أقلام وأراء

محمد خروب: هل تنجح واشنطن في عرقلَة المُصالحة السورية التركية؟

محمد خروب ٥-١-٢٠٢٣: هل تنجح واشنطن في عرقلَة المُصالحة السورية التركية؟

على نحو متزامن يدعو لمزيد من الريبة والشكوك أعلنت الولايات المتحدة الأميركية على لسان ناطق خارجيتها/نيد برايس، في معرض تعليق الأخير على اللقاء الذي جمع وزيري الدفاع السوري والتركي (برعاية روسِيّة) في موسكو, «معارضتها» وعدم دعمها «الدول» التي تُعزِّز علاقاتها أو تُعرِب عن دعمها لإعادة الاعتبار لبشار الأسد»، في وقت صعَّدت فيه واشنطن من تحركاتها العسكرية على الأراضي السورية في الرقّة والتنف, وتلك التي يُسيطر «حلفاؤها» في قوات سورية الديمقراطية الكُردية/ قسد بذريعة محاربة داعش، ما يؤشر من بين أمور أخرى إلى رغب? أميركية في عرقلة المساعي التركية للتقارب مع دمشق، خاصة أن قيادِيّين في قوات قسد كذلك ذراعها السياسية «مسد»، أطلقوا تصريحات ووجّهوا دعوات تطالب الولايات المتحدة بِـ«عرقلة» مسار المُصالحة بين أنقرة ودمشق، باعتبار أن المصالحة تلك «تُهدِّد» الوجود الأميركي, (وهم بذلك إنما يَتخوّفون من انسحاب أميركي بات مؤكداً, في حال تمت المصالحة السورية ــ التركية, ما يُنذِر بانهيار مشروعهم الإنفصالي الذي يَتستّر الآن تحت عنوان «الإدارة الذاتية».

وإذ تأتي المعارضة الأميركية «الحازِمة» لأي تقارب أو مُصالحة بين سوريا وأي دولة خصوصاً تركيا, (حيث شكّلت الأخيرة رأس الحربة في مؤامرة إسقاط الحكومة الشرعية في دمشق)، قبيل زيارة وزير الخارجية التركي/جاويش أوغلو لواشنطن في السابع عشر من الشهر الجاري, والذي ستكون له لقاءات مع نظيره الأميركي/ بلينكن, بهدف» إعادة» تقييم العلاقات التركية – الأميركية خلال الدورة الثانية، لـ«الآلية الاستراتيجية المُشترَكة» بين البلدين, تناول المشكلات العالقة بين الدولتين، فقد كانت لافتة حدود الإثارة التصريحات المتطابقة المحمولة على?تناقض, والتي صدرت عن ناطق الرئاسة التركية/ ابراهيم قالن، الذي قال: إن بلاده لم تخذل المُعارضة السورية إطلاقاً، وخصوصاً ما قاله رئيس الدبلوماسية التركية/جاويش أوغلو في شأن مسار «التطبيع» بين بلاده وسوريا, عندما أعلَن/أوغلو بأن «لا تطبيع مع النظام السوري يتجاوز المعارضة ويكون رغماً عنها». وهو تصريح صدر مباشرة بعد لقاء الوزير التركي مع ثلاثة من مسؤولي «المُعارَضات» السورية وهم: بدر جاموس، رئيس ما يُسمى هيئة التفاوض، وسالم المُسلط رئيس ما يُوصف الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارَضة، وعبدالرحمن مصطفى رئيس الحك?مة السورية المؤقتة التي لم يسمع بها أحد. علماً أن بدر جاموس أطلق تصريحات عنترية قبل الاجتماع (وبعدها), أعلن فيها عن «استمرار السوريين في نضالهم حتى تحقيق أهداف ثورتهم»، فيما كان أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً بما هي «والهيئة حالياً”, الجناح السوري لتنظيم القاعدة الإرهابي)، يصِف/ الحولاني.. «الانفتاح» السوري التركي بأنه «انحراف خطير يمسّ أهداف الثورة»، داعياً باقي الفصائل والتنظيمات الارهابية الأخرى المتواجدة على الأراضي السورية والواقعة تحت الاحتلال التركي, إلى «الوحدة» لمواجهة التحرّك التركي، ومُوعزاً لكوادره بتنظيم تظاهرات في مدينة إدلب وريفها كما في ريف حلب.

قد تندرِج تصريحات إبراهيم قالن/ناطق الرئاسة التركي كما وزوير الخارجية/جاويش أوغلو, في إطار متدحرج تستبطن امتصاص صدمة/نقمة التنظيمات الإرهابية التي رعتها أنقرة تمويلاً وتسليحاً وتدريباً، في انتظار اللحظة المناسبة لإعلان تخليها عنها «رسمياً». ليس فقط درءاً لردود أفعالها التي قد تُترجم ميدانياً عبر شن هجمات على الجيش التركي في الأراضي السورية وربما في الداخل التركي، بل خصوصاً لأن سوريا «لن» تسير في اتجاه التطبيع الكامل معها, إلاّ حال قامت أنقرة بتفكيك تلك التنظيمات التي تصفها دمشق بالإرهابية, كشرط رئيس لاتمام?المصالحة والتزام بنود الاتفاقات التي ستُوقع لاحقاً.

في السطر الأخير.. ستبذل الولايات المتحدة قُصارى جهودها وستمارس ما تتوفر عليه من ضغوط وإمكانات سياسية ودبلوماسية وخصوصاً عسكرية ميدانية, لافشال مسار التطبيع السوري التركي، وستُحرِّك «أدواتها» في التنظيمات المُسلحة وأولها قوات» قسد”, كما تلك التي تسير في ركابها وتحظى بدعمها السياسي والاستخباري بل والعسكري, من التنظيمات الإرهابية بما فيها «داعش”, الذي تزعم محاربته. لأن نجاح مشوار التطبيع الذي بدأ بين دمشق وأنقرة والذي سيُتوّج بلقاء «رئاسي» حال نجح لقاء مولود جاويش أوغلو وفيصل المقداد المُقرِّر منتصف الشهر الجاري, وربما/ والأرجح بعد لقاء أوغلو بنظيره الأميركي، ما يعني ان نجاح مسار التطبيع سيُعجّل بانتهاء الوجود الاميركي في سوريا, بل وايضا في العراق، على الرغم مما كانت قالته السفيرة الأميركية في بغداد/ألينا رومانوسكي بصلف: بأن بلادها لن تنسحب من العراق، ولديها إلتزام «طويل الأمد» مع هذا البلد. وذلك ردا على إعلان رئيس الحكومة العراقية/ محمد شياع السوداني أوائل تشرين الثاني 2022, أن بلاده ستفتح «حواراً مع قوات التحالف في بلاده بقيادة واشنطن لتحديد مدى الحاجة اليها».

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى