أقلام وأراء

محمد النوباني يكتب – الاتفاق الاسرائيلي – الإماراتي لتسويق ترامب ونتنياهوإنتخابياً

بقلم  محمد النوباني – 16/8/2020

بداية لا بد من ألإشارة إلى حقيقة في غاية الاهمية وهي أن ما يسمى بدولة الإمارات العربية لم تكن لتجرؤ على توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل وتبادل العلاقات الدبلوماسية معها لولا أن عرباً آخرين سبقوها بتوقيع كامب ديفيد وآسلو ووادي عربة رغم كل ما جرته تلك الإتفاقات على شعوبنا العربية بشكل عام وعلى شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة من مصائب وكوارث وويلات بشكل خاص..

وبعد ذلك لا بد من إعادة التأكيد على حقيقة لا تقل عنها اهمية وهي ان حكومة الثنائي نتنياهو-جانتس الصهيونية لم تلغ قرارها القاضي بضم المستوطنات والاغوار إلى السيادة الاسرائيلية لان الإمارات الزمتها بذلك بموجب الإتفاق الثلاثي كما زعمت الاخيرة في البيان الذي أصدرته الخميس بهذا الخصوص.

فهذا كذب وإفتراء وذر للرماد في العيون الهدف منه إعطاء “كريديت وطني مزعوم لحكام الإمارات، وهذا ما أوضحه نتنياهو حينما اكد في وقت لاحق من مساء الخميس، ان ما تم هو تأجيل لقرار الضم وليس إلغاء له.

وللتعبير أكثر وضوحاً فإن من احد اهم الإتفاق الإماراتي الإسرائيلي تمرير صفقة القرن التصفوية من ناحية وتحسين فرص فوزه ترامب في استحقاق الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر القادم الإنتخابي وكذلك رفع شعبية نتنياهو التي تراجعت كثيراً بسبب سوء إدارته لأزمة كورونا والمظاهرات الشعبية غير المسبوقة المطالبة بإستقالته.وليس لها علاقة على الإطلاق بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

ولكي نضع النقاط على الحروف اكثر فإن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار بإن قرار تأجيل الضم ولا اقول إلغاء هذا القرار، له علاقة بضغوط قوية مارستها رموز صهيونية فاعلة ومؤثرة في الولايات المتحدة الامريكية مثل الصهيوني دينيس روس المبعوث الامريكي ألسابق لعملية السلام في الشرق الاوسط والصحفي الصهيوني الامريكي المخضرم توماس فريدمان ،الذي صاغ ما يسمى بمبادرة السلام العربية للملك السعودي السابق الراحل عبد الله بن عبد العزيز،على الرئيس ترامب ،مما حدا بالأخير إلى عدم إعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو لتنفيذ عملية الضم في ألموعد الذي كان مقرراً سابقاً وتأجيله إلى موعد لاحق.

فهؤلاء الصهاينة يعتقدون ان الضم المتسرع ولاعتبارات إنتخابية وسياسية ضيقة لكل من ترامب ونتنياهو من شأنه أن يشكل خطراُ وجودياُ على إسرائيل حيث سيؤدي إلى موت آوسلو وإنهيار السلطة الفلسطينية مما سيضع اسرائيل امام مخاطر حقيقية من ناحية وإلى إغراق اسرائيل بالمزيد من الفلسطينيين مما سيؤدي إلى تهديد يهوديتها وتحولها مع الزمن الى دولة ثنائية القومية من ناحية ثانية.

وأذكر بهذا الصدد ان بعض المفكرين الصهاينة لا سيما في الولايات المتحدة الامريكية رفضوا الضم ليس لانهم يؤيدون إقامة دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل وإنما لانهم يعتقدون بانه يعرض إندماج إسرائيل مع محيطها العربي للخطر وهو أمر ضروري لبقائها كما ان هناك آخرون ا.عربوا عن الخشية من ان أيديولوجيا ترامب الصهيو-مسيحية الإنجيلية وأوهام عودة المسيح المنتظر ألذي سيقود معركة “همرجديون “التي ستجري في سهل مجدو في فلسطين، وهو الأمر الذي دفعه للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية إليها قد تكون له نتائج ضارة لانه قد يؤلب العرب والمسلمين علبها،ولذلك فإنهم لم يكونوا متحمسين لما فعله.

عود على بدء فإن قرار الإمارات اليوم والذي يجيء متزامناً مع المؤامرة التي تستهدف المقاومة في لبنان ومع التصعيد الاسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة فإن له عدة اهداف منها اشعال الساحة اللبنانية وتمهيد الأجواء لعقد إتفاقيات مماثلة ببن اسرائيل وكل من البحرين وعمان والسعودية.

بقي القول ان هذا الإتفاق سوف يعمق الفرز الإستراتيجي في المنطقة بين خط المقاومة من جهة وخط التسوية من جهة أخرى مما سيجهز على المواقف الوسطية والرمادية ويعطي دفعة قوية لإجتثاث نهج التسوية من جذوره.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى