ترجمات أجنبية

فوين أفيرز: وقف واشنطن مبيعات الاسلحة الى الرياض خطوة ستعيد السعودية الى الواقع

فوين أفيرز: وقف واشنطن مبيعات الاسلحة الى الرياض خطوة ستعيد السعودية الى الواقع، بقلم ريتشارد بلومنتال وجيفري سونينفيلد 24-10-2022م

في الأسبوع الماضي ، انضمت المملكة العربية السعودية إلى روسيا والدول الأخرى المنتجة للنفط في المنظمة المعروفة باسم أوبك + في التصويت لخفض إنتاج النفط في لحظة ارتفاع أسعار الطاقة تاريخيًا وارتفاع التضخم. يبدو أن التوقيت مصمم ليس فقط لتغذية آلة الحرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولكن أيضًا لعكس العمل العدواني الذي قام به الكونجرس الأمريكي وإدارة بايدن لمواجهة معدلات التضخم المرتفعة وخفض أسعار الغاز. لكن هذا العمل العدائي الذي قام به أصدقاء واشنطن المفترضون في الرياض قدم جانبًا إيجابيًا: فقد أظهر أن الولايات المتحدة لديها نفوذ كبير لتصحيح ما أصبح علاقة غير متوازنة في الأساس. مرارًا وتكرارًا ، نكثت المملكة العربية السعودية بوعودها للولايات المتحدة ، سواء عن طريق ذبح المدنيين في اليمن بأسلحة أمريكية ، أو بقتل الصحفي جمال خاشقجي المقيم في الولايات المتحدة ، أو بارتكاب انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان. لقد حان الوقت للولايات المتحدة للتوقف عن تمكين السلوك السيئ للمملكة العربية السعودية وإعادة ضبط هذه العلاقة أحادية الجانب.

تحقيقا لهذه الغاية ، قدم أحدنا ، السناتور ريتشارد بلومنتال ، الديمقراطي عن ولاية كناتيكيت ، تشريعا من شأنه أن يوقف جميع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية لمدة عام واحد في أعقاب قرارها بتعريض الاقتصاد العالمي للخطر من خلال خفض إنتاج النفط. إذا عكس السعوديون المسار واستعادوا مستويات إنتاج النفط الموعودة ، يجب على واشنطن إعادة النظر في التوقف المؤقت لبعض مبيعات الأسلحة الأقل حساسية والأنشطة ذات الصلة ، مثل خدمة الطائرات ودبابات M1A2 Abrams. ومع ذلك ، يجب أن تظل عمليات نقل أنظمة الأسلحة الحساسة ، مثل أنظمة الدفاع عن منطقة الارتفاعات العالية الطرفية (ثاد) وأنظمة صواريخ باتريوت التي عُرضت على المملكة العربية السعودية اعتبارًا من عام 2017 ، متوقفة مؤقتًا حتى يتم إعادة تقييم العلاقة الأمريكية السعودية بالكامل. وإذا ضاعفت الرياض من تحالفها الخاطئ مع موسكو ، فيجب أن تكون واشنطن مستعدة لوقف مبيعات الأسلحة هذه بشكل دائم. يمكن القول إن المملكة العربية السعودية تحتاج إلى أسلحة أمريكية أكثر مما تحتاجه الولايات المتحدة من النفط السعودي. إذا استمرت الرياض في أخذ المزيد من واشنطن مما تقدمه في المقابل ، فعليها أن تتعامل مع العواقب.

إن العلاقات الأمريكية- السعودية لا تصنف من الناحية الفنية كحلف بين البلدين، ولم توقّعا معاهدة دفاع مشترك. ولكن الولايات المتحدة قدمت ولعقود، الدعم الأمني  للرياض، مقابل النفط. وظلت حقول النفط السعودية تحت السيطرة الأمريكية حتى السبعينات عندما أعادت السيطرة للسعوديين، بحيث تحولت البلاد إلى أكثر بلدان العالم ثراء.

ولكن الولايات المتحدة ظلت ملتزمة بأمن المملكة مقابل النفط والقيادة في المنطقة. إلا أن الرياض ظلت تستغل العلاقات التاريخية، واكتسبت معدات أمنية أكثر من حاجتها وقدرتها، والأكثر إثارة للقلق، هو أن السعودية حصلت منذ 2017 على أسلحة دفاعية حساسة وتكنولوجيا بشكل تجاوز ما تقدمه الولايات المتحدة لحلفائها الذين تثق بهم مثل كندا، أستراليا، إسرائيل، بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. وإلى جانب نظام ثاد وباتريوت، يملك السعوديون مروحيات قتالية ومقاتلات ذات أجنحة ثابتة من بين الأسلحة المتقدمة أمريكية الصنع. ويجب أن تقلق الولايات المتحدة من خطط السعودية تصنيع أجزاء مهمة من هذه الأنظمة محليا، معتمدة على التكنولوجيا الأمريكية المنقولة.

ومن هنا، فتراجع السعودية عن وعدها بالحفاظ على معدلات النفط، يقدم فرصة لإعادة النظر في صفقات السلاح الخطيرة والمتهورة هذه. وعلى الولايات المتحدة وقف نقل التكنولوجيا الحساسة هذه قبل أن تفقد السيطرة عليها. كما أن على الولايات المتحدة ألا تستأنف نقل التكنولوجيا هذه، حتى لو تراجعت السعودية عن قرارها، وربط رفع الحظر بإعادة تقييم شامل للعلاقات الدفاعية الأمريكية- السعودية. وفي حالة التزم السعوديون بقرارهم، فعلى واشنطن أن تكون جاهزة لوقف التعاون ولأجل غير مسمى. وسيؤدي هذا لتآكل الدفاعات السعودية. وبدون المساعدة الأمريكية، سيتوقف الدفاع الجوي للملكة في غضون أشهر، نظرا لأن الأنظمة الأمريكية ليست متطابقة مع الأنظمة الأجنبية ولا يمكن استبدالها.

وقال خبير الأسلحة بروس ريدل لـ”واشنطن بوست”: ” تستغرق عملية التحول من الطائرات الأمريكية والبريطانية إلى الروسية والصينية عقودا. وينسحب هذا على الدبابات والاتصالات والمعدات التكنولوجية المتقدمة الأخرى”. باختصار، لن تستطيع الرياض الحصول على بديل آخر في ليلة وضحاها. ولن يؤثر قرار أمريكا وقف صفقات السلاح للسعودية إلى تقوية الصين وروسيا، لأن الرياض تعتمد على واشنطن، حيث تشتري 70% من أسلحتها، و100% من الأسلحة المتقدمة جدا من الولايات المتحدة.

أما نسبة 21% من مجمل مشتريات السعودية، فهي عبارة عن أسلحة متدنية القدرة وأسلحة صغيرة عفا عليها الزمن، سوفيتيية الصنع، مثل قاذفات القنابل اليدوية والذخيرة إلى جانب المسيرات صينية الصنع. وببساطة، تظل الأسلحة الامريكية الأكثر تقدما في العالم، ومتقدمة بأجيال على الأسلحة الروسية العتيقة التي تستخدم في ساحات المعارك بأوكرانيا.

ولدى السعودية أسباب أخرى لعدم شراء أسلحتها من مزودين غير غربيين، فروسيا والصين تبيعان أسلحتهما لإيران المنافسة لها بالمنطقة. وعليه، فتوقيع اتفاقيات شراء أسلحة من موسكو وبكين سيكون تهديدا أمنيا على المملكة. وفي هذا الإطار، فوقف بيع الأسلحة للسعودية لن يصبّ في مصلحة إيران، فالسعودية القوية تظل حاجزا ضد التهديد الإيراني لو تصرفت بمسؤولية، لكنها لم تفعل ذلك. بل على العكس، فطريقة استخدامها غير الذكية للسلاح الأمريكي أدت لتقوية إيران ووكلائها في المنطقة من اليمن إلى سوريا والعراق ولبنان. فالسيطرة على شركاء أمريكا السعوديين، والحد من إساءة استخدام السلاح الأمريكي، لن يقوي إيران أو يوسع تأثيرها الخبيث، بل سيحدّ منه.

وربما تأثرت صناعة السلاح والمتعهدين العسكريين الأمريكيين من الحظر هذا. إلا أن الكاتبين يقدمان رؤية مختلفة، ويقولان إن التاثير سيكون محدودا؛ لأن مبيعات السلاح للسعودية تشكل جزءا صغيرا من الموارد وخلق وظائف في الصناعة الدفاعية الأمريكية. وستكون النسبة أقل مع زيادة الطلبيات على السلاح الأمريكي خاصة أنظمة ثاد وباتريوت من دول الخليج الأخرى وحول العالم.

وهناك أمر آخر يتعلق بسياسة النفط. فوقف مبيعات الأسلحة الأمريكية لن يؤدي لحصول السعودية على إمدادات إضافية من السوق، فهي تضخ 33% من النفط، أقل مما كانت تضخه قبل عامين. وتخفيض معدلات الإنتاج سيؤدي لخسارتها حصة في السوق للدول الأخرى، خاصة أن خزانات النفط مليئة؛ لأن الرياض ترفض الإفراج عن أي احتياط استراتيجي هذا العام.

جهود السعودية التحول من دولة بترولية مطلقة، ومحاولة بناء صورة لها كواحة للاستقرار، حيث خففت الكثير من القيود على المرأة وبدأت مشروع مدينة كلفتها 500 مليار دولار، إلا أن السلوك من حقوق الإنسان استمر. فمنظمة فريدم هاوس، صنفت المملكة في الفئة الدنيا في تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان، أمام المنتدى الاقتصادي العالمي. ووضعتها مع آخر خمس دول عندما يتعلق بالمساواة بين الجنسين.

وكان قرار المملكة دعم روسيا في السياسة النفطية، عاملا آخر في تشويه سمعتها. ولا يمكن للولايات المتحدة مواصلة التسامح مع القصور في سلوك السعودية بطريقة تعرض مصالحها للخطر. ويعتقد قادة السعودية أنهم قادرون على دفع الولايات المتحدة للزاوية وإجبارها على القبول بشروطهم حول الشراكة التي لا تخدم كثيرا المصالح الأمريكية. وعليه، فوقف صفقات الأسلحة سيكون رسالة للرياض بأن عليها الحصول من جديد على ثقة واشنطن.

*ريتشارد بلومنتال السناتور الديمقراطي عن كونيكتيكت ،

* البرفسور جيفري سونينفيلد، أستاذ ممارسة الإدارة بجامعة ييل،

The Saudis Need a Reality Check : Washington Should Pause Arms Sales to Rein in Riyadh

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى