ترجمات أجنبية

فورين بوليسي: نتنياهو رسم خطة طريق للعلاقات الأمريكية السعودية

فورين بوليسي 8-2-2023، بقلم جيمس تروب *: نتنياهو رسم خطة طريق للعلاقات الأمريكية السعودية

نتنياهو الذي وصل إلى الحكومة قبل ستة أسابيع، كان في الظروف الطبيعية سيدعى لزيارة واشنطن، لكن ليس الآن، فهناك قلق داخل إدارة بايدن من الحكومة التي يقودها والجدل الذي تثيره معاملته للفلسطينيين وخططه لتغيير النظام القضائي بشكل يجعل المحكمة العليا تابعة للكنيست. وعندما يدعى للزيارة، ولن يطول الأمر، فإنه لن يلقى ترحيبا معهودا بل مساءلة صارمة من بايدن. وسيدافع رئيس الوزراء عن نفسه بأنه قادر على التحكم بالمجانين في ائتلافه الحكومي لو حصل على ما يريد. وما يريده هو إصلاح العلاقات مع السعودية.

وبحسب الخبراء الإقليميين، فإن نتنياهو مهتم بموضوع واحد – علاوة على مخاوفه من الانتهاء بالسجن بسبب اتهامات الفساد – هو إخراج إسرائيل من عزلتها وضم السعودية إلى نادي اتفاقيات إبراهيم التي تضم الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.

ويعتقد نتنياهو أن الولايات المتحدة قادرة على إقناع المملكة، فقد أخبر ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين أنه يريد من واشنطن معاملة بلاده كقوة إقليمية، ويكون ذلك من خلال استئناف صفقات الأسلحة التي أوقفت في الخريف الماضي وتقديم واشنطن التزامات أمنية تمنحها عادة لحلفائها المقربين.

ويعتقد نتنياهو أن بايدن قادر على القيام بالمهمة. وهي فكرة رهيبة وإن لم تكن رهيبة في حد ذاتها كما يقول الكاتب. فكرة اتفاقيات إبراهيم قامت على إعادة تكييف الثقافة السياسية العربية. ففي الماضي دعمت الأنظمة العربية المهتزة والضعيفة شرعيتها من خلال عداء إسرائيل. فدول مثل مصر والأردن التي أنهت حروبها مع إسرائيل انتهيتا بتبني القضية الفلسطينية. وفي الوقت الذي دخلت فيه مطالب الفلسطينيين بالدولة حالة من الجمود خلال الـ30 عاما الماضية، باتت الجمهورية الإسلامية الثورية في إيران تمثل خطرا على جاراتها في دول الخليج وإسرائيل.

ومن هنا تغلب منطق العدو المشترك على الالتزام الأيديولوجي الذي فقد قيمته بالمقايضة، وعلى الأقل بين الطبقات الحاكمة. ووقعت الإمارات العربية المتحدة بدفع من دونالد ترامب اتفاقية دبلوماسية مع إسرائيل في آب/أغسطس 2020، وتبعتها دول أخرى.

الاتفاقيات باتت حقيقة عندما لاحظ في واحدة من زياراته المنتظمة لفرع جامعة نيويورك في أبوظبي تجمعا لليهود الأروثوذكس في ممر قريب من قاعة التدريس التي كان يحاضر فيها. وفي نهاية الأسبوع الماضي، عقد الطلاب الإماراتيون الذين يدرسهم نقاشا حول إسرائيل وإن كانت شريكا جيدا للعرب. وكان الطرف الموافق على أنها جيدة يدعو إلى ضرورة النظر للأمام لا الخلف.

وبعيدا عن هذا، فالجزء الجوهري من اتفاقيات إبراهيم هو التعاون الأمني الإقليمي ضد إيران. وقد وقعت إسرائيل الآن اتفاقيات أمنية مع المغرب والبحرين وتساعد الإمارات في الدفاع الصاروخي بعد الهجمات على أبوظبي التي أطلقها الحوثيون حلفاء إيران في اليمن، وأصابت الهجمات السعودية أيضا ودفعت دول الخليج أكثر نحو إسرائيل وقدراتها الدفاعية الصاروخية المتمثلة بالقبة الحديدية.

وربما كان نتنياهو محقا باعتقاده أن الشرق الأوسط سيكون مختلفا لو انضمت السعودية لاتفاقيات التطبيع، فهي سادنة الحرمين في مكة والمدينة وقوة اقتصادية ومدافعة عن الفلسطينيين. وتمت مناقشة الموضوع بشكل مفتوح في الرياض، إذ إن محمد بن سلمان ليس أكثر تعاطفا مع الفلسطينيين من الرئيس الإماراتي محمد بن زايد. فلم يعترض على نقل ترامب السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهو قرار أغضب الفلسطينيين وأنصارهم.

ونقلا عن ديفيد شينكر، المسؤول السابق في إدارة ترامب، إن الزعيم السعودي لم يذكر الفلسطينيين في نقاش طويل مع خبراء زاروه في الخريف الماضي. لكن مشكلة نتنياهو تنبع أولا من موقف الملك سلمان، الذي يدعم الفلسطينيين مع الجيل الذي يمثله. ولو وضع نتنياهو المتطرفين في حكومته وأطلق لهم العنان لتوسيع المستوطنات وضم الضفة الغربية، لن يوافق محمد بن سلمان.

ويتعلق الأمر الثاني ببايدن، فالأمريكيون حسب شينكر غير مؤثرين على السعودية التي ترى أنها ليست مرتبطة بالفلك الأمريكي وتقيم علاقات مع الولايات المتحدة والصين وروسيا. وعندما زار بايدن السعودية وطلب من ولي العهد المساعدة في تخفيض أسعار النفط لم يتلق استجابة. والسبب الرئيسي، الذي يقف أمام آمال نتنياهو، هو أن بايدن لن يستجيب للمطالب التي يريدها محمد بن سلمان، فبعيدا عن سياساته في الداخل والحرب التي يخوضها في اليمن، فإن تقديم الولايات المتحدة ضمانات تشبه تلك الموجودة بين أعضاء الناتو أمر مستحيل، فماذا لو ردت السعودية على هجوم حوثي بضرب إيران مستندة على التزام أمريكا بأمن المملكة لو ردت إيران على الضربة؟ حتى ترامب المعروف بصداقته للسعودية لم يخط هذه الخطوة.

وهناك أمر آخر، وهو عدم مشاركة بايدن، وخلافا لترامب، الموقف الإسرائيلي والسعودي من أن إيران يمكن أن تسكت بالقوة. فقد أثر البلدان على ترامب الذي قرر الخروج من الاتفاقية النووية. وهو تحرك جعل إيران دولة نووية وأكثر خطرا من 2015 عند توقيع الاتفاق.

على العكس، يريد بايدن المساعدة من إسرائيل والسعودية في احتواء إيران، ولن يسمح لهما في الوقت نفسه بجر الولايات المتحدة إلى تحركات عدوانية تجعل إيران عصية على الحوار.

وفي النهاية، لن يقدم بايدن أي خدمة لنتنياهو ولن يسمح له الكونغرس بهذا. وربما لم يكن هذا مهما، فالمصالح المشتركة بين السعودية وإسرائيل قد تضعهما في نفس الخندق ضد إيران. ولكن بايدن لا يستطيع أن ينفض يديه من السعودية أيضا، كما اعتقد عندما تولى المنصب. فقد اكتشف الرئيس أن السعودية “دولة متأرجحة” في سوق النفط ولها نفوذ عليه. ويحتاج بايدن إسرائيل والسعودية لوقف تمدد مخالب إيران في المنطقة.

وعندما يزور نتنياهو واشنطن أخيرا، على بايدن إخباره بأن الولايات المتحدة مستعدة للمساعدة في تشكيل النظام الجديد في الشرق الأوسط والنابع من اتفاقيات إبراهيم ولكن ليس النظام الذي يقوم على إهانة الفلسطينيين وتغيير النظام في إيران.

 

لزميل غير المقيم في مركز جامعة نيويورك للتعاون الدولي.

 

Netanyahu Has Drawn a Saudi-U.S. Road Map

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى