أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب –  لبيد والدولة الفلسطينية ….!

عمر حلمي الغول – 21/8/2021

تصريحان اطلقهما يئير لبيد، وزير خارجية دولة الاستعمار الإسرائيلية حول الدولة الفلسطينية، كان آخرهما اول امس الخميس الموافق 19 آب/ أغسطس الحالي نقلته صحيفة “جيروزليم بوست” امس الجمعة عن القناة “11”، صرح فيه بوضوح ” انه ليس من الممكن الانتهاء من صفقة لحل الدولتين للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني خلال الفترة، التي يقودها رئيس الوزراء، نفتالي بينت.” وأضاف ” لا يوجد اتفاق على ذلك داخل الحكومة الإسرائيلية.” وتابع ” لن تحدث ضمن هذا التناوب على الحكومة.” وختم قائلا ” انه مؤمن بنفسه بهذا القرار.”

وكان له تصريح سابق قبل شهر تقريبا، تضمن نفس المحتوى، ملخصه، ان المرحلة الحالية لا تحتمل قيام دولة فلسطينية، ولا آفاق لهذا الخيار أو بتعبير آخر ” ليس الاوان متاحا لاقامة الدولة الفلسطينية”. باختصار شديد لم يفاجئ زعيم حزب “هناك مستقبل الصهيوني” أحدا، وهو الذي تنازل طوعا لنفتالي بينت، صاحب المقاعد السبعة في الكنيست ال24 ليتولى رئاسة حكومة التناوب القائمة، ليس هذا فحسب، انما منحه وشريكته وحليفهما جدعون ساعر، وجميعهم من اليمين المتطرف حق النقض الفيتو في مسألة الحل السياسي لملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مقابل إسقاط بنيامين نتنياهو، وعدم الذهاب لانتخابات خامسة.

لكن الأسئلة الملازمة لتصريح وزير خارجية حكومة كتلة التغيير، هل يوجد في الفسيفساء الصهيونية من يمينها إلى يسارها إلى وسطها، إن كان لهذه التصنيفات دلالاتها الفكرية والسياسية، من يؤمن بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967؟ هل هناك قائد يملك القدرة على الإقرار بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، واعادتها للشعب الفلسطيني؟ هل هناك من يملك القرار للتخلي عن أكاذيب الجانب الأمني، والتخلي كليا عن الأغوار الفلسطينية؟ هل انت كزعيم لحزب “يوجد مستقبل، ولك 17 مقعدا في الكنيست تملك الشجاعة بالموافقة على مرتكزات عملية السلام كاملة وفق قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 2334 الصادر في 23 كانون اول / ديسمبر 2016 في حال تسلمت مقاليد الحكم في حكومة غير القائمة بالشراكة مع بينيت؟ وما هو حل الدولتين الذي توافق عليه؟

 هل هو حل الدولتين الذي تحدث عنه نتنياهو في جامعة بار ايلان 2009، أم غيره؟ ومتى يمكن ان يجد حل الدولتين مكانا له تحت الشمس في ظل مركباتكم الصهيونية الرجعية والمعادية لابسط معايير السلام؟ وهل تقبلون جميعكم عودة اللاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، الذي ربط بين اعتراف الأمم المتحدة بإسرائيل وعودتهم لديارهم، أم ستبقون تلقون بذرائعكم وحججكم التافهة واللامنطقية للحؤول دون عودتهم، مع انكم ابحتم ومنحتم هذا الحق لكل صهيوني أيا كان اصله وفصله؟

كثيرة الأسئلة التي ترتبط بتصريح لبيد، لكن النتيجة العلمية والمنطقية لقراءة المشهد الصهيوني وآفاقه السياسية، فإنها تشير إلى ان الغالبية الساحقة من الأحزاب والقوى والكتل الصهيونية ترفض خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ولا تقبل عودة القدس للدولة الفلسطينية، وترفض الانسحاب من الأغوار، وحتى ترفض سحب كل قطعان مستعمريها من أراضي الدولة الفلسطينية، ولا تصر على بقاء كتلها الصهيونية الكبيرة فقط، وانما ترفض الانسحاب من خليل الرحمن بشكل كامل، وغيرها من المنطقة C، كما وترفض من حيث المبدأ عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم. وبالتالي أي حديث عن السلام يفترض ان يكون مقرونا بنصوص واضحة وجلية. بتعبير أوضح هل سيكون الانسحاب كاملا ام سيتحمل المغمغة والمراوحة ومواصلة لعبة الدويخة الإسرائيلية؟

الحل يقوم على مجموعة من العوامل: منها، أولا وحدة أدوات وقوى الشعب العربي الفلسطيني؛ ثانيا تصعيد الكفاح الشعبي في ربوع الوطن الفلسطيني وفق خطة وطنية شاملة، والخروج من نفق المراوحة والخطاب الشعاراتي؛ ثالثا ارتباطا بما تقدم، تفرض الضرورة الوطنية طي صفحة الإنقلاب الحمساوي، والتخلص من لوثة المحاصصة، والذهاب للانتخابات بمستوياتها الثلاثة كي تكون الأساس الناظم للشراكة الوطنية؛ رابعا السعي مع الاشقاء العرب للتمسك بمبادرتهم للسلام، والوقوف خلفها، والكف عن الركض في متاهة التطبيع المجاني والمذل؛ خامسا الإعتراف المباشر والفوري من الدول التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية خاصة في أوروبا والولايات المتحدة بالاعتراف بها دون قيد او شرط، والدعم الدولي من مختلف الأقطاب وخاصة من الولايات المتحدة لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم الأم وفق قرار 194 الاممي. وإلزام إسرائيل بذلك دون تباطؤ او تأتأة.

عندئذ يصبح الخيار قابلا للتحقيق. لكنّ ترك الحال على ما هو عليه، فلن يكون هناك افق للسلام، وستكون البدائل اماالخيار الطالباني او خيار الفوضى والعنف.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى