الضفة

قراءة في تقرير جديد حول مشروع الضم الأبارتهايد : من الهامش إلى قلب الإجماع الإسرائيلي!

عصمت منصور *- 13/7/2020

كيف انتقل مشروع ضم أجزاء من الأراضي المحتلة منذ 1967- بما يعنيه من تحول دولة إسرائيل من دولة محتلة تمارس أنماطا وتحمل مواصفات نظام تمييز عنصري إلى دولة أبارتهايد فاقعة- من الهامش المتطرف الذي تتبناه وتبشر به حركات سياسية تتموضع في أقصى اليمين الإسرائيلي إلى قلب المجتمع والسياسة والإعلام في إسرائيل؟

لا شك في أن لقمة نيئة وكبيرة بحجم مشروع ضم أجزاء من الأراضي المحتلة والذي يعد الاسم المفلتر لتكريس نظام الأبارتهايد واكتمال عناصره، تحتاج إلى مطبخ متناسق ومائدة واسعة وعملية تفتيت ومضغ وسياق زمني موات وطول نفس من أجل تناولها وهضمها بيسر كما يحدث الآن في إسرائيل.

الإجابة عن هذا السؤال تتطلب العودة إلى الوراء وملاحظة التغيرات المتعلقة ليس بالخارطة السياسية في إسرائيل وصعود اليمين وهيمنة خطابه فقط، بل واللغة الجديدة التي كرسها، وعملية إعادة الصياغة التي أحدثها، إن على مستوى الإعلام والخطاب السياسي أو التشريعات. وهناك محطات كثيرة يمكن النظر إليها على أنها اللحظة الحاسمة في عملية التحول نحو اليمين، من اغتيال إسحق رابين في 1995 إلى صعود بنيامين نتنياهو للحكم في المرة الأولى في 1996 ثم انتخاب إيهود باراك الذي تزامن مع الإعلان رسميا عن فشل المفاوضات في قمة كامب ديفيد الثانية واندلاع الانتفاضة الثانية وعودة أريئيل شارون وخطة الانفصال عن غزة وصولا إلى عودة نتنياهو إلى الحكم في أطول فترة حكم لليمين في إسرائيل (يعتبر نتنياهو صاحب أطول فترة حكم في دولة إسرائيل منذ قيامها حيث حكم بين الأعوام 1996-1999 وأعيد انتخابه في العام 2009 إلى الآن).

هذه التحولات المفصلية والمتدرجة سارت بشكل متواز مع عملية إعادة انتاج للسياسة الحزبية الداخلية والخطاب الإعلامي والأيديولوجي نحو اليمين واليمين الفاشي، وإعادة إنتاج لغة بديلة كانت كفيلة بإجراء عملية فلترة وغسل للمصطلحات المتعلقة بعملية السلام ومصير الضفة الغربية وواقع الاحتلال المستمر فيها منذ العام 1967.

يسلط تقرير جديد لمؤسسة “زولات” الإسرائيلية (مؤسسة زولات ومعناها الآخر بالعبرية، هي مؤسسة فكرية أخذت على عاتقها إعادة شرعية الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان في إسرائيل) الضوء على هذه التحولات والذروة التي بلغتها بالتزامن مع طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخطة السلام والتي أطلق عليها “صفقة القرن” باعتبارها المرحلة النهائية لعملية انتقال إسرائيل من دولة محتلة تحمل ملامح نظام أبارتهايد عنصري قائم على التمييز إلى نظام أبارتهايد رسمي متكامل الأركان.

التقرير الذي حمل عنوان (إنه ليس ضما، إنه أبارتهايد) يمتد على 29 صفحة، وهو مكون من مقدمة وخمسة فصول؛ الأول: الضم سيقود حتما إلى تأسيس نظام أبارتهايد. الثاني: كيف تم غسل مصطلح الأبارتهايد في إسرائيل على سبع مراحل؟. الثالث: تداعيات الضم. ومن ثم الرابع على شكل تلخيص. وأخيرا يقترح الفصل الخامس قاموسا بديلا لأهم المصطلحات التي تمت فلترتها وغسلها في الخطاب الداخلي الإسرائيلي حول الضم.

تنطلق مقدمة التقرير من سؤال مقلق: كيف تحول الأبارتهايد من فكرة هامشية مجنونة تتبناها وتُنظّر لها جماعات هامشية في السياسة والحكم والمجتمع في إسرائيل، إلى سياسة معلنة تتبناها الحكومة وتجمع عليها معظم الأحزاب الإسرائيلية بما فيها أحزاب الوسط وما تبقى من أحزاب اليسار؟ (نتائج انتخابات الكنيست الثالث والعشرين أظهرت اكتساح أحزاب اليمين ويمين الوسط وتلاشي أحزاب اليسار حيث حصل تحالف أحزاب العمل وغيشر وميرتس على7 مقاعد فقط).

ينطوي السؤال ضمنا على فكرة تراجع “اليسار” وواقعه في إسرائيل وهيمنة حكم وخطاب اليمين واليمين الفاشي، وقيامه بتغليف مشروع الضم وتسويقه للجمهور على اعتبار أنه خطوة قانونية، واقعية، ومعقولة، لا بل وضرورية وجوديا لإسرائيل.

جاءت عملية تغليف مشروع الضم وتطبيعه (جعله طبيعيا وفي مركز الخطاب السياسي) من خلال غسل المصطلح بمشاركة المنظومة السياسية التي قادها اليمين في العقد ونصف العقد الأخيرين، والإعلام الذي تبنى اللغة الجديدة دون تحفظ أو مراجعة نقدية.

يجزم الفصل الأول بأن الضم سيقود حتما إلى تأسيس نظام أبارتهايد إن لم يكن هو بحد ذاته التجسيد العملي لخلق هذا النظام، ويتوسع في آليات عملية غسل المصطلح من خلال إقصاء كلمات فجة ومباشرة وتحمل دلالة حقيقية وقدرة على وصف الواقع كما هو، واستبدالها بكلمات ملطّفة ويمكن الدفاع عنها ويسهل تبنيها مثل بسط السيادة وتطبيق القانون الإسرائيلي في المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة.

الضم جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني ووثيقة روما، كما أن الاحتلال يحمل صفات عضوية في نظام الأبارتهايد بشكل لا يمكن إخفاؤه، تحديدا بسبب جريمة الاستيطان ووجود مجموعتين سكانيتين على بقعة جغرافية واحدة تخضعان لمنظومتين قانونيتين مختلفتين “حكم عسكري للفلسطينيين والقانون الإسرائيلي الذي يطبق بشكل شخصي على المستوطنين”، بالإضافة لممارسات الاحتلال التي تكرس واقع التمييز وبنيته التحتية من خلال الجدار والحد من الحركة ومصادرة الأراضي والقمع الممنهج للحد من تطور الفلسطينيين.

الفصل الأول ينتقل إلى نظام الأسئلة المباشرة وتقديم إجابات حولها مثل:

لماذا سيتحول الضم إلى أبارتهايد؟

تعريف الأبارتهايد هو تعريف قانوني أولا وقبل أي شيء آخر، وطالما أن إسرائيل قادرة على خلق التمييز بين نظام حكمها في أراضي 48 وبين الأراضي المحتلة (رغم مسؤوليتها عنها) لا يمكن تعريفها كدولة أبارتهايد، ولكن بعد بسط قانونها على الأراضي المحتلة أو أجزاء منها وإلغاء التمييز بين أراضيها والأراضي المحتلة وتحول النظام إلى نظام حكم واحد ستتحول بشكل تلقائي إلى دولة أبارتهايد.

هل سيتغير الوضع إذا قامت بضم متر واحد أو كل الضفة؟ هل لحجم الضم وعمقه أي أهمية؟

إن ضم متر واحد سينهي ادعاءات إسرائيل الديمقراطية وبأنها تسعى للوصول إلى حل سلمي مع الفلسطينيين.

سيعني الضم الجزئي أنها تؤبد وجودها وسياستها ومنظومتها القائمة على التمييز والعنف والمصادرة، ولكنه لا يحولها إلى دولة أبارتهايد بل دولة تدير منطقة أخرى بملامح أبارتهايد، لأن الترجمة الفعلية لهذا الضم ستعني أن المناطق التي لن يتم ضمها لن تستطيع الاستمرار في الحياة بشكل حر ومتساو وغير قابلة للبقاء خاصة مناطق “ج” و”أ” التي ستكون محرومة من السيادة وإمكانية التطور وستتحول إلى بانتوستانات بحكم ذاتي ضعيف تتحكم بها إسرائيل عن بعد.

إن ضم الكتل الاستيطانية الكبرى التي أقيمت بشكل إستراتيجي لخنق الفلسطينيين، سيكون عبارة عن عملية سرقة ومس بحقوق الإنسان، وكلما كان الضم أوسع وأعمق سنضطر إلى أن نعترف أن هناك منظومة واحدة قوية تسيطر.

ينطبق الشيء ذاته على الضم التدريجي لأن كل متر سيكون مقدمة لضم مناطق أخرى بشكل أحادي.

آلية الفلترة

يشرح الفصل الثاني الآلية التي تمت فيها عملية غسل المصطلح وفلترته وتغليفه بسبع خطوات أو مراحل:

المرحلة الأولى: تفضيل الإعلام “بشكل متعمد ومتكرر” استخدام مصطلح بسط السيادة الذي يبدو للمتلقي محايدا وغير مهدد وغامضا يوحي بحرية الاختيار والاستقلالية، وهو يعني أن المناطق التي احتلت عام 67 ستنتقل من الحكم العسكري إلى حكم الدولة، مع إغفال الإشارة إلى أن القانون لن يطبق على كل المتواجدين في هذه المناطق وكأنهم سينالون حقوقا متساوية.

إن إغفال هذه الحقائق، وأن هذه العملية ستقضي عمليا على حل الدولتين وأنها تتم بشكل أحادي وبالقوة وستؤدي إلى تأبيد حالة عدم المساواة القائمة وتعزيز الفوقية الإسرائيلية، يهدف إلى إزالة الوصمة الأخلاقية الناتجة عن عملية الضم وحرف النقاش من المس بحقوق الفلسطينيين إلى تحقيق الحلم الصهيوني.

المرحلة الثانية: مرّ ارتفاع معدل استخدام المصطلح إعلاميا ونقله من الهامش إلى المركز وتطبيعه (جعله طبيعيا) بمرحلتين لا يمكن فصلهما، تتعلق الأولى بالنقاش نفسه والسجال الداخلي الذي بدأ يتقبل مصطلحات اعتبرت في الماضي غير ديمقراطية ولا أخلاقية وبات الحديث عنها يتم دون خجل، والثانية تخص اللاعبين أنفسهم.

المرحلة الثالثة: يطلق عليها التقرير اسم فصل الألوان من خلال تركيز النقاش على القضايا الشكلية والثانوية مثل: هل هو ضم جزئي أم كلي؟ مع التشديد على أنه جزئي، وأن الحديث يدور حول مناطق محددة تحتوي عددا قليلا من الفلسطينيين.

إن هذه العملية تفرغ الضم من مضمونه وتقدمه بشكل ناعم وسلس وأنه لن يشكل أي تهديد على طابع الدولة اليهودي (بقاء أغلبية يهودية).

يشدد التقرير على أنه لا فرق عمليا وجوهريا بين ضم جزئي وكلي لأن:

– جوهريا وقانونيا الضم ضم مهما يكن حجمه.

– سيؤثر على إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي لها معابر خاصة وتمتلك القدرة على التخطيط وعقد الاتفاقيات.

– سيتضرر الأمن لأن رد الفعل الفلسطيني واحد على الضم الجزئي والكلي.

– الاستقرار الإقليمي والعلاقة مع الأردن سيتضرران بسبب غور الأردن.

– ستُمس مكانة إسرائيل الدولية لأن القانون الدولي يمنع ضم أراض محتلة بشكل غير قانوني إلى أراضي الدولة التي تمارس الاحتلال.

المرحلة الرابعة: هي مرحلة تأقلم الرأي العام الإسرائيلي مع فكرة الضم، وإخفاء الإجحاف والمس اللذين سيصيبان الفلسطينيين، وتزايد لا مبالاة المجتمع، وهذا ناتج عن تغيير المعايير الأخلاقية والحكم السليم وتآكل قيم الديمقراطية في إسرائيل.

وهناك ثلاثة عوامل أدت إلى تطبيع الجمهور مع الواقع السياسي الجديد وتقبل أفكار مثل الضم:

أولاً- تآكل عام في معايير الديمقراطية الداخلية وموجبات الحكم الصالح نتيجة فساد السياسيين وتبلد مشاعرهم تجاه الرأي العام والمعايير الأخلاقية، بخلاف ما كان سائدا في الماضي كما حدث مع رابين في قضية حساب الدولارات. وتعوّد نتنياهو على استسهال المس بأسس الديمقراطية ومهاجمة مؤسسات إنفاذ القانون لدرجة أصبح من الصعب إيقاظ الجمهور ولفت انتباهه.

ثانياً- التحول نحو اليمين في العقدين الأخيرين لدرجة أصبحت فيها أحزاب الوسط هي اليسار وغاب فيها موضوع حل الدولتين.

ثالثاً- تطبيع الاحتلال والتعود على وجوده بسبب طول الفترة وتحوله إلى خفي وغير مرئي وغياب النقد الداخلي والتنكر للواقع. ومهّد الضم كأمر واقع ووجود الاستيطان والجدار والبؤر الاستيطانية عمليا لفكرة الضم ولنقلها من الهامش إلى المركز.

المرحلة الخامسة: عملية التبييض وفلترة اللغة، وتبني الإعلام لخطاب ومصطلحات اليمين وتجنب ذكر كلمة أبارتهايد والاكتفاء ببسط السيادة. فمنذ إعلان خطة ترامب تزايد بشكل ملحوظ استخدام كلمة بسط السيادة الإسرائيلية، وهو ما يشير إلى أنه كلما اقترب موعد الضم تكثف استخدام المصطلح الذي يبرره.

المرحلة السادسة: دور ترامب وإدارته في الضم.

لعب ترامب وإدارته دورا حاسما في تبييض فكرة الضم من خلال عرضها في خطته وتقديمها على أنها جزء من خطة سلام ستقود إلى حل للصراع ينصف الطرفين وهو ما جعل الفكرة عملية وآنيّة وممكنة ويمكن تنفيذها.

ساهم التغير في سياسة الإدارة الأميركية والخطوات التي أقدمت عليها إدارة ترامب أكثر من غيرها في شرعنة فكرة الضم، من خلال الاعتراف بضم الجولان وبالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها وإغلاق ممثلية منظمة التحرير في واشنطن وإدراج الضم ضمن خطة ترامب للسلام، وتزامن هذا مع صعود أنظمة محافظة في عواصم مهمة في العالم تربطها علاقات قوية باليمين في إسرائيل.

المرحلة السابعة : الابتزاز.

وصل النقاش الداخلي حول الضم ذروته من خلال إدراجه في الاتفاق الائتلافي في حكومة الضم التي تشكلت بعد ثلاث جولات انتخابية وأزمة حكم استمرت لعام ونصف العام لم يقدم فيها أي طرف نفسه على أنه بديل أيديولوجي لليمين المهيمن، بل أبرز حالة من التسابق على من يقدم برنامجا يعمق السيطرة على الفلسطينيين ويثبت الفوقية اليهودية.

ولم يقدم وزير الدفاع ورئيس الوزراء البديل بيني غانتس (رئيس أزرق أبيض) أي رؤية بديلة لنتنياهو، واستغل فرصة وجود أزمة فيروس كورونا، وتعب الجمهور من أزمة الحكم وثلاث جولات انتخابات، ليلتحق بالحكومة التي وضعت الضم كأحد أبرز مشاريعها وهو ما أعطى الضم مصداقية وبيّضه وشرعنه بشكل نهائي، خصوصا بعد انضمام حزب أزرق أبيض لها مع عضوين من أصل ثلاثة أعضاء من حزب العمل.

آثار الضم وماذا يعني حقا؟

أولا: تحول وضع مؤقت إلى وضع دائم وإزالة الفارق بين دولة إسرائيل والأراضي التي تحتلها لتصبح رسميا دولة أبارتهايد تدير بشكل ممنهج نظام فصل عنصري.

ثانيا: تخلي الحكومة الإسرائيلية أمام شعبها عن المبرر الأمني لاستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية وهو ما يعتبر بمثابة اعتراف أمام العالم أن الاحتلال استمر كل هذه السنوات بهدف كسب الوقت من أجل الوصول إلى الضم ومن أجل منع قيام أي دولة أخرى غير إسرائيل بين النهر والبحر.

ثالثا: انتفاء نية التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين وحل تاريخي قائم على أساس حل الدولتين.

رابعا: خرق واضح للقانون الدولي الذي يحظر ضم أراض تحت الاحتلال لأراضي الدولة المحتلة أو المس بمكانة سكانها، وأيضا المس بمكانة إسرائيل وصورتها دوليا.

خامسا: منع أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية تتمتع بتواصل جغرافي.

سادسا: تماهي الدولة ومؤسساتها مع حركات المستوطنين والخارجين على القانون وإزالة أي فارق بينها وبينهم.

سابعا: زوال أي رقابة على المستوطنات ومجالسها على حساب جيرانها الفلسطينيين.

ثامنا: تخلي إسرائيل رسميا عن التزامها بحقوق الفلسطينيين الواقعين تحت سيطرتها بما تكفله المرجعيات الدولية المنظمة للعلاقة بين المحتل والواقع تحت الاحتلال.

تاسعا: وصول الفلسطينيين لقناعة أنه لن تكون لهم دولة في أي يوم من الأيام وأن إسرائيل تخلت عن هذا الالتزام وهو ما سيقود إلى تجدد دورة العنف.

عاشرا: ستجد إسرائيل التي تعاني من آثار فيروس كورونا الاقتصادية نفسها مضطرة للإنفاق على تدابير أمنية بسبب الوضع الأمني الذي سينهار في أعقاب إعلان الضم.

*****

إن الخلاصة التي يصل إليها التقرير هي أن تضافر عوامل داخلية وخارجية أدى إلى جعل عملية الضم يسيرة وممكنة، برغم تنافيها الصارخ مع القانون الدولي ومرجعيات عملية السلام، وما تنطوي عليه من تداعيات غير قابلة للإصلاح إن على مستوى عملية السلام أو طبيعة دولة إسرائيل ومستقبل حل الدولتين والسلام والاستقرار الإقليمي، وهي نتيجة لا يمكن إصلاحها عبر انتخابات داخلية يستبدل فيها نظام الحكم، أو من داخل دولة إسرائيل بشكل مستقل وذاتي من دون ممارسة ضغط دولي وعربي وفلسطيني وجعل الاحتلال مرئيا ومكلفا على اقتصاد إسرائيل وسمعتها ومكانتها.

ولا بد أن نضيف أن أكثر المرجعيات موثوقية وخبرة أمنية والتزاما بالأهداف الصهيونية مثل مركز أبحاث الأمن القومي، أو القادة السابقين في أجهزة الأمن وممن احتلوا مواقع عسكرية متقدمة، والنخب العسكرية والاقتصادية، عارضت الضم لاعتبارات أمنية نفعية آنية لها علاقة بمصالح إسرائيل المباشرة، دون أن تقدم أي مرافعة أخلاقية متوازنة أو أن تؤيد صراحة حل الدولتين وتعترف بحقوق الشعب الفلسطيني.

حتى استطلاعات الرأي العام أظهرت أن هناك حالة تساو في أحسن الحالات وتفوق في نسبة تأييد الضم (في استطلاع الرأي الذي أعده معهد الديمقراطية أيد الضم 53% من الجمهور)، وهذا إذا ما تجاهلنا نتائج الانتخابات التي عكست الميل الواضح نحو اليمين والتسابق على تبني خطة ترامب ومشروع الضم.

أخيراً، إن الطريق الذي يقود اليمين إسرائيل إليه ما كان بالإمكان أن يلاقي هذا النجاح لولا جبن وتراخي وعدم تماسك قادة من يفترض أنهم البديل السلطوي والأيديولوجي لحكم نتنياهو واليمين، والذين أزيحوا إلى الهامش الذي كان يحتله اليمين المتطرف، أو التحقوا من موقع ذيلي وغير مؤثر بحكومة نتنياهو التي تصرح عن نفسها بأنها “حكومة الضم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى