ترجمات أجنبية

كاونتر بانش – بقلم رمزي بارود – فلسطين في مؤتمر سان ريمو

رمزي بارود – 17/5/2020

الهدف من قرار مؤتمر سان ريمو منح استقلال على مراحل لسوريا والعراق، ومنح فلسطين للحركة الصهيونية.

قبل مئة سنة، عقد ممثلون من بلدان عدة نافذة اجتماعاً في مدينة سان ريمو الهادئة على ساحل الريفيرا.

في ذلك المؤتمر، يوم 25 إبريل 1920، قرر ممثلو القوى الكبرى آنذاك مصير الأراضي الشاسعة التي تم الاستيلاء عليها من الإمبراطورية العثمانية إثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى. وقضى القرار بوضع فلسطين وسوريا والعراق تحت انتداب قوى غربية. وكان الهدف من القرار هو منح استقلال على مراحل لسوريا والعراق، ومنح فلسطين إلى الحركة الصهيونية لكي تقيم فيها «وطناً قومياً لليهود».

ونص القرار على أن «سلطات الانتداب سوف تكون مسؤولة عن تطبيق الوعد (وعد بلفور) الذي أصدرته الحكومة البريطانية في 2 نوفمبر 1917، والذي تبنته قوى حليفة أخرى، من أجل إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين».

وتضمن القرار، مثله مثل وعد بلفور، إشارة مختصرة إلى سكان فلسطين سيئي الحظ، الذين صودر وطنهم التاريخي ظلماً وأهدي إلى مستوطنين استعماريين.

وحسب قرار مؤتمر سان ريمو، فإن إقامة دولة يهودية كانت مرتبطة ب«تفاهم» مبهم على أنه «يجب الامتناع عن فعل أي شيء يمكن أن ينتهك الحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين». وكانت هذه الفقرة مجرد محاولة زائفة لإظهار أن القرار متوازن سياسياً، في حين أن القرار لم يتضمن في الواقع أي آلية تطبيق تضمن احترام أو تنفيذ «التفاهم».

ولنلاحظ أن كل قرارات الأمم المتحدة تقريباً المتعلقة بحقوق الفلسطينيين كان يتم إقرارها في الجمعية العامة وليس في مجلس الأمن؛ حيث الولايات المتحدة هي إحدى القوى الخمس التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)، والتي كانت مستعدة دائماً لإحباط أي محاولة لتطبيق القانون الدولي.

وهذه الازدواجية التاريخية هي التي أدت إلى المأزق السياسي الحالي. والقيادات الفلسطينية المتتالية كانت تخفق بصورة بائسة في تغيير هذا الوضع.

وما الذي تغير في الوقت الراهن ؟

في يوم 20 فبراير/شباط، أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نسختها الخاصة من وعد بلفور تحت اسم «صفقة القرن». وهذا القرار الأمريكي كان، مرة أخرى، استهزاء بالقانون الدولي، وهو يمهد الطريق لاستمرار «إسرائيل» في عملية الضم الاستعمارية لفلسطين المحتلة. كما أنه يهدد الفلسطينيين بأنهم إذا لم يتعاونوا، فسوف يعاقبون بقسوة. وفي الواقع، هذا ما حصل بالفعل؛ حيث قطعت واشنطن كل تمويل للسلطة الفلسطينية وللمؤسسات الدولية التي تقدم مساعدات حيوية إلى الفلسطينيين.

وكما كان حال مؤتمر سان ريمو، ووعد بلفور، ووثائق دولية عدة أخرى، كان يطلب دائماً من «إسرائيل»- برفق ومن دون أي آليات لتنفيذ مثل هذه المطالب- أن تتخذ بعض المبادرات الرمزية لمنح الفلسطينيين شيئاً من الحرية والاستقلال.

وقد يجادل البعض بأن «صفقة القرن» وقرار مؤتمر سان ريمو ليسا متطابقين، من حيث إن قرار إدارة ترامب كان قرار انفرادياً، في حين أن قرار مؤتمر سان ريمو كان نتيجة إجماع قوى متعددة- بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا ودول أخرى.

وهذا صحيح. ولكن لا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار مسألتان مهمتان: أولاً، وعد بلفور أيضاً كان قراراً من طرف واحد.

وثانياً، روح جميع هذه الوعود والإعلانات والقرارات والصفقات هي واحدة، من حيث إن قوى عظمى نافذة تقرر من طرف واحد إعادة تحديد الحقوق التاريخية لشعوب. بمعنى آخر، الاستعمار القديم لم ينته أبداً حقاً.

* كاتب وصحفي أمريكي فلسطيني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى