ترجمات أجنبية

لوفيغارو: أردوغان يغازل مع النظام في دمشق

لوفيغارو 21-8-2022م

الرئيس التركي الذي دعم بقوة المعارضة ضد بشار الأسد، لم يعد اليوم يستبعد الاقتراب من رئيس النظام السوري. وكانت تركيا قد دعت من خلال وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، مرتين في غضون عشرة أيام من أجل “المصالحة” بين المعسكرين. حتى أن رئيس الدبلوماسية التركية خلال خطابه الأول، أحدث مفاجأة عندما كشف أنه التقى نظيره السوري فيصل المقداد في أكتوبر الماضي، على هامش قمة حركة عدم الانحياز في بلغراد. ويأتي هذا التحول في موقف تركيا أيضا بعد وقت قصير من لقاء أردوغان في 5 أغسطس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يضغط على نظيره التركي من أجل أن يطبّع العلاقات مع بشار الأسد، حليف موسكو.

بالنسبة للصحافة التركية المعارضة، لا شك أن هذه الإشارات الجديدة من أنقرة، المصاحبة لمصالحة شاملة مع أعداء إقليميين آخرين (إسرائيل، مصر، الإمارات) لها بعد داخلي، مع اقتراب موعد  الانتخابات الرئاسية في تركيا عام 2023، وفي وقت تمر البلاد بأزمة مالية غير مسبوقة منذ وصول حزب العدالة والتنمية (حزب أردوغان) إلى السلطة في عام 2002.

يرى الصحافي مراد يتكين أن “حزب العدالة والتنمية يهدف للعب على عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم”، بعد أن  وجد حوالي 3.7 مليون منهم ملاذا في تركيا، البلد الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، وذلك كنتيجة مباشرة لسياسة الباب المفتوح، التي دعا لها أردوغان في بداية الحرب السورية، قبل أحد عشر عاما. في ذلك الوقت، راهن الرئيس التركي على سقوط سريع لبشار الأسد. وقدمت حكومته دعما ثابتا لفصائل المعارضة المسلحة، كما رحبت  بالمنشقين.

لكن الجمود في الصراع، إلى جانب الاستياء المتزايد ضد سوريا بين السكان، يدفعه اليوم (أردوغان) إلى مراجعة خطابه. كما يجد الرئيس أردوغان نفسه تحت ضغط متزايد من حلفائه السياسيين في حزب الحركة القومية المتطرف، الذي أصرّ رئيسه دولت بهجلي، قبل أيام قليلة، على أن “إعادة الحوار بين تركيا والنظام السوري يجب النظر فيه بشكل جدي” ووصفت تصريحاته على الفور بأنها “ضوء أخضر للحوار مع النظام السوري” من قبل الصحافة الموالية للحكومة.

وبالإضافة إلى مسألة عودة اللاجئين، يبدو أن هناك شاغليْن رئيسيين في قلب المفاوضات التركية السورية: تعزيز المنطقة العازلة في شمال سوريا، والقتال ضد عناصر حزب العمال الكردستاني الأكراد. بفضل العديد من التوغلات العسكرية التي نُفذت منذ عام 2016، تمكنت أنقرة تدريجياً من تعزيز ما يسمى بالمحيط “الآمن” على طول حدودها، والذي يسكنه بشكل أساسي العرب السنة النازحون داخليا والذين فروا من انتهاكات النظام العلوي السوري. فمنذ عدة أسابيع، أرجأت السلطات التركية عملية جديدة ضد القوات الكردية، على أمل الحصول على موافقة دمشق، أو على الأقل موافقة موسكو.

إن الفكرة بحسب بعض المراقبين، هي تجديد الاتصال مع بشار الأسد للحصول على شراكة رئيسية في محاربة الميليشيات الكردية، المتهمين بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني. ويعد ذلك بمثابة نعمة كبيرة للأسد؛ لأنه استخدم الحرب في سوريا للهندسة العرقية. فقبل الحرب، كان العرب السنة يشكلون أكثر من ثلثي سكان سوريا، لكنهم الآن يشكلون أقل من النصف. في المقابل، يمكن للأسد أن يعرض إعادة وحدات حماية الشعب الكردية السورية إلى سيطرته. إنها صفقة جيدة لأردوغان وتركيا، كما يلاحظ سونر كاجابتاي، مدير برنامج تركيا في معهد واشنطن، في مقابلة مع “عرب نيوز”.

لكن بيرم بالسي، مدير المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول، يقول: “ما زلنا بعيدين عن المصالحة.. التصريحات التركية الأخيرة ليست واقعية ولا متماسكة، وهي أكثر من تنازل زائف لفلاديمير بوتين، في وقت يلعب أردوغان على حبل مشدود بين كييف وموسكو.. ليس لتركيا ما تكسبه من التقارب مع النظام السوري. وبشار الأسد ليس في وضع يسمح له بالسيطرة على حزب العمال الكردستاني”.

إذا تصالحت أنقرة غداً مع دمشق، فلن يقف اللاجئون السوريون مكتوفي الأيدي. والمظاهرات الأخيرة في شمال سوريا الواقع تحت سيطرة الثوار المناهضين للأسد، للتنديد بالمبادرة التركية الجديدة، تظهر مدى السرعة التي يمكن أن تتدهور بها هذه المبادرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى