ترجمات عبرية

نظرة عليا– بقلم شموئيل ايفن – تحدي نمو اقتصاد اسرائيل في 2021

نظرة عليا– بقلم  شموئيل ايفن – 18/1/2021

مسيرة تطعيم سريعة تبعث الامل في القضاء على وباء الكورونا في اسرائيل ويرتبط هذا بالاستعدادات للانتعاش الاقتصادي. رغم الوضع السياسي المهزوز على الحكومة أن تحل الاستعدادات لفترة الانتعاش الاقتصادي بهدف تحقيق نمو سريع للانتاج وتقليص البطالة باثارها الاجتماعية القاسية “.

تعمل اسرائيل اليوم ضد الكورونا في جهدين: تطعيم السكان و “اغلاق عام ثالث”، كلفته المباشرة على الاقتصاد يقدرها بنك اسرائيل بـ 3 – 3.5 مليار شيكل في الاسبوع. عملية التطعيم، السريعة حتى الان، تبعث الامل على أفول الوباء، في مدى عدة اشهر.

يمكن أخذ الانطباع بان استعدادات الدولة، لتسريع الانتعاش الاقتصادي المرتقب محدودة للغاية. وتشهد على ذلك حقيقة أن حتى في بداية 2021 ليس لاسرائيل ميزانية مرتبة وخطة اقتصادية شاملة. تتجه الدولة نحو انتخابات للكنيست في اذار 2021، وليس واضحا أن يتحقق بعدها ايضا استقرار سياسي لمدى بعيد، الامر الحيوي لادارة ناجعة للاقتصاد.

ميزانية العام 2021 بمبلغ 419 مليار شيكل هي ميزانية تواصل (بما في ذلك العلاوات) لميزانية 2020. وهي قريبة في حجمها من ميزانية دولة مرتبة (426 مليار شيكل)، لو كانت أقرت ميزانية مرتبة. ومع ذلك، فان ميزانية العام 2021 تتبع قواعد تنطبق على ميزانية تواصل ولا تقوم على اساس رؤيا شاملة وتخطيط لعموم الوزارات  الحكومية. حسب تقرير لجنة المالية في الكنيست، فان الميزانية المتوفرة للعام 2021 في إطار “الخطة الاقتصادية لمواجهة ازمة الكورونا” تبلغ 7.7 مليار شيكل (52.3 مليار شيكل علاوة للعام 2021 وفائض بمبلغ 20.4 مليار شيكل عن العام 2020). وقال رئيس لجنة المالية النائب موشيه جفني في نهاية المداولات في اللجنة ان: “الدولة في وضع صعب  لا أذكر مثيلا له من ناحية اقتصادية. الوضع الذي يفقد فيه الناس عملهم ويكونون جوعى لكسرة الخبز، ونحن نتوجه الى انتخابات اخرى دون ميزانية وكأننا دولة عالم ثالث”.

رغم الخطورة التي تكون لعدم استقرار الساحة السياسية، فان العامل الاهم للخروج من الازمة هو تطعيم السكان. كما أنه في القطاع العام يعمل مهنيون وللقطاع الخاص قوى قوية خاصة به. وعلى فرض افول الوباء في اسرائيل، متوقع انتعاش، يفترض أن يجد تعبيره على الاقل في محورين اساسين يقيسهما مكتب الاحصاء المركزي:  نمو الانتاج والانخفاض في معدل البطالة من قوة العمل.

وفقا لحساب بنك اسرائيل في 4 كانون الثاني 2021  فان الانتاج الاسرائيلي تقلص في العام 2020 بمعدل 3.7 في المئة مقارنة بالانتاج في العام 2019. ووفقا لحساب وزارة المالية في 17 كانون الثاني 2021، انكمش الانتاج بمعدل 3.3 في المئة في العام 2020. وتنبغي الاشارة الى أن هذه الحسابات أدنى من حسابات سابقة عرضتها هذه الهيئات (التوقع الذي عرضه بنك اسرائيل في تشرين الاول 2020 كان انكماش الانتاج في 2020 بمعدل 5 – 6.5 في المئة).

ووفقا لتوقعات بنك اسرائيل في 4 كانون الثاني 2021 – في سيناريو تطعيم سريع،  يتلاءم اليوم مع الوضع في الميدان، سينمو الانتاج بـ 6.3 في المئة في العام 2021 وبـ 5.8 في المئة في العام 2022؛ بينما في سيناريو تطعيم بطيء سينمو الانتاج بـ 3.5 في المئة في العام  2021 وبـ 6 في المئة في العام 2022.

وحسب توقع وزارة المالية في 17 كانون الثاني 2021 – في السيناريو المركزي سينمو الانتاج بـ 4.6 في المئة في العام 2021.أما السيناريو البديل، الاقل معقولية، لتوقع المالية (استمرار الاصابة بالمرض في معظم العام 2021) فهو  أن النمو في العام 2021 سيبلغ 1.9 في المئة فقط.

البطالة هي أحد المقاييس الاساس التي تعكس العلاقة بين الوضع الاقتصادي ورفاه السكان. في العام 2019 بلغ عدد العاملين 3.967 مليون نسمة ومعدل البطالة 3.8 في المئة بالمتوسط السنوي، هذا هدف ينبغي لاسرائيل أن تسعى للعودة اليه في مدى سنتين – ثلاث سنوات. في ذروة الاغلاق الاول بلغ معدل البطالة الواسعة (بما في ذلك الاجازات غير مدفوعة الاجر) 34.4 في المئة وفي ذروة الاغلاق الثاني 23.5 في المئة. في النصف الاول من كانون الاول 2020، قدر معدل البطالة الواسعة، في مكتب الاحصاء المركزي بـ 12.7 في المئة، نحو 520 الف نسمة (بما في ذلك العاطلين عن العمل، الاجازات غير مدفوعة الاجر واولئك الذين ليسوا في دائرة العمل بعد أن اقيلوا أو اغلقوا مصلحتهم التجارية منذ اذار  2020. والان، مع الاغلاق الثالث طرأ ارتفاع في البطالة الواسعة.

ان الضرر الاشد في هذه الازمة هو في العمالة في اوساط العاملين بفروع السياحة، التجارة، الترفيع ووقت الفراغ، الحراسة وكذا في الاعمال التجارية الصغيرة التي تعاني على نحو خاص بسبب الاغلاقات. في اثناء 2020 اغلق اكثر من 70 الف مصلحة تجارية صغيرة. والان ينبغي العمل كي لا تغلق مصالح جيدة حقا قبل مرحلة الانتعاش.

البطالة ستبقى مستوى عالٍ حتى بعد أفول الوباء. وحسب توقع بنك اسرائيل، ففي سيناريو التطعيم السريع، سيبلغ معدل البطالة الواسعة 7.7 في المئة في الربع الاخير من العام 2021.

لا تتعلق المشاكل المتوقعة في سوق العمل بأزمة الكورونا فقط. ففي الوسط الاصولي، الذي يتسع بسرعة، مطلوب تغيير عميق في استعداد الرجال لاكتساب التعليم العالي المناسب للعمل في الفروع حيث الاجر أعلى من المتوسط والمشاركة في قوة العمل. وحسب تقرير مراقب الدولة في ايار 2020، فان 84 في المئة من البنين الاصوليين، التلاميذ في سن الثانونية، اختاروا “المدارس الدينية الصغيرة” ولم يتعلموا على الاطلاق مواضيع مثل “الرياضيات، الانجليزية والعلوم. وحسب المراقب فان “في اوساط التلاميذ الاصوليين تنشأ فوارق معرفة عميقة تجعل الامور صعبة عليهم وستؤثر على انتاجية الاقتصاد بعمومه”. وذلك، في جانب الوسط العربي الذي يتميز بانتاجية عمل متدنية ومعدل مشاركة متدنية للنساء في قوة العمل.

رغم المصاعب التي في الوسط السياسي الحالي، فان شدة الازمة الاقتصادية والاجتماعية والحاجة للخروج منها في اسرع وقت ممكن، تستدعي خطة اقتصادية وطنية شاملة للحكومة، بالمشاركة بين كل الوزارات الحكومية، القطاع التجاري والسلطات المحلية، تدار وتطبق من قبل هيئة وطنية عملية، يوجهها كابينت الحكومة. ويفترض بالخطة ان تتضمن جملة جهود مثل:

1. رفع مستوى التشغيل في الاقتصاد: جهود في هذا المجال موجودة، ولكن مطلوب توسيعها، تعزيزها والتأكيد من تنفيذها بنجاعة. مثلا، في نية وزارة العمل والرفاه توفير تأهيل مهني في العام 2021 بنحو 30 الف عامل، ثلاثة اضعاف ما كان في  سنوات سابقة. اضافة الى ذلك، اقامت الوزارة (مديرية ارباب عمل) بالتعاون مع القطاع التجاري والمنتدى الاقتصادي الاجتماعي والهستدروت الجديدة. وستجمع المديرية معلومات عن احتياجات الاقتصاد للعمال، تنسق منظومة التأهيل المهني مع الميول المتوقعة في الاقتصاد وتدمج ارباب عمل في برامج التأهيل. وفي اثناء الازمة كانت واضحة ميزة قطاع التكنولوجيا، الذي تضرر اقل وتوجد شركات نمت حتى كون الطلب على تكنولوجيتها الرقمية ارتفع. والنمو في هذا القطاع سيتواصل ايضا بعد الازمة. وبالتالي ففي التفضيل الاول يستوجب تأهيل عاملين للعمل في قطاع التكنولوجيا وفي شركات اخرى في الاقتصاد تطلب من عامليها توجهات رقمية عالية.

2. تقليص نموذج الاجازة غير مدفوعة الاجر الحالي – الذي يضمن دفع بدل بطالة حتى حزيران 2021. ويشار الى انه في كانون الاول 2020 قرر وزير المالية اسرائيل كاتس العمل على تمديد فترة الاجازة غير مدفوعة الاجر بالدفع ايضا ما بعد حزيران 2021، طالما لم ينخفض معدل البطالة  الواسعة عن 7.5 في المئة. والصعوبة هي ان نموذج الاجازة غير مدفوعة الاجر لا يشجع العودة الى العمل، لدى بعض الناس وبالتالي يجب تطبيق نماذج اخرى تثيب العودة الى العمل. مثلا، قرر التأمين الوطني تشجيع العودة الى العمل من خلال “منحة العودة الى العمل” لمن يعود الى العمل حتى 28 شباط 2021، في حالة أن الاجر الجديد سيكون أدنى من اجره السابق.

3. دعم المصالح الصغيرة في المجال المالي والمساعدة في تحسين قدراتها في المجال الرقمي. في هذا السياق، قالت المديرة العام لفيسبوك اسرائيل، عدي سوبر تاني، في 28 كانون الاول 2020 انه يوجد في اسرائيل نحو 540 الف مصلحة صغيرة تشغل نحو 60 في المئة من القطاع التجاري وتساهم بـ 55 في المئة من الانتاج في القطاع التجاري، ولكن فقط في 14 في المئة منها يوجد نشاط رقمي. تشكل ازمة الكورونا محفزا لانتشار الوسيط الرقمي. من خلاله يمكن للاعمال التجارية في كل ارجاء الدولة ان تنمو وان تنتشر بعد الازمة. على الحكومة والسلطات أن تساعد في تطوير الوسائل، الارشاد والبنى التحتية الرقمية للاعمال التجارية التي يكون من الصعب عليها اجتياز هذا التغيير.

4. تقليص البيروقراطية، توجيه الاعمال التجارية وتسريع السياقات التجارية.

وختاما: ان الانتعاش الاقتصادي – الاجتماعي متعلق قبل كل شيء بأفول الوباء. مع اعطاء التطعيم السريع، تشير التوقعات الى نمو الانتاج في 2021 بمعدل 4.6 – 6.3 في المئة. وهذا بالطبع مشروط الا تكون احداث شاذة، مثل تفشي سلالة محصنة من التطعيم. ستتأثر اسرائيل ايضا بالنمو في الاقتصاد العالمي. في عملية الخروج من الازمة، على تقليص البطالة ان يحظى باولوية اولى لانه ذو تأثيرات اجتماعية واسعة. ينبغي تركيز الجهد من اجل الوصول الى معدل بطالة واسعة متدنٍ اقل من  7 في المئة قبل نهاية العام 2021. في اطار ذلك ينبغي استغلال الفرص من اجل العمل على تطوير اقتصاد العمل للمدى البعيد، بهدف رفع معدل التشغيل من قوة العمل وانتاجية العمل، ولا سيما في القطاع الاصولي وفي القطاع العربي (اللذين يشكلان معا نحو 32 في المئة من سكان الدولة)، وكذا في بلدات المحيط. لهذا الجهد، الضروري لنمو مستقر على المدى البعيد، هناك حاجة لتغييرات اجتماعية، مالية وسنوات عديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى