أقلام وأراء

محمد النوباني يكتب – في الذكرى ال46 ليوم الارض الصراع على الارض ليس خلافاً عقارياً بل صراع على الهوية والوجود

محمد النوباني 29/3/2021

الصراع بين الشعب الفلسطيني وحركة تحرره الوطني من جهة  واليهود الذين ضللتهم الحركة الصهيونية المرتبطة باشد الدوائر رجعية في بلدان راس المال وجلبتهم إلى فلسطين ليكونوا وقودا لها في خدمة مشروع إمبريالي صهيوني استثماري للهيمنة المنطقة من جهة أخرى ، كان ولا يزال ،منذ انشاء اول مستوطنة صهيونية في فلسطين عام 1881، مرورا بإنشاء إسرائيل في 15 ايار عام 1948 ووصولا الى احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في حرب الخامس من حزيران عام 1967، صراع وجود وليس صراع حدود.

وبهذا المعنى فإنه إذا كان صحيحاً القول بأن الصراع بين الشعب الفلسطيني والحركة الصهيونية هو في جوهره صراع على ملكية

الارض إلا انه ليس خلافاً عقارياً  البتة كما زعم صهر الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الاوسط جاريد كوشنير في إحدى المقابلات الصحفية الاخيرة  التي أجربت معه.

فالخلاف العقاري هو مصطلح تجاري ينسجم مع مشروع صفقة القرن  الذي طرحه المأفون ترامب والتي عرض فيه على الشعب الفلسطيني  التنازل وطنه للصهاينة والقبول بمشاريع التوطبن التصفوية القديمة الجديدة مقابل مبلغ ٥٠ مليار دولار يدفعها عربان الخليج المتصهينين.

واذا ابتدأنا حديثنا من زاوية الحق التاريخي فاننا لا نجد كبير عناء في اثبات تلك الحقيقة التاريخية المطلقة وهي أن فلسطين التاريخية بكاملها من البحر الى النهر هي ارض عربية تعود ملكيتها للشعب العربي الفلسطيني .

فهذا ما يعترف به اقدم مرجع تاريخي مكتوب موجود بين ايدينا وهو كتاب اليهود المقدس “التوراة” الذي يسميها بارض كنعان ( وكنعان هو احد اجداد العرب مثل قحطان وعدنان) الذي يقر ايضا بان اليهود جاؤوا اليها كغزاةوبانه لم يكن لهم فيها اية املاك على الاطلاق. ولكون الحق القانوني يتحدد على اساس الحق التاريخي وعلى ضوئه، وليس بمعزل عنه او من خارج سياقه، فأن من يقرر مستقبل الارض ويحدد هويتها ليس العابرين اليها والطارئين عليها وليس اصحاب سياسة الوعد من ارثر بلفور الى دونالد ترامب وانما اصحابها الحقيقيون احفاد الكنعانيين.

إن الرجوع الى الحقائق والمسلمات التاريخية ، لدى الحديث عن المناسبات النضالية الفلسطينية كيوم الارض مثلا، ليس ترفا فكريا كما قد يبدو للبعض بقدر ما هو ضرورة ماسة للتحرر من اوهام اوسلو وما تمخض عنه من تسوية سياسية تم فيها ومن خلالها التنازل عن ٧٨%من اراضي فلسطين التاريخية واخضاع ما تبقى لمفاوضات عبثية اضاعت ما تبقى وشرعنت الاستيطان وفتحت الابواب على مصاريعها امام صفقة القرن الترامبية التصفوية.

ان تسوية اوسلو التي اختزلت الحقوق التاريخية والقانونية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني بحكم ذاتي اداري خدماتي تحت السيطرة الاسرائيلية ادت ليس الى تسريع حركة الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية وتهويد القدس واضعاف منسوب التاييد الدولي للقضية الفلسطينية فحسب بل وايضا الى تسهيل تمرير قانون القومية( يهودية الدولة ) في اراضي العام 1948 بما يحمله في ثناياه من احياء اوهام مشاريع الطرد الجماعي للفلسطينيين ” الترانسفير” وشطب حق العودة بموجب القرار الدولي 194.

وبهذه المناسبة يجب علينا ان نعيد الى الاذهان ان من اتخذ قرار مصادرة 21 الف دونم من اراضي المواطنين الفلسطينيين في مدن سخنين ودير حنا وعرابة البطوف الجليلية وكفر كنا في 29 شباط عام 1976 وارتكب مجزرة يوم الارض التي اسفرت عن سقوط سبعة شهداء ( من ضمنهم ستة من تلك المدن والبلدات وواحد من مخيم الجلزون في الضفة الغربية ) هم نفس الثنائي الذي وقع اتفاق اوسلو من الجانب الاسرائيلي اسحق رابين الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء انذاك وشمعون بيريس الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع انذاك. ان المطلوب اليوم بمناسبة الذكرى الثالثة والاربعين ليوم الارض الخالد هو التحرر من اوهام التسويات السياسية التي تقلل من قيمة واهمية الارض في الصراع مع اسرائيل لانها كانت وما زالت وستبقى هي جوهره واساس وسبب طابعه التناحري الذي لا يحتمل الحلول الوسط ليس حقائق التاريخ والجغرافيا فقط بل ايضا طبيعة المشروع الصهيوني الذي يقوم على رفض الاخر ونفي وجوده متسلحا بوعد رباني مزعوم.

وبمناسبة ذكرى يوم الارض ال 46 الذي ياتي في هذا العام بعد إنتخابات الكنيست الإسرائيلي الاخيرة كل التحية والتقدير لاهلنا في العام 1948 ولارواح شهداء يوم الارض في الجليل والمثلث والنقب والضفة الغربية وقطاع غزة و الذين سقطوا في الثلاثين من اذار عام 1976 وقبله وبعده وهم يدافعون عن ارضهم وعرضهم ويرفضون مخططات مصادرتها وتهويدها.

والخزي والعار لمنصور عباس ولكل المتصهينين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى