أقلام وأراء

عمر حلمي الغول يكتب – كيفية مواجهة اللحظة …!

عمر حلمي الغول – 26/8/2021

  اجزم ان كل مكونات القيادة بمستوياتها المختلفة تدرك وتعي حجم التعقيدات والتشاباكات والارباكات والأزمات، التي يعيشها الشعب العربي الفلسطيني وهيئاته القيادية والمشروع الوطني برمته. ومن يقول عكس ذلك، لا يعرف شيئا، ولم يقرأ الواقع جيدا، ولم يسمع ولم يلتق بالقيادات فرادى ومجموعات، وبالتالي غايب عن المشهد، ويعيش في قمقم خاص به.

نعم الجميع يعلم علم اليقين، ان هناك أزمات داخلية على المستوى التنظيمي في كل فصيل على انفراد، وفي مؤسسات وهيئات منظمة التحرير، وفي الوزارات والسلطات الحكومية، وفي العلاقات البينية بين الفصائل المختلفة، وحدث ولا حرج عن الإنقلاب على الشرعية وتداعياته على كل الحالة الوطنية، ومستقبل الكفاح التحرري، وهناك ازمة اقتصادية ومالية، وإجتماعية، وأزمة حريات عامة وخاصة، وأزمة قانونية واخلاقية، وأزمة ثقافية وتعليمية وصحية، وأزمة في العلاقة مع التجمعات الفلسطينية المختلفة في الوطن وداخل الداخل والشتات وفي أوساط الجاليات، وأزمة شراكة مع الكل السياسي والاجتماعي، وأزمة مقاومة … الخ.

وعلى صعيد العلاقة مع الاستعمار الإسرائيلي وعملية التسوية، هناك الف ازمة وأزمة، ولا يوجد بالأساس أي شريك في الجانب الصهيوني، ويجافي الحقيقة من يعتقد بوجود شركاء، هناك رجال أمن صهاينة يلبسون ثوب “السلام”، ولكن السلام براء منهم، الا ما ندر، هناك تمترس في خنادق الاستيطان الاستعماري، هناك تغول وإنكار ونفي للهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية، هناك عنصرية وفاشية قاتلة، وهناك استباحة كاملة للحقوق والمصالح الوطنية والاجتماعية والاقتصادية وللموروث التاريخي والحضاري. ولا يوجد أي بارقة للسلام، واوسلو ماتت من زمن بعيد، ودفنها نتنياهو منذ العام 1996، وقضى على آثارها في حكوماته الاربع المتعاقبة من 2009 حتى 2021، والحكومة الصهيونية القائمة اكثر خطورة وتطرفا وفاشية من الحكومات السابقة.

وعلى المستوى العربي والإقليمي والدولي، رغم تنامي واتساع مناصري السلام مع افتضاح دور إسرائيل، بيد ان المؤسسات الرسمية بالمجمل تشهد تراجعا، والاشقاء العرب في حالة غيبوبة، حتى قام بعضهم بقطع الحبل الصري بينه وبين القضية الفلسطينية، والغرب عموما وأميركا خصوصا لم تطلب منهم الالتزام بدفع الاستحقاقات المالية المطلوبة منهم لسد العجز في موازنة السلطة الوطنية، وحتى العلاقات مع الاشقاء تشهد برودا وجفاءً مفتعلا، ودون سبب يذكر.

باختصار هناك لوحة سوداوية في المشهد الوطني العام يحتاج إلى ثورة داخل الثورة، واستنهاض كافة الطاقات الكامنة في الذات الوطنية، وإعادة الاعتبار للعلاقات مع الجماهير الشعبية بكل قطاعاتها ومواقعها ومشاربها الفكرية والعقائدية والسياسية والاقتصادية والمجتمعية، وتعزيز سيادة القانون، وضمان الحريات الخاصة والعامة، ورفض واسقاط خيار الاعتقال السياسي، وتعميق حدود الديمقراطية، وفتح الباب امام اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية ومجلس وطني، وقبلها انتخابات المجالس المحلية والبلدية، والحاجة الى حل مشاكل المواطنين في ارجاء الوطن والشتات وخاصة في محافظات الجنوب، والعمل بقوة وبكل الوسائل لتعميق خيار المصالحة والوحدة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب، وتعزيز عوامل القوة والصمود ومواجهة التحديات الإسرائيلية وغيرها، وتعزيز وتطوير وتوسيع نطاق المقاومة الشعبية الحقيقية بحيث تشمل ارجاء الوطن، وكل بقعة من فلسطين التاريخية ان امكن. وتطوير أداء الحكومة ليس بطرح الخطط والوعود الوردية، وانما بتغيير النهج واليات العمل، والابداع في خدمة أبناء الشعب ومصالحهم، وتصعيد المواجهة مع الفاشيين الصهاينة في كل منبر، وقطع دابر العملاء والجواسيس من أوساط الشعب، وانزال اقسى العقوبات بحقهم.

 والعمل على تطوير وتفعيل مؤسسات ودوائر منظمة التحرير، والدعوة الفورية لعقد المجلس المركزي، وتفعيل قرارات دوراته بدءا من الدورة 27 حتى الدورة 30 وترجمة قراراته على الارض، وتوسيع وتعميق الشراكة السياسية وفق البرنامج الوطني الجامع. وإعادة نظر في شخوص السفراء واليات عملهم، وعلاقاتهم مع الجاليات، ومع مهامهم الملقاة على عاتقهم، وإحداث نهضة حقيقة في السلك الديبلوماسي الفلسطيني، وقبل هذا وذاك تعزيز دور اللجنة التنفيذية كهيئة قيادية أولى للشعب الفلسطيني. وفتح أبواب الحوار الموسع مع كل الوان الطيف السياسي والاجتماعي الفلسطيني، والتخلي عن سياسية لي ذراع الفصائل باستحقاقاتها المالية وموازناتها الشهرية والدورية، وإحترام مواقفها السياسية بغض النظر توافقت ام لو تتوافق مع الرأي الوطني العام. لانها جاءت إلى الاطار الوطني الجامع، منظمة التحرير بخلفياتها ورؤاها وسياساتها، وبالتالي لن تكون يوما نسخة طبق الأصل عن الموقف الرسمي، بتعبير ادق لا يجوز ملاحقتها على وجهات نظرها الخاصة، مع ضرورة مطالبتها باحترام القواسم المشتركة، والابتعاد عن المواقف التوتيرية والعنترية البعيدة عن المنطق الوحدوي.

النتيجة مهم تشكيل اللجان للنهوض، ولكن قبل اللجان والخطط، هناك حاجة للنية والإرادة الصادقة لاستنهاض الذات الوطنية الجامعة، وحماية منظمة التحرير وفي طليعتها حركة فتح، عامودها المركزي، التي دون استنهاضها، لن يكون هناك نهوض وطني عام.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى