أقلام وأراء

محمد عايش يكتب – المصالحة هي الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين

محمد عايش 13/10/2020

المصالحة بين حركتي حماس وفتح هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي إلى إفشال المشروع الأمريكي الإسرائيلي، المتمثل في الإطاحة بكلا الحركتين وصناعة سلطة فلسطينية جديدة، بدعم ومساعدة وتمويل من دول التطبيع العربي. وعليه فهذه المصالحة هي الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين، والخطوة التي تم اتخاذها في إسطنبول بين الحركتين، هي آخر فرصة في هذا الطريق.

معالم المشروع الأمريكي الإسرائيلي، الذي يحظى بموافقة عربية، أصبحت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، والطريقة الوحيدة التي يُمكن أن تُفشل هذا المشروع هي الوحدة الداخلية الفلسطينية، والتمسك بعد ذلك برفض «صفقة القرن» والتمسك بتمثيل الشعب الفلسطيني، عبر صناديق الاقتراع، أما إذا فشل هذا الطريق، فالمشروع الواضح أمامنا هو أن إسرائيل ودول التطبيع العربي، تريدان فرض قيادة جديدة، وغالباً سيكون على رأسها محمد دحلان، لتشكل بديلاً عن حركتي فتح وحماس معاً، ومن ثم تقوم هذه القيادة المستوردة بتنفيذ الأجندة المقررة من قبل الإسرائيليين والأمريكيين، وهي بطبيعة الحال «صفقة القرن» التي تطرحها تل أبيب منذ عام 2012، ويرفضها الفلسطينيون منذ ذلك التاريخ.

تقارير صحافية تحدثت قبل أيام عن أربع دول عربية تحاول حالياً إفشال التفاهم بين فتح وحماس، وتحاول عرقلة مسار المصالحة، وهذه المعلومات ربما تكون قد تأكدت بالفعل برفض مصر استضافة اجتماع للفصائل الفلسطينية من أجل استكمال خطوات المصالحة، وهذا يعني في نهاية المطاف أن الاسرائيليين وحلفاءهم بالمنطقة يخشون من إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني لأنه سيُعطل المشروع الذي يجري العمل عليه.

“ليس أمام فتح وحماس سوى المصالحة، فالشعب الفلسطيني يحتاجهما معاً من أجل تعزيز صموده وإعادة البوصلة الى مسارها الصحيح “.

واقع الحال أن المصالحة هي الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين، وبدونها فإن الجميع مهدد بمشروع أمريكي إسرائيلي، يهدف إلى الإطاحة به والاتيان بالبديل، ولذلك فان أحد أوجه مقاومة مشروع الاحتلال هو الوحدة الشاملة، وإنهاء الانقسام، فضلاً عن أن فكرة «المقاومة الشعبية» التي تحظى اليوم بإجماع شعبي فلسطيني، لا يُمكن تنفيذها بدون انهاء الانقسام بين الضفة وغزة وبين فتح وحماس. ضرورة المصالحة لا تنبع فقط من كونها وسيلة لمواجهة المشروع الاسرائيلي، وإنما لأن المشهد الفلسطيني قد تغير برمته خلال السنوات القليلة الماضية، وبات لا يوجد لدى حماس أو فتح ما يخسرانه، بل إن المكاسب التي كانوا يتهافتون عليها أصبحت أعباء، فضلاً عن أن السلطة برمتها لا تكاد تُذكر أمام مشروع وطني بحجم فلسطين. في مشهد اليوم أصبح الرئيس محمود عباس يعيش المرحلة والحالة نفسها التي عاشها الراحل ياسر عرفات، بعد أن رفض المعروض عليه في «كامب ديفيد» سنة 2000، عندما عاد الى رام الله، فحوصر فيها حتى استشهاده بالسم الإسرائيلي، واليوم يعيش عباس حصاراً مشابهاً بسبب رفضه «صفقة القرن» فيما تشارك الدول العربية التي لم تكتفِ هذه المرة بالمشاركة في الحصار، وإنما تقوم بمقاطعة الفلسطينيين والتحريض ضدهم والتطبيع مع الإسرائيليين والتسويق لهم.

الحصار المفروض على السلطة ورئيسها بما فيه من مصادرة الاحتلال لأموال الضرائب، هو ذاته الذي تعاني منه حركة حماس في غزة، والفروق بينهما مجرد هوامش، فقد أصبح المطلوب إسرائيلياً إسقاط الجميع، وسحق الهوية الفلسطينية تماماً، والتهام كل ما تبقى من الأرض الفلسطينية، وتحويل الفلسطينيين إلى مجرد أقلية موجودة في دولة كبيرة وتطالب بحقوق أكبر. أمام هذه المعطيات ليس أمام طرفي النزاع سوى المصالحة، فكل منهما يحتاج الآخر، والشعب الفلسطيني يحتاجهما معاً من أجل تعزيز صموده وإعادة البوصلة الى مسارها الصحيح، وهذه الفرصة تبدو الأخيرة في هذا المسار، وإلا فإن الاسرائيليين، ومن خلفهم الأمريكيون والعرب لديهم مشروع بديل يقوم على استيراد قيادة جديدة من الخارج، توافق على أي شيء يُطلب منها بما في ذلك تحويل السلطة الفلسطينية إلى «إدارة حكم ذاتي» تُعنى بجمع الضرائب وأموال المانحين وإعادة توزيعها على شكل رواتب لشعب منهك أتعبه الانقسام والاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى