ترجمات أجنبية

كاونتربنتش – بقلم رالف نادر – محاكمة إقالة دونالد ترامب : هل يمكن إدانته ؟

كاونتربنتش  – بقلم رالف نادر* – 18/1/2021

على مدار أربع سنوات، ساعد الجمهوريون في الكونغرس وحرضوا تأكيد ترامب على أنه “يمكنني، بالمادة الثانية (من الدستور)، أن أفعل ما أريد كرئيس”. وقد فعل دونالد الخطير ذلك بالضبط. وحرَّض أخيرًا على ارتكاب جريمة قتل شوارع جماعية ضد الكونغرس نفسه الذي سمح له بالإفلات بكل شيء، يومًا بعد آخر، كما لو أنها لا توجد قوانين ولا دستور يجب مراعاتها على الإطلاق.

سأل عضو الكونغرس عن ولاية تكساس، خواكين كاسترو، خريج كلية الحقوق بجامعة هارفارد، زملاءه: “إذا لم يكن التحريض على تمرد مميت كافيًا لعزل رئيس، فما الذي سيلزم إذن؟”، وقد صوَّت عشرة جمهوريين لصالح الإقالة، لكن 197 من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين لم يوافقوا. وكان ترامب قد حرَّض الحشد وأثاره شخصيًا في المركز التجاري. وكذب على أنصاره حين قال لهم: “سأكون معكم” في المسيرة إلى مبنى الكابيتول. ثم رفض ترامب دعوة إلى الحشد للتراجع عندما تحول المشاركون إلى غوغاء اقتحموا مبنى الكابيتول بطريقة عنيفة. وعاد ترامب بسرعة إلى البيت الأبيض ليشاهد بسعادة على شاشة التلفاز “أناسه المميزين” وهم يهاجمون الكونغرس بنية هدامة.

لماذا يجب أن يكون رضوخ الحزب الجمهوري لترامب، رئيس العصابات، هذا المجرم الذي يعاود الإجرام، المنتهك للعديد من أحكام الدستور، المعيق للعدالة “كأسلوب حياة يومي” كما وصفه مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون، والمعتل اجتماعياً الذي يكذب كل ساعة، لماذا يجب أن يشكل ذلك مفاجأة لأي أحد؟

لقد ساعد الجمهوريون في الكونغرس وحرضوا، على مدار أربع سنوات، تأكيد ترامب أنه “يمكنني، بالمادة الثانية (من الدستور)، أن أفعل ما أريد كرئيس”. وقد فعل دونالد الخطير ذلك بالضبط. وحرَّض أخيرًا على ارتكاب جريمة قتل شوارع جماعية ضد الكونغرس نفسه الذي سمح له بالإفلات بكل شيء، يومًا بعد آخر، كما لو أنها لا توجد قوانين ولا دستور يجب مراعاتها على الإطلاق.

سوف يُسجل المتحدثون في الحزب الجمهوري الذين دافعوا عن ترامب في نقاش مجلس النواب بشأن الإقالة في التاريخ على أنهم جبناء سياسيون، وكذابون غير مسبوقين ليس لهم نظير، بقيادة نائب ترامب المستنسخ، جيم جوردان من أوهايو. ومع ذلك، فشل حماة ترامب في الكونغرس. فقد صوت مجلس النواب على “مواد الإقالة” التي هي في طريقها إلى مجلس الشيوخ لإجراء محاكمة معينة. ويجب على مجلس الشيوخ أن يدين ترامب المخادع غير النادم، وأن يمنعه من السعي إلى تولي أي منصب فيدرالي مرة أخرى.

وسوف تظهر المزيد من أدلة الإدانة في الأيام التي تسبق المحاكمة.

ثمة مسبقاً تحقيق يجريه مكتب المساءلة الحكومية مع المشرعين الجمهوريين المشتبه في تواطئهم بمساعدة هدف الغوغاء المتمثل في قلب نتائج الانتخابات الرئاسية جسديًا. وقد ظهرت الأدلة على التسهيلات المبكرة التي قُدمت قبل وأثناء الغزو المسلح إلى المحققين، بما في ذلك تورط بعض ضباط شرطة الكابيتول وغيرهم من رجال الشرطة الذين كانوا في ملابس مدنية.

ومن جهتهم، لا ينتظر حلفاء ترامب وأنصاره التجاريون صدور أي أحكام. فقد علقت الشركات الكبرى مثل “ديزني”، و”كوكا كولا”، و”جيه. بي. مورغان تشيس” مساهماتها لحملة الحزب الجمهوري. وفي الأسبوع الماضي، طالبت الرابطة الوطنية القوية للمصنعين بإقالة ترامب من منصبه بموجب التعديل الخامس والعشرين. كما أن بنوك ترامب، التي يدين لها بمئات الملايين من الدولارات، تنأى بنفسها عن هذا المقترض الذي لا يشبع. وقد ألغت مدينة نيويورك عقدها مع شركة ترامب. وسيتم إلغاء المزيد من الصفقات مع “شركة ترامب” تباعاً.

على الرغم من تحديه الكلامي وتجاهله القواعد، وعدم اعترافه بأي أخطاء، والتنصل من أي مسؤولية، كما هي عادته، فإن ترامب هو في الحقيقة رجل محطم، يهاجم أكثر رعاياه ولاءً بما في ذلك نائب الرئيس الحالي، مايك بنس. وبعد حرمانه من آلة “تويتر” ومنصات الإنترنت الأخرى، سيصبح ترامب قريبًا شخصاً مدينًا محاصرًا، ومتهماً يجري التحقيق معه ورفع دعوى قضائية ضده بعد أن تخلى عنه الناس من أمثال ميتش ماكونيل.

لقد تغيرت حسابات البقاء السياسي للجمهوريين في الكونغرس الذين أعيد انتخابهم للتو. في الأقلية، لن يتمكن الجمهوريون بعد الآن من تأكيد تعيين قضاة الشركات أو تمرير تخفيضات ضريبية شبيهة بتلك التي مررها ترامب لصالح الأثرياء، أو تفكيك لوائح الصحة والسلامة.

ولكن، هناك مع حشود حملة انتخابية لجماعة “اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى”، قد يكون ترامب جلادًا كبيرًا، والذي يجمع الأموال ويرغب في الترشح مرة أخرى. ومثل هذا الاحتمال لا يطاق بالنسبة لمكونيل. وهو السبب في أنه ينقلب ضد ترامب من خلال رفضه معارضة المساءلة من أجل الإقالة، والإشارة إلى أنه قد يسمح لجماعته من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بإدانة ترامب، حتى لو كان ذلك فقط من أجل بقائهم السياسي. وقد أصبح الحزب الجمهوري يسجل تراجعاً في استطلاعات الرأي، وسوف يتراجع أكثر مع ازدياد الرائحة الكريهة السامة لما حدث قبل وأثناء هجوم السادس من كانون الثاني (يناير).

لا يريد ماكونيل أن يترشح ترامب، ولا أن يهدد بالترشح مرة أخرى في العام 2024. وسوف تكون الطريقة الوحيدة التي يمكن بها رفع هذا النير هي تحرير إرادة 17 عضوًا جمهوريًا أو أكثر من أعضاء مجلس الشيوخ للتصويت لصالح الإدانة، يليه تصويت الأغلبية البسيطة الذي يحظر على ترامب تولي أي منصب فيدرالي في المستقبل.

وعندما يكون خارج المنصب وممنوعاً من استعادة منصبه، سيتم تعريف ترامب بشكل متزايد من خلال أنصاره الترامبيين الأكثر عنفًا وتشددًا. ولأن ترامب هو ترامب، فإنه لن يعارض الأعمال التي يرتكبونها في الشارع. وسوف يرغب في مواصلة مخاطبة أتباعه وحثهم على البقاء كقوة سياسية.

وهذا التشابك يحدثُ مسبقاً في الحقيقة. فبينما تمتلئ واشنطن العاصمة بالآلاف من الجنود والشرطة وتكنولوجيا المراقبة، يبدو مقاتلو ترامب غير منزعجين ولا مبالين. وهم يخططون لمزيد من الاحتجاجات.

وفقًا لمسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية، والذين نقلت عنهم صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن “حوالي 16 مجموعة -والتي ستكون بعضها، كما قال المسؤولون، مسلحة ومعظمها تتكون من أنصار متشددين للسيد ترامب- قد هيأت نفسها للمشاركة في الاحتجاجات”. ولا يمكن أن تكون هذه أخبارًا سياسية جيدة لجمهوريي الكونغرس الذين سيُتركون في الوراء بعد مغادرة عائلة ترامب البيت الأبيض.

ما الاحتمالات لأن يتم تحقيق إدانة في مجلس الشيوخ؟ أفضل من 50/50، بالنظر إلى غرائز البقاء لدى السياسيين الذين يريدون أن ينزل ترامب الجاني عن ظهورهم.

أما بالنسبة لترامب، فإن ما تبقى له حتى ظهر يوم 20 كانون الثاني (يناير)، باستثناء بعض الثوران البشع كنفس أخير، هو سلطة العفو عن أقرب حلفائه، مثل رودي جولياني، وعائلته ونفسه. ويمكنه توسيع نطاق مراسيم العفو من خلال إعلان يوم التسامح في 19 كانون الثاني (يناير) بإصدار عفو عام عن المستحقين، والسجناء المسنين، والسجناء السياسيين، ومجرمي المخدرات غير العنيفين في السجون الفيدرالية.

ومع ذلك، فإن مثل هذه الرؤية لا تتوافق مع النرجسية. وسوف ننتظر ونرى.

* رالف نادر –  ناشط في الدفاع عن حقوق المستهلك ومحام ومؤلف كتاب “فائقو الثرار فقط هم الذين يمكن أن ينقذونا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى