أقلام وأراء

كريم يونس: تصورات اليوم التالي للحرب: بين الرفض الاسرائيلي و الصمود الفلسطيني

كريم يونس 4-2-2024: تصورات اليوم التالي للحرب: بين الرفض الاسرائيلي و الصمود الفلسطيني

تسعى العديد من الاطراف العربية والدولية الى رسم سيناريوهات مختلفة لمستقبل قطاع غزة، بعد الحرب، وفي هذا التقرير  سنحاول استعراض مواقف الاطراف المختلفة من هذا الموضوع.

منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حددت اسرائيل مع الولايات المتحدة ودول الغرب، ان هدف الحرب هو القضاء على قدرات حماس العسكرية والبنية التحتية التابعة للحركة، واستعادة الاسرى لدى المقاومة الفلسطينية“، حيث اعتبر بنيامين نتنياهو ان الهدف الاسمى هو القضاء على حركة حماس، بعد وصفه، ” ان حماس اصبحت تشكل تهديد امني على دولة اسرائيل، وان عدم تحقيق هدف اسرائيل الاسمى، يعني أن ما حصل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 سيتكرّر بطريقةٍ ما، في مرحلةٍ ما.

وبعدما امتنع نتنياهو في العديد من المرات الحديث عن مستقبل القطاع بعد انتهاء الحرب مدعيا أن الاهم الان هو التركيز على الحرب، كشفت صحيفة معاريف العبرية، يوم الأربعاء الموافق 31 يناير/ كانون الثاني 2024، النقاب عن خطة إسرائيلية من 3 مراحل صاغها مجموعة من الساسة الاسرائيليين لليوم التالي للحرب على قطاع غزة:

  • المرحلة الأولى تقضي بإنشاء إدارة عسكرية إسرائيلية كاملة في غزة، ستدير نقل المساعدات الإنسانية وتتولى مسؤولية رعاية السكان المدنيين في غزة خلال المرحلة الانتقالية.
  • المرحلة الثانية، والتي ستحدث في الوقت نفسه، سيتم إنشاء تحالف دولي للدول العربية ولفتت معاريف إلى أن هذا التحالف سيكون جزءا من اتفاق التطبيع الإقليمي الذي سيتم توقيعه لاحقا، وسيقف وراء إنشاء هيئة جديدة تسمى السلطة الفلسطينية الجديدة، ستضم مسؤولين جدد ليس لهم ارتباط بحركة حماس وبعيدة عن الرئيس الفلسطينى الحالي محمود عباس، حيث ستتسلم ”السلطة المتجددة“ من إسرائيل المسؤولية عن غزة، وبالتالي سيتم إلغاء الحكومة العسكرية في وقت لاحق مع ابقاء حرية التصرف الامني لاسرائيل في غزة.
  • المرحلة الثالثة، في حال استقرار قطاع غزة ونجاح الهيئة الجديدة، أي السلطة الفلسطينية الجديدة، خلال الفترة الزمنية المحدده، من سنتين إلى 4 سنوات، فإن إسرائيل ستوافق على الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السلاح في أراضي السلطة الفلسطينية، بل وستناقش إمكانية نقل مناطق إضافية، لا تتطلب إخلاء المستوطنات، إلى تلك الدولة.

موقف المقاومة الفلسطينية:

اكدت المقاومة الفلسطينية، انها مازالت لديها اوراق رابحة  وقدرة على مواصله الصمود والتصدي لجيش الاحتلال الاسرائيلي في المحاور المختلفة داخل قطاع غزة. ولذلك ترفض اي مقترحات وتصورات من قبل الوسطاء لليوم التالي للحرب، تستبعد حركة حماس، وهذا ما اكده نائب رئيس حركة ”حماس“ في قطاع غزة خليل الحية: ” ان اليوم التالي للحرب هو انتصار ومن يفكر ما بعد حماس فهو يفكر في وهم، وان وقف فوري للحرب وانسحاب الاحتلال من القطاع هي الشروط المطلوبة، حتى نقبل الجلوس على طاولة التفاوض لتبادل الاسرى“.

وأشار الحية، أنه لا يعقل أن تعقد صفقة تبادل مع إسرائيل تحت النيران، مؤكدا جاهزية حماس على إبرام صفقة تبادل شاملة، وان المقاومة عصية على الاستجابة للتهديدات تحت الضغط، وما يهمنا اليوم هو وقف العدوان وهذه الحرب المجنونة“.

التصوّر الأميركي للحلّ

 بدأت إدارة بايدن في البحث عن حلولٍ سياسيةٍ لمواجهة ضغوط محلية ودولية متزايدة لوقف الحرب وإيجاد حلّ للصراع. وتنطلق الرؤية الأميركية لما يمكن أن يكون عليه الوضع في غزّة بعد الحرب، حيث يتولى منسق مجلس الأمن القومي الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، مهمّة صياغتها وتسويقها، وان ملامح الاستراتيجية الأميركية “لليوم التالي” للحرب في الخطوط التالية:

الاتفاق السعودي الإسرائيلي مقابل دولة فلسطينية في المستقبل 

الرغبة الاسرائيلية في توقيع اتفاق سلام مع دول المنطقة وعلى راسهم مع المملكة السعودية، جعلتنا نرى العديد من الاتصالات المستمرة بين دول شريكة تسعى من اجل الاتفاق، وبالرغم من العديد من المحاولات السابقة تمسكت السعودية بشرطها، وهو حل شامل للقضية الفلسطينية لاتمام اتفاق السلام مع اسرائيل.

قدمت الادارة الاميركية مقترحًا يرضي الطرفين سياسيًا حيث افاد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، بأن “استراتيجية ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر” التي تسعى إليها إدارة بايدن تقوم على أن يكون الاتفاق بين السعودية وإسرائيل “مرتبطًا بأفق سياسي للفلسطينيين”. وطرح سوليفان أربعة مبادئ تصرّ عليها واشنطن بشأن تسوية اليوم التالي للحرب، وهي:

  1. عدم استخدام غزّة مطلقًا لشنّ هجماتٍ جديدة على إسرائيل
  2. أن يكون السلام إقليميًا، بمعنى أن يكون بين الدول العربية في المنطقة وإسرائيل
  3. أن يقود ذلك إلى دولة فلسطينية
  4. يجب تكون هناك ضماناتٌ أمنيةٌ لإسرائيل.

وحيث قام وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن بزيارة دولة المنطقة للحصول على دعم عربي للخطة، وتقديم مقترح عربي موحّد لنتنياهو لسيناريو ما بعد الحرب. وكان بلينكن صرّح، في تل أبيب في 9 كانون الثاني/ يناير 2024، “إذا كانت إسرائيل راغبة في أن يتخذ جيرانها العرب القرارات الصعبة اللازمة للمساعدة في ضمان أمنها الدائم، فسوف يكون لزامًا على زعماء إسرائيل أنفسهم أن يتخذوا قرارات صعبة”. وأضاف: أن الشركاء الذين التقاهم “في هذه الرحلة قالوا إنهم مستعدون لدعم حل دائم للسلام في المنطقة. لكنهم أكّدوا أن هذا لا يمكن أن يتحقّق إلا من خلال نهج إقليمي يتضمن مسارًا يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية”.

إصلاح السلطة الفلسطينية:

تشير خطة ماكغورك، إلى تجديد “القيادة الفلسطينية. حيث تهدف الخطة المعروضة من قبل إدارة بايدن إلى تعزيز قوة ودور السلطة الفلسطينية لتحمّل مسؤولية الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب، ووفقًا لإدارة بايدن، فقد أبدى زعماء عرب استعدادهم للانخراط في جهود إصلاح السلطة الفلسطينية وتطويرها. في المقابل، تطالب إدارة بايدن إسرائيل بأن “تتوقف عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تقوض قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم بفاعلية”. ويضاف إلى ذلك ضرورة وقف “عنف المستوطنين المتطرفين الذي يمارَس بلا عقاب، وتوسيع المستوطنات، وعمليات الهدم، والإخلاء“، حيث صرح الرئيس الاميركي جو بايدن يوم الخميس الموافق 1 فبراير 2024: ”عنف المستوطنين بالضفة بلغ مستويات لا يمكن التسامح معها وانه قذ يزعزع الاستقرار الاقليمي مما يهدد الامن القومي الأميركي“.

تحدّيات تواجه الخطّة الأميركية:

كان الاتفاق بين الجانبين اسرائيل والمملكة السعوديه وشيكًا قبل حرب 7 اكتوبر من العام المنصرم، ويعمل 

ماكغورك للعودة إلى مسار الاتفاق. وتواجه الخطة المعروضة تحديات عديدة أبرزها:

الرفض الفلسطينى :

يرى العديد من المسؤولين الاميركيين ان الخطة الحالية لن تحظى بدعم الشعوب العربية عامة والقيادة والشعب الفلسطيني بشكل خاص، حيث صرح العديد من المسؤولين الفلسطينين، ان الشعب الفلسطيني وحده هو من يقرر مصيره، هو ما يشكل تحديًا كبيرًا امام مشروع ماكغورك، وهذا في ظل تبني إدارة بايدن استراتيجية ”المقاربة بين الاطراف الاقليمية“ قي الشرق الاوسط، بمعنى جعل حلِّ القضية الفلسطينية نتيجة مترتبة على تطبيع عربي – إسرائيلي.

الرفض الإسرائيلي:

ابلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين بنتنياهو الادارة الاميركية يوم الجمعة الموافق 19 كانون الثاني/ يناير 2024  معارضته لاقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء الحرب على غزة، ليشكل الموقف الإسرائيلي التحدي الأكبر لخطة ماكغورك؛ وذلك لرفض نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرّفة أكثر الأفكار الواردة فيها، بما فيها مقترح إنشاء دولة فلسطينية وسيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزّة. وترفض حكومة نتنياهو حتى الآن التجاوب مع المطالب الأميركية المتصلة بكبح جماح المستوطنين المتطرفين في الضفّة الغربية، والانتقال إلى العمليات العسكرية الأقل كثافة في قطاع غزة بهدف تقليل حجم الخسائر بين المدنيين الفلسطينيين، والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى سكانه. فقد أبلغ واشنطن معارضته إقامة دولة فلسطينية كجزء من أي سيناريو لما بعد الحرب.

وقدم يوآف غالانت، تصورًا لوضع القطاع ما بعد الحرب، قبل زيارة بلينكن الأخيرة إلى تل ابيب، تضمّن مطلبًا أميركيًا لناحية عدم القيام بتهجير قسري للفلسطينيين من القطاع، لكنه تجاوز بقية المطالب الأخرى. ويقوم هذا المقترح على أن إسرائيل لن تحكم المدنيين في غزّة، بل ستتولى مسؤولية ذلك “جهات فلسطينية”. مثل “روابط القرى” التي حاولت إسرائيل فرضها في الضفة الغربية في ثمانينيات القرن العشرين. وتنصّ خطة غالانت على أن تحتفظ إسرائيل بحق العمل الأمني والعسكري داخل القطاع، كلما كان ذلك ضروريًا. وهو ما يحاكي الواقع القائم في الضفة الغربية. ثمّ إن إسرائيل ستستمر في السيطرة على حدود القطاع؛ ما يعني عمليًا استبعاد قيام دولة فلسطينية، كما تطالب واشنطن.

خلاصة القول، بينما تسعى دول العالم لإنهاء الحرب على قطاع غزة وخلق واقع جديد للحياة في القطاع، وتحاول الادارة الاميركية جاهدة التوصل الى اتفاق يمنع تأزم المنطقة، خاصةً بعد الهجمات المتكرره على السفن التجارية في البحر الاحمر، وأيضًا الهجوم على القاعدة الامريكيه في الاردن، بسبب الحرب على قطاع غزة، مازالت التصورات المعروضه بعيدة عن الواقع وعن القبول من قبل الطرفين الفلسطينى والاسرائيلي.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى