ترجمات أجنبية

فاينانشال تايمز: الغضب الفلسطيني يكشف أوهام نتنياهو

فاينانشال تايمز ٢١-٥-٢٠٢١م

إن الغضب الفلسطيني كشف أوهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث أكد الصراع خلال الأسبوعين الماضيين أن إسرائيل لا تستطيع الاستمتاع بالسلام، دون التوصل إلى حل للأزمة الفلسطينية.

قبل أسبوعين، القليل من الإسرائيليين هم الذين كانوا يشككون في أحد أبرز الإنجازات التي حققها رئيس الوزراء نتنياهو في مسيرته السياسية، وهي قدرته على حصار الفلسطينيين، وفي نفس الوقت يعزز أفضل مرحلة تشهد فيها إسرائيل علاقات مع دول عربية مجاورة، منذ قيامها قبل 73 عاما، من خلال تركيزه الشديد على إيران، فإن نتنياهو أبرم اتفاق سلام تاريخيا مع دول عربية لاسيما في منطقة الخليج.

كان الإسرائيليون في أمان ورخاء في الداخل، وهو ما أخبر نتنياهو به الناخبين، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم ينتبه إلى الآلاف من الشباب الفلسطينيين الذين دخلوا في اشتباكات مفتوحة مع الشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى.

في شهر رمضان، كان اليمين المتطرف في إسرائيل أكثر شراسة، معتمدا على دعم حلفاء نتنياهو، مع تكرار تعهداته بطرد العرب الفلسطينيين من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، وتأكيد سيطرة إسرائيل على مجمع المسجد الأقصى، المقدّس لدى اليهود باعتباره جبل الهيكل.

فجأة، وجدت إسرائيل نفسها تحارب الفلسطينيين على 3 جبهات مختلفة: أطلقت حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، آلاف الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية، الصراع الطائفي واسع النطاق الذي اندلع بين الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وجيرانهم اليهود، وفي الضفة الغربية المحتلة، وقعت اشتباكات بين آلاف المحتجين مع القوات الإسرائيلية.

ونقل عن مصطفى البرغوثي، العضو البارز في منظمة التحرير الفلسطينية، قوله: ”اعتقدت إسرائيل أنها سوف تستطيع وضع بصمتها على العرب الفلسطينيين في الداخل، وترويض الفلسطينيين في الضفة الغربية تحت الاحتلال، وأنها سوف تعزل قطاع غزة إلى الأبد. لقد فشلوا في الجبهات الثلاثة، وأصبح الآن الفلسطينيون متحدين على هدف واحد: إنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي، وهو أمر غير مسبوق منذ عام 1948“.

بعد 11 يومًا من الصراع، تحطمت أي آمال إسرائيلية في احتواء القضية الفلسطينية خلف الجدران والحواجز، بينما تقوم إسرائيل بالتوسع الاستيطاني، الذي يعتبره معظم العالم غير قانوني، وإبقاء الضفة الغربية في حالة فقر، واستمرار حصار غزة.

من جانبه، قال إميل حكيم، خبير شؤون الشرق الأوسط، في المعهد الدولي للدراسات الأمنية: “يجب أن يتم التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، لأن هذا سيؤدي إلى نزع فتيل أكثر القضايا المتفجرة في الشرق الأوسط. إلا أن إسرائيل ترفض هذا المنظور، ومن الخطأ النظر إلى إيران على أنها القلق الاستراتيجي الوحيد، كما أنه من الخطأ الاعتقاد أيضًا بأن هذا الصراع يجعل إيران مسألة ثانوية”.

إن نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في غزة أمر بعيد المنال، حيث لم تنجح إسرائيل في إيقاف الهجمات الصاروخية التي شنّتها حماس، وبلغ عدد الصواريخ التي أطلقتها الحركة الفلسطينية أكثر من 4 آلاف صاروخ، مع إغلاق مؤقت لمبنى الكنيست، وإعادة توجيه الرحلات الجوية في الأجواء الإسرائيلية، كي تكون بعيدة عن مرمى صواريخ حماس، وكانت شوارع العاصمة المالية لإسرائيل ”تل أبيب“ مهجورة لعدة أيام.

ونقل عن إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، قوله: “كيف يمكن أن تقيس النجاح أو الفشل؟ من جهة، فإنك تملك أقوى امبراطورية عسكرية في المنطقة، ومن جهة أخرى، فإن أمامك منظمة لا تملك سوى القذائف الصاروخية. الحقيقة أن حماس نجحت في تخويف معظم إسرائيل، وكنّا نجلس في منتصف الليل في تل أبيب داخل المخابئ”.

بالنسبة لحماس، فإن حملة القصف الإسرائيلي ربما تكون انتكاسة تكتيكية. حيث تم تدمير معظم شبكة الأنفاق، التي كان يطلق عليها “مترو غزة”، والمصممة لنقل الأسلحة والمقاتلين. قتلت إسرائيل أيضًا العديد من القادة البارزين، إلا أنها فشلت في اغتيال قائد الجناح العسكري لحركة حماس محمد ضيف، الذي فقد بالفعل زوجته وطفلين وعينا ويدا في 8 محاولات فاشلة لاغتياله، ونجا من محاولتين أخريين الأسبوع الماضي.

خيارات إسرائيل أمام حماس

الآن فإن إسرائيل لا تملك خيارات جيدة في التعامل مع حماس، وفقاً لما قاله “ديفيد ماكوفسكي”، خبير العلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن، الذي أضاف بقوله: ”لم يكن يرغب الإسرائيليون في الذهاب إلى هناك لأن هذا عمل دموي، كما أنهم لا يريدون فقد المزيد من الأشخاص، أو الدخول في حرب من منزل إلى منزل. ربما تكون إسرائيل قد نجحت في تعزيز الردع، ولكن الصراع سوف يندلع مرة أخرى مستقبلاً“.

حماس، ورغم تعرضها لقصف عنيف وفقدان عدد من قادتها، بالإضافة إلى سقوط قتلى في غزة، فإنها تتحدث عن الانتصار الرمزي الذي حققته أمام إسرائيل، ما يعزز تفاخرها بكونها زعيمة النضال الفلسطيني، حيث تخفت الأصوات الأكثر اعتدالًا بسبب الخلافات الداخلية وأفعال إسرائيل.

إن إسرائيل واجهت جبهة أخرى في الداخل، بين العرب واليهود، بعد تصاعد التوترات والاشتباكات بين الطرفين مؤخراً، حيث اقتحم اليهود اليمينيون الضفة الغربية وهم يحملون الأسلحة ويهتفون ”الموت للعرب“، وظهر هذا بمواقع التواصل الاجتماعي، في حين قام العرب بالطرق على نوافذ السيارات في يافا والقدس الشرقية، وسؤال السائق هل هو عربي أم يهودي.

ونقل عن “ديانا بوتو”، الفلسطينية التي تعيش في إسرائيل، وعملت من قبل في مباحثات السلام الفاشلة، قولها: “السبب وراء تصاعد الاحتجاجات الواسعة هو أنها لمست الجانب الديني، خلال شهر رمضان، وبالتحديد في ليلة القدر. فقد انتشرت تلك الاحتجاجات سريعاً وعلى نطاق واسع، كما حدث بالضبط في عام 2000، عندما قام رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل آرييل شارون بزيارته المستفزة إلى جبل الهيكل، ما تسبب في اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى