية التي لا توجد فيها كهرباء.

في تجربة حركة فتح المعقدة ذاتيا وموضوعيا، كانت دائما قربتها مثقوبة وعلى الرغم من ذلك بقيت الحركة محافظة على فكرتها مؤمنة بالنصر، تحقق انجازات، تحاول بشجاعة تخطي العقبات، وعندما تخفق في أمر ما يكون ردها شجاعا قويا مستندا للحكمة القائلة الهزيمة للشجعان يا صديقي لان الجبناء لا يخوضون المعارك أصلا، ولو اعتبرنا كل إخفاق هزيمة صغيرة فإن فتح تكون قد اجتهدت فأخطأت ولها اجر واحد وتكون شجاعة لأنها عملت وأخطأت،  وهذا تماما ما قاله د.عبد الله أبو عزة من قيادة الإخوان المسلمين الفلسطينيين، عن حركة فتح: أنها تعمل وتخطيء ولها شرف العمل، أي على عكس تنظيمه في السبعينات والثمانينات.

نتعامل في حركة فتح مع قربتنا المثقوبة وفق رؤية منفتحة قائمة على قدمين الأولى كما ورد في النظام الداخلي للحركة أخي يا رفيق النضال لا تتوقف، والثانية ما رسخه الشهيد خليل الوزير لنستمر بالهجوم.

تعمل هذه الرؤية المنفتحة وفق إقرار بان قربتنا مثقوبة، وان مسؤوليتنا إصلاحها أولا، وان لم تقم الجماعة بإصلاحها فان المسؤولية الفردية لكل عضو في الحركة تلزمه بإصلاحها إن استطاع أولا وان لم يستطع عليه التنبيه لأصحاب العلاقة ثانيا، مع استمرار العمل بالنفخ في القربة او استمرار سكب الماء بها.  

وتعمل الرؤية المنفتحة أيضا على الاستفادة من الثقوب، كما هو الحال في قربة الموسيقى، فلا يمكن تصور قربة موسيقية بدون ثقوب، وهذا أيضا منهج أساسه تحويل كل تحد إلى فرصه، ووضع ما يناسب ثقب القربة لتجعل من سلبية الثقب وتسرب الماء او الهواء فرصة أخرى.

وتعمل الرؤية المنفتحة أيضا مستفيدة من قصة العجوز التالية:

 يحكى أنّه كان هناك امرأة عجوز صينية كبيرة في السن، تملك جرتين كبيرتين لنقل الماء، وكانت تضع كل جرة على طرف وتد خشبي قوي وطويل، ترفع الوتد وتضعه على عنقها فتحمل بذلك الجرتين معاً. إحدى الجرتين فيها ثقب والأخرى سليمة. العجوز تملأ الجرتين معاً من جدول الماء، وفي نهاية الدرب الطويل الممتد من جدول الماء إلى البيت تصل الجرة المثقوبة وقد فرغت من نصفها. ولشهور كاملة كانت هذه العملية مستمرة في نقل الماء، وهذه السيدة تصل إلى بيتها مع جرة مليئة وأخرى نصف فارغة. الجرة السليمة كانت فخورة بنفسها.. لكن الجرة المثقوبة المسكينة كانت تخجل من عيبها وتشعر بالتعاسة لأنّها لا يمكنها أن تنقل إلا نصف الماء كل يوم لهذه السيدة الطيبة. بعد فترة شعرت الجرة المثقوبة أنّها جرة فاشلة تماماً،

فقررت أنْ تتحدث لصاحبتها، قالت لها ( للعجوز ) : – إني خجلة من نفسي، لأنّ هذا الثقب في جانبي يسرب الماء خارجاً على طول طريق العودة إلى منزلك، وأنت تتعبين بحملي.. ولا فائدة مني.. أرجو أن تتخلصي مني وتحصلي على جرة جديدة.. ابتسمت العجوز وقالت: هل لاحظت الأزهار التي نبتت على جانب واحد من الطريق وليس على الجانب الآخر للجرة السليمة. وأضافت: كنت دائماً أعرف عيبك هذا، فقمت بنثر بذور أزهار على جانبك من الطريق، وأنت كل يوم في طريق العودة إلى البيت تقومين بسقايتها دون أن تشعري بذلك، والآن أصبح لدي أزهار جميلة. ومن دون الأزهار التي رويتها بمائك كيف يمكن لي أن أزين بيتي بالأزهار؟! ومن دونك أيتها الجرة المثقوبة ما كان لدي هذه الأزهار الجميلة.

في منهج حرب الشعب كل تثقب تعتقد انه خسارة، يجب أن نحوله إلى مكسب. نحن نعرف أن قربتنا مثقوبة وسنبقى ننفخ، ونعبئ الماء، هذا واجبنا، سنستمر به، نحاول إصلاح الثقوب، ونستمر بالنفخ وتعبئة الماء,

فتح فجرت الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقادت الشعب، وقاتلت، وبنت العمل الدبلوماسي والسياسي وعادت للوطن وتقول لا بقرار مستقل، وقربتها مثقوبة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى