أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب مؤتمر نقض الرواية الصهيونية

بقلم عمر حلمي الغول ١-٧-٢٠٢١م

بالتعاون بين مفوضية المنظمات الأهلية وجامعة القدس المفتوحة وبدعم ورعاية من الرئيس ابو مازن، ورئيس الوزراء محمد اشتية عقد مؤتمر ” الرواية الصهيونية ما بين النقض والتفكيك” على مدار اليومين الماضيين الثلاثاء والاربعاء 29 و30 حزيران / يونيو الماضي في الهلال الاحمر الفلسطيني، شارك فيه نخبة مكونة من 19 عشر باحثا، وليس 18 كما هو مدون في الكتيب من المختصين والباحثين الاكاديميين من فلسطين ودول عربية وخاصة من مصر والأردن عبر الزووم، وتم تناول عددا كبيرا ومكثفا من المحاور ذات الصلة بنقض وتفكيك الرواية الصهيونية الزائفة. فضلا عن مداخلتين مهمتين للرئيس ابو مازن والدكتور اشتية اسمهتا في اغناء الحوار العلمي.

كما تملي الضرورة الإقرار بدور الفريق الكبير من الإداريين والمنظمين، الذين بذلوا جهودا متميزة لإنجاح المؤتمر. ولولا جهودهم ومثابرتهم وعطاءهم لما حقق المؤتمر العلمي والمحكم النتائج المرجوة، رغم اية ملاحظات سلبية وقعت سهوا، او دون قصد. 

ودون الدخول في تفاصيل الابحاث، التي عرضت في المؤتمر، والتي يفترض ان تصدر لاحقا في كتاب لتعميم المعرفة والإسهامات القيمة، التي تضمنتها. لا سيما وانها (الابحاث) طالت اوجه عديدة من العناوين ذات الصلة بالحركة الصهيونية، وحتى ان بعض الابحاث اسهمت في تغيير قناعات عدد من الباحثين، وعلى سبيل المثال لا الحصر تم تعميم قناعة بفعل المثاقفة؛ منها الفصل التام بين اليهودية والعبرية والصهيونية. لإن الصهيونية لا علاقة لها بالدين اليهودي، كما ان مفهوم العبري لا يمت بصلة لليهودية، فاليهودية دين بغض النظر عن اية ملاحظات على كتبة التوراة، وما حملته اهواءهم واسقاطاتهم من تلفيق وتزوير، وإدخال للبعد الأساطيري الخزعبلاتي في متن التوراة وأسفارها، والتلمود والزابور، والتناخ عموما. اما عابر، فهي تعود لعابر النهر او الطريق، او غير المستقر والمتنقل…. إلخ

تكمن اهمية المؤتمر من وجهة نظري في عدد من المسائل، اهمها: اولا اثارة ملف الصهيونية، والسعي لنقضها وتفكيكها، وليس نقدها، او تسجيل الملاحظات عليها، او تسليط الضوء على  محطات تطورها، فهذة الموضوعات قدم فيها مئات إن لم يكن الاف الابحاث، وبالتالي يعتبر عنوان المؤتمر وما حملته الابحاث من إضاءات عميقة لحظة نوعية في مسار وجهود الباحثين الفلسطينيين والعرب، ومحاولة جادة لمعرفة الصهيونية على حقيقتها، وتوسيع وتعميق عملية المثقافة الفلسطينية والعربية مع الباحثين والمختصين من الإسرائيليين والاجانب، الذين عالجوا الملف. ومع ان المؤتمر ليس الأول في هذا الحقل، بيد انه من المؤتمرات الأولى، التي تعالج الموضوع؛ ثانيا تأخر الباحثون الفلسطينيون في إعمال الفكر والعقل في هذا الملف، غير ان الشروع بالتركيز عليه الآن يعتبر نقلة مهمة في ترشيد الوعي الفلسطيني والعربي عموما حول الرواية الصهيونية الزائفة، المغتصبة للدين اليهودي. ما تقدم، لا ينتقص من الجهود الفردية للعديد من الباحثين الفلسطينيين والعرب من ثمانينات القرن الماضي، لكن لم يتم توسيع عملية المشاركة، ولم تول المراكز البحثية ملف الصهيونية ونقضها الجهد الكافي. وحتى بعض المختصين بقيوا أسرى مدارسهم الكلاسيكية السابقة، ولم يحاولوا تطوير ادواتهم المعرفية في هذا الموضوع، وساد في اوساطهم الجمود العقائدي، لانهم بقيوا أصناما لما تعلموه في المدرسة القديمة؛ ثالثا وعليه اعتقد جازما ان المؤتمر حرك المياة الراكدة لدى البعض، ولا استطيع ان اجزم انه شمل الكل، لإن هناك من لا يقبل القسمة على الإقرار بتخلف قراءته للصهيونية، وبقي هذا البعض يخلط بين الصهيونية واليهودية والعبرية؛ رابعا اهمية عملية التفكيك والنقض للرواية الصهيونية في تعميد وتجذير الرواية الفلسطينية العربية، وترسيخها كحقيقة ثابته، وأثر ذلك على الرأي العام الفلسطيني والعربي والإسرائيلي والعالمي مع تصاعد الكفاح الشعبي الفلسطيني في مختلف الحقول والميادين والساحات؛ خامسا كما ان المؤتمر لم يقتصر في ابحاثه عند حدود التاريخ، انما مزج بين القديم والحديث، وربط السياقات السياسية الصهيونية والغربية الرسمية مع التطورات الجارية لتعميم دور ومكانة دولة المشروع الصهيوني في الإقليم والعالم وخاصة ما يتعلق بما سمي “السلام الإبراهيمي” وصفقة القرن، ونقل الدور الوظيفي من مرحلة دنيا لمرحلة أعلى… إلخ

هناك قضايا وملفات عديدة اولاها الباحثون الأهمية، وعمقوا دراساتهم باستخلاصات وتوصيات سيكون لها الأثر الهام في تركيز الجهود الفلسطينية والعربية على تفكيك ونقض الرواية الصهيونية، ومن خلالها التأكيد على إفلاس المشروع الكولونيالي الصهيوني، حيث تشير صيرورته الحتمية نحو الإضمحلال والإندثار وفقا لمعطيات العلم والواقع المعطي خلال القرن الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى