ترجمات أجنبية

ماكلينز – سيرجيو مارشي – أين كانت الأمم المتحدة خلال أزمة “كورونا” ؟

ماكلينز –  سيرجيو مارشي* –    20/5/2020

يشكل فيروس كورونا أكبر تحدٍّ شهده العالم منذ تأسيس الأمم المتحدة، بخلاف الحرب العالمية الثانية، لكن الهيئة الدولية عززت القليل من التعاون الدولي .

******

كانت جائحة فيروس كورونا حدثاً تحويلياً على أقل تقدير. في جميع أنحاء العالم، غيّر الوباء طرائقنا في العيش، والعمل واللعب.

وعندما يتعلق الأمر بالقيادة السياسية، كانت هذه “قصة مدينتين”. وقد جعلتنا دول مثل كندا فخورين؛ حيث ارتقت إلى مستوى المناسبة وعرضت قيادة سليمة طوال فترة الأزمة. وعلى النقيض من ذلك، فشلنا، على المستوى العالمي، في الاختبار بطريقة بائسة. ودعوني أفسر.

في كندا، تضافر عدد من العناصر معاً لتعزيز استراتيجيتنا العامة. كبداية، أبقى ساستُنا الكنديون موضوع المنافسة السياسية عند الحد الأدنى، وهو ما يتوقعه المواطنون خلال أزمة بهذا الحجم؛ حيث يريد الناس أن يكون ممثلوهم المنتخبون مركِّزين بدقة الليزر على التحديات المطروحة، وليس على المواقف السياسية الرخيصة. وقد فهم ممثلونا مزاج الجمهور والقلق والخوف اللذين يسيطران عليهم وتصرفوا على هذا الأساس.

لأحزاب المعارضة، بطبيعة الحال، دور مهم وشرعي في ديمقراطيتنا. ولكن، عندما يكون أداء الحكومات جيداً، ستواجه المعارضة دائماً صعوبة في إسماع أصواتها. وبغض النظر عن ذلك، عملت الحكومة الحالية والمعارضة بشكل تعاوني مع بعضها بعضا أيضاً.

كانت العلاقات الاتحادية-الإقليمية بناءة للغاية، وكذلك العلاقات مع قادة البلديات. في العادة، تكون هذه منطقة مليئة بالصراعات والمشاحنات. لكن الوباء الوباء أفسح المجال بدلاً من ذلك للتعاون بشأن المعلومات، ومعدات الحماية، وأفضل الممارسات والمبادرات المشتركة. وبرز نهج “فريق كندا”، الذي كان المطلوب بالضبط.

بعد ذلك، أكمل قادتنا هذا العمل من خلال الاستماع بعناية إلى مستشاريهم الصحيين والعلميين. وكانت آراء هؤلاء المختصين مهمة، ولم تقم الحكومات بأي تحرُّك من دون موافقتهم. وهذا يعني أن السياسات كانت متجذرة في العلوم السليمة، وليس في مجرد السياسة والأحكام المستندة إلى الغريزة . وفي هذه العملية، أصبح مسؤولو الصحة العامة لدينا في جميع أنحاء البلد مثل “نجوم موسيقى الروك”. وأظهروا قدرة على التصرف الهادئ المستنير والمطمئن، وبطريقة جعلت الكنديين يثقون بهم ويعتمدون عليهم.

تبع ذلك قيام قادتنا بعقد المؤتمرات الصحفية لتقديم الإحاطات المنتظمة للجمهور، من دون أي دراما. وكانت هذه الإحاطات مباشرة ومُستندة إلى المعلومات. وكانت مهمتها تزويد المواطنين بتحديثات نقدية، وليس الانغماس في عروض مسرحية سياسية. وهذا تمييز مهم لأنه يحدد العلاقة بين القادة ومواطنيهم. ومن المؤكد أن ثقة الجمهور هي شأن بالغ الأهمية. وإذا شكك الناس في صدق قادتهم، أو في المعلومات التي يقدمونها، فإن ذلك يؤدي فقط إلى تفاقم وضع خطير مسبقاً ويقوض أي استراتيجية للمضي قدماً.

أخيراً، استغل بعض ممثلينا المنتخبين اللحظة وبرزوا كقادة حقيقيين. على سبيل المثال، برز رئيس الوزراء والمسؤولون في أونتاريو وكيبيك بشكل خاص خلال هذه الأزمة. وقد تجاوزوا التوقعات، وينظر إليهم الآن على أنهم مديرون قادرون ومستقرون لبيئة دائمة التغير. وقد ارتفعت أرقام دعمهم في الاستطلاعات لأن ثقة الجمهور فيهم ارتفعت. وهذا جيد لنا جميعاً.

على النقيض من ذلك، كانت الأمم المتحدة فشلاً ذريعاً.

لقد كنا نكافح أزمة ذات أبعاد أسطورية. وفي الواقع، يمثل فيروس كورونا المستجد أكبر تحدٍّ شهده العالم منذ تأسيس الأمم المتحدة، بخلاف الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، جاءت الحلول بالنسبة لمعظم البلدان من الحكومات الوطنية ودون الوطنية، في حين لم تعزز الأمم المتحدة أي تعاون دولي يُعتد به.

بصفتي شخصاً يؤمن بعمق بالمؤسسات متعددة الأطراف والذي خدم في هذه المؤسسات في جنيف، فإنني أجد هذا الواقع محيراً ومحبطاً. ليست هذه بالضبط الطريقة المثلى لاحتفال الأمم المتحدة بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها هذا العام. فقد تم إنشاء الأمم المتحدة لمساعدة الدول وحشدها بدأب في مواجهة التحديات العالمية، لكنها كانت غائبة إلى حد كبير عندما يتعلق الأمر بالعمل. ومن المؤكد أن منظمة الصحة العالمية كانت نشطة، لكنها تلقت الكثير من الانتقادات على طريقة عملها أيضاً.

كان الأمين العام للأمم المتحدة أيضاً تحت الرادار، وهو ما أعتقد أنه كان خطأً فادحاً، خاصة عندما يواجه العالم عدوًا مشتركاً. كان عليه أن يبذل المزيد من الجهد في رعاية التعاون بين البلدان، وزيادة التعاون مع الوكالات متعددة الأطراف التي يرأسها. وبالإضافة إلى ذلك، كان ينبغي استخدام منصبه لبناء جسر بين الولايات المتحدة والصين، وكلتاهما من عمالقة الأمم المتحدة المتمتعين بحق النقض “الفيتو”.

كما ظل مجلس الأمن صامتا إلى حد كبير في مواجهة فيروس دمر العالم وخلق الكثير من عدم الاستقرار. وكان سلوكه غريباً. خلال أزمة إيبولا، وصف مجلس الأمن الوباء بأنه “تهديد للسلام والأمن”، وهو ما أضفى على جهود مكافحته قوة القانون الدولي. ولم يحدث مثل ذلك مع “كوفيد-19، ويتساءل المرء عن السبب.

يجب متابعة الإجابات عن هذه الأسئلة وغيرها في الوقت المناسب. وليس الآن، ليس بينما ما نزال في غمرة الصراع مع الفيروس. ولكن عندما تتم استعادة الاستقرار، يجب أن نناقش هذه العيوب ونقوم بتعريفها بصراحة حتى نكون مستعدين بشكل أفضل لمواجهة الوباء التالي.

دعونا نكن صريحين وليس مفرطين في الدبلوماسية. كانت هذه الأزمة في الأساس مسألة حياة أو موت. لذلك نستحق سماع إجابات صادقة وإجراء إصلاحات في الوقت المناسب لهياكلنا العالمية. وعلاوة على ذلك، يجب على كندا أن تشارك بقوة في هذه المناقشات. إنني أدرك أن رئيس الوزراء كان يناضل بقوة للحصول على مقعد لكندا في مجلس الأمن، لكنه لن يستطيع التعامل واقع كهذا -ليس كمساهمين رئيسيين في الأمم المتحدة، وليس إذا كنا نهتم بأداء ومساءلة الحوكمة العالمية.

مع استمرار المعركة ضد فيروس كورونا، لا يمكن لمسؤولينا العامين الجلوس على أمجادهم السابقة. سوف نكون في حاجة إلى ظهورهم وعملهم دائماً. لكنّ علينا نحن المواطنين أيضاً أن نفي بمسؤولياتنا المدنية، لأن القيادة ليست للقلة فقط؛ إنها شيء يجب أن يُطلب منا جميعاً.

*كان عضواً في البرلمان الكندي ووزيراً. وكان أيضاً سفير كندا لدى منظمة التجارة العالمية ووكالات الأمم المتحدة في جنيف.

*نشر هذا المقال تحت عنوان :

Where has the UN been during the coronavirus pandemic 

الكاتب  Sergio Marchi

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى