أقلام وأراء

غسان زقطان يكتب – عن م.ت.ف وعن إمكانيات جديدة

غسان زقطان – 31/5/2021

في ذكرى تأسيسها لا تستطيع منظمة التحرير الفلسطينية أن تواصل وجودها بأساليب ما قبل الإضراب الكبير في فلسطين الموحدة 18/5/2021. الإضراب الذي كان تتويجاً لوعي تراكم منذ الانتفاضة الكبرى في نهاية ثمانينات القرن الماضي، سيكون ذلك اقتراحاً بالعزلة عن الواقع الجديد، وعن التحولات التي سبقتها بمسافات، وعن توقعات الناس الذين وقفوا الى جانبها في مرحلة سباتها الطويلة، وتحولها الى هيكل متقادم يواصل انزواءه وتراجعه، الذين وقفوا أمام خرابها بقلوب مفعمة بالأمل والوفاء دون جدوى.

لقد استنفدت الى حد كبير تلك الوقفة وتلك النداءات التي كانت تصل من كل مكان بضرورة إصلاح المنظمة وإعادة تفعيلها كممثل شرعي وحيد للفلسطينيين، كل الفلسطينيين دون استثناء، ولم يعد ممكناً الحفاظ على المنظمة واحتكار تاريخها ومستقبلها عبر تعويم عملية الإصلاح والمساومة عليه، وربطه بـ «مصالحة» منشودة ومخيلة صغيرة وتكتيكات محدودة الفعالية لتمرير الوقت، أو مواصلة الاحتفاظ بمفاتيح الغرف وحراسة الأقفال، بينما يتراكم الغبار ويتمدد العث في كل الزوايا ويصعد النسيان الرفوف والملفات وتتهدل أكتاف «الموظفين» وراء مكاتبهم.

الأشياء تحدث منذ زمن طويل خارج مظلة المنظمة وبعيداً عنها، ويواصل الناس التجمع والسير والهتاف دون النظر الى الخلف حيث تقف واهنة ومنهكة ورهينة جيل وزمن انطوى بمنجزاته وانكساراته، تتشكل المسيرة الكبرى خارج وثيقة الاستقلال، بحيث يبدو الآن أن «خارج» المنظمة أكثر فعالية وقوة وتأثيراً من داخلها الذي يضيق ويتعثر.

ربما ليس الوقت مناسباً للحديث عن أسباب الوصول الى هذا الخراب، رغم وضوحها، ولكنه الوقت المناسب للسؤال حول أسباب الإبقاء على الخراب وتغذيته ومده بالهواء.

الآن تقف الحركة الوطنية الفلسطينية أمام إمكانيات جديدة، وتتقدم بوعي جديد نحو تطوير برنامجها الوطني بما يتلاءم مع حضور «فلسطين» في الوعي الإنساني، تنتقل من هاجس الدفاع وتلقي الضربات وحفر الخنادق الذي راوحت فيه ثلاثة عقود، نحو تحسين المواقع وتعزيز التوازن وبناء الجسور.

عادت القدس الى مركز الصراع، انتقلت عبر المواجهة بأشكالها المختلفة، العسكرية المباشرة والانتفاضة السلمية والمقاومة الشعبية، من إحدى «قضايا الحل النهائي» المؤبدة، الى المركز تماماً.

مرحلة جديدة بأعبائها الكثيرة وأكلافها المؤلمة، ولكن تحت ضوء واضح ومهمات واضحة، ببساطة اذا لم تكن منظمة التحرير جزءاً من هذه المرحلة، منظمة قوية وفتية يتمثل فيها الجميع، الفصائل والقوى والمجتمع المدني، عبر انتخابات حرة وديمقراطية وليس من خلال تقاسم فوقي للحصص، اذا لم تكن كذلك الآن فلن يكون ممكناً إعادة إحيائها وستتحول بشكل نهائي الى ذكرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى