ترجمات أجنبية

كاونتربانش – روبرت فيسك يكتب – هل يمكن إنقاذ لبنان؟

بقلم روبرت فيسك * – كاونتربانش 20/8/2020

لا، لم تكن كرة النار التي حطمت موجاتها الصدمية حياة هؤلاء الناس، الأسبوع الماضي، نوعاً من الانتقام السياسي البغيض للماضي.

فهذه قصة متراكمة في «رواية» أحدث أزمات لبنان. والقنوات التلفزيونية التي ألمحت إلى أن أسلحة «حزب الله» تم تهريبها عبر المرفأ نفسه ذهبت بعيداً. فهل نترات الأمونيوم استخدمت في صنع قنابل «حزب الله»؟ في الواقع، ربما كان البعض منها قد استخدم بالفعل في أعمال العنف، حيث كان من المفترض أن يكون وزنها 2750 طناً منذ فترة طويلة.

لذلك ربما حان الوقت للعروج على ما سأسميه ب«وزارة الحقائق الداخلية». ف«حزب الله» قد يكون يسيطر على أجزاء من مطار بيروت قرب الضاحية الجنوبية التي يحكمها، وهو الذي يدير الأمن في المطار عندما تهبط الطائرات الإيرانية، ويمر أعضاء «حزب الله» من خلال مراقبة الهجرة. ولكن ماذا عن الميناء؟

إليكم هذه الحقيقة الصغيرة، كل حزب لبناني له أهله الذين يعملون في الميناء. وهذا هو بيت القصيد. وهنا يكمن سؤال: هل خزّن «حزب الله» حقاً متفجرات، وذخائر، وقنابل، وحتى صواريخ في الميناء؟ ربما يكون ذلك في أحد أفلام هوليوود بالطبع. لكن في الحياة الحقيقية؟ لا، فأسلحتهم تعبر الحدود السورية اللبنانية إلى الشرق.

وخلال الحرب الأهلية، كانت الكتائب المسيحية في شرق بيروت تسيطر على «الحوض الخامس»، بأكمله (هكذا كان يُطلق عليه) في الميناء. لكن هل استوردوا أسلحة وذخائر إلى بيروت عبر المرفأ؟ بالطبع لا. بل قاموا بشحنها في صناديق صناعية إلى ميناء جونية إلى الشمال من بيروت، لكن هذه قصة أخرى. لم يكن ميناء بيروت مكبّاً للأسلحة، بل كان بمثابة عجلة الروليت للجميع. هو بمثابة الكازينو المشحون من قبل كل فصيل في لبنان، الذي انفجر بشكل مذهل الأسبوع الماضي.

إن «حزب الله» له مقاعد في الحكومة ويريد الاحتفاظ بها. ولذا فإن ممثلي الشيعة الأساسيين هم ضد أي تغيير في الأنظمة الفاسدة التي تحكم لبنان.

وما يوحي به كل هذا هو أن العنصر الطائفي ذاته في الحياة اللبنانية – الذي يتغلغل في السياسة والاقتصاد والمجتمع وثقافة البلد – يتم الآن ربطه بتفجير الأسبوع الماضي. ونحن لا نسمي منطقة الانفجار مسيحية، ولا نلصقها ب«حزب الله» الشيعي، ولكن قد يكون كل هذا صحيحاً، وقد حان الوقت لأن ندرك ذلك قبل أن تعتبر سحابة الفطر من عمل كبار السياسيين الجشعين السيئين – أو «النخب» كما أنوي الآن أن أسميهم رموز كل لبنان.

إن القصة الحقيقية لهذه الأمة الرائعة المعذبة، بالطبع، تذهب أبعد، وأبعد. لكن بطريقة ما نجد النسخة اللبنانية من الفساد أكثر فظاعة، ومخزية، وأكثر بشاعة من تلك التي تمارس في كل دولة عربية أخرى. فهل هذا لأن الفساد هناك أكثر وضوحاً؟ أم لأنها الوحيدة التي تنشر بالفعل فسادها؟ من السهل فهم ما يرغب فيه الشباب اللبناني- أو أولئك الذين نلاحظهم وهم يتظاهرون اليوم. ويقين السلطة من خلال الطائفة الدينية يضمن الفساد. ولا يمكن أن يكون هناك ضوابط على عدم الأمانة عندما تعتمد السلطة على الخوف المتبادل بدلاً من التسوية.

وبإعطاء حق التصويت لكل مواطن – في عملية انتخابية شديدة الانحراف يتم جلب الشعب اللبناني نفسه إلى عجلة العار الانتخابية. وهكذا، فإن مشاركتهم في الانتخابات قد لوثتهم بالفساد الذي يكرهونه بشكل عميق، وصحيح.

إن الأفكار الأكثر جدية التي تطفو الآن على مسرح الأحداث هو أنه يجب أن يكون هناك شكل من أشكال التفويض الدولي لاستعادة الاقتصاد اللبناني، ولإجبار البنوك والحكومة على الشفافية، وقادتها في حكومة تمثيلية بدلاً من الامتياز الحكومي.

ومن أجل «تنظيف» لبنان اليوم، يجب على الغرب التأكد من التزام شعبه بالقواعد الجديدة. فما هي قوة الأمم المتحدة التي سيتم استدعاؤها للقيام بهذه المهمة مستحيلة؟

* صحفي بريطاني مختص بشؤون الشرق الأوسط .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى