أقلام وأراء

محمد خروب يكتب – هل يقَع “الطلاق”.. بين موسكو وأنقرة؟

بقلم  محمد خروب * – 19/10/2020

انهارتْ “الهدنة الإنسانية” التي تم التوصّل إليها بين ارمينيا وأذربيجان, بعد ضغوط روسية هائلة, لم تستطِع حيالها باكو ويريفان رفض رغبة الكرملين إعلان وقف للنار, كمُقدمة ضرورية لتمهيد الطريق لمُحادثات “جادة” لتسوية صراع ناغورنو كاراباخ… بل أشّرت الجولة الجديدة من القتال الى رغبة أذرية مُعلنة, بالمُضي قُدماً حتى النهاية لـ”تحرير الأراضي المحتلة”…ما يعني ضمن أمور أخرى إدارة “باكو” ظهرها للمساعي الروسية, وخصوصاً لدول مجموعة مينسك التي انتقدها الرئيس الأذري علييف, معتبراً انها “مُتعثرة في التعامل مع الصراع, وانها أخفقت في لعب دور فعّال في حل الأزمة”، داعياً في الوقت نفسه وبإصرار الى ضمّ تركيا الى هذه المجموعة, كون أنقرة قادرة على الإضطلاع بهذا الدور, مُضيفا..”نحن نرحب بذلك”. هنا يكمن سِرّ التصعيد الأخير الذي اتخذ ابعاداً ميدانية أكثر خطورة, وباتت اراضي أرمينيا كما أذربيجان اهدافاً للمدافع وغارات الطيران.

تُركيا تروم العضوية لمحاولة فرض صيغة جديدة أقرب الى صيغة “أستانا” الخاصة بالأزمة السورية, وكانت أردوغان اقترح على بوتين “الحل السوري” لأزمة كاراباخ, ما رفضه الأخير, ومضى الكرملين قُدماً في مشروعه الرامي جمع الطرفين المُتصارعين في موسكو, مُستبعِداً اي دور تركي في الإشراف على حل للصراع.

كان لافتاً نفي لافروف ان تكون تركيا “حليفاً استراتيجياً” لبلاده, وإن كانت موسكو (والقول للافروف) تربطها علاقات وثيقة بأنقرة, في ملفات عديدة بعضها استراتيجي”, كذلك رَفضْ الكرملين إدخال تعديل على الوساطة الروسية, التي باتت في مهب الريح, إذا ما واصل الطرفان تقديم منطق الحسم العسكري على منطق المُفاوضات.ما دفع موسكو الى إجراء “مناورات” مُفاجئة في بحر قزوين, لفتت انتباه المراقبين بشدة. ناهيك عن “تحرّش” اردوغان الجديد بروسيا في ما خص مسألة “القرم”.

فهل ثمة حسم عسكري لصراع كاراباخ ؟

يبدو ان موسكو لن تسمح بسقوط “كامل” الإقليم عسكرياً بيد أذربيجان, ما ستراه انتصاراً لتركيا قد تترتب عليه أكلاف خطيرة, اذا ما وعندما يجد اردوغان في ذلك فرصة لـ”توطين” الجماعات الإرهابية والمرتزقة, الذين أحضرهم للإنخراط في حرب كاراباخ الجديدة، فضلاً عمّا ستراه طهران تهديداً لحدودها الشمالية الغربية, وخصوصاً اتساع نفوذ انقرة في ما يسمى “العالم التركي” الممتد شرقاً حتى حدود الصين, في ما تسمية تركستان الشرقية (شينجيانغ الصيني) ما يثير حساسية موسكو كما طهران وبيجين.

واذ يترقب الجميع الانفجار المُتوقع في ادلب, بعد أن تجاوز التحشيد العسكري التركي كل الخطوط الحمراء, وبدء الجماعات الإرهابية (هيئة تحرير الشام), عملية تعبئة شاملة تحضيراً لـ”فيلم” كيماوي جديد لاستمالة الغرب الإمبريالي وخصوصاً واشنطن, فإن صبر موسكو يبدو في طريقه الى النفاد, ما قد يرجح تأزّماً في علاقات البلدين قد تُفضي الى”قطيعة” تسبق بالطبع اي مُواجهة عسكرية ذات طابع استراتيجي حاسم, إن في كاراباخ (بمنع السيطرة الأذرية) أم في إدلب, لإنهاء “تفويض” أنقرة الإشراف على خفض التصعيد في المحافظة, الذي تحوّل الى “احتلال مُدجّج”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى