ترجمات أجنبية

فورين بوليسي – بقلم جوناثان شانزر – عودة السياسة الفلسطينية

فورين بوليسي – بقلم جوناثان شانزر * –  9/4/2021

من المقرر إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في 22 أيار (مايو). وسواء حدث الاقتراع أم لا، فإن تحديد موعد للانتخابات الفلسطينية أخيرًا كان شيئًا لا يُصدق. إذ كانت السياسة الفلسطينية عالقة في حالة من الجمود، وتم تعليق الانتخابات منذ فوز حركة حماس (الإرهابية) بأغلبية برلمانية في العام 2006. وأفسح الجمود الطريق أمام نشوب حرب أهلية في العام 2007، إذ سيطرت حركة “حماس” على قطاع غزة وتمسكت منظمة التحرير الفلسطينية بالسلطة في الضفة الغربية. ومنذ ذلك الحين، نشأ انقسام مرير بين المنطقتين الفلسطينيتين.

يستحق الفلسطينيون تشكيل مصيرهم السياسي الخاص، لكن الانتخابات يمكن أن يكون لها ثمن. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن “حماس” قد تخرج منها في موقف الطرف الأقوى مرة أخرى. ويمكن أن يتبع ذلك المزيد من الجمود والخلل الوظيفي والصراع.

كان لدى الفلسطينيين متسع من الوقت لمعالجة هذه المشكلة. فقد مر ما يقرب من عقد ونصف العقد منذ الانتخابات الأخيرة. لكن النظام السياسي في الضفة الغربية يهيمن عليه رجل واحد هو محمود عباس، وحزب واحد هو “فتح”، فيما يسيطر في غزة حزب واحد هو “حماس”. وبعد أن فشلوا في إعادة تأهيل نظامهم طوال هذه السنوات، يتجه الفلسطينيون الآن نحو أزمة سياسية أخرى.

ولسبب غير مفهوم، يراقب أصحاب المصلحة الدوليون العودة المفاجئة للسياسة الفلسطينية من الخطوط الجانبية فحسب.

******

بدأت القصة في أيلول (سبتمبر) 2020 في أعقاب اتفاقيات إبراهيم -اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة. وكانت اتفاقية السلام هذه بمثابة دعوة استيقاظ للفلسطينيين، التي ذكرتهم بأنهم يفقدون جاذبيتهم بين الدول العربية التي دافعت عن قضيتهم تاريخياً. والتقت “حماس” و”فتح” في إسطنبول بتركيا لإجراء حوار لم يعتقد سوى قلة من الناس، إن وجد أحد من الأساس، أنه سيسفر عن انفراج سياسي. فبعد كل شيء، كان الجانبان قد التقيا وفشلا في الاتفاق عدة مرات من قبل. وقد حاول المصريون، والسعوديون، والأتراك، والروس وغيرهم التوسط في التوصل إلى اتفاق بين الفصيلَين، وفشلوا جميعًا.

على نحو لا يُصدّق، خرج الجانبان في 24 أيلول (سبتمبر) 2020 متحالفين. وقال جبريل الرجوب، أحد كبار مسؤولي “فتح”: “اتفقنا على إجراء انتخابات تشريعية أولاً، ثم انتخابات رئاسية للسلطة الفلسطينية، وأخيراً للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية”.

باستشارة الماضي كدليل مُرشد، كانت احتمالية أن يواصل الجانبان الالتزام بحصتيهما من الاتفاق منخفضة بالتأكيد. لكن الفلسطينيين فوجئوا مرة أخرى. في 15 كانون الثاني (يناير)، أعلن عباس أن الانتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية ستجرى في 22 أيار (مايو)، والانتخابات الرئاسية في 31 تموز (يوليو).

ولم يكن إعلان عباس أقل من مذهل، حيث يتمتع السياسي المسن بقبضة حديدية على السلطة منذ فوزه بولاية رئاسية مدتها أربع سنوات في 2005 وبعد أن مدد ولايته 12 سنة إضافية. وقد فعل ذلك، ظاهرياً، للحيلولة دون صعود “حماس”. ولم يكن ترحيب “حماس” بإعلانه مفاجئاً. ودعت المجموعة إلى إجراء انتخابات نزيهة للفلسطينيين “للتعبير عن إرادتهم من دون قيود أو ضغوط”.

وبينما تبلورت خطط الانتخابات وشرعت في أن تأخذ شكلاً، عبَّر عباس عن فكرة تشكل تحديًا مباشرًا لإسرائيل‘ إذ أصرّ على أن الانتخابات لا يمكن أن تتم من دون مشاركة السكان العرب في القدس الشرقية التي تعتبرها إسرائيل جزءًا من عاصمتها. وقال عباس: “نحن مهتمون جداً بإجراء انتخابات، ولكن ليس بأي ثمن”. وأتبعت السلطة الفلسطينية ذلك بتقديم طلب رسمي لإسرائيل.

ويبدو أن قضية القدس مهدت الطريق لحدوث مواجهة. فبينما أشار الإسرائيليون إلى أنه “لم يتم اتخاذ أي قرار” بشأن هذه القضية، انخرطت السلطة الفلسطينية في حملة رسائل عدوانية قال خلالها معتصم تيم، المدير العام لوحدة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية، إن السكان العرب الذين يحملون بطاقات هوية إسرائيلية يجب أن يكونوا قادرين على التصويت “على الرغم من كل الإجراءات الإسرائيلية الهادفة إلى منعهم من المشاركة”.

ويقول مسؤولون إسرائيليون إن حكومة نتنياهو قررت عدم الانجرار إلى جدال الانتخابات الفلسطينية. كبداية، وجد كلا الجانبين حلولاً بديلة في الماضي. والأهم من ذلك، رأى المسؤولون في القدس أن عباس يحاول أن يدفع إسرائيل إلى حظر إقامة مراكز للاقتراع في القدس الشرقية. وإذا فعلت ذلك، فإن الفلسطينيين سيلغون الانتخابات بحجة التعنت الإسرائيلي. ولم يحب الإسرائيليون، الذين كانوا يستعدون لإجراء انتخاباتهم في آذار (مارس)، هذا الاستعراض. وعلى وجه الخصوص، لم يرغب نتنياهو في أن يكون الفلسطينيون أو انتخاباتهم قضية انتخابية إسرائيلية، لأسباب ليس أقلها أنه كان ينخرط في حملة للحصول على الدعم بين الأحزاب العربية في إسرائيل. وكان من العوامل التي عملت لصالح نتنياهو أن عملية السلام كانت قضية ثانوية في جميع الحملات الانتخابية الإسرائيلية الأربع على مدى العامين الماضيين.

وهكذا اختارت إسرائيل سياسة الصمت. وسوف يتعامل الإسرائيليون مع مخاوفهم الخاصة إلى ما بعد انتخابات 23 آذار (مارس). وكما قال مسؤول إسرائيلي كبير، اشترط عدم الكشف عن هويته: “سيتعين على الفلسطينيين الاستمرار في انتظار مُخلِّصٍ يلقون عليه باللائمة”. وبدا المسؤول وكأنه يشير إلى أن القيادة الفلسطينية لا تريد في الواقع إجراء الانتخابات.

ولسبب وجيه، أشارت استطلاعات الرأي التي نُشرت نتائجها في أيلول (سبتمبر) 2020 إلى أن زعيم “حماس”، إسماعيل هنية، سيفوز على عباس بنسبة 52 في المائة مقابل 39 في المائة من الأصوات في منافسة مباشِرة. وإذا ترشح (الإرهابي) المدان، مروان البرغوثي، فمن المفترض أن يفوز بنسبة 55 في المائة من الأصوات. وفي الانتخابات البرلمانية، ستحصل “فتح” على 38 في المائة من الأصوات بينما تحصل “حماس” على 34 في المائة -وهو سباق متقارب وضيق للغاية.

ولم تتحسن الصورة بالنسبة لحظوظ “فتح” في استطلاعات كانون الأول (ديسمبر) 2020. كانت القسمة البرلمانية بين “فتح” و”حماس” متطابقة. لكنها أظهرت أن عباس يخسر قوته أمام البرغوثي، وكان من المتوقع أن يخسر أمام هنية. والأسوأ من ذلك بالنسبة لعباس كان أن 66 في المائة من المستطلَعين طالبوا باستقالة الثمانيني المريض.

******

كان رد الفعل الدولي هو الصمتُ القلِق. وبدلاً من مواجهة التحدي الذي يلوح في الأفق والمتمثل في مشاركة (إرهابيين) في الانتخابات الفلسطينية، أعطت إدارة بايدن الأولوية لتخصيص أموال إضافية للسلطة الفلسطينية. وفي آذار (مارس) ونيسان (أبريل)، أعلنت واشنطن عن خطط لتقديم 15 مليون دولار لدعم الفلسطينيين في مواجهة فيروس كورونا، و10 ملايين دولار في برامج “بناء السلام”، و75 مليون دولار في شكل مساعدات غير مباشرة أخرى. وأظهرت مذكرة مسربة من أربع صفحات رغبة أميركية في استعادة العلاقات مع السلطة الفلسطينية (بعد أن قام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتقليصها) بينما أعربت عن “القلق” فقط من أن “حماس” قد تُلحق الهزيمة بـ”فتح” في الانتخابات المقبلة.

وتواصلت التقارير الإخبارية. وأفادت إحدى وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن الرئيس الأميركي، جو بايدن، هو الذي دفع السلطة الفلسطينية إلى المضي قدُماً في مسألة الانتخابات “لتجديد الشرعية في السلطة الفلسطينية”. وكتبت صحيفة “الشرق الأوسط” التي تتخذ من لندن مقراً لها أن إدارة بايدن طلبت من عباس “توضيحات بشأن الشراكة مع ‘حماس’ في الانتخابات المقبلة”. وفي الواقع، تشير التقارير إلى أن قائمة مرشحي “حماس” تضم سجناء حاليين في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى قائد (إرهابي).

وزعمت إحدى وسائل الإعلام الفلسطينية أن الولايات المتحدة طلبت من عباس تأجيل أو إلغاء الانتخابات، وهو ما يُزعم أن عباس رفضه. ومع ذلك، يقول المسؤولون الإسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء بصراحة أن البيت الأبيض أعطى الضوء الأخضر لإجراء الانتخابات. ويقول المسؤولون الأميركيون أنهم لن يتدخلوا، وأنه ليس لديهم الكثير من الحق في تقديم مطالب بعد حدوث بعض المشاكل السياسية مؤخراً في الولايات المتحدة نفسها. وهذا موقف غريب إلى حد ما في ضوء حقيقة أن بايدن كان، أثناء عمله كعضو في مجلس الشيوخ الأميركي، رأس الحربة في الحملة لإقرار “قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني” للعام 2006، الذي يحظر منح المساعدة الأميركية للفلسطينيين إذا كانت السلطة الفلسطينية “تسيطر عليها ‘حماس’ فعليًا”.

كان كل من الأردن ومصر، وكلاهما حليفان تقليديان للفلسطينيين ويعارضان جماعة “الإخوان المسلمين” (التي تُعتبر “حماس” فصيلًا منشقًا عنها)، هادئين نسبيًا أيضًا. وأشارت قناة الجزيرة، ومقرها قطر، إلى أن “عدم اليقين بشأن مدى جاهزية حركة “فتح” للانتخابات أثار القلق في مصر والأردن”… ومع ذلك، أصدر كلا البلدين، رسميًا، بيانات تدعم إجراء الانتخابات، حتى لو كانا “غير مقتنعين بأن الانتخابات ستُجرى بالفعل”.

******

ثمة دولة واحدة قد تكون حريصة حقاً على إجراء الانتخابات، هي الإمارات العربية المتحدة. حيث يعيش محمد دحلان، رئيس الأمن السابق في قطاع غزة ومنافس عباس، في المنفى بالإمارات العربية المتحدة منذ العام 2011 ويبدو أنه يريد العودة إلى السياسة الفلسطينية. وليست لديه أي نية لخوض الانتخابات التشريعية، لكن من الواضح أنه يضع أنظاره على الرئاسة. وكما لاحظت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإنه “بدعم من أبو ظبي، قامت حركة دحلان بتمويل مشاريع مساعدات بهدوء في قطاع غزة والقدس الشرقية على مدى السنوات العديدة الماضية”. وفي الحقيقة، قدم دحلان 60 ألف جرعة من لقاحات “كوفيد19” كانت قد تبرعت بها دولة الإمارات لغزة، وسط شائعات بأنه سيرشح نفسه في الانتخابات المقبلة. ولم تكن أرقام دحلان في استطلاعات الرأي قوية، ولكنْ يظل من الممكن أن يكون له تأثير، خاصة إذا أدى ترشيحه إلى تآكل التأييد لعباس.

طغى البرغوثي على دحلان من نواحٍ عديدة، حيث يقضي الأول حاليًا عدة أحكام بالسجن مدى الحياة في إسرائيل بسبب أعمال (إرهابية) تم ارتكابها تحت إمرته خلال الانتفاضة الثانية في أوائل القرن الحادي والعشرين. ويشبّهه العديد من الفلسطينيين بنيلسون مانديلا الناشط، الذي خرج من عقوبة سجن مرتبطة بالإرهاب ليقود جنوب إفريقيا المحررة. ولم ينخرط مانديلا، بالطبع، في أعمال عنف بشكل مباشر. ومع ذلك، يواصل البرغوثي تسجيل أرقام قوية في استطلاعات الرأي. وبحسب ما ورد، يتخذ المحيطون به خطوات تستمر في أن تشير إلى نيته الترشح لمنصب الرئاسة على قائمة منفصلة عن “فتح”.

ومن بين المرشحين الآخرين عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، ناصر القدوة، الذي أعلن على “تويتر” عن نيته “تشكيل قائمة انتخابية في إطار ملتقى ديمقراطي واسع يضم مختلف شرائح المجتمع، وليس حركة فتح وحدها”. وبسبب هذا التصريح طرده عباس من “فتح” الشهر الماضي. لكن القدوة وأنصاره أسسوا قائمة انتخابية جديدة -الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني- حتى أنهم دعوا البرغوثي للانضمام إليه، مما قد يشكل قائمة مشتركة هائلة. ودعا القدوة الفلسطينيين إلى إيجاد “طريق ثالث” بين “الكفاح المسلح أو مواصلة المفاوضات مع تقديم تنازلات لا تنتهي”.

يشكل ذكر “المسار الثالث” إشارة واضحة إلى رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، سلام فياض، الذي كان قد ترشح تحت شعار “الطريق الثالث” في العام 2006. وقد أعلن فياض، الذي يدرِّس حاليًا في جامعة برينستون، أنه يخطط أيضًا للترشح في الانتخابات المقبلة. وأعلن أن كتلته ستتألف من “شخصيات مستقلة” تخوض حملتها على أساس “الشفافية والشرف”.

الآن شرع ميدان السباق في التشكل، والفلسطينيون يسجلون أنفسهم للتصويت 93 في المائة من الناخبين المؤهلين حتى الآن. وبحذر، شرع المراقبون القدامى للسياسة الفلسطينية الذين لم يكن لديهم الكثير ليكتبوا عنه لسنوات عديدة في العمل مرة أخرى. والإجماع هو أن الوقت ربما يكون قد فات الآن على إلغاء الانتخابات التشريعية. لكن التشاؤم منتشر حول ما إذا كان عباس سيسمح لاحقًا بإجراء انتخابات رئاسية. فقد حكم، بعد كل شيء، مدة 12 عامًا أكثر مما تسمح به فترة ولايته البالغة أربع سنوات. إنه رجل قوي حقيقي في الشرق الأوسط.

******

ماذا الآن؟ أدت حالة عدم اليقين المقيمة، التي تخللها الافتقار إلى موقف أميركي قوي، إلى هدوء غريب من جانب المنظمات غير الحكومية الأميركية التي عادة ما تكون صاخبة في حماسها للديمقراطية في الخارج بخلاف ذلك. ويقول أحد مستشاري مرشحي الإصلاح الفلسطينيين أن الأوروبيين ملأوا الفراغ. وبحسب وكالة الـ”أسوشيتيد برس”، وجه مسؤولو الانتخابات الفلسطينيون إلى الاتحاد الأوروبي دعوة لإرسال مراقبين أوروبيين للانتخابات في كانون الثاني (يناير). لكن الاتحاد الأوروبي يقول أن إسرائيل لم ترد على طلب قُدم لها في شباط (فبراير) للموافقة على إرسال وفد استكشافي.

بعد انتخابات 23 آذار (مارس)، بدأ الإسرائيليون أخيرًا في التعبير عن مخاوفهم. وقام نداف أرغمان، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، بزيارة إلى اللواء ماجد فرج، رئيس الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، في محاولة لتأجيل الانتخابات الفلسطينية. كما التقى أرغمان مع عباس وأبلغه بالرسالة نفسها، إلا أن الرئيس الفلسطيني (الذي قال له: “لقد بنيتَ حماس”) رفض طلبه. كما أصدر مسؤول الاتصال العسكري المنتهية ولايته لجيش الدفاع الإسرائيلي تحذيراً علنياً نادراً للفلسطينيين، قائلاً إن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة لوقف كل التنسيق الأمني مع الفلسطينيين في حال فازت “حماس” في الانتخابات.

ورأى المسؤول الإسرائيلي الكبير أن هناك فرصة واحدة ما تزال أمام الفلسطينيين “للنزول عن الشجرة”‘ إذ يمكنهم تأجيل الانتخابات من خلال التذرُّع بالمخاوف المشروعة بشأن “كوفيد19، حيث يمكن أن تتسبب مراكز الاقتراع التي تفتقر إلى إجراءات الصحة العامة المناسبة في زيادة الإجهاد الذي تعانيه مستشفيات الضفة الغربية، التي كانت طاقتها الاستيعابية قد وصلت إلى 115 في المائة في آذار (مارس)، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وكانت الإصابات في غزة تحت السيطرة بشكل مدهش، مع أن الأعداد الإجمالية للفلسطينيين الذين تلقوا المطاعيم منخفضة. لكن هذه المخاوف لم تكن، حتى الآن، مقنعة بما يكفي لدفع عباس إلى التأجيل.

مع عدم وجود قيود على مشاركة “حماس” في الانتخابات، وبما أن أرقام عباس في الاستطلاعات تتخذ خطاً ثابتاً، يبدو من المرجح أن السلطة الفلسطينية تتجه إلى تكرار للعام 2006. ومع ذلك، فإن تغييراً أخيراً في قانون الانتخابات الفلسطيني، والذي ينص على تمثيل نسبي في البرلمان، سيجعل من استئثار طرف واحد بالسيطرة الكاملة أكثر صعوبة. لكن سلطة فلسطينية تكون متأثرة بشكل كبير بـ”حماس” ليست ممكنة فقط؛ إنها أكثر احتمالاً.

في الوقت الحالي، يبدو أن إدارة بايدن راضية عن السماح بإجراء الانتخابات الفلسطينية من دون شروط مسبقة. والمخاوف الإسرائيلية، حتى لو تم التعبير عنها بشكل أكثر تأكيدًا، لن تسفر عن الكثير من دون دعم الولايات المتحدة. وبقية دول الشرق الأوسط تراقب الآن بقلق، وتستعد لصراع آخر على السلطة بين متشددين ورجل قوي.

لكن اللوم يقع على عاتق عباس. فخلال سنواته الست عشرة من السلطة المطلقة، حظر عمل المنافسين السياسيين وأغلق النقاش السياسي. وإذا أجريت انتخابات فلسطينية فإنها سوف تحدث في فراغ سياسي. وكان البديل هو الانخراط في عملية صبورة لبناء المؤسسات وفق الأطر التي دعا إليها فياض عندما كان رئيساً للوزراء. وكما كان يعلم جيدًا، فإن الديمقراطية هي نظام حكم لا يمكن أن يُبنى على التصويت وحده. بدلاً من ذلك، يجب أن تُبنى على الأحزاب، والهياكل، والنقاش الجسور للأفكار.

وهذا غير ممكن هذه المرة. ولكن، ما يزال بإمكان عباس تأجيل الانتخابات أو العمل مع الأحزاب الأخرى لتقييد مشاركة (الإرهابيين). وإذا رفض كلا هذين المسارين، فإن أزمة سياسية فلسطينية جديدة مهيأة لأن تنشأ في 22 أيار (مايو).

* جوناثان شانزر –  هو نائب الرئيس الأول للأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى