أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – وهم ديسكن، وتحلل لبيد

عمر حلمي الغول – 17/7/2021

في الكثير من المقالات لي ولغيري من كتاب الرأي، فلسطينيين واسرائيليين وعرب وعالميين تم التأكيد على، ان النخب القيادية الإسرائيلية من مختلف المشارب الصهيونية ليست مؤهلة، وغير قادرة، ولا تملك الشجاعة على صناعة السلام. ومن يعتقد عكس ذلك يكون مخطئا، او لديه قراءة مبتسرة لإمكانيات تلك القيادات من الموالاة والمعارضة. وهذا لا يعني علميا الاستسلام والتعايش مع رؤية اركان الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة المعادية للسلام. لأن تطور عملية الصراع سيرغم اليمين والوسط وما يسمى باليسار الصهيوني التعاطي مع استحقاقات السلام عندما تحين اللحظة السياسية المناسبة.

وبالمناسبة وقبل ايراد مواقف القياديين الصهيونيين المذكورين في العنوان، اود ان ألفت الانتباه مسبقا لمفارقة واستنتاج علمي مفاده: كلما انحرف المجتمع الصهيوني نحو اليمين والتطرف والفاشية أكثر، رأينا بالاتجاه المعاكس قوى ونخبا سياسية صهيونية أو ما بعد الصهيونية ومتمردة عليها تنحو نحو السلام، وكلما رأينا اتساع دائرة الرفض للصهيونية ولجرائم الحرب الإسرائيلية داخل الدولة المارقة وتحديدا بين جنرالات الجيش، وفي اوساط اتباع الديانة اليهودية في العالم عموما والولايات المتحدة خصوصا.

وبالعودة لجادة الموضوع، خرج علينا يوفال ديسكن، رئيس جهاز الشاباك الأسبق بمقال بعنوان “اطماع قيادات السلطة تفوق قدرة إسرائيل”، وحمل المقال اكثر من بعد، الأول مطالبة الحكومة الإسرائيلية البحث عن بديل للقيادة الفلسطينية الحالية؛ الثاني “اطماع ” القيادة الفلسطينية في بناء دولة دولة مستقلة، وتجاوز سقف الحكم الإداري الذاتي حلم غير مشروع، ومرفوض إسرائيليا؛ الثالث التحريض على القيادة السياسية وقادة اجهزة الأمن الفلسطينية، والتشويه المتعمد لمكانتهم في اوساط الشعب.

وكان يائير لبيد، وزير خارجية إسرائيل اعلن يوم الأثنين الماضي الموافق 12/ 7/ 2021 في اعقاب لقاء نظرائه الأوروبيين في بروكسل، العاصمة البلجيكية، انه “لا إمكانية في الوقت الحالي لحل الدولتين.” وعمق فكرته بالقول “لا يمكن أن يطلب منا بناء تهديد آخر على حياتنا بايدينا.”

كلا الرجلين نطق كفرا، وأكدا على ما تتبناه النخب والقيادات الصهيونية، وهو رفض وجود دولة فلسطينية من حيث المبدأ، الذي اكد عليه رجل الأمن المتقاعد، عندما اشار إلى ان إسرائيل عملت على ايجاد قيادة فلسطينية اولا تعفيها من مهمة الأمن في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وتجاهل ان هذه القيادة، هي قيادة الشعب والمنظمة، الممثل الشرعي والوحيد، وحامية مصالحه العليا وثوابته الوطنية؛ وثانيا تقبل بالحل الاقتصادي، وسقف إدارة حكم ذاتي لا اكثر. ولكن حسب رؤيته، القيادة الشرعية الفلسطينية تجاوزت لاحظوا في “أطماعها” حدود المسموح اسرائيليا، حسب تعبيره الاستعلائي العنصري، ولم يستخدم مفهوم أحلامها أو طموحاتها، لأنه يعتبر الحق الفلسطيني “ترفا” مرفوضا، و”اطماعا” غير مشروعة، و”تطرفا” لا يقبل القسمة على المشروع الكولونيالي الصهيوني، وعمق ذلك لبيد باعتبار استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وازالة الاستعمار “تهديدا” لأمن إسرائيل المارقة والخارجة على القانون، واكد على ان الوقت ليس مناسبا للحديث عن حل الدولتين.

والسؤال لكليهما، متى يكون الهدف الفلسطيني مشروعا ومقبولا؟ وكيف يصبح مشروعا، ويكون خارج دائرة الأطماع؟ وما هي حدود قدرة إسرائيل غير سقف الحل الاقتصادي، وإلى متى؟ هل هناك زمن افتراضي محدد لقدرة إسرائيل، ام ان قدرتها تتمثل في توسيع دائر التطهير العرقي، والسيطرة الكلية على الأرض الفلسطينية العربية؟ وهل الطرح الذي اعلنتم عنه يشكل اساسا للأمن والاستقرار والتعايش، أم هو وصفة حقيقية لتفاقم الأوضاع، واستمرار حالة العنف والحرب والانتهاكات الإسرائيلية؟ وهل تعتقدان ان الشعب العربي الفلسطيني وقيادته الشرعية، او اي فلسطيني وطني يقبل بأقل من دولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والقدس الشرقية عاصمتها، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينين اصحاب الأرض والوطن الفلسطيني من البحر إلى النهر على اساس القرار الدولي 194؟ وهل تفترضان أن إسرائيل بإدامتها حالة الفوضى والإرهاب والحرب على الشعب الفلسطيني يمكنها ان تعيش بسلام؟ ألا تدركان ان عدد الفلسطينيين بين البحر والنهر امسى اكثر من الإسرائيليين الصهاينة، وانهم اصبحوا الأغلبية على الأرض، وانهم الحقيقة الراسخة والثابتة، والتي لا يمكن إغماض العين عنها، او تجاوزها، أو إنكار وجودها؟

الاستنتاج العلمي الواضح للجميع، ان قيادة اسرائيل تتحلل من خيار حل الدولتين، ولا تملك القدرة على دفع استحقاق هذا الحل. وبالتالي ان كان العرب والعالم معنيين بالسلام الممكن والمقبول فلسطينيا، عليهم إلزام إسرائيل بالانسحاب من اراضي دولة فلسطين المحتلة بشكل كامل، واستقلال دولة فلسطين التام وبسيادة جلية لا لبس ولا غموض فيها، عبر الوسائل المختلفة ومنها وفي طليعتها فرض العقوبات الاقتصادية والتجارية والأمنية، وقبل هذا وذاك على الفلسطينيين تصعيد الكفاح الشعبي، وفرض الوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب الأسود، وتشكيل نموذج للدولة الديمقراطية الحقيقية. دون ذلك سننتظر كثيرا، ولا يعلم إلا الله كم سنقف نستعطي بعض حقوقنا.

oalghoul@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى