ترجمات عبرية

غيرشون باسكن يكتب – نظرية مؤامرة معقولة

بقلم  غيرشون باسكن – 20/9/2020

لقد سمعت الكثير من نظريات المؤامرة على مر السنين، وبالغالب أميل إلى عدم تصديقها. ولكن تناهى الى مسامعي في الفترة الأخيرة نظرية قد تحمل شيئا من المعقولية.

هذه النظرية تتطرق الى تفسير عدم التزام الدول العربية بمرجعية المبادرة العربية للسلام كأساس لتطبيع العلاقات مع اسرائيل واشتراط قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

فنحن نشهد اليوم تهافتا من بعض الدول العربية بالاعتراف بدولة اسرائيل وتطبيع العلاقات معها دون التزام الأخيرة بتقديم أي تنازلات في الشأن الفلسطيني. وقد أعلن القادة العرب الذين اعترفوا وطبعوا العلاقات مع إسرائيل أنهم لم يقوموا بخيانة الفلسطينيين وإنما هذه الصفقات الجديدة ستصب في مصلحة الفلسطينيين. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل هؤلاء القادة يعرفون شيئاً ما لا نعرفه نحن؟

قد يكون محمد بن زايد من أذكى الرجال في الشرق الأوسط، وأشير هنا الى الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان، المعروف بالعامية بالأحرف الأولى من اسمه باسم (MBZ). محمد بن زايد، هو ولي عهد إمارة أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية. وهو أيضاً مهندس اتفاق التطبيع بين إسرائيل والإمارات، وربما يكون أيضاً القوة الرئيسية وراء اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين إسرائيل والبحرين، ووراء دول إضافية تصطف في انتظار دورها لتطبيع العلاقات مع اسرائيل.

بن زايد ليس وحده. ويبدو أنه يعمل يداً بيد مع العبقري الآخر في الشرق الأوسط واللاعب الاستراتيجي محمد بن سلمان من المملكة العربية السعودية (MBS). أما اليد الثالثة في هذا المزيج فهي على الأرجح محمد آخر – وأقصد هنا محمد دحلان الغزي المنفي في أبو ظبي. ويبدو أنّ ثلاثتهم يحركون المنطقة بأسرها.

إن الخطة الطموحة لإبن زايد، في حال نجاحها، سوف تقلب الشرق الأوسط برمته رأساً على عقب.

وتتضمن الخطة تحالفا استراتيجيا كاملا بين الدول السنية المعتدلة واسرائيل, وقيام الولايات المتحدة بربط هذا التحالف بصفقات ضخمة لبيع الأسلحة. والغرض الرئيسي من هذا التحالف هو اضعاف الإخوان المسلمين المكروهين والذين يشكلون تهديدا لمصالح بن زايد وحلفائه عن طريق استهداف حلفاء الأخوان في المنطقة، وذلك يتطلب الإطاحة بنظام آيات الله في إيران قبل أن يصبح نووياً. وفي الوقت نفسه، السيطرة على تطلعات تركيا التوسعية في المنطقة وعزل قطر.

يدرك بن زايد أن النظام الإيراني يشكل تهديداً مباشراً للإمارات، وهو ملتزم تماماً باستخدام الدبلوماسية لمحاربتهم حتى النصر. وتوافق جامعة الدول العربية نظرة بن زايد لإيران وتركيا واعتبارهم عملاء أجانب في الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى، ينظر بن زايد الى اسرائيل على أنها جزء من المنطقة ولاعب حاسم في التحالف الجديد. وفي خلفية كل ذلك، القائد الفلسطيني المنفي محمد دحلان، الصديق والمستشار المقرب لابن زايد. دحلان تم إرساله في السنوات الماضية في بعثات دبلوماسية إلى دول مثل كوسوفو أو السودان، وفجأة الآن أصبحت هذه الدول أيضاً جزءاً من هذا التحالف الجديد.

بن زايد يمثل بلداً صغيراً لا يستطيع القيادة ولا يستطيع السيطرة على العالم العربي والإسلامي. ولتدارك ذلك التفت بن زايد الى جاره ومجيبه ومنقذه – وأفضل صديق له على المستوى الشخصي وقريبا الشخصية التي ستتزعم أهم بلد في المنطقة، – محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية. هذه الدولة التي تحكم شبه الجزيرة العربية -موطن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وموطن الإسلام-. وتلعب المملكة العربية السعودية دورا أساسيا في حماية ورعاية أقدس الأماكن في الإسلام -مكة المكرمة والمدينة المنورة-، وهي أيضا ملكة الذهب الأسود.
محمد بن سلمان الشاب والمتعلم والمعتدل والمصلح وذو الشخصية الكارازماتية والطموح جداً هو ما تحتاجه المنطقة والتحالف.

ويخطط محمد بن زايد منذ سنوات للعملية التي يصبح فيها صديقه محمد بن سلمان زعيم العالم السني المعتدل. فالشبان العلمانيون في المنطقة يطالبون بالديمقراطية، والأنظمة الملكية لم يعد لديها الكثير من القبول في القرن الحادي والعشرين، ولذلك على تلك الأنظمة الملكية أن تعيد اختراع نفسها، ومحمد بن زايد ومحمد بن سلمان هما الجواب لذلك.

فإبن سلمان قد قام بالعديد من الإصلاحات مثل منح رخص القيادة للنساء وإشراكهن في سوق العمل، ويتحدث عن الاعتراف بإسرائيل دون أن يكون مرتبكاً ومتردداً، ويجابه بحزم التوجه الوهابي المتطرف ويقول مباشرة: يجب أن نمثل الإسلام المعتدل، وليس الإسلام المتطرف.

لكن فلسطين والقدس ما زالتا تقفان في طريق كل هذه المخططات الكبرى. ولكي يحصل بن زايد وحلفاؤه على ختم الموافقة من العالم العربي والإسلامي بأسره، فإنهم يحتاجون إلى المسجد الأقصى لتقوية هذا التحالف – من وجهة نظر دينية، ودولة فلسطيني لتمكين هذا التحالف سياسياً. هذه هي خطة بن زايد الكبرى. ووفقا لنظرية المؤامرة، فإن بن زايد قد حصل على القوة الدينية والسياسية بالفعل. فقط استمع إلى ما يقوله جاريد كوشنر: “لقد وافقت إسرائيل بالفعل على دولة فلسطينية وزيارة المسلمين من جميع أنحاء العالم للمسجد الأقصى”. وقد تم بالفعل إبرام الاتفاق، كما هو الحال، مع دحلان، المرشح من قبل دول الخليج لرئاسة الدولة الفلسطينية.

وتأجيل العملية اليوم بسبب مشكلة رئيسية واحدة: الملك السعودي المسن سلمان. الأب البالغ من العمر 85 عاماً، والذي يبدو أنه يعاني من الخرف، والذي لم يدعم بعد بشكل كامل خطط ابنه الكبرى، وهو يمنع الابن من التقدم بسرعة كبيرة. الملك سلمان من المحتمل أن يموت قريبا، وربما حتى أن يقتل من الداخل ولكن اللوم، إذا تسمم، سيتم وضعه على الإيرانيين.

العالم كله سيشهد ملك المملكة العربية السعودية الشاب وهو يترجل من الطائرة في مطار بن غوريون، مع حاكم الإمارات، وملك البحرين، وسلطان عمان، ومحمد دحلان. وسيسير الملك محمد بن سلمان منتصراً إلى المسجد الأقصى، حيث سيواجه العالم العربي والإسلامي ويعلن نفسه المدافع الكبير عن الإسلام باتفاق مع العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وسيعلن انه أتاح للفلسطينيين إقامة دولة وأتاح لجميع المسلمين فى العالم حق زيارة المسجد الاقصى تحت ختم التاج السعودي. هل برأيكم أن هذا المشهد بعيد المنال؟ ربما، ولكن ربما لا!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى