ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز: على أردوغان التركيز على الاقتصاد

فايننشال تايمز 29-5-2023: على أردوغان التركيز على الاقتصاد

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” افتتاحية حول نتائج الانتخابات التركية قالت فيها إن مستقبلا مفعما بالقلق ينتظر اقتصاد تركيا وديمقراطيتها. وقالت إن الرئيس رجب طيب أردوغان أعلن بعد فوزه في جولة الإعادة يوم الأحد بأن “تركيا هي المنتصرة” حيث خاطب أنصاره المحتفلين.

وفي الوقت الذي يحتفل فيه مؤيدو الرئيس المخضرم فإن ملايين من الأتراك سينظرون بفزع ويتساءلون عما تعنيه خمس سنوات أخرى من حكم الرجل القوي لبلدهم المنقسم. وتعلق الصحيفة أنهم “مصيبون في قلقهم”، وعلى أردوغان الذي هيمن على السياسة التركية لعقدين أن يعرف بأنه لا وقت له للاستمتاع بنصره إن أراد تجنيب بلاده الوقوع في أزمة اقتصادية عميقة. فقد جرت الانتخابات على خلفية أزمة حادة في المعيشة حيث يتم فيها تداول العملة التركية بأدنى سعرها وتصل معدلات التضخم إلى حوالي 44%.

وتعتبر الأزمة نتيجة لتنفيذ أردوغان سياسات اقتصادية غير تقليدية. فقد انتقد رفع سعر الفائدة في الوقت الذي زاد فيه التضخم وحيد فيه المصرف المركزي وسلبه من استقلاليته. وستزيد الضغوط على المصادر المتلاشية للدولة، وذلك بسبب سلسلة من السخاء الصارخ في فترة الانتخابات، بما في ذلك تغيير سن التقاعد وزيادة رواتب الموظفين المدنيين. وتراجع احتياطي البلد من الذهب إلى 17 مليار دولار وذلك في الأسابيع الستة التي سبقت التصويت في 15 أيار/مايو حيث حاول أردوغان دعم الاقتصاد بالعملة قبل فتح صناديق الاقتراع، وذلك حسب حسبة “فايننشال تايمز” للبيانات الحكومية الرسمية. ويواجه البلد عجزا شبه قياسي في الحساب الجاري.

ومع ذلك فإن سياسات أردوغان التي ترافقت مع ميله لافتعال معارك مع الحلفاء الغربيين وميوله الاستبدادية أخافت المستثمرين الأجانب الذين سيقدمون العملة الصعبة التي يحتاجها البلد. والوضع هذا لا يمكن الحفاظ عليه، فلم يعد للدولة المصادر الكافية للدفاع عن العملة. ويتعين على أردوغان التخلي عن مراوغاته الشخصية والعودة إلى السياسة النقدية التقليدية ويتخذ خطوات جدية لإعادة الثقة بمؤسسات الدولة. وعندها سيكون لدى أنقرة الفرصة لإقناع المستثمرين الخائفين بالعودة. لكن لو تصرف أردوغان كما يتوقع منه، فعلى الغرب التحضير لعهد من العلاقات غير المتوقعة والمتوترة مع دول الناتو.

وهناك قلق حول ما يعنيه فوز أردوغان لديمقراطية البلد. فمنذ فوز حزب العدالة والتنمية قبل 21 عاما، قام أردوغان بتوطيد ومركزة القرارات لمستويات غير مسبوقة واقترب إلى حكم الرجل الواحد، فقد استبدل النظام البرلماني بالرئاسي التنفيذي منذ الاستفتاء عام 2017.

وتجري الانتخابات في ظل وضع غير متوازن، فقد أصبح الإعلام الرسمي تحت تأثير الحكومة ووُضع الساسة والصحافيون والأكاديميون ورجال الأعمال المعارضون في السجن. وقائمة المعتقلين طويلة وتضم السياسي الكردي صلاح الدين دمرتاش، زعيم حزب الشعوب الديمقراطي السجين منذ 2016. ويحوم السجن فوق رأس عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو بعد إدانته بإهانة المسؤولين الانتخابيين. وهناك كثيرون سيخافون حول حرياتهم المدنية، ففي أثناء الحملات الانتخابية هاجم أردوغان الذي تقرب من القوميين مرارا تحالف كمال قليجدار أوغلو بدعمه المثليين والإرهابيين، أي الانفصاليين الأكراد.

وسيشير أنصاره إلى انتصار آخر في صناديق الاقتراع كدليل على شعبية أردوغان. لكن حقيقة تنظيم جولة ثانية بعدما فشل هو ومنافس المعارضة في الحصول على نسبة 50% تعلم الصدع السياسي بين من يحبون أو يكرهون الزعيم الانقسامي.

 ومن الناحية الدستورية، فهذه هي آخر ولاية له، ويجب أن يكون حكيما ويفكر بالإرث الذي سيتركه خلفه. ومهما كان الطريق الذي سيسيره فتركيا تتجه نحو مياه عاصفة تدعو للخوف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى