أقلام وأراء

محمد عايش – النضال الفلسطيني أمام المحاكم الدولية بالغ الأهمية

محمد عايش 12/10/2021

النضال الفلسطيني على المستوى القانوني والقضائي وملاحقات الاحتلال عبر المحاكم لا يزالُ ضعيفاً ومحدوداً، على الرغم من كونه بالغ الأهمية، خاصة أن جزءاً محورياً من الصراع مع الاحتلال يتعلق بالرواية والسردية، التي يريد الإسرائيليون تزويرها في العالم، كما يريدون إخفاء وطمس أي أدلة يُمكن أن تدعم الحق الفلسطيني.

ملاحقة الاحتلال قانونياً وقضائياً في مختلف المحاكم والمحافل الدولية، يُشكل عملاً نضالياً رفيع المستوى، ويجب أن ينصب الاهتمام نحوه من قبل كل الفلسطينيين، سواءً من كان منهم منتمياً لفصيل أو حزب سياسي، أو من كان مستقلاً، حيث أن صدور أي قرار من أي محكمة أو سلطة أو منظمة دولية يُشكل إضافة مهمة للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال، ويشكل تثبيتاً للحقوق مستقبلاً حتى إن لم تلتزم أو تستجب سلطات الاحتلال لهذه القرارات، أو إذا لم تستطع المنظمات الدولية أن تفرض على الإسرائيليين الانصياع للحق الفلسطيني.

من المهم جداً أن نتذكر أن الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية، حسم في شهر شباط/ فبراير الماضي الجدل بشأن الصلاحية داخل الأراضي الفلسطينية، وبات من الممكن مقاضاة الاحتلال على جرائمه التي ارتكبها ويرتكبها داخل الضفة الغربية وشرقي القدس المحتلة، وهذا يعني أن على الفلسطينيين تجهيز ملفاتهم فوراً لمقاضاة الاحتلال، والنضال أمام المحاكم الدولية. ثمة تحرك قضائي وقانوني آخر بالغ الأهمية قام به ويقوم به رجل الأعمال والسياسي الفلسطيني المعروف منيب المصري، الذي استطاع أن يحصل على قرار من محكمة في نابلس يُدين فيه «وعد بلفور» ويُحمل فيه بريطانيا مسؤولية المأساة الفلسطينية، ومن المعروف بالضرورة أن القرار القضائي المحلي، ليس سوى مقدمة طبيعية للانتقال التدريجي بهذه القضية الى القضاء الدولي والقضاء البريطاني، وصولاً إلى نسف الأساس الذي قامت عليه دولة الاحتلال، ونزع شرعية هذا الاحتلال بشكل كامل، وهذا تحرك نضالي بالغ الأهمية. في بريطانيا أيضاً تأسست قبل شهور منظمة جديدة يقوم عليها نائب في البرلمان ومعه عدد من المحامين، وأطلقوا عليها اسم «المركز الدولي للعدالة من أجل فلسطين» أو (ICJP)، وهو مركز قانوني يريد ملاحقة الاحتلال على المستوى القضائي والقانوني بعيداً عن أي موقف سياسي.

في فرنسا أيضاً ثمة مؤسسة تحمل اسم «العدالة الواحدة» يديرها المحامي الفلسطيني الفرنسي خالد الشولي، الذي تمكن بالفعل من تسجيل عدد من الدعاوى القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية باسم مجموعة من الضحايا الفلسطينيين. هذه تحركات مهمة، وربما توجد تحركات أخرى مماثلة لا تقل أهمية، وهذه التحركات تشكل عملاً نضالياً مهماً من أجل إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وتحقيق العدالة للفلسطينيين، إذ يجب عدم الاستخفاف بها، كما أن علينا أن نتذكر جيداً بأن هذه التحركات لا تفقد أهميتها ولا زخمها، حتى إذا فشلت وخسر أصحاب الدعوى قضاياهم، فضلاً عن أنه حتى في حال تحقيق الانتصار القضائي فإن الاحتلال ربما لن يرضخ للأحكام، لكن هذا لا يعني مطلقاً أن هذه الدعاوى بلا فائدة. الملاحقات القانونية والقضائية للاحتلال تُشكل تثبيتاً للحقوق وتكريساً لها بالوثائق على امتداد الأجيال القادمة، كما أنها رسالة مهمة للاحتلال بأنه سوف يُلاحق على جرائمه في كل المحافل القانونية الدولية وأمام مختلف المحاكم، والأهم من ذلك كله أنها رسالة من الأجيال الراهنة إلى الأجيال القادمة بأن الشعب الفلسطيني لم يتنازل، ولم يستسلم، وأنه كان متمسكاً بحقوقه ولا يزال، وأن هذه الحقوق لا تُنسى ولو بعد حين.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى