ترجمات عبرية

مباط عال: العلاقات الأميركية الإسرائيلية: اهتزاز القاعدة الصلبة

مباط عال 2023-03-22، بقلم: الداد شبيط وتشيك فرايلخ: العلاقات الأميركية الإسرائيلية: اهتزاز القاعدة الصلبة

بعد قطيعة شهرين بادر الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى إجراء مكالمة هاتفية مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. من خلال بيان البيت الأبيض حول المكالمة تبين أن الرئيس الأميركي مهتم بالأساس بالقضيتين الأساسيتين اللتين تشكلان مصدر القلق في الإدارة الأميركية في الوقت الحالي:

– الساحة الفلسطينية: شبيهاً ببيانات سابقة، عاد الرئيس الأميركي إلى طلبه من إسرائيل والسلطة الفلسطينية التعاون من أجل زيادة التنسيق الأمني وتجنب القيام بخطوات يمكن أن تخرب إمكانية الدفع قدماً بحل الدولتين.

بارك الرئيس اللقاء الذي عقد في شرم الشيخ بين شخصيات رفيعة، سياسية وأمنية، إسرائيلية وفلسطينية ومصرية وأردنية وأميركية، الذي استهدف حسب الإدارة تقليص التوتر بين الطرفين.

تضاف أقوال الرئيس إلى تصريحات كثيرة لشخصيات أميركية رفيعة في الأشهر الأخيرة، عكست تخوفات الإدارة من التطورات في الساحة الفلسطينية وإمكانية التدهور على الأرض.

سيجبر هذا الواقع الإدارة الأميركية على استثمار موارد دبلوماسية كان يجب تكريسها لساحات أخرى – المنافسة مع الصين والحرب في أوكرانيا.

تستخدم الإدارة الأميركية الضغط الشديد على إسرائيل والفلسطينيين من خلال الإدراك بأن الفترة القريبة القادمة في بداية شهر رمضان يمكن أن تؤدي إلى اشتعال، وطلب منهم، كما تم التعبير في البيان الذي نشر في نهاية اللقاء في شرم الشيخ، اتخاذ خطوات ملموسة مانعة.

– التشريع القضائي: أشار الرئيس الأميركي إلى أن “قيم الديمقراطية وقفت دائماً في أساس العلاقة بين الدولتين. وهكذا يجب أن تكون في المستقبل أيضاً”، قال.

“التغيير الجوهري في جهاز القضاء يجب تنفيذه من خلال الاستناد إلى دعم الجمهور الواسع قدر الإمكان”.

عرض الرئيس دعمه للجهود المبذولة لبلورة تسوية ترتكز على المبادئ الأساسية المتبعة في المجتمعات الديمقراطية، التي تقتضي إجراء تغييرات جوهرية فقط مع الحفاظ على الأساس الواسع جداً الممكن لتأييد الجمهور.

ويجدر التأكيد على أن هذه هي التصريحات الأكثر أهمية حتى الآن للرئيس الأميركي، والتي تعكس قلقاً حقيقياً من أن خطوات التشريع التي تقودها الحكومة يمكن أن تمس بالقيم التي شكلت دائماً الأساس الرائد في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل. إضافة إلى ذلك فإن الرؤساء الأميركيين تجنبوا بشكل عام التدخل في شؤون إسرائيل الداخلية.

بناء على ذلك يبدو أن قرار الرئيس الأميركي مناقشة القضية في المكالمة الهاتفية مع نتنياهو يدل على القوة الاستثنائية للتخوفات داخل القيادة العليا في أميركا من تداعيات التشريع.

لا تترك مكالمة الرئيس الأميركي مع الرئيس نتنياهو أي مجال للشك بأنه رغم الأساس المتين للعلاقة بين الدولتين والصداقة العميقة للرئيس بايدن مع إسرائيل، فإن الإدارة الأميركية لا تخفي الامتعاض والقلق من الخطوات التي تقوم بها الحكومة.

تعبير بارز على ذلك هو تلكؤ الرئيس الأميركي (أيضاً أثناء المحادثة الأخيرة) في دعوة رئيس الحكومة نتنياهو إلى البيت الأبيض.

وتشير عدة تطورات مقلقة أخرى في الساحة الأميركية إلى خطر حقيقي سيهز القاعدة الصلبة التي أقيمت عليها شبكة العلاقات بين الدولتين، والتي مكنتهما من الحفاظ عليها حتى رغم الخلافات:

– أظهر استطلاع جديد أجراه معهد “غالوب” أنه للمرة الأولى فإن أكثر من 49 في المئة من المستطلعين المحسوبين على الحزب الديمقراطي يتماهون مع الفلسطينيين أكثر مما يتماهون مع إسرائيل (38 في المئة). وأشارت النتائج إلى ارتفاع يبلغ 11 في المئة في تأييد الفلسطينيين فقط في السنة الأخيرة.

زيادة التأييد للفلسطينيين واضحة أيضاً في أوساط الناخبين الذين يعتبرون أنفسهم مستقلين، وأيضاً في أوساط الذين ما زالوا في معظمهم يعبرون عن دعم إسرائيل.

في المقابل، لا يوجد أي تغيير في مستوى دعم إسرائيل المرتفع في أوساط الناخبين الجمهوريين.

في حساب إجمالي ما زالت إسرائيل الرائدة، لكن الفجوة تقلصت. تضاف هذه المعطيات إلى المعطيات التي أظهرتها استطلاعات سابقة، عبرت عن توجه برز في السنوات الأخيرة – حتى لو كان معظم الديمقراطيين ما زالوا يتمسكون بموقف إيجابي تجاه إسرائيل إلا أن التأييد تآكل، والأكثر أهمية هو الابتعاد عن إسرائيل في أوساط الشباب المحسوبين على الحزب الديمقراطي.

يشار إلى أن معظم يهود أميركا يصوتون للحزب الديمقراطي، وبالتحديد الجناح الليبرالي، إذا لم يكن للجناح التقدمي.

– صرح السناتور الديمقراطي المؤثر، كريس ميرفي، الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط والمعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل، بشدة ضد سياسة إسرائيل، وقال إن الإدارة الأميركية يجب أن تزيد الضغط على حكومة إسرائيل.

حسب قوله “سواء أكان الأمر يتعلق بوضع شروط لمساعدة إسرائيل أو أن تكون هناك شروط للزيارة في الولايات المتحدة، على الإدارة الأميركية إرسال رسالة واضحة بأن تهديداً إسرائيلياً لحل الدولتين سيضر جداً بالعلاقات بين الدولتين على المدى البعيد”. وهاجم ميرفي أيضاً خطوات الحكومة في الموضوع القضائي، وقال: “هذا يقوض الأسس التي تربط بين الإسرائيليين”.

ومن الجدير التأكيد على أن توجهات مناوئة لإسرائيل برزت حتى الآن بالأساس في أوساط مشرعين محسوبين على الجناح التقدمي الذي يكثر من تحدي المؤسسة الديمقراطية من اليسار. ولكن يبدو مؤخراً أن المقاربة التي تقول إنه يجب اشتراط المساعدات الأمنية المعطاة لإسرائيل بسياستها في القضية الفلسطينية أيضاً تتعزز في صفوف المشرعين الديمقراطيين من التيار الرئيس.

يشير معظم الشهادات إلى أنه حتى لو حرصت الإدارة الأميركية حتى الآن على التأكيد على التعاطف مع إسرائيل وعلى الالتزام بأمنها، فإن التوتر بين الدولتين أصبح يؤثر على العلاقات بينهما.

على المدى القريب القضية الفلسطينية هي بؤرة التهديد الرئيسة. خطوات إسرائيلية تنحرف عن الوعود التي تم الاتفاق عليها في اللقاءات التي أجريت، مؤخراً، في عمان وفي شرم الشيخ، وخطوات أخرى أحادية الجانب، وضمن ذلك التشريع المتوقع الذي سيلغي الانفصال عن شمال “السامرة” (الذي في الأصل كان نتيجة وعود أعطيت للأميركيين)، يمكن أن تزيد بشكل كبير امتعاض الإدارة الأميركية.

في المقابل، يجب التعامل بجدية مع الإشارات التي تطلقها الإدارة الأميركية وهي أن تشريعاً من أجل تغيير وجه جهاز القضاء دون إجماع واسع، يمكن أن يغير، حسب رأيها، الطابع الديمقراطي لإسرائيل، ونتيجة لذلك سيقوض قدرتها على إظهار أهميتها بالنسبة للولايات المتحدة على اعتبار أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وحليفتها الاستراتيجية.

تأسس الأمن القومي لإسرائيل على مر السنين، ضمن أمور أخرى، على شبكة العلاقات الخاصة التي تم الحفاظ عليها بينها وبين أميركا. وقد ساعد على ذلك تفهم واشنطن بأن الدولتين تتشاركان قيماً مشتركة مثل الحرية والديمقراطية وحماية حقوق المواطن، وأنه حتى لو نشأت خلافات إلا أن الدولتين تتفهمان وتحترمان مصالح بعضهما.

حرصت الإدارات الأميركية، الديمقراطية والجمهورية، وأحياناً أمام انتقادات داخلية، على التمسك فعلياً بالالتزام “بأمن ورفاه” إسرائيل. وقد استند التعاطف في المنظومة السياسية الأميركية إلى الإدراك بأن الشعب الأميركي ينظر بإيجابية للعلاقة والالتزام بأمن الدولة اليهودية.

يجب على الحكومة الإسرائيلية أن تأخذ في الحسبان بأن التقدير الأميركي (في الإدارة وفي الكونغرس) بأن “القيم المشتركة تضررت” وأن إسرائيل تعمل خلافاً للمصالح الآنية لأميركا، يمكن أن يضر بالعلاقات الحميمة بين الدولتين، خاصة في هذه الفترة الحساسة حيث تحتاج التحديات الأمنية، لا سيما من إيران التي تواصل وبشكل حازم الدفع قدماً بمشروعها النووي، إلى تعزيز التنسيق بين الدولتين (ذكر الموضوع الإيراني على هامش بيان البيت الأبيض بخصوص المكالمة بين بايدن ونتنياهو).

حتى ولو كان يجب على إسرائيل الدفاع عما تعتبره مهماً لأمنها القومي، فإنه في الفترة القريبة القادمة يجب إعطاء أهمية عليا ومنح أولوية للحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة، بالأساس القدرة على إبقاء علاقة جيدة مع زعماء الدولتين.

يبدو أن الإدارة الأميركية لن تتردد في الرد بتحفظ وبصورة انتقادية إذا قدرت أن إسرائيل تعمل بشكل مخالف للقيم الأساسية والمصالح المشتركة، وبالتأكيد إذا تنكرت لوعودها فيما يتعلق بالساحة الفلسطينية.

يمكن أن يجد الرد الأميركي تعبيره في المدى بين إدانات علنية وحتى تآكل مستمر للدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من الولايات المتحدة في المجال السياسي والاقتصادي والأمني.

سلوك إسرائيل وخصائص العلاقة بين الدولتين ستكون لها أهمية كبيرة على المدى البعيد إزاء عمليات ديمغرافية واقتصادية واجتماعية تحدث في الولايات المتحدة، التي حتى لو كان جزء منها لا يرتبط مباشرة بإسرائيل إلا أنها ستساهم في تآكل التزام أميركا بعيد المدى تجاه إسرائيل.

ويمكن أن يكون التجاهل في إسرائيل لهذه الأخطار كارثياً على مصالح إسرائيل، حيث توجد إمكانية كامنة للمس، عاجلاً أم آجلاً، بشبكة العلاقات الخاصة بين الدولتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى