ترجمات أجنبية

فورين بوليسي – مصر الخاسر الأكبر .. كيف يهدد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي مكانة قناة السويس؟

فورين بوليسي – 8/9/2020

قناة السويس المصرية ستكون الخاسر الأكبر من اتفاق التطبيع  الإماراتي – الإسرائيلي، والذي بموجبه تلغي أبوظبي المقاطعة، ما سيساعد  تل أبيب في تفعيل خط صحراوي لنقل النفط، يسحب عملاء القناة. خط أنابيب النفط الصحراوي، الذي يربط بين ميناء إيلات على خليج العقبة بالبحر الأحمر، ومحطة ناقلات النفط بعسقلان على البحر المتوسط، سيكون المستفيد الرئيسي من اتفاق التطبيع.

مع إلغاء الإمارات رسمياً المقاطعة التي استمرت عقودا لـ(إسرائيل)، فإن الأخيرة على وشك أن تلعب دوراً أكبر بكثير في تجارة الطاقة بالمنطقة، وسياسات البترول، والأعمال الكبيرة، واستثمارات النفط.

ونقل عن مديري شركة خط أنابيب آسيا التي تدير الخط الصحراوي، إن طوله يبلغ 158 ميلا من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، ما سيكون بديلا أرخص من قناة السويس المصرية وخيارا للاتصال بشبكات أنابيب عربية تنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تزود العالم.

كما نقل عن “إيزيك ليفي” الرئيس التنفيذي لشركة خط أنابيب آسيا، أن هذا الخط يمكنه خفض حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق الآن عبر قناة السويس القريبة.

 ما يميز هذا الخط عن قناة السويس، هو قدرة المحطات في عسقلان وإيلات على استيعاب الناقلات العملاقة التي تهيمن على شحن النفط اليوم، لكنها أكبر من أن تسعها القناة.

رغم أن الكثير من الضجيج حول اتفاق الإمارات والكيان الإسرائيلي ركز على قطاعات أخرى مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم والسياحة، فإن خط أنابيب إيلات – عسقلان يضع الصفقة في قلب عالم البترول.

الآن بعدما كسر الإماراتيون الجليد، أصبحت فرص صفقات الطاقة العربية الإسرائيلية واسعة ومربحة، بدءًا من الاستثمار في خط الأنابيب الإسرائيلي نفسه، وصولاً إلى تكييفه لنقل الغاز الطبيعي أو توصيله بخطوط الأنابيب عبر المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط الأوسع.

 قبل ما يزيد قليلاً على 60 عاماً عندما تم بناؤه، كان خط أنابيب إيلات-عسقلان بمثابة مشروع بناء ضخم يهدف إلى ضمان إمدادات الطاقة لـ(إسرائيل) وأوروبا في أعقاب أزمة السويس عام 1956، عندما فرض الرئيس المصري الراحل “جمال عبدالناصر” قيودًا على الشحن عبر القناة، ما أدى إلى عدوان القوات الإسرائيلية والبريطانية والفرنسية على مصر. وكشفت أن معظم النفط المتدفق عبر خط الأنابيب كان من إيران، التي كانت تربطها علاقات وثيقة ولكن سرية مع (إسرائيل) لعقود من الزمن في عهد الشاه “محمد رضا بهلوي”.

وفي عام 1968، سجلت الحكومتان الإسرائيلية والإيرانية ما كان يسمى آنذاك شركة خط أنابيب إيلات-عسقلان كمشروع مشترك لإدارة تصدير النفط الخام الإيراني عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة وما بعدها عن طريق الناقلات إلى أوروبا.

وأمرت محكمة سويسرية (إسرائيل) في عام 2015 بدفع تعويضات لإيران بنحو 1.1 مليار دولار كحصة من الأرباح من الملكية المشتركة لخط الأنابيب منذ قطع الخصمين العلاقات في عام 1979، لكن (إسرائيل) رفضت الدفع.

بينما تم بناء خط الأنابيب الرئيسي للشركة البالغ قطره 42 بوصة لنقل النفط الإيراني شمالًا إلى البحر الأبيض المتوسط، فإنها تقوم الآن بمعظم أعمالها في الاتجاه المعاكس، ويمكنها ضخ النفط الذي تم تفريغه في عسقلان من السفن المرسلة من قبل منتجين، مثل أذربيجان وكازاخستان، إلى ناقلات في خليج العقبة لنقلها إلى الصين أو كوريا الجنوبية أو أي مكان آخر في آسيا. ويمكن للسفن المعروفة في مجال النفط الخام باسم VLCCs ، أو ناقلات النفط الخام الكبيرة جدًا، نقل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط.

بينما قناة السويس التي يبلغ عمرها أكثر من 150 عامًا، يكفي عمقها واتساعها فقط للتعامل مع ما يسمى بسفن “سويز ماكس”، مع نصف سعة ناقلة النفط العملاقة فقط، وبالتالي يتعين على تجار النفط استئجار سفينتين عبر القناة مقابل كل سفينة يرسلونها عبر الأراضي المحتلة، مع رسوم باتجاه واحد عبر السويس تصل لما بين 300 ألف دولار و400 ألف دولار، ويقول الرئيس التنفيذي لشركة خط أنابيب آسيا، “إيزيك ليفي”، إن خط الأنابيب يسمح لـ(إسرائيل) بتقديم حسم كبير. ويعمل بالتوازي مع هذا الخط، أنبوب آخر مقاس 16 بوصة يحمل المنتجات البترولية مثل البنزين والديزل.

عمل الخط كان على مدار السنوات الماضية، أحد أسرار (إسرائيل) التي تخضعه لحراسة مشددة حتى اليوم. الأبعاد التي يذهب إليها عملاء الخط الصحراوي لإخفاء هوياتهم من خلال عمليات التسجيل المتعددة وأساليب إخفاء الشركات الأخرى تعتبر أسطورية، حيث إن المقاطعة التي فرضتها الإمارات وجيرانهما المنتجون للنفط كانت تعني أن الناقلات التي تعترف بالرسو في (إسرائيل) سيتم منعها من عمليات التحميل المستقبلية في الخليج، وهو ما يؤدي إلى تدمير أعمالهم. هدف الخط هو أن يستحوذ خط الأنابيب على ما بين 12 و17% من تجارة النفط التي تستخدم الآن قناة السويس.

وبسبب قيود القناة، يتم ضخ الكثير من خام الخليج المتجه إلى أوروبا وأمريكا الشمالية عبر خط أنابيب السويس-البحر الأبيض المتوسط (المعروف بخط سوميد) في مصر، والذي تمتلك فيه السعودية والإمارات حصة. ومع ذلك، يعمل خط الأنابيب المصري في اتجاه واحد فقط، ما يجعله أقل فائدة من منافسه الإسرائيلي، والذي يمكنه أيضًا التعامل، على سبيل المثال، مع النفط الروسي أو الأذربيجاني المتجه إلى آسيا. مصر “ستكون الخاسر”، والتي ستشهد ضعف الأعمال وستكون لديها سيطرة أقل على الأسعار الآن مع وجود منافسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى