ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عوفر اديرت – لقد شاهدوا اجهزة بيانو وكراسي هزازة وحملوها في الشاحنات ،الجميع عرفوا وصمتوا

هآرتس – بقلم  عوفر اديرت  – 5/10/2020

تحقيق أولي شامل يكشف ابعاد نهب ممتلكات العرب من قبل اليهود في العام 1948، ويشرح لماذا قال بن غوريون إن “معظم اليهود هم لصوص”. المؤرخ آدم راز الذي جمع شهادات من عشرات الارشيفات يصر على أن الامر يتعلق بحالة فريدة تأثيرها يتم الشعور به حتى الآن “.

“من خزانة مصنوعة من خشب المهاغوني صنعنا قن للدواجن، والقمامة كنا نكنسها بطبق من الفضة. كان هناك ادوات خزفية مزخرفة بالذهب، وكنا نفرش على الطاولة ملاية عليها ادوات خزفية وذهب، وعندما انتهينا من الأكل أخذوا كل شيء الى القبو. في مكان آخر وجدنا مخزن فيه 10 علبة كافيار، قالوا. منذ ذلك الحين زملائي لم يكونوا قادرين على لمس الكافيار طوال حياتهم. من جانب كان هناك شعور بالخجل بسبب هذا التصرف، ومن الجانب الآخر كان شعور بالخروج على القانون. مكثنا هناك 12 يوم، في حين كانت القدس تختنق بسبب نقص كل شيء، ونحن كنا نزداد وزنا. فقد أكلنا الفراخ والطيبات التي نقرأ عنها في الكتب. وكانت هناك حالات في “القيادة” في النوتردام، التي حلق الناس فيها اللحية بالشمبانيا. صديق لي حلق لحيته بالشمبانيا لأنه لم تكن توجد مياه. شمبانيا فرنسية. كان ذلك خروج مخجل عن القانون”.

دوف دورون – شهادة عن السرقة في القدس

في 24 تموز 1948، بعد شهرين على قيام الدولة، قال رئيس الحكومة أشياء قاسية جدا عن المجتمع الاسرائيلي. “تبين أن معظم اليهود هم لصوص… أنا اقول ذلك بصورة متعمدة وبساطة. لأنه للاسف هذه هي الحقيقة”. هذه الاقوال مكتوبة، حرفيا، في محضر جلسة لمركز مباي، المحفوظ في متحف حزب العمل. “أبناء الغور سرقوا! الرواد من بين الطلائعيين، وآباء ابناء البلماخ! وقد شارك الجميع في السرقة، الحمد لله، ايضا ابناء نهلال!… هذه ضربة شاملة. هذا أمر مخيف، لأن هذا يكشف بعض الخلل الاساسي. سرقة وسطو – من أين جاءنا هذا؟ لماذا ابناء البلاد، البناؤون والمنتجون والطلائعيون وصلوا الى هذه الاعمال؟ ما الذي حدث؟”، اضاف.

هذا المحضر عثر عليه مؤخرا المؤرخ آدم راز في اطار بحث لكتاب جديد من كتابته. والذي يتناول موضوع مشحون وحساس ومتفجر جدا: “سرقة الممتلكات العربية في حرب الاستقلال” (اصدار الكرمل، بمشاركة معهد عكفوت). المهمة التي اخذها على عاتقه كانت صعبة ومتحدية – يجمع مرة واحدة، في كتاب واحد، كل المعلومات الموجودة عن سرقة الممتلكات العربية من قبل اليهود في حرب الاستقلال، من طبرية في الشمال وحتى بئر السبع في الجنوب، من يافا وحتى القدس ومرورا بمساجد وكنائس وقرى منتشرة بين المستوطنات. لهذه الغاية استعرض جيدا حوالي 30 متحف في ارجاء البلاد وتصفح صحف تاريخية وقرأ ادبيات البحث الموجودة. النتيجة كانت صادمة.

“اجزاء كبيرة من الجمهور الاسرائيلي، مواطنون ومحاربون على حد سواء، كانوا مشاركين في سرقة ممتلكات الجمهور العربي”، قال في أحد المقابلات. “السرقة تفشت مثل النار في الهشيم في اوساط الجمهور اليهودي”. حسب اقوال راز، السرقة شملت محتويات عشرات آلاف البيوت والحوانيت، المعدات الميكانيكية، المصانع، المحاصيل الزراعية، الاغنام وغيرها. وشملت ايضا: اجهزة بيانو، كتب، ملابس، مجوهرات، طاولات، اجهزة كهربائية، محركات وسيارات. النقاش حول مصير الاراضي والمباني التي تركها خلفهم الـ 700 ألف لاجيء عربي الذين هربوا أو طردوا في الحرب، يتركه لباحثين آخرين. في الكتاب الحالي ركز راز على الممتلكات المنقولة فقط. الممتلكات التي كان يمكن تعبئتها في اكياس وتحميلها في سيارات.

بن غوريون ليس الشخصية الكبيرة الوحيدة التي اقتبست في هذا السباق في كتاب راز. ايضا اسحق بن تسفي، زميل الدراسة لـ “الختيار” والذي بعد ذلك اصبح الرئيس الثاني، شهد على ذلك. من وصفه يظهر أنه شارك في السرقة وفي السطو “يهود محترمين اعتبروا السطو شيء طبيعي ومسموح به”. في رسالة لبن غوريون، اقتبسها راز، كتب بن تسفي أن ما يحدث في القدس يضر “بصورة مرعبة” بشرف الشعب اليهودي والقوات المحاربة. “لا استطيع المرور بصمت على السطو، سواء كان منظم من قبل مجموعة أو غير منظم، وتم من قبل اشخاص منفردين. السطو اصبح ظاهرة عامة… الجميع يتفقون مع الرأي الذي يقول بأن لصوصنا سينقضون على الاحياء المتروكة مثل انقضاض الجراد على حقل أو بيارة”.

العمل الارشيفي الاساسي لراز اثمر عن اقتباسات كثيرة قاسية على القراءة من قبل شخصيات كبيرة وصغيرة في اوساط الجمهور وفي المجتمع الاسرائيلي، بدء برئيس الدولة وانتهاء بآخر الجنود. في الملف الارشيفي لمكتب القيم على أملاك الغائبين عثر راز على تقرير من العام 1949 كتبه دوف شفرير، القيم على الاملاك المتروكة. هكذا كتب هناك: “إن الهروب المذعور للسكان العرب بجموعهم وترك ممتلكات ضخمة بمئات وآلاف الشقق والحوانيت والمخازن والورشات، وترك المحاصيل في الحقول والثمار في البساتين والبيارات والكروم، كل ذلك خلال فوضى الحرب… وضع اليشوف المحارب والمنتصر امام اغراء مادي خطير… نوازع الانتقام، التبرير الاخلاقي والاغراء المادي، افشلت الكثيرون…  الامور على الارض تدحرجت في منزلق بدون توقف”.

في ارشيف “يد تبنكين” عثر راز على شهادة حاييم كرمر من لواء النقب في البلماخ، الذي ارسل في حينه الى طبرية لمنع النهب. “مثل الجراد، انقض سكان طبرية على البيوت. اضطررنا الى استخدام القوة والقبائل، وضربهم من اجل اجبارهم على ترك الاشياء على الارض”، شهد. في ارشيف “هشومير” عثر راز على يوميات يوسف نحماني، من مؤسسي المنظمة ومن سكان طبرية، الذي وصف كيف في 1948 “انقض الجمهور اليهودي وبدأ في السطو على الحوانيت… عشرات عشرات، في مجموعات، انقض اليهود وسطوا على بيوت وعلى حوانيت للعرب”.

ايضا الكثير من الجنود “لم يقفوا مكتوفي الايدي وشاركوا في هذا الاحتفال”، شهد ناحوم (عبو) عاف، قائد البلدة القديمة في طبرية من قبل الهاغاناة، في كتاب المذكرات الذي نشره. وقد وصف كيف أن جنود يهود، الذين انتهوا للتو من محاربة المقاتلين العرب، تم وضعهم على مدخل البلدة القديمة من اجل منع سكان المدينة اليهود من اقتحام البيوت العربية. وقد وقفوا مسلحين “مع سلاح امام اليهود، الذين حاولوا الدخول الى المدينة بالقوة. وكان هدفهم السطو والنهب”، شهد عاف. “طوال النهار اصطف الجمهور على الحواجز وحاولوا الانقضاض نحو الداخل. الجنود اضطروا الى مقاومة ذلك بالقوة”.

“كانت هناك منافسة بين فصائل مختلفة من الهاغاناة، التي جاءت بالسيارات والقوارب وحملت كل انواع الاشياء… ثلاجات، أسرة وما شابه”، وصف كرمر في هذا السياق، “من المفهوم أن الجمهور اليهودي في طبرية اقتحم ليفعل مثلهم. هذا ترك علي تأثير قاس جدا، كم هذا قبيح، هذا يلطخ رايتنا… نضالنا تضرر بمستواه الاخلاقي، الخزي والعار… ما هذا الانحدار الاخلاقي”. “كان يمكن رؤية اشخاص يتجولون بين الحوانيت المقتحمة ويأخذون ما بقي في اعقاب النهب المشين”، اضاف عاف في شهادته. “تجولت في الشوارع ورأيت مدينة كانت قبل فترة غير بعيدة طبيعية بهذه الدرجة أو تلك. والآن هي مدينة اشباح، منهوبة، ودكاكينها مقتحمة وبيوتها مقفرة من سكانها… المشهد المخجل جدا كان لاشخاص ينبشون في اكوام تبقت بعد السطو الكبير. في كل مكان رأيت نفس المشاهد المهينة. فكرت: كيف هذا؟ كان يمنع حدوث ذلك”.

نتيفا بن يهودا، مقاتلة اسطورية من البلماخ شاركت في المعركة على طبرية، شهدت هي ايضا على ذلك واستخدمت كلمات قاسية جدا لوصف ما رأته. “هذه الصورة كانت معروفة لنا. ولكن دائما فعلوا بنا هذه الاشياء، في الكارثة، طوال الحرب العالمية وخلال كل المذابح. يا للمصيبة، لقد عرفنا هذه الصور. وهنا نحن فعلنا نفس الامور المفزعة بالآخرين”. كتبت. لقد قمنا بتحميل كل شيء على سيارة التندر – مع رعشة كبيرة في اليدين. لم يكن هذا بسبب الثقل. وحتى الآن يدي ترتعش فقط من الكتابة عن ذلك”.

طبرية التي احتلت في نيسان 1948 كانت المدينة الاولى المختلطة التي تم احتلالها في حرب الاستقلال. لقد كانت “نموذج مصغر لكل ما سيحدث في الاشهر التالية في المدن العربية المختلطة في البلاد”، قال راز. في تحقيقه كشف أنه لا توجد معطيات رسمية عن السرقة، الكمية وقيمتها المالية. ولكن يبدو أنها حدثت في كل مدينة عربية وكل مدينة مختلطة، وبمستويات كبيرة.

هكذا فان الشهادات التي تصف احداث مشابهة للاحداث التي حدثت في طبرية وجدها راز ايضا في توثيق المعركة على حيفا، بعد بضعة ايام من ذلك. “وهم يحاربون ويحتلون بيد، وجد المحاربون الوقت لسرقة، ضمن امور اخرى، ماكينات خياطة، مسجلات وملابس، باليد الاخرى”، شهد زئيف يتسحاقي الذي حارب في حي الخليصة في حيفا.

“الاشخاص اخذوا كل ما طالته ايديهم… المبادرون فتحوا الحوانيت المهجورة وحملوا البضائع على كل سيارة. لقد سادت الفوضى… الى جانب السعادة بسبب تحرير المدينة والارتياح الذي اعقب اشهر من الاحداث الدموية، كان شيء صادم رؤية حماس المواطنين بالانتفاع من الارض الحرام والانقضاض على بيوت اشخاص تجهم القدر في وجوههم وحولهم الى لاجئين”، اضاف تصادوق ايشل، احد اعضاء لواء كرميلي.

“شيوخ ونساء دون فرق في العمر والمكانة الدينية، جميعهم منشغلون بالسطو. ولا أحد يمنعهم. الخزي والعار يغطي وجهي ولدي رغبة في البصق على المدينة وتركها. هذا سينتقم منا ومن تعليم الاطفال، الناس فقدوا كل مشاعر الخجل واعمال كهذه تضر بالاسس الاخلاقية للمجتمع”، كتب يوسف نحماني الذي زار حيفا بعد احتلالها.

النهب كان كثير جدا، الى درجة أن المدعي العام الذي رافق القوات المقاتلة في حيفا، المحامي موشيه بن بيرتس قرر في حزيران 1984 أنه “لا يوجد لدى العرب ما يؤخذ. ببساطة مذبحة… والقادة، للجميع توجد ذرائع: “جئت فقط قبل اسبوعين وغيرها”. ليس هناك من يمكن ضبطه”.

“كم هي كثيرة البيوت المهدمة والاثاث يتناثر تحت هذه الانقاض. ابواب البيوت على جانبي الشارع كانت مقتحمة. اشياء كثيرة من البيوت تناثرت على الارصفة… على عتبة احد البيوت كان هناك سرير مائل ودمية عارية مهشمة بدرجة ما، كانت موضوعة بجانب السرير والوجه الى الاسفل. أين هذا الطفل الآن؟ الى أي منفى ذهب؟ الى أي منفى؟”.

موشيه كرمل، قائد لواء كرميلي، شهادة عن النهب في حيفا

اعضاء مكتب التجارة والصناعة العبري حذروا من النهب. “سنقف في المستقبل امام التاريخ الذي سيحاكم على هذا”، كتبوا. ايضا المؤسسة التي سميت “هيئة الخدمة القضائية”، صرخت. في تقرير بعنوان “وباء النهب والسطو” كتب: “هذه الآفة انتشرت في كل الوحدات وفي كل مستويات القيادة… السرقة والنهب اخذت ابعاد مخيفة وجنودنا يعملون في هذه المهنة بدرجة تعرض للخطر قدرتهم القتالية واخلاصهم لوظائفهم”.

ايضا الحزب الشيوعي حذر من الوضع، وفي المذكرة التي ارسلها لادارة الشعب وقيادة الهاغاناة كتب عن “حملة نهب، سطو وسرقة، لممتلكات العرب بأبعاد مذهلة”. وكتب في المذكرة ايضا بأن “الاغلبية العظمى من شقق السكان العرب تقريبا تم تفريغها من كل شيء له قيمة. وقد سرقت من الحوانيت البضائع والاغراض، ومن الورشات والمصانع تم اخراج الماكينات”.

بن غوريون تطرق لهذه القضية. وبعد احتلال حيفا كتب في مذكراته عن سطو شامل وكامل في حي وادي النسناس نفذه اعضاء الايتسل والهاغاناة. “كانت هناك حالات وجد فيها لدى اعضاء الهاغاناة اغراض مسروقة، وكذلك ايضا لدى القادة”، كتب. بعد بضعة ايام، في جلسة لادارة الوكالة اليهودية قالت غولدا مئير بأنه “في اليومين الاولين كان الوضع في المناطق التي تم احتلالها صعب، خاصة في القطاع الذي كان تحت سيطرة ايتسل، لم يبق خيط في أي بيت”.

ايضا الصحف كتبت عن النهب. في “هآرتس” نشر في نهاية 1948 مقال بقلم آريه نيشر، كاتب الصحيفة في حيفا، فيه كلمات قاسية جدا. “تبين أن اخواننا بنو اسرائيل تعلموا ايضا هذه المهنة (السرقة) وبصورة شاملة تماما كعادة اليهود. ومن الآن يسود ايضا في هذا الفرع “عمل عبري”. نعم، لقد تفشت في حيفا آفة السرقة. وقد شارك في ذلك كل دوائر اليشوف بدون فرق في الطائفة أو الدولة التي جاؤوا منها، مهاجرون جدد وخريجو سجن عكا ومخضرمون من أبناء الشرق والغرب بدون تمييز… أين الشرطة؟”. في صحيفة “معاريف” كتب صحافي آخر شارك في جولة في القدس في تموز 1948: “هلموا، أيها القضاة ورجال الشرطة، الى القدس العبرية، لأننا اصبحنا مثل كل الاغيار”.

“طوال الطريق لا يوجد بيت أو حانوت أو ورشة لم يتم اخراج كل شيء منها… اشياء لها قيمة واشياء ليس لها قيمة، كل شيء بكل ما تعنيه الكلمة. انطباع صادم تتركه عليك هذه الصورة من الهدم والانقاض، بينها يتجول شباب ينبشون بين الخرق الرثة كي يحصلوا على المتعة من الارض الحرام. لماذا لا تأخذ؟ لماذا تشفق؟.

روت لوفيتس – شهادة عن النهب في يافا

راز يعمل في معهد “عكفوت” لابحاث النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني ومحرر مجلة “تيلم” من صندوق “بيرل كتسنلسون”. على الرغم من أنه لا يتمتع بلقب دكتور، إلا أنه يوجد في سيرته الذاتية عدة ابحاث كان بامكانها ببساطة أن تمنحه لقب دكتور – عن مذبحة كفر قاسم وعن البرنامج النووي الاسرائيلي وعن بنيامين زئيف هرتسل. عن نهب ممتلكات عربية من قبل اليهود كتب في مصادر مختلفة. ولكن راز هو كما يبدو أول من كرس لذلك بحث منفرد وكامل. “خلافا للابحاث الاخرى التي كتبت عن الحرب، أنا ارى في سرقة الممتلكات حدث اكبر مما نسب اليه حتى الآن”، قال راز. “أنا اظهر في الكتاب كم تملك القلق معظم متخذي القرارات من النهب ومن اخطاره على المجتمع اليهودي والى أي درجة هذه المسألة موضع خلاف في اوساط متخذي القرارات”. اضافة الى ذلك هو يصف “مؤامرة الصمت” حول الظاهرة، التي بسببها حتى الآن في العام 2020، الزملاء الذين قرأوا كتابه قبل أن يرى النور “تفاجأوا من حجم ظاهرة النهب”، كما قال.

راز كتب في كتابه بأن نهب الممتلكات العربية من قبل اليهود هو حالة “متميزة”، لأن اللصوص كانوا مدنيون (يهود)، الذين سرقوا من جيرانهم المدنيين (عرب). وحسب اقواله “لم يكن هؤلاء مجرد “اعداء” من وراء البحار، بل كانوا جيرانهم من الامس”.

لماذا تدعي أن الامر يتعلق بحالة فريدة؟ التاريخ اظهر لنا بأنه ايضا الجمهور البولندي في الحرب العالمية الثانية نهب ممتلكات جيرانه اليهود الذين عاشوا الى جانبه بسلام منذ مئات السنين. ربما يكون الامر يتعلق بميزة غير فريدة في حالتنا؟ ربما هذه هي طبيعة البشر؟.

“النهب في الحرب هو ظاهرة تاريخية قديمة يوجد لها مراجع في نصوص تاريخية عمرها آلاف السنين. الكتاب لا يتناول هذه الظاهرة بمجملها، بل بالحالة الاسرائيلية – العربية – الفلسطينية. لقد كان من المهم لي التأكيد على أن نهب الممتلكات العربية كان مختلف عن السرقة “العادية” في زمن الحرب. هؤلاء لم يكونوا جنود امريكيين، على سبيل المثال، نهبوا الفيتناميين أو الالمان على بعد آلاف الكيلومترات من بيوتهم. هؤلاء كانوا مواطنون نهبوا جيرانهم المقابلين لهم. أنا لا اقصد بالضرورة انهم عرفوا احمد أو نور الذين قاموا بسرقة ممتلكاتهم، بل أن الجيران كانوا جزء من النسيج الاجتماعي والمدني المشترك.

“اليهود في حيفا وفي محيطها سرقوا ممتلكات الـ 70 ألف عربي في حيفا. مثلا، لقد عرفوا العرب الذين قاموا بسرقتهم. هذه الامور تنطبق بالتأكيد ايضا على المدن المختلطة وعلى القرى التي كانت تقع قرب الكيبوتسات والموشافات. الكتاب مليء بالامثلة التي تدلل على أن اللصوص عرفوا أنهم يقومون بعمل غير اخلاقي. اضافة الى ذلك، الجمهور كان يعرف أن معظم الجمهور الفلسطيني لم يشارك بصورة فعلية في القتال. في الواقع، في معظم الحالات النهب تم بعد القتال، أي في الايام والاسابيع التي اعقبت هرب وطرد الفلسطينيين.

مع ذلك، هذا ليس هو الحالة الفريدة في نوعها.

“بصفتي مؤرخ، أنا لست من اتباع التاريخ المقارن، ولم اجد أنه بالامكان استنتاج الكثير من السرقات التي حدثت في التاريخ من الحالة الاسرائيلية”.

من حيفا يواصل راز الى القدس. هناك، حسب قوله، استمر النهب لاشهر كثيرة. راز اقتبس موشيه سولومون، قائد الفصيل الذي حارب في المدينة والذي كتب في مذكراته: “لقد انجر الجميع، العرفاء والقادة على حد سواء، شهية التملك احاطت بالجميع. في كل بيت نقبوا وفتشوا ووجدوا، البعض وجدوا منتجات، وآخرون وجدوا اشياء ثمينة. هذه الشراهة صدمتني وتقريبا لم استطع العودة الى نفسي. في هذه المنطقة لا توجد حدود لافعال الانسان… اجل، هنا يبدأ المنزلق الاخلاقي والانساني. لذلك، يمكن أن نفهم معنى النظرية التي تقول بأنه في الحرب تطمس قيم الاخلاق والانسانية”.

يئير غورين، من سكان القدس، قال إن “ملاحقة الغنائم كانت في ذروتها… الناس، نساء واطفال، ركضوا هنا وهناك مثل الفئران المسممة. الكثيرون تشاجروا على هذا الشيء أو ذاك في كومة أو على بعض الاغراض ووصلوا الى حد سفك الدماء”.

الياهو سيلع، ضابط عمليات في لواء هرئيل، حدثنا كيف تم “تحميل على شاحناتنا اجهزة بيانو وأرائك مذهبة باللون الازرق. هذا كان أمر فظيع. وقد قالوا، أنا أريد راديو. بعد ذلك عندما رأوا بعض الجنود، ألقوا الراديو. ولكن الجنود انقضوا هناك على كل سرير وحملوا الاغراض في معاطفهم”.

دافيد (فرنر) سنتور، من زعماء “بريت شالوم” وأحد العاملين في الجامعة العبرية، وصف ما شاهده: “عندما تمر في هذه الايام في شوارع رحافيا فأنت ترى فوق كل خطوة وشبر مسنين، شباب واطفال، يعودون من القطمون أو من احياء اخرى مع اكياس مليئة بأشياء مسلوبة. الغنائم كانت متنوعة: ثلاجات وأسرة، ساعات وكتب، ملابس داخلية وخارجية، أي خزي وعار جلبه علينا اللصوص اليهود! أي دمار اخلاقي حل بنا! بعد كل شيء، فوضى فظيعة انتشرت ايضا بين الشباب وكذلك بين البالغين”.

الياهو اربيل، ضابط عمليات في لواء عتصيوني، تحدث عن جنود “ملفوفين بسجاد فارسي”. في احدى الليالي صادف سيارة مصفحة مشبوهة. عندما تقدم منها لفحص من يركب فيها. “رأينا أنها مليئة بالثلاجات والمسجلات والسجاد وكل ما تريد”، حسب قوله. “السائق قال لي: اعطني عنوانك وسأحضر لك الى البيت ما تريد. ولم أعرف ماذا افعل؟ هل اعتقله؟ هل اقتله؟ قلت له: اذهب الى حيث تريد! فسافر”. بعد ذلك، حسب قوله: “الجارة ابلغت زوجتي بأنه يوجد في حانوت معين ثلاجة رخيصة. ذهبت الى الحانوت وقابلت هناك نفس الرجل الذي كان في السيارة المصفحة. قال لي “من اجلك ساعطيك اياها بمئة ليرة. قلت له: ألا تخجل؟! فأجاب: اذا كنت غبيا، فأنا يجب أن أخجل!”.

محاربة من البلماخ – شهادة عن النهب في صفد

“لقد احضرت من صفد اشياء جميلة. وجدت لسارة ولي فساتين عربية مطرزة بشكل جميل جدا، وربما أنهم سيكيفوها لنا هنا. وملاعق ومناديل وأساور وخرز وطاولة دمشقية وطقم فناجين قهوة فضية رائعة. وفوق كل شيء سارة احضرت سجادة فارسية جديدة وجميلة، كبيرة، لم اشاهد مثل جمالها من قبل. صالون كهذا يمكن أن ينافس كل اثرياء تل ابيب. بالمناسبة، هذه الورقة ايضا تعود للعرب”.

ما الذي أخذته معك من هذا البحث الشامل الذي قمت به عدا عن التوثيق التاريخي؟ كانسان وكيهودي وكصهيوني؟

“نهب الممتلكات العربية ومؤامرة الصمت حولها تشكل حتى الآن ظاهرة يجب على الجمهور اليهودي والجمهور الصهيوني الذي أنا جزء منه، أن نواجهها. مارتن بوبر قال في هذا السياق: “الخلاص الداخلي لا يمكن الحصول عليه إلا اذا وقفنا ونظرنا في وجه الحقيقة المميت”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى